صورة من افتتاح المؤتمر ويبدو الرئيس ميقاتي الثاني من اليمين وإلى جانبه وزير الخارجية عبد الله بو حبيب فعباس فواز وبدا إلى أقسى اليمين رؤوف أبو زكي
“مؤتمر الاقتصاد الاغترابي الثالث” من تنظيم “مجموعة الاقتصاد والاعمال” انطلق في فندق فينيسيا انتركونتننتال – بيروت، برعاية وحضور رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، وأكثر من 300 مشارك من لبنان وآخرين من 30 بلداً، بينهم رجال سياسة ونواب، إضافة إلى رؤساء الهيئات والغرف الاقتصادية والمهنية، ورؤساء مجالس الأعمال في البلدان العربية والهيئات الاغترابية الأخرى وقادة الشركات المالية والصناعية والتجارية والاستثمارية عامة.
أهمية هذا المؤتمر تكمن في توقيت انعقاده وفي مضمونه، لا سيما في ربط لبنان المقيم بالمغترب، اذ أعاد الاغتراب اللبناني عبره تأكيد حيوية دوره في دعم الاقتصاد اللبناني وكونه يشكلّ شرياناً حيوياً على المستوى الاجتماعي، في وقت تعاظم دور المغتربين في فتح آفاق جديدة أمام الشركات اللبنانية، وتوفير فرص عمل للبنانيين في الخارج، إلى جانب دورهم التقليدي في الربط بين شركات القطاع الخاص الأجنبية واللبنانية.
رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وفي الكلمة التي افتتح بها المؤتمر، شدّد على القول انه “لولا الدعم الذي يقدّمه الانتشار اللبناني لأبناء الوطن، لكان وَقْعُ الأزمة التي تمرّ بلبنان أشد إيلاماً وخطورة”، مضيفاً أن “الجانب الأكثر أهمية هو وفاء اللبنانيين المغتربين والمنتشرين لوطنهم لبنان وتعلَقهم به وبأهلهم وهذا دليل على الأصالة اللبنانية”، لافتاً النظر إلى أن “المغتربين هم الرئة التي يتنفس منها لبنان بفضل خبراتهم المهنية التنافسية والكفاءة والريادة المُعترَف بها لهم حتى من قبل أشدّ المنافسين“، مشيراً إلى “أن المغتربين يخدمون وطنهم بفعل شبكة العلاقات الواسعة التي يتمتعون بها وقدرة الربط والضغط والتأثير في مراكز القرار خاصة الاقتصادي والمالي والصناعي والتكنولوجي في دول الانتشار“. وكان من البديهي ان “يُطعّم” كلمته بمواقف سياسية في ظرف عصيب للغاية وعلى مختلف المستويات وفي ظلّ انتقادات عدة توجه اليه من قبل خصومه. ومما قاله في الشأن السياسي:
–إن “ينعقد مؤتمركم اليوم على وّقْع أزمة الشغور الرئاسي المستمر منذ أشهر من دون ظهور بوادر حلَ بعدما تمترست الأطراف الداخلية المعنية خلف مواقف لا تقبل التراجع عنها وبعدما دخلت الوساطات الخارجية أيضا في دائرة المراوحة حتى إشعار آخر”، ما استدعى ان تستمرّ الحكومة في تسيير شؤون الدولة والمرافق العامة والمواطنين والسعي قدر الامكانات المتاحة الى تلبية المطالب المحقة“.
–بكل ثقة اقول أن الحكومة تكاد تكون المؤسسة الدستورية شبه الوحيدة التي لا تزال تؤمّن استمرارية الدولة ومؤسساتها بعدما تسلل التعطيل الممنهج إلى سائر المؤسسات بفعل الحسابات والتعقيدات السياسية التي تتحكم بعملها”. وهي لم ولن تتقاعس عن القيام بعملها وعن المثابرة على التخفيف قدر المستطاع من حدَة الأزمات المتراكمة منذ سنوات طويلة بعدما انفجرت دفعة واحدة. وهكذا لا نزال نعمل رغم الامكانات القليلة المتاحة على التخفيف من وطأة هذه الأزمات”. أن “ما فعلناه لا يلبي طموحنا ومطالب اللبنانيين حتماً ولكن الواقع يجعلنا نعتمد منهجية الحلّ الممنهج على مراحل، بدءاً بتخفيف حدة ازمات الكهرباء والبنزين والدواء وازالة مشهد الطوابير التي أتعبت اللبنانيين وصولاً الى ما نشهده من حركة في البلد“. ان مجمل المواقف الاعتراضية التي نسمعها لا تتوافق مع طموحات الاطراف الساعية الى تعميم الفراغ”. لكن “قدرنا أن نصبر على الافتراءات والاتهامات الباطلة وبات ضرورياً وضع النقاط على الحروف منعاً للتمادي في التضلي“.
