الفائزون العشرة ووراءهم الشيخ محمد يتوسّط معنيّين بالجائزة وشخصيات مدعوّة
رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان كرّم الفائزين العشرة بدورة العام 2023 من ” جائزة زايد للاستدامة”، خلال حفل اقيم في مركز أبوظبي الوطني للمعارض ADNEC، تزامناً مع انطلاق فعاليات “أسبوع أبوظبي للاستدامة”.
وأقيم هذا الحدث بمشاركة قادة محليّين ودول صديقة وضيوف. وقد كان مناسبة ليؤكّد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بعد تهنئة الفائزين بالفئات الخمس من الجائزة أهمية الدور الذي تؤدّيه هذه الجائزة، كونها منصة عالمية لدعم جهود الاستدامة والعمل الإنساني، مضيفًا “أنّ الإمارات ستواصل جهودها في إطلاق المبادرات العالمية المهمّة الساعية إلى بناء مستقبل أفضل يشمل الجميع في الدولة والعالم، انطلاقًا من أنّ “جائزة زايد للاستدامة هي أحد هذه الجهود من خلال إسهاماتها الفاعلة في توفير الحلول الإنسانية التي تحُدث تأثيراً ملموساً في حياة العديد من المجتمعات حول العالم”. أضاف: “إن العام الجاري الذي يصادف مرور 15 عاماً على تأسيس الجائزة، سيكون أيضاً عاماً استثنائياً للإمارات التي تستعدّ لاستضافة الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة COP28 لتغيّر المناخ في نهاية هذا العام. وسيكون هذا المؤتمر مناسبة لتعزيز التعاون الدولي في مجال العمل المناخي وتوفير فرص تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة في جميع الدول خاصة في الدول النامية”. كذلك أوضح أن “جائزة زايد للاستدامة نجحت طوال السنوات الخمس عشرة الماضية، في الإسهام بترسيخ إرث المؤسّس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه” عبر مواصلة مسيرته في مجال العمل الإنساني وتسخير موارد الدولة في خدمة الإنسان، خاصة وأنّ هذه الجائزة تُعدّ إحدى المبادرات النوعية على الصعيد العالمي لتكريم المبتكرين ورواد الأعمال والشباب وتسريع جهود التغيير الإيجابي للحفاظ على كوكبنا وتحسين حياة المجتمعات”، مثمّنًا مهارات الشباب المتميّزين القادرين على أن يصبحوا قادة للاستدامة في المستقبل، بفضل فئة من مدارس ثانوية تمكّن الشباب من لعب دور فعّال في دعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية ضمن مجتمعاتهم”. ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ قيمة هذه الجائزة العالميّة ثلاثة ملايين دولار أميركي ـتذهب إلى شركات صغيرة ومتوسطة ومنظمات غير ربحية ومدارس ثانوية تقدّم جميعها حلولاً مستدامة تمتلك مقومات الابتكار والتأثير والأفكار الملهمة في قطاعات الصحة والغذاء والمياه والطاقة”.
كرّمت الجائزة حتى الآن 96 فائزاً، أحدثت بفضلهم تأثيرًا إيجابيًا في حياة أكثر من 378 مليون شخص في مختلف أنحاء العالم، إذ شملت قائمة الدول المستفيدة من مشاريع الجائزة كلاً من: فيتنام، نيبال، السودان، إثيوبيا، جزر المالديف وتوفالو. علمًا أنّها تقدّم اللفائزين منحة تبلغ 600 ألف دولار ضمن خمس فئات هي: الصحة، الغذاء، المياه والطاقة، فيما يحصل ستة فائزين يمثلون ست مناطق جغرافية ضمن فئة المدارس الثانوية العالمية على منحة مقدارها 100 ألف دولار لكل منهم.

