من المصانع التكنولوجية يبدأ الخطأ
“تأمين السهو والخطأ التكنولوجي” هو العنوان المثير لنشرة الإتحاد المصري للتأمين ذات الرقم 283. ذلك أن هذا المنتج، الأول من نوعه في دول العالم العربي، موجّه بشكل خاص الى من يوّد الحماية من مخاطر المسؤولية المهنية المحدّدة التي يواجهها عادةً الذين يعملون في صناعة التكنولوجيا. كذلك هو مصمّم لحماية الشركات من المطالبات المتعلّقة بالأخطاء في التصميم أو التطوير أو تقديم المنتجات والخدمات التكنولوجية. ومن المعروف أن سوق التأمين يهتمّ بتوفير التغطية المناسبة للشركات التي تعمل في مجال التكنولوجيا ضد السهو والخطأ، كواحد من أهم التغطيات لتلك الشركات. ويمكن هذا النوع من التغطية أن يساعد في حماية شركات التكنولوجيا من تكاليف مصروفات التقاضي الباهظة التي قد تنشأ إذا تعرّض العميل لخسائر مالية بسبب خطأ ارتكبته الشركة. كما تمّ تصميم وثائق تأمين السهو والخطأ التكنولوجي للحماية من المخاطر التي ترتبط بشكل عام بشركات التكنولوجيا والتي تُعدّ حالياً واحدة من أسرع الصناعات نمواً في الاقتصاد العالمي. فعلى سبيل المثال، إذا تمّ التعاقد مع شركة لإبتكار المواقع الإلكترونية لتصميم متجر الكتروني لشركة ما وتشغيله بحلول وقت معين وفشلت الشركة في القيام بذلك، أو كان المتجر لا يعمل بشكل ملائم، فيمكن مقاضاة الشركة التي قامت بتصميم المتجر بسبب الأضرار التي تكبّدها العميل والتي يمكن إرجاعها مباشرة إلى خطأ أو إهمال الشركة بسبب فشل المنتج او الخدمة التقنية أو لم يعمل بالطريقة التي كان من المفترض أن يعمل بها، وبالتالي تلعب وثيقة تأمين السهو والخطأ التكنولوجي دورها وفي تلك الحالة يتمّ تفعيل التغطية التأمينية.
فمن يستفيد من هذا المنتج، وبالتالي عليه شراء وثيقة السهو والخطأ التكنولوجي؟ تُسمي نشرة الإتحاد المصري ما يلي:
-مطوّرو البرمجيات، بما في ذلك مطورو برمجيات الهاتف المحمول أو المواقع الإلكترونية.
-شركات الاتصالات السلكية واللاسلكية.
-شركات الإنترنت مثل شركات برامج التواصل الاجتماعي، ومزودو خدمة الإنترنت.
-الشركات المصنّعة للأجهزة التكنولوجية.
-شركات التكنولوجيا الناشئة.
-أعمال التجارة التكنولوجية.
وبكلام آخر، فإن أي شركة تقدّم أيّ نوع من الخدمات أو المنتجات المتعلقة بالتكنولوجيا ستحتاج لشراء هذه التغطية، سواء كانت الشركة تقوم بإنشاء المواقع الالكترونية للعملاء أو حتى تقديم خدمات استشارية لشركات التكنولوجيا.
يبقى سؤال مهم: ما هو الفرق بين تأمين السهو والخطأ التكنولوجي Tech Error & Omissions Insurance وتأمين المسؤولية الناشئة عن الهجوم الالكتروني أو التأمين الالكتروني Cyber Attack Insurance؟ والجواب:
-غالباً ما تخلط الشركات بين تأمين السهو والخطأ التكنولوجي والتأمين الالكتروني، لأن كليْهما يُغطي المخاطر التكنولوجية، ومع ذلك، فإن تغطية كل منهما تعالج المشاكل المرتبطة بالمخاطر التكنولوجية من وجهات نظر مختلفة. فوثيقة تأمين السهو والخطأ التكنولوجي تُغطي فشل منتجات أو خدمات شركة التكنولوجيا في تقديم خدمة ما بشكل مناسب، بينما التأمين الالكتروني يُغطي خطر خرق البيانات أو أي حادث إلكتروني آخر للشركات التي تستخدم التكنولوجيا. لذا فمن الضروري على كلّ شركات التكنولوجيا شراء الوثيقتين معاً لأنه إذا لم يكن لدى الشركة كلا النوعين من التغطية، فيُمكن ان تنشأ مطالبة عن خطر غير مغطى تأمينياً.
