عناية بالمعمّرين
تتسبّب الأمراض غير السارية بما يقرب من 78% من مجموع الوفيات في الأردن، وفق منظمة الصحة العالمية، وتتصدر أمراض القلب والأوعية الدموية (29%) والسرطان (26%)، في حين يتسبّب داء السكري في 5% من الوفيات، أما الأمراض التنفسية المزمنة فتصل نسبة الوفيات بها الى 2 %، ما يقرب من نصف هذه الوفيات المرتبطة بالأمراض غير السارية قبل سن 70 عامًا.
ويعيد تقرير منظمة الصحة العالمية الأسباب الى ارتفاع مستويات عوامل الخطر، ومنها الخمول البدني، النظام الغذائي الغني بالملح والسكر والدهون، ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع مستوى السكر في الدم والتدخين الذي يزاود في صفوف النساء. وتصيب زيادة الوزن والسمنة 60% من البالغين، وتتجاوز هذه النسبة 80% في النساء المُسنات. ويعاني طفلٌ واحدٌ من كل 3 أطفال تقريبًا تتراوح أعمارهم بين 6 و12 سنة، من زيادة الوزن أو السمنة.
وفي السنوات الأخيرة، قطع الأردن خطواتٍ هائلة في معالجة هذه الاتجاهات المثيرة للقلق. وقد وضعت وزارة الصحة، بدعم من منظمة الصحة العالمية وشركاء آخرين، خطةً شاملةً للتصدي للأمراض غير السارية ومشكلات الصحة النفسية تقوم على التالي:
1-الحوكمة والقيادة. أُطلقت عدة استراتيجيات وطنية، منها الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التبغ 2024-2030، والاستراتيجية الوطنية للتغذية 2023-2030، وخطة العمل الوطنية للصحة النفسية وتعاطي مواد الإدمان 2022-2026. وانتهى الأردن أيضًا من إعداد أول دراسة عن مبررات الاستثمار في الصحة النفسية في إقليم شرق المتوسط، وتعزيز الحوكمة واتخاذ القرارات في هذا المجال البالغ الأهمية.
2-الوقاية والتوعية.ارتفع عدد عيادات الإقلاع عن التدخين الى خمس في العام ، فإلى 29 في أنحاء البلد في العام 2025. وكان الأردن من أوائل بلدان الإقليم التي نفَّذت خطة وطنية لتسريع وتيرة الوقاية من السمنة، وإدماج استشارات التغذية في الرعاية الأولية، فأعاد بذلك تشكيل منتجات الأغذية، وأدخل توسيم واجهة العبوات، وقَيَّدَ تسويق الأغذية غير الصحية للأطفال. الى ذلك، دعمت منظمةُ الصحة العالمية الحكومةَ في إنشاء مساحات لممارسة الأنشطة بتجهيز الحدائق العامة بأجهزة رياضية، والدعوة إلى إدماج النشاط البدني في البرامج المدرسية. وتؤدي الحملات والمبادرات المدرسية إلى الحد من الوصم المرتبط بالصحة النفسية، وهذا يشجع على التماس المساعدة في وقتٍ مبكر.

3-تكامل النظام الصحي. أُدمِجَت خدمات الأمراض غير السارية في حزمة خدمات الرعاية الصحية الأولية الأساسية التي تقدمها وزارة الصحة، وهذا يُعزز التغطية الصحية الشاملة. ويُنفذ الأردن الحزم التقنية التي أعدتها منظمة الصحة العالمية مثل حزمة تقنية للتدبير العلاجي لأمراض القلب والأوعية في الرعاية الصحية لتعزيز الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية ومكافحتها. وقد أدت برامج مثل برنامج عمل منظمة الصحة العالمية بشأن سد الفجوات في مجال الصحة النفسية وبرنامج التفكير الصحي إلى توسيع نطاق الحصول على الرعاية من خلال تدريب العاملين الصحيين غير المتخصصين، وتعزيز الإحالات، وتحسين الحصول على الأدوية الأساسية.
4-التدخلات السريرية. وُضعت بروتوكولات سريرية مسندة بالبيّنات لعلاج ارتفاع ضغط الدم والسكري والأمراض التنفسية المزمنة وسرطان الأطفال. ويتواصل بناء القدرات لتعزيز كفاءة العاملين الصحيين في تنفيذ هذه البروتوكولات. وتُنتج مؤشرات رصد الأمراض غير السارية، التي تستند إلى توجيهات منظمة الصحة العالمية والمضمنة في نُظُم المعلومات الصحية القائمة، بيانات مستندة إلى المرافق بشأن الكشف المبكر عن الأمراض غير السارية وفحصها ومكافحتها. ومن المعروف أن الأردن يشارك في مبادرات عالمية مثل المبادرة العالمية لمكافحة سرطان الأطفال، والمنصة العالمية لإتاحة أدوية سرطان الأطفال، والمبادرة الخاصة للصحة النفسية.
5-ترصُّد الأمراض غير السارية. أجرى الأردن دراسات استقصائية وطنية في عام 2025 عن عوامل خطر الإصابة بالأمراض غير السارية والصحة المدرسية، واستنتج بيانات لتوجيه السياسات الصحية وتخطيط البرامج.
وإذ يجتمع العالم لحضور الاجتماع الرفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها وتعزيز الصحة النفسية، توضح تجربة الأردن مدى التحديات وأثر العمل الحاسم.
ومن خلال توسيع نطاق الوقاية، وتقوية النظم الصحية، والاستثمار في مكافحة الأمراض غير السارية وتعزيز الصحة النفسية، يُمَهِّد الأردن الطريقَ لمستقبلٍ أكثرَ صحة.