–الحكومة ليست مسؤولة عن الفراغ الرئاسي وعن الحروب السياسية المتجددة بين المكونات السياسية وليست هي من يمنع انتخاب رئيس جديد للجمهورية”، بل الفريق الذي يتمترس خلف حفاظ مزعوم على صلاحيات رئيس الجمهورية هو نفسه من مارس التعطيل لسنوات ويتمادى في رفع التهمة المثبتة عليه بالصاقها بالآخرين وبالسعي المستمر لتعطيل عمل الحكومة والتصويب على قراراتها”. وفي المقابل ثمة من تستهويه وضعية المعارضة فيصوَب على عمل الحكومة لكسب شعبية مزعومة وكأنّ البلد يتحمل مزيداً من الجدل والسجالات العقيمة.

–لقد “تعاليت كثيراً على الافتراءات والاتهامات التي طالت الحكومة وطالتني شخصياً لقناعتي بصوابية العمل الذي نقوم به لمصلحة البلد. وإذا كان البعض اعتبر هذا الموقف ضعفاً أو تشبثاً بالمنصب فهو مخطئ جداً”، بل مخطئ من يعتقد إن بامكانه ممارسة الوصاية على عمل الحكومة فيحّدد مسبقاً ما يجب القيام به وما هي المحظورات والممنوعات وفق ما يتم تسريبه مباشرة أو بالواسطة.
بعد ذلك، كانت كلمة لوزير الخارجية د.عبد الله بو حبيب نوّه فيها بدور المغتربين “المستمرين بتحويل الاموال الى لبنان”، فكلمة لرئيس الجامعة الثقافية في العالم عباس فواز الذي وصف المغتربين بـ”صمام امان للمجتمع في الوطن الأم”. كذلك كشف الأخير أنه “على المستوى الشخصي، وَضِمْنَ مجموعةٍ اغترابيةٍ استثماريةٍ، يجري العمل على بناءِ واحداً من أهم مصنعٍ للأدوية في مِنْطَقَةِ الشرْقِ الأوْسَط، وهو عبارة عن استثمارٌ لبنانيٌّ مع شراكةٍ علميّةٍ وَخَدَمِتيّةٍ أَجْنَبِيّةٍ، حيثُ أنّنا نَتَعامَلُ مع شركةٍ أَلْمانيةٍ للاسْتِشاراتِ العلميةِ، وشركات إيطاليةٍ لِتجْهيزِ المصنع، إضافةً إلى شركةٍ مصريةٍ تُشَكِّلُ شريكاً استراتيجياً بالإنتاج، وجرى الاعتماد بشكلٍ أساسٍ على التكنولوجيا الأوروبية الحديثة، وذلك في بلدةِ الغسّانية في جنوب لبنان باستثمارٍ تَبْلُغُ قيمَتَهُ نحو 50 مليون دولار“. والى ما تقدّم راى أن “القطاع الزراعي، يمكن أن يلعب دوراً مهماً في استقطاب العملة الصعبة وتوفير فرص العمل مع التوجّهِ الجديدِ الذي تمَّ اعتمادَهُ والتركيزِ عليهِ منذُ سنواتٍ أربع ولتاريخِهِ، والمتمثِّل بزراعةِ مليون ونِصف مليون شجرة Avocado معظمُها في مناطقِ الجنوب وعكّار،والقليل منها في باقي المناطقِ اللبنانية، خصوصاً أنّ تصريفِ الإنتاجِ مؤمَّن في الأسواقِ الخارجية“، مضيفاً إن “القطاعَ الزراعي يَكبرُ ويتعزَّز ُبزراعات نوعية ومتعدِّدة وبجهودِ المُقيمينَ والمُغتربين“.