ومن الجدير بالذكر أن الهجمات الالكترونية أصبحت شائعة في الوقت الحالي حيث تمثل الخطر الأكبر الذي تواجهه شركات التكنولوجيا في حالة حدوث هجوم إلكتروني واخترق بيانات العملاء، ولتفادي مقاضاة الشركة إذا كان الهجوم التكنولوجي مرتبطاً بإهمال أو خطأ ارتكبته الشركة المنتجة للتكنولوجيا، وفي تلك الحالة، فإن وثيقة السهو والخطأ التكنولوجي ستغطي جميع التكاليف والخسائر المرتبطة بها والتي تشمل أخطار الأطراف الثالثة المتضرّرة ومصروفات التقاضي المحتملة والاضرار التي تلحق بالشركة وقد تضر بسمعتها نتيجة الهجوم الالكتروني وقد تمتد لتغطي الفدية في حالة هجوم الفدية. ولكن عندما يكون الهجوم الالكتروني وما ترتب عليه من خرق للبيانات لم يكن خطأ الشركة، يتمّ تغطية التكاليف المرتبطة بها من خلال وثيقة تأمين الهجوم الالكتروني.
في العودة الى تغطيات السهو والخطأ التكنولوجي، تُشير النشرة الى أن هذه الوثيقة، توفّر تغطية شاملة للإهمال في أداء التكنولوجيا والخدمات المهنية الخاصة بالشركة أو إنشاء أو تصنيع منتجات التكنولوجيا أو فشل منتجات التكنولوجيا الخاصة بالشركة في تلبية معيار معين، كما يمكن أن تساعد في تغطية الرسوم القانونية الناتجة عن عدم رضا العميل عن خدمات الشركة.
ان هذه الوثيقة تُغطي المسؤولية المتعلقة بـ:
-الإهمال والأخطاء
-فشل المنتجات التكنولوجية في أداء الوظيفة المطلوبة وفشل الخدمات التكنولوجية أو الخدمات المهنية في تلبية أي معيار قانوني أو صناعي متفق عليه في ما يتعلق بالجودة أو السلامة أو الملاءمة لغرض معين.
-فشل تقديم أيّ من خدمات التكنولوجيا التالية: الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات السلكية واللاسلكية، والخدمات التكنولوجية.
-المشكلات التقنية التي تتسبّب في خسائر مالية للعملاء، مثل اختراق البيانات وفشل النظام.
-عدم تقديم خدمات تكنولوجيا المعلومات المتفق عليها.
-الإخلال بالعقد.
وبطبيعة الحال ففي الوثيقة تندرج استثناءات منها:
-الأعمال غير المشروعة أو الإجرامية أو الاحتيالية أو الكيدية والملاحقات الجنائية.
-التعدّي على حقوق النشر أو العلامة التجارية أو براءة الاختراع.
-العسر المالي.
-تسريبات المعلومات بسبب الجرائم التكنولوجية.
-مطالبات المسؤولية عن المنتج، وهذا يعني أنه إذا تسبّب المنتج في إصابة أو تلف أي طرف ثالث، فلن يكون المضمون محمياً بموجب هذه الوثيقة.
وماذا عن الأسعار؟ بحسب نشرة الإتحاد المصري للتأمين، يختلف تسعير وثيقة التأمين، موضوع البحث بين شركة وأخري وذلك لأن لدى الشركات محددات مختلفة لتعريف الخطر، اذ تعتمد تكاليف السهو والخطأ التكنولوجي على مجموعة متنوعة من العوامل، كما أن لكل نشاط تجاري احتياجاته الخاصة، حيث يكون لدى الشخص أو الشركة التي لديها العديد من مشاكل التقاضي مخاطر اكتتاب أعلى.
