العلاج الدوائي.. هل يتساوى مع العلاج العشبي؟
في الفترة من العاشر وحتى الثاني عشر من ديسمبر الحالي 2024، يُعقد في مدينة أبو ظبي المؤتمر الدولي في الطب التقليدي (TCAM)، لتعزيز الصحة وتحسين جودة الحياة من خلال دمج العلاجات التقليدية التي تعتمد على الأعشاب والعلاجات الطبيعية، ما يتيح تنوّعاً أكبر في الخيارات العلاجية، في خطوة غير مسبوقة، ان كان الأطباء دوماً يسخرون من هذه العلاجات الطبيعية ويصفونها “بعلاجات الهراطقة” مع أن الطب التقليدي كان ولا يزال إرثاً إنسانياً غنياً بالحكمة والتجارب، اذ عولجت به أمراض على مر العصور. لكن مع تزايد التحديات الصحية العالمية، مثل الأمراض المزمنة والأوبئة المتكررة ونجاح علاجات عشبية في مقرها، بدأ “التكامل بين الطب التقليدي والطب العلمي لعل هذا التكامل يشكّل أفقاً واعداً للرعاية الصحية المستدامة.
وتشير الإحصائيات، في هذا الصدد، إلى أن أكثر من 80 في المئة من سكان العالم يعتمدون على العلاجات التقليدية على أنها جزء من نظمهم الصحية، خاصة في المناطق التي تعاني نقصاً في الخدمات الصحية الحديثة، فضلاً عن نجاحه في الشفاء، ما يجعله خياراً رئيساً في الدول النامية والدول ذات الموارد المحدودة. وهذا يعكس الدور الكبير لهذه العلاجات في سد الفجوات التي قد تعجز الأنظمة الحديثة عن ملئها، خاصة في ظل تزايد تكاليف الرعاية الصحية.
عن هذا المؤتمر، قالت السيدة أمينة الهديان أنه يُعدّ منصة عالمية تجمع بين الباحثين والخبراء والممارسين من صناع القرار لتبادل المعرفة واستكشاف سبل جديد لتطوير هذا المجال الحيوي، وسيتم فيه استعراض أبرز الدراسات العلمية والابتكارات وأحدث التطورات في مجالات الطب التقليدي والتكميلي (TCAM)، مع التركيز على تعزيز الاستدامة والابتكار في العلاجات الصحية. كما سيتناول المؤتمر أهمية دمج الطب الحديث مع الطب التقليدي والتكميلي لتحقيق رفاهية الإنسان وتحسين جودة الحياة وتحقيق الرعاية الصحية الشاملة داعية “الى المشاركة بهذا الحدث البارز الذي يسعى إلتشكيل ملامح مستقبل الرعاية الصحية من خلال دمج أفضل ما تقدمه الممارسات الطبية الحديثة والتقليدية، مع تسليط الضوء على أهمية التعاون الدولي في تقدم مجال الطب التقليدي والتكميلي”.
وعن أهداف هذا المؤتمر، قالت:
–تعزيز التكامل الصحي: مناقشة كيفية دمج الطب التقليدي مع الطب العالمي لتحقيق رعاية صحية شامل.
–التعاون الدولي: استكشاف فرص الشراكات بين الدول لتطوير استراتيجيات علاجية مستدامة
–تطوير السياسات الصحية: تعزيز التشريعات التي تنظم استخدام المنتجات العشبية والعلاجات التقليدية.
-التعليم والتدريب: تحسين المهارات من خلال برامج تعليمية موجهة.
الى ذلك، أثبتت أحدث الأبحاث السريرية فعالية العلاجات التقليدية والتكميلية في تحسين الصحة العامة وعلاج الأمراض المزمنة. ومن الأمثلة البارزة على ذلك:
-دراسة أجرتها جامعة سيدني أظهرت أن العلاجات العشبية قد تسهم في تقليل مضاعفات مرض السكري بنسبة تصل إلى 30 في المئة.
-أبحاث من جامعة هارفارد تناولت استخدام تقنيات التأمل والتدليك في تقليل مستويات التوتر، ما ينعكس إيجابياً على صحة القلب والأوعية الدموية.
-دراسات على تأثير العلاجات التقليدية، مثل الإبر الصينية، في تحسين نوعية حياة مرضى الألم المزمن وتقليل الاعتماد على الأدوية المسكنة.
