نار التغيّر المناخي
وفقاً لأرقام وكالة التصنيف AM Best، فإن الكوارث الطبيعية التي اجتاحت مناطق أميركية في العام 2023، تسبّبت بخسائر كبيرة لشركات التأمين، المباشر والإعادة، بحيث بلغت التعويضات ما يُقارب الـ 16 مليار دولار، وهو الأعلى منذ العام 2000 وأكثر من ضعف خسائر العام 2022. وكان من جراء الخسائر أن انسحبت شركات تأمين من مناطق اعتادت أن تتضرر من الكوارث. ومن لم ينسحب من الشركات رفع سعر تغطياته، وهو ما أدى، في كلا الحالتَيْن، الى أزمة لعدم قدرة العديد من أصحاب المنازل على تحمل تكاليف تلك الكوارث.
ودائماً حسب AM Best، فإن 6 ولايات أميركية معرّضة للطقس القاسي، وفي هذا الصدد، قال روبرت غوردون، نائب الرئيس الأول للسياسات والبحوث والشؤون الدولية في “جمعية التأمين على الممتلكات والحوادث الأميركية”، وهي هيئة تجارية: إن «صناعة التأمين تواجه مطالب تغطية تتزايد بسرعة فيما ارتفعت خسائر التأمين بشكل كبير”. أضاف: «لا يتم بناء المزيد من المنازل في المناطق المعرّضة لخطر الكوارث الطبيعية فحسب، بل إن تكلفة إصلاح وإعادة بناء هذه المنازل أصبحت أكثر ارتفاعاً بشكل متزايد، بحيث أدى التضخم إلى زيادة تكلفة العمالة والمواد المستخدمة في البناء”.
وكان العام الماضي هادئاً نسبياً بالنسبة للأعاصير، لكنه كان عاماً سيئاً بشكل خاص في ما يتعلق بالأمطار الغزيرة وغيرها من الأحداث المناخية المتطرفة التي اعتبرها قطاع التأمين «ثانوية»، والتي وصل عددها إلى 37 حدثاً منفصلاً على مستوى العالم، وخلّفت خسائر في الممتلكات المؤمّن عليها تزيد على مليار دولار، ومعظمها في الولايات المتحدة. ويزعم معظم خبراء التأمين أن الاحتباس الحراري العالمي يجعل العواصف والفيضانات وحرائق الغابات أكثر قسوة.
سريدهار مانيم، المدير الأول لبحوث الصناعة والتحليلات في AM Best، قال: “ان التكرار المتزايد للخسائر الجمّة الناتجة عن الطقس يشكّل حالة كبيرة من عدم اليقين الذي يؤثر في كلّ من أسواق التأمين وإعادة التأمين”.
ويبدو أن الكوارث الطبيعية ليست وحدها الدافع للإمتناع عن تغطية الشركات للمنازل. اذ من القيود التي تواجه تلك الشركات، اشتراط بعض الولايات مثل كاليفورنيا، موافقتها على أسعار التأمين ومن ثمّ التأخرّ في الحصول على هذه الموافقات. ففي المملكة المتحدة، على سبيل المثال، كانت المطالبات المتعلقة بأضرار الطقس هي الأعلى على الإطلاق العام الماضي، لكن شركات التأمين تمتّعت بحرية إعادة التسعير بسرعة لمواكبة التضخم من هنا يقول روبرت غوردون: «إذا لم تتمّكن شركات التأمين من تسعير أعمالها بشكل مناسب في الوقت المناسب، فستتدهور الأسواق بسرعة». ولهذا دعا جميع أصحاب المصلحة إلى «العمل معاً» لوضع القطاع على أساس مستدام، وهو ما أوقع الهيئات التنظيمية في الولايات المتحدة بين “المطرقة والسندان”، اذ تحاول أن تكون أكثر تساهلاً مع أسعار شركات التأمين لمنع خروج الشركات من السوق المحلية، لكن هذا سيأتي حتماً على حساب زيادة الضغوط المالية على العائلات…