وتتأثّر العوامل في احتساب تكلفة التأمين ضد السهو والخطأ في:
–مخاطر العمل. وإذا كانت الشركة تعمل في صناعة عالية المخاطر، فمن المحتمل أن تدفع سعراً أعلى. وعلى سبيل المثال: من المحتمل أن يكون لصاحب العمل في شركة استشارات مالية تقدّم نصائح بشأن استثمار ملايين الدولارات مخاطر أعلى من أي مستشار مالي عادي.
–حدود التعويض. كلما زادت حدود التعويض، كان ذلك دليلاً على ارتفاع التغطية التأمينية ومن ثم قسط التأمين.
–سجل المطالبات السابقة. قد تدفع الشركة قسطاً أعلى لتغطية التأمين ضد السهو والخطأ، إذا كان لديها تاريخ من مطالبات المسؤولية.
–الموقع. من المرجح أن تختلف الأسعار حسب مكان عمل الشركة، والقانون الواجب التطبيق للإختصاص القضائي.
ملاحظة: يعد فهم نمط المطالبات والخطر Risk and Claims profile أمراً بالغ الأهمية بالنسبة لشركات التأمين حيث أنه يمثّل عنصراً أساسياً في الاكتتاب والتسعير.
1-ماذا الآن عن اختراق البيانات؟ يرجع السبب الأكثر شيوعًا وراء مقاضاة العملاء لشركات التكنولوجيا إلى اختراق البيانات الخاصة بهم حيث تتعامل مؤسسات التكنولوجيا وتكنولوجيا المعلومات مع كم هائل من البيانات كل يوم ويحاول قراصنة الانترنت الوصول إلى هذه البيانات لتحقيق مكاسب شخصية عن طريق طلب فدية مقابل عدم نشر تلك البيانات. فإذا كان لدى الشركة ضعف في جدار الحماية Firewall الخاص بها، فسوف يتمّ اختراق بيانات العملاء بسهولة، وإذا اعتقد العملاء أن الشركة لم تتخذ الإجراءات الوقائية اللازمة لحماية بياناتهم، فإن احتمالية ورود دعاوى قضائية ضد الشركة ستكون عالية .وإذا تبين للمحكمة أنه ليس خطأ الشركة، فيبقى عليها دفع تكاليف مصروفات التقاضي.
2-الإخلال بالعقد. عندما تبدأ علاقة عمل جديدة مع أحد العملاء، فمن الضروري أن يكون لدى الشركة عقد يحدّد الالتزامات التي تقدّمها الشركة للعملاء، ومع ذلك، ففي بعض الأحيان لا تتمكن الشركة من الوفاء بهذه الالتزامات بسبب شيء خارج عن إرادتها وإذا كان الإخلال بالعقد يؤثر على العميل مالياً. فمن المحتمل أن الشركة ستحتاج إلى تأمين السهو والخطأ التكنولوجي لحماية نفسها.
3-الاحتيال والبيع الخاطئ. يُعد الاحتيال جريمة إذا أعطت الشركة أو مسؤول المبيعات الخاص بها معلومات خاطئة أو كاذبة للعميل عند تسويق المنتج أو الخدمة، وأدرك العميل أن الشركة لا تملك الموارد اللازمة للوفاء بتلك الالتزامات، يمكن العميل مقاضاة الشركة في هذه الحالة.
4-الإهمال. تُعدّ ادعاءات الإهمال في مجال السهو والخطأ شائعة في صناعة التكنولوجيا، وذلك لأن الشركات تفشل في تلبية لوائح الصناعة مما يؤدي إلى خسارة مالية للعملاء فعلى سبيل المثال قد تقوم الشركة بتصميم تطبيقًا للهاتف المحمول لعميل ما، ولكن عندما أطلقت الشركة التطبيق ظهر أنه يحتوي على أخطاء تؤثر سلبًا في تجربة المستخدم، ما أثرّ سلباً على سمعة العميل، فحينها يمكن الأخير مقاضاة الشركة.
