الرشّ على اليد بحاجة إلى انتظار بعض الوقت لمعرفة فوة هذا العطر
نحن على أبواب عيدَيْن كبيرَيْن، الأوّل عيد الفصح عند الطوائف المسيحيّة (الغربية والشرقيّة) والثاني عيد الفطر السعيد الذي يصادف موعده في نيسان (أبريل) المقبل. وغنيّ عن القول أنّ في هذَيْن العيدَيْن، كما في سائر الأعياد المهمّة، وأوّلها رأس السنة اليلاديّة، يتمّ تبادل الهدايا بين الأهل والأحبّة وأهمّها العطور على أنواعها. ولكن هل يستطيع المستهلك أن يفرّق بين الجيّد والرديء؟ سؤال تجيبنا عنه باسكال هبر بجاني في هذا المقال الذي تعالج فيه أيضًا موضوعَيْن من النّوع نفسه: المساحيق النسائيّة الصحيّة والشامبو الجيّد والرّديء. فإلى الأسطر التالية.
موسم بيع العطور يزدهر في الأعياد، وكذلك في المناسبات العامة والخاصة. وبما أن السواد الأعظم من المستهلكين يجهل كيفية انتقاء العطر،والعطر الفاسد ضرر على الصحة بشكل عام وعلى الحواس الخمس بشكل خاص، أفردنا في هذه المساحة تحقيقاً يُرشد المستهلك الى كيفية انتقاء العطر الجيّد في زمن الغش وغياب الرقابة الفعّالة..
ففي العادة تنتقي عطراً سمعت أو قرأت عنه أو شاهدت إعلاناً خاصاً به على شاشة التلفزيون. ولكن اذا كنت من أصحاب الخبرة، فلا بدّ أن تفتح زجاجة العطر وترشّ قليلاً منه فوق يدك لتقييم رائحته. وغالباً، نعم غالباً، ما يفاجأ من تلقّى الهدية، وأنت واحد منهم بالطبع، أن هذا العطر لا يتمتّع بالمواصفات التي تجعل منه عطراً. فلا رائحة ذكية، وإذا كانت ذكية فلا تدوم سوى دقائق!
صحيح أن اختيار عطر من العطور مسألة شخصية ترتبط بذوق الإنسان ومدى تقبّله له، ولكن الصحيح أيضاً، أن الوقوف على جودة هذا العطر ومعرفة المواصفات التي يتمتّع بها مسألة أيضاً مهمة، ومن هنا يجب أن تكون أنت كمستهلك على بيّنة منها، تدرك التفاصيل المتعلّقة بها، خصوصاً وأن العطر الفاسد يلحق الأذى بصحتك وحواسك الخمس بشكل خاص.
بداية نقول إن حاسة الشمّ لدى الإنسان هي جزء من الجهاز المنظّم في الدماغ الذي يساعدنا على الإستمرار في الحياة، بحيث أنه حين نميّز رائحة الدخان أو الحليب الفاسد، فإننا ننتبه الى الخطر الكامن وراء هذه الرائحة أو تلك. ومن ناحية أخرى، فإن الإحساس بالأريج يجعلك تستحضر ذكريات وعواطف ارتبطت، في يوم من الأيام، بالرائحة نفسها.
ولا نغالي اذا قلنا أن حاسة الشم تأتي في المقام الأول بين حواسنا الخمس الباقية، ولا سيما منها حاسة التذوق، اذ أن كلاّ من هاتَيْن الحاسَتَيْن تُثار بالمواد الكيميائية، ولكن حاسة الشم تبقى أقوى من حاسة التذوق بعشرة آلاف مرة. ومن هنا قدرة هذه الحاسة على جعل المرء يميّز بين رائحة التوابل المختلفة وروائح الأريج والعطور على اختلاف أنواعها، وما الى ذلك.
