من عوامل الذئبة
في مقال نشرته مجلة Nature Communications في عددها الأخير، أن باحثين استراليين توصلوا الى علاج لمرضى “الذئبة”، هو الأول من نوعه في العالم. ويُركّز هذا العلاج على إصلاح الخلل المُسبِّب لهذا المرض، عبر إعادة برمجة الخلايا المعيبة لدى المرضى، باستخدام جزيئات وقائية من أشخاص أصحاء.
والذئبة مرض يحدث عندما يهاجم الجهاز المناعي أنسجة الجسم وأعضائه، مسبّباً التهاباً وألماً وتلفاً للأعضاء، بما فيها المفاصل والجلد والكليَتَيْن.
ووفق الإحصاء المرفق في المقال، فإن واحداً من كل ألف أسترالي يتعرّض لهذا الداء وإن هناك 9 من كل 10 مصابين به من الإناث، بين الـ 15 و 45 عاماً. ويقوم العلاج الجديد على الإستعانة بخلايا الدم من مريض الذئبة وتعديلها في المختبر، لاستعادة التأثير الوقائي الذي تتيحه «الخلايا التائية المنظّمة»، T-regs غير الموجودة لدى المصابين بهذا الداء. وباستخدام هذه الخلايا المأخوذة من الأصحاء، تبيّن لفريق الأبحاث أنّ العلاج الجديد يستعيد الجانب الوقائي لجهاز المناعة، عبر كبح المناعة الذاتية عندما يهاجم الجهاز المناعي خلايا الجسم، ويكون سبباً في حدوث الذئبة. كذلك توصّل هؤلاء الى إثبات أنّ هذا النهج أوقف تطوّر التهاب الكليتين المصابتين بالذئبة بشكل كامل، من دون استخدام الأدوية المُثبطة للمناعة المعتادة والضارّة، وهو ما يشبه إعادة ضبط جهاز المناعة غير الطبيعي إلى حالته الصحية.
وسيصار الى التأكد من نجاح هذا التطوّر العلمي-الطبي غير المسبوق عند إجراء أول تجربة سريرية على الإنسان في غضون عامين، علماً أنه يمكن تطبيق هذا الشكل الجديد من العلاج على عدد من أشكال أمراض المناعة الذاتية الأخرى، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، مرض السكري من النوع الأول، والتصلّب اللوحي المتعدّد.
والذئبة بالإنجليزية Lupus، تختلف أعراضه بين الناس اذ قد تكون ما بين خفيفة الى شديدة. وتشمل هذه الأعراض: التهاب المفاصل، حمّى، ألم صدر، فقدان الشعر، قرحة الفم، تضخّم العقد اللمفية، إعياء، والطفح الجلدي الأحمر على الوجه وهو العارض الأكثر شيوعاً.
أما سبب هذا المرض فليس واضحا تماما، وان كان الإنطباع السائد هو أنه ينطوي على العوامل الهرمونية والبيئية والجينية، بدليل التوائم المتطابقة، فإذا تأثر أحدهما فإن هناك فرصة بنسبة 24% أن يتأثر الآخر. كما يعتقد أن الهرمونات الجنسية للإناث، وأشعة الشمس، والتدخين، ونقص فيتامين د، وبعض الإصابات، تزيد من المخاطر لحصول الذئبة. وتتضمن الآلية: استجابة مناعية للأجسام المضادة ضد أنسجة الشخص نفسه. ويعتبر هذا هو السبب الرئيسي للمرض، حيث تقوم الأجسام المضادة بمهاجمة الأنسجة الحيّة الطبيعية للجسم نفسه، ما يسبّب تلك الالتهابات في أماكن مختلفة من الجسم، علماً أن تشخيص مثل هذه الحالة ليس بالسهل اذ يجب الإستناد إلى مجموعة من الأعراض والاختبارات المعملية. ويشمل العلاج حتى الساعة مضاد التهاب لاستيرويدي، كورتيكوستيرويد، دواء كبت مناعة، هيدروكسي كلوروكوين، وميثوتركسيت. ولم يظهر أن الطب البديل أضاف علاجاً لهذا المرض، علماً انه يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وهذا هو السبب الأكثر شيوعا للوفاة. ومع العلاج الحديث، فإن حوالي 80% من المتضررين يستمرون على قيد الحياة أكثر من 15 عاما. وبالنسبة للنساء المصابات بالذئبة فلديهن حالات حمل أكثر خطرا ولكنهن ناجحات في الغالب.
وتتراوح معدلات المرض بين البلدان من 20 إلى 70 لكل 100 ألف نسمة. وتتأثر النساء في سن الإنجاب بحوالي تسع مرات أكثر من الرجال، في حين أكثر ظهور للمرض يبدأ بين سن 15 و 45، وبالتالي، فإن مجموعة واسعة من الأعمار يمكن أن تتأثر. أما المنحدرون من أصل أفريقي وكاريبي وصيني فإنهم معرّضون لخطر أكبر من البيض. الى ذلك، فإن معدلات المرض في العالم النامي غير واضحة. واللافت أن الإعتقاد السائد قديماً هو أن هذا المرض سببه لدغة الذئب!
يبقى أن نشير الى ان المرض يؤثر سلباً في عدة أجهزة في الجسم، وبناء على ذلك تختلف الأعراض باختلاف الجهاز المصاب، علماً أن للمرض فترات من النشاط تظهر الأعراض واضحة فيها وأخرى يهدأ فيها المرض. أما الأعراض السائدة فهي: الشعور بالإعياء والتعب، ارتفاع درجة الحرارة، فقدان الشهية، آلام في المفاصل والعضلات، تقرحات في الفم، احمرار في الوجه، يأخذ شكل الفراشة، حساسية مفرطة للضوء والتهابات في الأغشية المبطنة للقلب والرئَتَيْن.
ليس من الضروري أن تحدث جميع هذه الأعراض فشدة المرض ومدى تأثر الجسم تختلف من مصاب لآخر، فقد تظهر الأعراض على شكل حرارة مزمنة مجهولة السبب أو فترات من ألم المفاصل والعضلات. أهم الأعضاء في أجسادنا وأخطرها إذا وصل اليها المرض هو الدماغ فضلاً عن الكبد والكليتَيْن. كما يحدث غالباً نقص في جميع خلايا الدم Leucopenia والذي يؤدي الى زيادة خطر الإلتهابات.