بالعودة إلى الجوائز، نشير إلى فَوْز “الجمعية الاستكشافية للصحة” من البرازيل بجائزة الصحّة عن مشروعها “مجمّع المستشفيات المتنقل”، الذي يوفر رعاية طبية وجراحية متخصّصة لمجتمعات السكان الأصليين المعزولة جغرافياً ضمن منطقة الأمازون.. ويهدف المجمّع إلى الوصول لأصعب المناطق في هذه المنطقة، ما يضمن سلامة وراحة المرضى والتميّز في جودة الخدمات التي يقدّمها فريق الجمعية الاستكشافية للصحة التي تعدّ منظمة غير ربحية، على مدار ست رحلات خلال الأعوام من 2015 إلى 2022، إجراء أكثر من 1900 عملية جراحية أدّت إلى تحسين الأوضاع الصحية لهذه المجتمعات، وقد تضمنت عمليات جراحية للعيون لتحسين الرؤية.
بالنسبة للجائزة المخصّصة لفئة الغذاء، فقد نالتها شركة Ynsect من فرنسا، نظرًا لجهودها في إنتاج البروتينات والأسمدة الطبيعية للحشرات. وynsect تنتمي إلى فئة الشركات الصغيرة والمتوسطة بإنتاج البروتينات الحشرية والأسمدة الطبيعية للحشرات ضمن أول مزرعة حشرات من نوعها في أوروبا مجهّزة بتقنيات الزراعة الرأسية المبتكرة وإعدادات التكرير الحيوي المتكاملة. وهي تعالج في مصنعها التجريبي نوعين من الحشرات (دودة الدقيق والجاموس) وتحويلهما إلى مكوّنات عالية الجودة وعالية القيمة للسلسلة الغذائية بأكملها والتي تشمل النباتات والأسماك والحيوانات المستزرعة والحيوانات الأليفة والبشر.. وتعمل حالياً على بناء مصنع جديد في فرنسا وتدير موقعَيْن آخرَيْن في فرنسا وهولندا.. وبحلول عام 2025 ستكون الشركة قادرة على إنتاج أكثر من 1500 طن من البروتين شهرياً. إلى ذلك أسهمت في تحسين حياة 30 مليون شخص عبر توفير منتجات غذائية مستدامة وطبيعية وذات جودة عالية لتربية الأسماك، هي علف بديل لهذه الأخيرة بهدف تلبية احتياجات الإمدادات الغذائية لتربية الأحياء المائية والتغذية البشرية.. وينتج المصنع التجريبي الذي تديره الشركة حالياً 30 طناً من البروتين شهرياً.
الجائزة المخصّصة لفئة الطاقة، نالتها شركة Neuro Tech من المملكة الأردنية الهاشمية بفضل تطويرها “خوارزميات” تعتمد على الذكاء الاصطناعي ونظام قائم على تقنية سلسلة الكتل “البلوك تشين” بهدف توفير مصدر موثوق للطاقة ضمن مخيّمات اللاجئين. كذلك توظّف الشركة مفهوم تقاسم الطاقة عن طريق فصل الأحمال الكهربائية إلى تدفّقات منخفضة وعالية بحسب أولويتها، وبالتالي يضمن المستفيدون الحصول على الطاقة للاستخدامات اليومية، فيما تذهب الطاقة الإضافية إلى المغذيات ذات الأولوية المنخفضة، كما توفّر وسائل متطوّرة لإدارة الطاقة والتحكّم فيها، ما يقلّل من الجهد الكهربائي ويزيد من توعية المستهلك حول استخدام مصادر الكهرباء. وخلال المرحلة التجريبية، أسهمت الشركة في توفير طاقة كهربائية لأكثر من 10 آلاف لاجئ سوري يعيشون في منطقة الأزرق في الأردن. كما أسهمت من خلال جهودها في تحسين استخدام الطاقة وتوزيعها، في تقليل الضغط على قسم الجهاز التنفسي بالمستشفى الرئيسي في المخيم من خلال توفير الكهرباء على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، حيث بات بإمكان المرضى حالياً استخدام البخاخات الشخصية وهي عبارة عن جهاز طبي كان يستخدم خلال انتشار جائحة كوفيد 19، وللأشخاص الذين يعانون من الأمراض التنفسية المزمنة.

