القناديل أنواع وهذا النوع يُسمّى السفينة الحربية البرتغالية
قنديل البحر ظاهرة موجودة على شواطئ الدول المطلة على البحروفي المقدمة لبنان الذي شهدت شواطئه في الفترة الماضية “هجمة” من هذه القناديل ما دفع كثيرين الى تجنّب السباحة في مياه البحر واللجوء الى البرك الآمنة.
فماذا نعرف عنه وكيف نتجنب لسعاته؟
مِن أجل اتقاء لسع هذه السمكة الهلامية الزرقاء الشفافة (أو ما يُعرف بقنديل البحر) ينصب كثير من الاقطار المطلة على البحر الابيض المتوسط شباكاً لصد قناديل البحر ومنعها من مزاحمةالسباحين والسباحات وحملهم على هجر السواحل. فلا تسمح لهذه الأسماك الهلامية بان تصدّ الراغبين في السباحة عن رياضتهمالجميلة.
يقول الموظف المختص في مكتب برنامج البيئة التابع للامم المتحدة في اثينا، أن غزو قناديل البحر للسواحل ليس شيئاً جديداً وانما هو شيء قديم مألوف. وهجومه على سواحل بحار العالم يجيء بشكل طفرات تحدث كل بضع سنين. وقد تبلغ كثافة قناديل البحر في بعض المناطق حداً تبلغ معه متراً سُمكاً وكيلومتراً طولاً، حتى ان ازدحام تلك المخلوقات البحرية قد يمنع حركة الزوارق في تلك المناطق.
وما من احد يستطيع تفسير حدوث تلك الطفرات او التكهن بقرب حدوثها. أي أن السواحل في سائر دول المطلة على البحر المتوسط قد تتلوث بقناديل البحر فجأة وبدون سبب يعرفه أحد. وبما أنه لا يوجد قطر من الاقطار يوّد إخافة مصطافيه وحملهم على هُجران مياه البحر، فإن ظاهرة غزو هذه القناديل للسواحل يحاول المعنيون صدّها ومنعها من الانتشار. ومن المفارقات ان العلماء تُحجب عنهم الاموال اللازمة لاجراء الابحاث الضرورية لمعرفة ظاهرة تكاثر قناديل البحر فجأة. وفي كتب التاريخ أن مؤتمراً خاصاً عُقد في تريستا بايطاليا في شهر ايلول (سبتمبر) 1987، خُصّص لبحث مشكلة قناديل البحر، وقد تمّ خلاله استعادة الملاحظات والوقائع. مع ذلك يخشى الخبراء في حال تمّ القضاء على قناديل البحر، استعمال الملوثات او السموم، ما قد يفتك بحيوانات البحر واسماكه التي تتغذى على هذه القناديل في العادة.

وجدير بالذكر ان طفرة مماثلة لقناديل البحدر حدثت منذ اكثر من مائة سنة، علماً ان وحدات ضئيلة من هذا الحيوان موجودة على الدوام في عُباب اليمّ ولكن بكميات قليلة لا تثير اية مشكلة عادة.
إن من أشد أنواع قناديل البحر إزعاجاً للانسان، نوع اطلق عليه اسم “السفينة الحربية البرتغالية” ولعل هذا الاسم قد اطلق على هذا النوع من قناديل البحر لأن قسمه العلوي يشبه قمة القبعة التي يعتمرها امراء البحر البرتغاليون.
إن من أجمل النزهات قاطبة ان يسير المتنزه الهوينة على رمال ساحل البحر قريباً من تكسر الأمواج فوق الشاطئ. ولكن بسبب انتشار قناديل البحر (وقد تسمى أيضاً القوارير الزرقاء) في بحار العالم، لا بد من التزام الحيطة والحذر وعدم الدنو من القناديل التي تطرحها أمواج البحر على الساحل لأنها قد تلسع وقد تكون لها حمة تثير الحكة الشديدة والحرقة المؤلمة.
إن “السفينة الحربية البرتغالية” هي من أجمل العضويات البحرية، كما انها ربما كانت من أحفلها بالمنغصات والمخاطر. فهذا النوع من قناديل البحر فيه سم يفرز من حمته عند اللسع. ويظلّ فعالاً حتى في القناديل الميتة الملقاة على رمال الشاطئ.
فإذا اصيب السابح او المتنزه بلسع هذا الحيوان، فإن الأمر قد يتطلّب المعالجة الطبية. وهذا يحتمّ على الناس عموماً الالمام بمتطلبات الاسعاف الاولي في المقام الاول والحرص على عدم التعرّض للسع قناديل البحر.
إن هذا الحيوان الذي كثيراَ ما يشاهد في البحر بين السابحين، لا يسبح في الماء كالسمكة العادية وانما هو يشبه الكتلة المستديرة السميكة من مادة هلامية طرية تتدلى من تحتها زوائد كالخيوط. وهو يعلو ويهبط تبعا لحركة الموج. وقوته المسيرّة انما هي حركة التيار البحري ذاته. وهو يشبه البالون الجميل في سباحته الرشيقة. ولكنيرافق هذا الجمال وتلك الرشاقة (خرط القتاد) كما يقولون.
يتراوح حجم قنديل البحر بين بوصة واحدة (2,5 سنتيمترات) واكثر من قدم (30,5 سنتيمترات)، وتمتاز “السفينة الحربية البرتغالية” عن سائر قناديل البحر المماثلة، بأن معظم الزوائد او الخيوط تحتها قصيرة هشة ولكن قد يصل طول واحدة أو أكثر من هذه الزوائد الى اكثر من عدة أقدام. وهذه الزوائد هي التي تحدث اللسع المؤلم. وتحتوي هذه الزوائد على آلاف من بطريات اللسع. وهذه البطاريات مليئة بالسم. وكل بطارية منها تقبع ملتفة على نفسها داخل حقيبة دقيقة. ولاقل لمسة لها تطلق الزوائد السم بقوة انفجارية تحت جلد الانسان.