نعود الى موضوعنا الأساس، وهو العطور، لنقول إن عدد المبدعين بصناعة العطور لا يتعدّى المئات في مختلف أنحاء العالم. والسبب أن العطر يحتوي عادة على عشرات العناصر الداخلية في تركيبه، ولا بدّ لمنتج العطور من اقتناء المئات بل الألوف من هذه العطور الأساسية ليتمكّن من تركيب الشذى المطلوب. ومن هنا تكمن الصعوبة التي تجعل عدد العطارين الى تناقص، لا الى ازدياد. هذا من حيث الشكل. أما من حيث الجوهر، فإن العطر يتمّ تركيبه من ثلاث طبقات:
– الطبقة العليا، وهي أول ما يفوح من أريج العطر.
– الطبقة الوسطى، وهي التي تعطي رائحة الأريج الأساسية.
– الطبقة الأساسية، وهي التي تضمّ العناصر “البطيئة الإنتشار” التي تجعل من العطر عطراً تدوم فاعليته ساعات وساعات. ومثالنا على ذلك: ان العطور ذات الفصيلة الحمضية، كالبرتقال والليمون، هي من عطور الطبقة العليا السطحية، ليس لأنها خفيفة تنعش، بل لكونها لا تدوم طويلاً. أما العطور التي تحتوي على أريج الأزهار (كعطر الياسمين مثلاً) فإنها تُصنّف على أساس أنها من الطبقة الوسطى لأنها تدوم مدة أطول من عطور الطبقة العليا.

تبقى عطور الطبقة الأساسية كشذى المسك مثلاً، فإن هذه العطور بطيئة الإنتشار وتدوم فاعليتها طويلاً.
نصل أخيراً الى الموضوع الأهم وهو المتعلق بكيفية اختبار العطر. ان عملية انتقاء عطر جديد هي عملية مثيرة ولا داعي للإستعجال فيها. لهذا عندما تدخل متجر بائع للعطور، فإن أول ما تحسّ به عندما تفتح زجاجة من الزجاجات الموضوعة على الرفوف هو رائحة الطبقة الأولى الخارجية حيث الأريج ينتشر ويتبخر بسرعة. من هذا المنطلق لا تتعجّل بالشراء، بل اعطِ نفسك الفرصة لتشمّ رائحة العطر ذي “الطبقة الوسطى” ونصيحتنا على هذا الصعيد، هو أن لا تضع أكثر من ثلاثة عطور على يدك بقصد التجربة وان تكمل جولتك في السوق لشراء حاجياتك قبل أن تتخذ قرارك بشراء العطر الذي فضلته على سواه. لأنك بذلك فقط تستطيع ملاحظة العطر الجيّد من العطر الأقل جودة.
من جهة أخرى، وفي المجال نفسه، عليك أن تحذري هذه المساحيق… لذا أقول لك:
– لا تغترّي بالألون الزاهية والروائح المعطّرة التي تفوح من علب المساحيق الصحية النسائية، أو رذاذ الرئشاشات الأنيق، فأحياناً تخفي هذه الألوان والعطور مواد مخرشة بالغة القوة، وربما كان لبعضها من التأثير الهائل ما يعتقد بعض الباحثين أنه يمكن أن يُسهم في سرطان المبيض.
وقد قام باحثون من جامعة واشنطن بإجراء مقارنة بين أحوال (322) امرأة مصابة بسرطان المبيض، وأحوال (462) امرأة أخرى غير مصابات به. فاكتشف أولئك الباحثون ان المصابات بهذا الداء، كنّ أكثر استعمالاً للمنتجات ذات الأساس المساحيقي، في منطقة الأعضاء التناسلية من أجسامهن.
كما أشارت دراسة ثانية، قبل ذلك، الى وجود مزيد من احتمال الإصابة بهذا الداء عند النساء اللواتي يعطّرن المنطقة التناسلية ببودرة “التالك” أو بودرة الأطفال أو بودرة الحمام المعطرة.
وفي ظن الخبراء الذين حاولوا تفسير هذه الظاهرة ان ذرات دقيقة من هذه المساحيق تصل الى المسالك الإنجابية عند المراة، ثم تتراكم وتتوضع في أنسجة المبيضين.
اذن ما هي اسلم طريقة للتنظيف؟ خذي حماماً. وعلى العموم اليك ببعض النصائح المفيدة بشأن هذا الموضوع:
– لا تضعي زجاجة العطر في مكان حار أو بارد، لأن تعرّضها للحرارة أو للبرودة قد يؤثر على التوازن بين المواد المختلفة التي يتألف منها المزيج المتجانس.