وعن الجائزة ضمن “فئة المياه”، فازت بها جمعية تنمية البيئة المحلية والبحوث الزراعية (Leaders)، وهي منظمة غير ربحية من بنغلاديش، كنموذج متكامل لإدارة موارد المياه الذي يسهم في حل مشكلات ندرة المياه في المناطق المعرضة للكوارث. وتسهم التقنيات التي طورتها Leaders في تمكين المجتمعات في بنغلادش من الحصول على مياه شرب آمنة، إضافة إلى توفير وسائل ذكية ومستدامة تدعم سبل العيش. وكانت هذه الجمعية قد تولّت تركيب 5250 من مرشحات الرمل الحيوية، و65 من مرشحات الرمل للبرك، و185 نظاماً لتجميع مياه الأمطار و69 بركة محمية ضمن المجتمعات في بنغلاديش، ما يدعم تعزيز زراعة الحقول وإنتاج الخضروات على مدار العام في الأراضي التي كانت سابقاً تعاني الجفاف. وبذلك وفّرت مياه شرب آمنة لما لا يقلّ عن 15881 أسرة، ما أدى إلى توفير أكثر من 12 مليون غالون من المياه.
رئيس لجنة تحكيم جائزة زايد للاستدامة والرئيس الأسبق لجمهورية آيسلندا Olafur Ragnar Grimsson علّق على الجوائز بالقول: “إن الفائزين هذا العام أظهروا مستوى جديداً من الإبداع والطموح بما قدموه من حلول لمواجهة التحديات العالمية الملحة. ونحن واثقون من قدرتهم على إحداث تأثير ايجابي وواسع النطاق في مختلف المجتمعات حول العالم، والإسهام بذلك في تسريع وتيرة العمل لتحقيق الأهداف المناخية وصولاً إلى بناء مستقبل مستدام يشمل الجميع”.
من جانبه قال الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة مدير عام جائزة زايد للاستدامة : “منذ إطلاقها بتوجيهات من قيادة دولة الإمارات قبل 15 عاماً، تسهم جائزة زايد للاستدامة بدور حيوي في دعم تحقيق رؤية الإمارات الهادفة إلى تحفيز العمل المناخي الشامل ودفع عجلة التنمية المستدامة العالمية، مشيراً إلى أن الجائزة تعمل على توفير حلول عملية تُسهم في ترسيخ الاستدامة ضمن المجتمعات المتضرّرة حول العالم، تخليداً لإرث الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ومساهماته للارتقاء بالعمل المجتمعي والإنساني على مستوى العالم”. أضاف: “أن المئة وستة فائزين يسهمون في تحفيز العمل لإيجاد حلول للتحديات العالمية الأكثر إلحاحاً، ومن خلال التزامهم ببذل الجهود وتحقيق تأثيرٍ إيجابي، استطاع الملايين ممن كانوا يفتقدون لخدمات الطاقة والمياه والرعاية الصحية والغذاء في البلدان النامية من الحصول على فرص لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، والتي تشمل توفير تعليم عالي الجودة، وفرص عمل لائقة، وتحقيق تنمية اقتصادية تسهم في تحسين مستوى المعيشة ضمن مختلف المجتمعات”.

إشارة أخيرة وهي أنّ جائزة زايد للاستدامة تُعتبر جائزة عالمية أطلقتها دولة الإمارات في العام 2008 تخليداً لإرث ورؤية الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بهدف دفع عجلة التنمية المستدامة في إرساء ركائز الاستدامة والجهود الإنسانية من خلال تكريم الشركات الصغيرة والمتوسطة، والمنظمات غير الربحية، والمدارس الثانوية العالمية، التي تطور حلولاً تمتلك مقومات الابتكار والتأثير والأفكار الملهمة ضمن فئات الجائزة وهي الصحة، والغذاء، والطاقة، والمياه، والمدارس الثانوية العالمية. في العام 2023، تحتفي جائزة زايد للاستدامة بـمرور 15 عاماً على الجهود الإنسانية التي أحدثت تأثيراً ملموساً في مختلف أنحاء العالم. فقد كرمت الجائزة خلال مسيرتها الحافلة 96 فائزاً، أثرت مشاريعهم ايجاباً في حياة أكثر من 378 مليون شخص في 150 دولة.