يوحد قنديل البحر طافياً في مياه المناطق الدافئة بشكل خاص. أما قناديل المحيط الاطلسي فتوجد في المياه بين كندا وجزر الهند الغربية. كما توجد في مياه البحر الابيض المتوسط. أما نوع المحيط الهادي–الهندي فيوجد في مياه هاواي وجنوب اليابان.
إن “السفينة الحربية البرتغالية” ضعيفة السباحة وتنتقل بصورة رئيسة محمولة من قبل التيارات البحرية وبفعل الريح والمد والجزر. وتطرحها العواصف البحرية على الشاطئ. كما يصطدم بها الكثيرون اثناء السباحة وقد تعلق زوائدها التي تتصيّد بها، بشباك الصيادين. وهذه الزوائد قد تحتفظ بسمها حتى ولو فصلت عن بقية جسم قنديل البحر. وتظل بعد فصلها عنها قادرة على اطلاق السم.
ليس من المألوف حدوث وفيات بسبب لسع قناديل البحر. غير ان اعراض اللسع قد تكون مؤلمة. وتتراوح الاعراض العادية بين وخز يسير وحكة شديدة ملتهبة وخدر. ويرتسم خط احمر على المنطقة التي تتعرض لزوائد قنديل البحر. واحياناً يظهر خيط من بثور او نفطات.
إذا كانت اللسعة شديدة فقد تؤدي الى تشنجات عضلية. وقد يحدث اغماء وسعال عند المصاب أو قد يصاب بالاقياء وعسر التنفّس وفي حالات نادرة قد تحدث وفاة المصاب. وهذا يؤكد ضرورة بذل المعونة الطبية فوراً للمصاب.
في ما يلي إسعافات أولية ذاتية:
1-أخرج من الماء. فالالم من اللسع قد يكون شديداً مسبّباً للشتجنات والاغماء فالغرق.
2-ابطل مفعول بطاريات اللسع. فبعض كبسولات اللسع قد تظلّ عالقة بجلد المصاب. امسح منطقة اللسع بالخلّ. وإذا لم تجد خلاً فقد يفيد الملح او السكر او الرمل الناشف ولو أن هذه اقل مفعولاً من الخل.

3-نظف الجرح. انتظر ربع ساعة او ثلث ساعة ثم اغسل المنطقة برفق بماء البحر. لا تستعمل في تنظيف الجرح ماء عذباً ولا تفرك الجرح. لان الماء العذب او الفرك قد يسببان نزول مزيد من السم.
4-إنزع بطاريات اللسع. فد تظل عالقة بالجلد قطع من الزوائد الى جانب كبسولة السم. للتخلّص منها ادهن بمعجون مصنوع من ماء البحر والرمل (او بيكنغ باودر او بودرة التالك او الطحين). اكشط الرواسب بسكين او اداة حادة. وخير للانسان ان يلبس قفازاً او يستعمل فوطة لحمل بقايا قناديل البحر.
5-الدواء. إن استعمال 0,5% من هايدرة كورتيزون (وهو مبذول بدون وصفة طبية) يزيل الاحمرار والورم. واستعمال مرهم موضعي مثل البنزوكائين يخفف الألم. واللوسيون من نوع كالامين يخفف الحكة. وقد تفيد مسكنات خفيفة مثل الاسبرين. ولكن قد يتطلب الامر اللجوء الى وصفة طبية لقتل الالم اذا كانت الحالة شديدة.

إن لبس الانسان ملابس زائدة هو خير طريقة لتجنب لسع قنديل البحر وكل نوع من انواع الملابس تقريباً يستطيع منع الانابيب المليئة بالسم من اختراق جلدك، حتى ولو كانت تلك الملابس مبتلة.
إذا احببت التمتع بالسير على الشاطئ، فلا تمشٍ حافياً بل ضعْ في قدميك حذاء خفيفاً. إنً ذلك قد يقلل من راحتك ولكنه كفيل بحمايتك من نزهة تبقي في الذاكرة اسوأ الذكريات.