أما الرئيس التنفيذي في مجموعة الاقتصاد والأعمال رؤوف أبو زكي فقال إن “مؤتمر الاقتصاد الاغترابي بنسخته الثالثة ينعقد في ظروف لبنان الصعبة. فقد مرّ لبنان منذ العام 2019 بأسوأ أزمة مالية أطاحت بعملته، وبجائحة كورونا التي أوقفت عجلات الاقتصاد في لبنان والعالم وبانفجار بيروت في شهر آب (اغسطس) 2020 والذي لا تزال تداعياته مستمرة. ناهيك عن مراوحة الجمود في انتخاب رئيس جمهورية وقيام حكومة جديدة وإعادة ماكينة العمل في أجهزة الدولة“. وقال: “نتساءل جميعاً ما الذي يمكن عمله لمواجهة هذه المصائب، ونردد مع من قال “لا تسأل عما يمكن أن يفعله بلدك لك، إسأل ما يمكنك القيام به لبلدك”. ونحن هنا نرفع الصوت بوجه من تسبب في الكارثة المالية – النقدية الاقتصادية وفي كوارث أخرى. وكذلك لنفكّر معاً بما يمكن عمله لمواجهة التحديات. ونحن هنا معاً لنقول وبالفم الملآن أن على القيادات الإسراع في وضع حد لعملية تعطيل عمل المؤسسات الدستورية، بما يساعد على احتواء الضغوط الخارجية وتوفير الاستقرار الذي هو مفتاح الاستثمار“. انهى كلمته بالقول: “ان هذا المؤتمر بمنظميه وبمشاركيه إنما يجسد قيم الانفتاح والتعاون والموضوعية، إنه مؤتمر اغترابي وطني جامع وبامتياز. وها نحن في الدورة الثالثة. وسنكون معاَ بإذن الله في الدورة الرابعة بل وفي الدورات المتتالية في النصف الثاني من كل سنة، مشيراً إلى أن ما تقوم به مجموعة “الاقتصاد والأعمال” يتكامل مع الجهود التي تبذلها هيئات عديدة رسمية وأهلية. وحبذا لو يحصل هذا التكامل بالإرادة والتصميم لا بالتلقائية. وأضاف:” نحن هنا نمثل هيئة تنسيق وتواصل، ونشكل منصة دائمة للتلاقي والحوار والتفاعل ونسج العلاقات والمصالح. ونسعى إلى المساهمة في تطوير دور المغترب ليشمل الوساطة بين بلدان الاغتراب وبين العالم الخارجي وفي طليعته البلدان العربية. وستحمل دورة العام 2024، مبادرات جديدة وعرضاً لأعمال وإنجازات المؤسسات الاغترابية. وسيتم تشكيل لجنة استشارية مرجعية للمؤتمر تمثل مجالس الأعمال وهيئات الاغتراب في العالم العربي وفي العالم.

وكشف أن لدى “مجموعة الاقتصاد والأعمال“ مؤتمرات عديدة قبل نهاية هذه السنة في بغداد واسطنبول والجزائر ولبنان وموريتانيا وفي بلدان أخرى“. نأمل مشاركتكم في ما ترونه مناسباً لمصالحكم منها.
والى الكلمات التي أُلقيت، شهد المؤتمر تكريم 10 شخصيات لبنانية وعربية، ممن تركوا بصمة واضحة في مجال الاستثمار، وهم:
1-حمدي الطباع، رئيس اتحاد رجال الأعمال العرب.
2-ضرار الغانم، رئيس المركز المالي الكويتي.
3-محمد الحوت، رئيس شركة طيران الشرق الأوسط، لبنان.
4-د. عصام رعد، رئيس مؤسسة هوم الطبية الخيرية (HOME)، أميركا.
5-محمد شاهين، رئيس مجلس العمل والاستثمار اللبناني، السعودية.
6-م. محمد بشار العبدالله، رئيس تجمع رجال الأعمال اللبنانيين في جدة، السعودية.
7-سليم الزير، نائب الرئيس والشريك المؤسس، مجموعة روتانا، الإمارات.
8-فادي الزوقي، القنصل الفخري للبنان في دولة تسمانيا، ورئيس غرفة التجارة والصناعة الاسترالية اللبنانية النيوزيلاندية، استراليا.
9-م. فتح الله فوزي، نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، مصر.
10-فؤاد حدرج، نائب رئيس جمعيه الصداقة المصرية اللبنانية لرجال الأعمال، مصر.

كذلك، شهد المؤتمر توقيع 3 اتفاقيات في مجال الرعاية الصحية بين المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمار في لبنان وشركات من القطاع الخاص الاتفاقية الأولى وقّعها كل من رئيس مجلس الإدارة والمدير العام في المؤسسة د. مازن سويد مع رئيس الشركة الدولية للتجارة والاستثمار (ايتيكو) لبنان عباس فواز وتقضي بتأسيس مصنع متخصّص في إنتاج الادوية وفق المعايير العالمية. ويقع المشروع في منطقة الغسانية في قضاء صيدا، ومن المتوقع أن يوفر 105 فُرص عمل. ووقّع المدير العام لشركة UBSA Pharma Industries زكريا خالد السيد، وتقضي بتأسيس مشروع لإنتاج المستحضرات الصيدلانية وفق المعايير العالمية في منطقة قلحات قضاء الكورة، لبنان، وهو يوفر 103 فُرص عمل مباشرة، و300 فرصة عمل غير مباشرة. ووقّع الاتفاقية الثالثة المدير العام في شركة “سيروم أند سوليوشنز” د. حمد محمد عبد الله لإنشاء مصنع الأمصال الطبية باستخدام أحدث أساليب الإنتاج التكنولوجي في منطقة سرعين قضاء بعلبك. ويوفر المشروع 35 فُرص عمل مباشرة و105 فرصة عمل غير مباشرة.