5-الإجراءات الوقائية التي تتبعها الشركات للحد من مطالبات السهو والخطأ. في أغلب الأحيان تتبع الشركات بعض الإجراءات الوقائية لتقليل الخطأ والسهو الناتج عنها وتشمل تلك الإجراءات مايلي: تدريب الموظفين، فحص نظام التعاقد الخاص بالشركة لمراقبة الجودة، التواصل مع العملاء بانتظام للتأكد من رضاهم عن الخدمات المقدمة لهم، الحصول علي التغطية التأمينية المناسبة ضد الخطأ والسهو، أن يكون لدي الشركة عقد دائم، توثيق عمل الشركة، التحلّي بالشفافية
5-الأضرار المحتملة لعدم وجود تغطية للتأمين ضد الخطأ والسهو. ان أي نشاط تكنولوجي لا يمتلك وثيقة السهو والخطأ، أو لا يؤمّن تغطية كافية، يتعرّض لمخاطرة كبيرة جداً بعدم القيام بذلك، فبغض النظر عن مدى براعة الشركة في فعل ما تقدمه من خدمات، لكن من الممكن لأي شخص أن يرتكب خطأ، ويمكن أن تكون الآثار المالية المترتبة على مطالبة السهو والخطأ كبيرة حتى قبل التوصل إلى تسوية مناسبة أو منح تعويضات، ويمكن أن تتراكم مصروفات التقاضي حتى إذا كانت الدعوى غير كبيرة، فستظل الشركة بحاجة إلى تعيين محامٍ للتعامل مع الدعوى القضائية، وهي نفقات خارجة عن إرادة الشركة، وفي بعض الأحيان لا يتعلق الأمر بالتكلفة فقط، حيث يمكن أن تسبّب مطالبة الخطأ والسهو في الإضرار بسمعة الشركة، كما يمكن أن تنخفض الإنتاجية إذا كان الموظفون يتحمّلون عبء محاولة تجنب الأخطاء عند أداء واجباتهم لأنهم يعلمون أن شركتهم ليس لديها تأمين لحماية نفسها من هذا الخطر. لذلك يصبح من الواضح جدًا أن تكلفة شراء وثيقة الخطأ والسهو لن تكون باهظة الثمن مقارنة بالتكاليف المحتملة التي يتكبّدها عدم وجود هذه الوثيقة. إن العمل مع شركة تأمين مناسبة واختيار الوثيقة المناسبة يوفران للشركة راحة البال، اذ مهما حدث، ستكون الشركة قادرة على تجاوز العاصفة. علاوة على ذلك، فستقوم العديد من شركات التأمين التي تبيع وثيقة الخطأ والسهو، بتوظيف شركة محاماة من اختيارها للتعامل مع القضايا المرفوعة على عملائها، ما يزيح عن الشركة هذه المهمة الشاقة.
6-إبقاء وثيقة تأمين الخطأ والسهو محدثة أمر ضروري ومهم. يُعد الحفاظ على وثيقة التأمين ضد الخطأ والسهو محدثة وسارية أمراً بالغ الأهمية إذا كانت الشركة تريد أن تكون محمية أثناء تنفيذ أنشطتها، حيث يعتمد التأمين ضد الخطأ والسهو على أن تكون الوثيقة سارية عند تقديم المطالبة ووقت وقوع الحادث، وهو ما يزيد من أهمية الحفاظ على تغطية التأمين ضد الأخطاء والسهو سارية مقارنة ببعض أنواع التأمين الأخرى.
أخيراً ماذا عن رأي الإتحاد؟ لقد ورد في متن النشرة:
-ما سبقت الإشارة اليه يوضح اهمية هذا النوع من التأمين للشركات واهمية التوعية به وبالمطالبات التي قد تنشأ عنه، لأنه في كثير من الأحيان يمكن أن تكون الخدمات التي تقدّمها الشركة أو منتجاتها او أنشطتها موضع تساؤل قد يترتب عليه قيام العميل برفع دعوى قضائية ضد نشاطها كونها المسؤولة عن خسارة الأرباح أو تعطيل الأعمال .
ومن الجدير بالذكر بأن الهيئة العامة للرقابة المالية قد أقّرت مشروع قانون التأمين الموحّد والذي يتضمن عدداً من التأمينات الالزامية بالسوق المصرية، ومن بينها تأمين المسؤوليات المهنية بجميع أنواعها ، على أن يكون هذا التأمين شرطا من شروط الترخيص بمزاولة النشاط لما له من اهمية في حماية الشركة وعملائها.