– لا تختاري العطر لأن رائحته أعجبتك وهو مرشوش على وجه فلان من الأصدقاء، لأن رائحته على بشرتك قد تختلف عما هي على بشرة صديقك، وذلك بسبب اختلاف نوع هذه البشرة وكيميائية جلد كل منكما.
– اختاري النوع الخفيف للمناخ الدافئ ،ذلك أن شذى العطر يشتدّ في الطقس الحار والجو الرطب.
– اختبري العطر على جلد يدك. ذلك أن شمّ الزجاجة الحاوية على نموذج العطر أو وضع بضع قطرات منه على ورقة وشمّه لن يفيدان في معرفة ملاءمة العطر لك.
يبقى اخيار الشامبو والصابون، علمًا أنّ الشامبو كلمة حديثة دخلت عالم التجميل والتطبيب لتحلّ مكان الصابون في غسل الشعر وتنظيفه.
إنّ الإختلاف بينهما أساسي ويقوم في طريقة التركيب والمواد الأولية التي تدخل في صَ ْع كلّ منهما.فالصابون يحتوي على مواد كلسية، لا تذوب في الماء، تترك أثراً على جلدة الرأس، فتنشفها وتشقّقها، وتتسبّب أحياناً في ظهور القشرة وتناثرها. أما الشامبو فجميع المواد التي تدخل في تركيبه تذوب في الماء اذا كان الشامبو جيداً ولا تترك أثراً على الرأس، ولا تزيل الزيوت والمواد الذهنية عن الشعر، وبالتالي لا تنشفه أو تشقّقه. لهذا دأب الأطباء وعلماء التجميل مؤخراً على نصح الجميع، كباراً وصغاراً، نساء ورجالاً، باستعمال الشامبو عوضاً عن الصابون.
والشامبو أنواع عدة فهناك: الطبي والعادي والخاص بالأطفال. ويحضر في شكلَيْن بودرة وسائل. فالطبي يتميّز عن الشامبو العادي باحتوائه على درجة من الحموضة يدلّ عليها الحرفان ph بالإضافة الى الزيوت النباتية والكبريت التي تدخل في تركيبه. كذلك يخضع الشامبو الطبي لتجارب واختبارات عدة تستغرق أشهراً قبل تعبئته في زجاجات وعرضه في السوق.
ومن مميّزات الشامبو الطبي أيضاً أن بائعيه ملزمون بالإفصاح عن خصائصه ومركباته وذكرها جميعها على الزجاجة أو على ورقة ترفق بها.
ويستعمل الشامبو الطبي لأغراض عدّة منها ظهور القشرة وتناثرها عن الشعر، ازالة الحساسية والأمراض الجلدية التي يشكو منها البعض، تقوية جلدة الرأس وتغذيتها من أجل الحدّ من القابلية للصلع عند الرجال ولتساقط الشعر عند النساء.
ويظنّ الكثيرون أن القشرة، او الحساسية والأمراض الجلدية، تعود الى استعمال الماء والصابون والمواد الكيميائية التي تحتوي عليها الأخير، وان مجرد استعمال الشامبو الطبي والمواظبة عليه يزيلان الأمراض والحساسية، ويحولان دون ظهور القشرة الى الأبد.

صحيح أن استعمال الماء والصابون، كما يقول الأطباء، يمكنه أن يضرّ بالشعر ويجفّفه ويتسبّب بالتالي في ظهور القشرة، لكن تكوّن هذه الأخيرة على الرأس لا يعود الى استعمال الماء والصابون فحسب، بل يرجع الى طبيعة الجلد ونوعيته، والى حالتَيْ العصبية والنفسية. فجلد الرأس ونوعيته، أي طبيعته الدهنية أو الجافة أو ذات القشرة، احدى خصائص الإنسان الجسدية، لذلك فإن مجرد استعمال الشامبو، وان يكن طبياً، لا يبدّل نوعية جلد الرأس، ولا يزيل القشرة عن الشعر، بل يُحسّن الشعر، ويقويه ويُغذيه.
