ماهر الحسين
المحامي ماهر مروان الحسين، المشرف على شركة الحسين للمحاماة، وهو الخبير التأميني الأردني (والعربي) المعروف بعلمه وخبرته وبالمركز الذي تولاه: إدارة الاتحاد الأردني لشركات التأمين لمدة عشرين عامًا، أبدى ملاحظات قانونية، بحكم اختصاصه على تعديلات قانون السير في الأردن الذي يأخذ طريقه إلى التنفيذ منتصف الأسبوع المقبل، في مقالٍ يُعد من السهل المُمتنع الذي يفهمه الخبير، كما القارئ العادي.
وقد ارتأينا نشره تعميمًا للفائدة وتحضيرًا لهذه الخطوة المهمّة التي ستشهدها المملكة قريبًا.
في ما يلي نصّ تعليق المحامي ماهر الحسين:
-تدخل تعديلات قانون السير الأردني حيّز التنفيذ منتصف الأسبوع المقبل. ومن شأن هذه التعديلات أن تساهم في الحدّ من الحوادث المرورية، وفي تطبيق القانون وزيادة المسؤولية على المواطنين. وفي هذا السياق، كشفت مديرية الأمن العام وإدارة السير الاردنيتَيْن، أهمية هذه التعديلات التي ستمسّ السائقين بشكل مباشر، إلا أنها ستطاول المشاة أيضًا، وهذا ليس بالجديد، ولكن القرار المتخذ يُعتبر أكثر صرامة، إذ حمّل القانون المشاة مسؤولية التزامهم الممرات المخصّصة لهم، فضلاً عن الجسور، لقطع الشوارع، وبالتالي لن يلاحق السائق جزائيًا إذا كان ما أقدم عليه المتضرّر، هو السبب الرئيس لوقوع أي حادث. ولكن متى يكون ذلك؟
مضى ماهر الحسيني قائلاً:
- إن إعفاء السائق من المسؤولية الجزائية في حال حوادث الدهس للمشاة الذين يقطعون الطرقات من غير الأماكن المخصّصة، له جوانب عديدة لاسيما أن كثيرين كانوا يعتقدون بأن المشاة معفيون بشكل تلقائي من تحمّل المسؤولية في حال وقوع الحادث، وهذا ما ورد في نصّ المادة 27، إذ كان قانون السير يحمّل السائقين المتسبّبين بوفاة إنسان أو إحداث عاهة دائمة، تبعة المسؤولية الجزائية دون النظر بحقيقة المتسبّب الرئيس لوقوع الحادث إذا ما كان السائق أم المشاة. إذن ما الذي تغير: التعديل طال المادة 27 من القانون الأصلي، والذي أضيف للمادة 12 من القانون المعدل على النحو التالي:
- “تعدل المادة (27) من القانون الأصلي باعتبار ما ورد فيها الفقرة (أ) منها وإضافة الفقرتين (ب) و( ج) إليها بالنصيين التاليين:
ب-1- للمحكمة الأخذ بإسقاط الحق الشخصي للنزول بالعقوبة المنصوص عليها في الفقرة (أ) من هذه المادة شريطة أن يكون القرار معلّلاً تعليلاً وافيا.

2- لا يجوز للمحكمة الأخذ بالاسقاط إذا كان المتسبّب بالحادث تحت تأثير المشروبات الكحولية أو المخدرات أو المؤثرات العقلية أو كان يقود المركبة دون رخصة أو برخصة لا تخوّله قيادتها، وفقا لأحكام هذا القانون.
ج- على رغم ما ورد في هذا القانون، لا يُلاحق السائق جزائيا إذا كان الحادث قد نجم عن فعل المتضرّر وكان هذا الفعل هو السبب الرئيسي لوقوع الحادث. من هنا وجب التنويه بأن المسؤولية الجزائية هي التي تحدّد ما إذا كان السائق مذنبًا أو غير مذنب، ولكن الأعراف لدينا تدفع السائق للاعتراف بذنبه والالتزام بكافة المتطلّبات للمتضرّر من “المشاة” وللهروب من التوقيف والسجن. أما إذا قام السائق بعدم الاعتراف والتأكيد بأنه “غير مذنب”، وبحسب المسؤولية الجزائية، يتمّ توقيفه لمدة شهر، وبعد ذلك يخرج حسب القانون، ليعمل على إثبات براءته التي إذا استطاع اثباتها، تسقط المسؤولية الجزائية والمدنية عنه إذا كان الحادث قد نجم عن فعل المتضرر – أي المشاة – وكان هذا الفعل هو السبب الرئيسي لوقوع الحادث. فالقاعدة القانونية تؤكّد أن الجزائي يعقل المدني، بمعنى أنه إذا لم يلاحق السائق جزائيًا، فلا مسؤولية آخرى تلاحقه سواء مدنية أو عشائرية (جاهات، عطوات، إلزامية علاجه بالمستشفى). وهنا نعيد التأكيد بأن إسقاط الجرم الجزائي أو عدم الاعتراف بالذنب مع اثبات ذلك، فإنه لا يلزم السائق أي تبعات مالية أو عشائرية، إلا أن المجتمع الأردني عشائري بطبعه، وقد يلتزم السائق في نوع من هذه التبعات بطريقة أو بأخرى. ولايصال المعلومة أكثر لنفترض على سبيل المثال، قيام سائق بالسير في أحد شوارع الأردن الرئيسة كشارع المطار وملتزم بالسرعة المقرّرة وبكافة الأنظمة والتعليمات، إلا أنه تفاجأ بقيام شخص يقطع الشارع دون الالتزام بالسلامة العامة، هنا تصبح المسؤولية على المشاة بغض النظر عما تسبّب له الحادث حتى وإن وصل للوفاة – لا سمح الله- وبالتالي إذا أنكر السائق الذنب واستطاع بعد حبسه لمدة شهر حسب القانون الجزائي، اثبات براءته، لا يلزم بأي تبعات مالية أو عشائرية.
خلاصة ما تقدم، وحتى يتمّ تقديم هذه المادة بالشكل المطلوب، ما يؤدي للحد من حوادث السير والتزام الأشخاص المعنيين بقطع الشارع من الأماكن المحدّدة لها، وكي لا يكونوا مسؤولين عن الأضرار التي لربما تلحق بهم، يجب تعديل التشريعات الجزائية، وعدم توقيف السائق اطلاقًا لحين صدور القرار الجزائي. فإذا رأت المحكمة بأنه مذنب يتمّ حبسه وليس توقيفه وتنفيذ العقوبة.
تكمُن أهمية عدم توقيف السائق، بالسماح له في الدفاع عن نفسه بحرية واثبات عدم الزاميته بالحادث.
المحامي ماهر مروان الحسين
شركة الحسين للمحاماة