المواضيع (والأمثلة) التي ستعالج في المؤتمر، فيمكن التوقف عند الآتي:
-الأبحاث التي أثبتت أن استخدام العلاجات التقليدية، مثل الحجامة، يمكن أن يكون فعالاً في تحسين تدفق الدورة الدموية لدى مرضى الضغط المرتفع عند دمجها مع العلاجات الدوائية الحديثة.
– تسليط الضوء على التجارب الناجحة لدمج المكملات الغذائية النباتية، مثل مستخلص الزعتر وزيت الزيتون، مع العلاجات الكيميائية لتحسين فعالية الأدوية وتقليل آثارها الجانبية.
-تطوير إطار تشريعي وتنظيمي شامل لتسهيل دمج الطب التقليدي مع الأنظمة الصحية الوطنية والدولية، مع ضمان سلامة العلاجات المستخدمة وفعاليتها.
-تنظيم عمليات التصنيع والتوزيع للأدوية العشبية، بما يضمن جودتها ونقاوتها من الغش.
-تدريب وتأهيل العاملين في الطب التقليدي وفق معايير دولية معتمدة.
-الاستفادة من تجارب الدول التي دمجت بنجاح الطب التقليدي في أنظمتها الصحية، مثل الصين والهند، بهدف الاستفادة من هذه النماذج وتطبيقها عالمياً.
أهمية النباتات الطبية وتأثيراتها الصحية، مع تقديم أمثلة مدعومة بالدراسات العلمية
– الكركم: دراسة من جامعة ستانفورد أثبتت أن الكركم يمتلك خصائص مضادة للالتهاب ويقلل من أعراض التهاب المفاصل بنسبة 40 في المئة.
– الزنجبيل الذي يُستخدم مضاداً طبيعياً للغثيان، فضلاً عن دوره في تحسين الهضم وتعزيز المناعة.
– الثوم: تُظهر الأبحاث أنه يمكن أن يساهم في خفض مستويات الكولسترول الضار وتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب
– الصبار: تُظهر الدراسات فعاليته في التئام الجروح السطحية وتقليل الحروق الطفيفة.
-دور التكنولوجيا في تطوير الطب التقليدي والتكميلي، وكيفية توظيفها لتحسين كفاءة العلاجات وتقليل آثارها الجانبية.
-تقنية النانو: استخدام الجسيمات النانوية لتحسين توصيل المواد الفعالة في الأدوية العشبية، ما يزيد من فعاليتها. على سبيل المثال، أظهرت إحدى الدراسات أن توظيف تقنية النانو في مستخلص الكركمين عزز امتصاصه بالجسم بنسبة 200 في المئة.
-الذكاء الاصطناعي ودوره في مساعدة تحليل البيانات الضخمة المتعلقة بالعلاجات التقليدية لتحديد الأنماط الفعالة وتقديم توصيات علاجية مخصصة.
-تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد: تُستخدم لتصنيع تركيبات عشبية مخصصة تناسب احتياجات كل مريض، ما يسهم في تحسين الاستجابة العلاجية
– التصوير البيولوجي (Bioimaging): توظيفه لفهم تأثير العلاجات التقليدية على الخلايا والأعضاء في الجسم، ما يعزز الثقة باستخدامها في الرعاية الصحية الحديثة.
ان هذه التطبيقات تشكّل نواة أساسية لتعزيز التعاون بين الأطباء والباحثين والجهات التنظيمية، ما يفتح آفاقاً جديدة للابتكار والتكامل في مجال الطب التقليدي والتكميلي، ويضعه في مكانة أكثر تطوراً في مستقبل الرعاية الصحية.
بإختصار: ان دمج العلاجات التقليدي والتكميلي مع الطب الحديث بشكل فعّال يتطلب التعاون بين الأطباء التقليديين والأطباء الغربيين، وتطوير ممارسات علاجية مشتركة، وتوفير دراسات علمية تدعم فاعلية العلاجات التقليدية. يُمكن أيضاً استخدام التقنيات الحديثة لتوثيق وتجميع المعرفة التقليدية بطريقة منهجية. وهناك فرص عديدة لذلك منها: التكامل بين الأنظمة الصحية التقليدية والحديثة. وتطوير أدوية جديدة باستخدام التقنيات الحديثة مثل النانو. تعزيز التعاون الدولي في مجال الأدوية العشبية.