فالشعر الدهني يظل دهنياً، والجاف يبقى جافاً وذو القشرة يستمر هكذا. الاّ ان الشامبو الطبي الجيد يحدّ من تكاثر القشرة ويخفف من تكوينها.
ويضيف الأطباء أن استعمال الماء والصابون لغسل الشعر لا يضرّ، كما يظن البعض برغم البقايا التي يُمكن ان يخلّفها استعمال الصابون على الرأس. فالصابون والشامبو على السواء يحتويان على مواد منظفة، قد تضرّ أو تفيد.
والشامبو العاطل، سواء أكان طبياً ام عادياً، هو الذي يزيل زيت جلد الرأس والمواد الدهنية فيه. فالعادي التجاري الذي يستعمل للتجميل وليس للتطبيب، متوافر في الأسواق في ثلاثة أنواع: واحد للشعر الجاف، وواحد للشعر الذهني وثالث للشعر الطبيعي. ويتميّز العادي عن الشامبو الطبي برائحته العطرية، وبالمواد الأولية التي تدخل في تركيبه والتي تختلف عن المواد الأولية التي تدخل في تركيبة الشامبو الطبي. فـ 80 الى 90% من المواد الأولية التي يحويها الشامبو العادي تتألف من الصوديوم لوريل سولفات، أو من الصوديوم ايتير لوريل سولفات، أما الـ 10 الى 20% الباقية فتحتوي على مواد فعّالة كالبيض الذي يضمه الشامبو العادي المُعدّ للشعر الطبيعي، والحامض الذي يدخل في الشامبو العادي المحضر للشعر الذهني، وزيت اللوز أو زيت الزيتون الذي يحتويه الشامبو العادي المخصص للشعر الجاف.

جدير بالذكر أن البَيْض يساعد على تغذية الشعر الطبيعي وتنميته والحامض يحدّ من إفراز الزيوت في الشعر الذهني، أما زيت اللوز أو زيت الزيتون فيضمّهما الشامبو العادي الخاص بالشعر الجاف لأنهما يحدّان من جفاف الشعر ويغذيانه بالزيوت والمواد الذهنية التي تنقصه.
وفي ما يتعلّق بالشامبو الخاص بالأطفال، فالمواد التي تدخل في تركيبه أفضل من تلك التي تؤلف الشامبو العادي نظراً الى أنها مماثلة لتركيب دمع العين أي أن درجة حدتّها تساوي درجة حدّة دمع العين. فضلاً عن أنها تحافظ على جلد الرأس لدى الأطفال ولا “تحرق” عيونهم. وكل الأنواع التي ذكرناها الذي يستعمله بشكل خاص المرضى الذين ليس في امكانهم الإستحمام فيدخل في تركيبه القليل من البودرة الممزوجة بالنشا وذلك من أجل إزالة الدهن الزائد العالق في الشعر. وهذا الشامبو لا ينظف مثل الأنواع الأخرى لكنه يخدم مؤقتاً.
إنّ كلّ أنواع الشامبو التي ذكرناها الطبية والعادية متوافر في الأسواق منها ما هو مستورد من الخارج ومنها ما هو مصنوع محلياً على أساس مواد أولية مستوردة من الخارج. والإختلاف بين الشامبو المحلي والشامبو المستورد ينعكس على الأسعار، اذ أن النوع الثاني يخضع لضريبة مرتفعة كونه يدخل تحت تصنيف أدوات التجميل والزينة والكمالات.

إشارة أخيرة الى أن عدد المرّات لإستعمال الشامبو يختلف بين الرجال والنساء. فمن أجل المحافظة على نظافة الشعر وحيويته على الرجل أن يغسل شعره بالشامبو بين ثلاثة وأربع مرات في الأسبوع. أما النساء فيرتبط استعمالهن للشامبو بنوعية شعورهن.
وفي العادة تستعمل النساء ذوات الشعر الذهني الشامبو مرة كل أربعة وخمسة أيام وذوات الشعر الطبيعي أو الجاف، مرة كل أسبوع. No