الندوة التي أدارها محافظ بيروت الأسبق نقولا سابا (في الوسط) وبدا من اليمين د.أنطوان مسرة، توفيق شومان، د.سعاد أبو الروس ومؤلف الكتاب د.نجيب جهشان
نظَّمت دارُ النهار ندوةً حول كتاب “شمسي لن تغيب – جولة في تراث الروم” مساء يوم الخميس في معرض بيروت الدولي للكتاب العربي الذي إستمرَّ من 23 تشرين الثاني الى 3 كانون الأول 2023. أدارَ هذه الندوة محافظُ بيروت الأسبق المهندس نقولا سابا وتكلّمَ فيها كل من البروفسورَين أنطوان مسرّة وسعاد سليم والأستاذ توفيق شومان، بالإضافة الى مؤلّف الكتاب البروفسور نجيب جهشان. حضرَ هذه الندوة جمعٌ غفيرٌ من أساتذة الجامعات والأدباء والمهتمين بتاريخ الروم وتراثِهم ودورِهم في الحضارة القديمة والحديثة، تقدَّمهم الأرشمندريت يعقوب (خليل) عميد معهد القديس يوحنا الدمشقي للاهوت في جامعة البلمند.
أجمعَ المحاضرون على إعتبارِ كتاب شمسي لن تغيب مرجعاً معجمياً واسعاً يضمُّ على صفحاته معلوماتٍ قيّمة عن معظمِ أوجه الحضارة الرومية، وهنؤوا الدكتور نجيب جهشان على جهدِه الكبير في جمع هذا الكمّ الكبير من المعلومات عن حضارةٍ تفتقرُ كثيراً الى المراجع الجدّية والرصينة في اللغة العربية. ركّزَ الدكتور أنطوان مسرّة في كلمتِه على تراث الأديان في لبنان وشدَّدَ على ضرورةِ وضعِ تأريخٍ آخر في سبيل التواصل والتكامل ودعا لإنتاجِ كرّاساتٍ تربويةٍ ثقافيةٍ للأجيال الجديدة حول الوجوه الريادية في الثقافة والإيمان تُخصَّصُ للآباء المؤسسين من الروم. وأشادَ بموقف الكاتب حول مخاطر القومية والإثنية الدينية التي تناقضُ التعددية التي يتميّزُ بها لبنان والتي تتجلّى في رفض كلِّ تيارات التعصبِ في المنطقة.
وتوسَّعت الدكتورة سعاد أبو الروس سليم أستاذةُ التاريخ في جامعة البلمند في شرح بعض مقوِّمات التراثِ الروميّ الكبير، خاصة الهندسة المعمارية للكنائس، ذاكرةً بداياتها في كنيسة قلب لوزة المشرقية، وإتخاذِها الشكلَ المربع والشكل المستطيل الذي إنتشرَ في العالم الروميّ بأسره. وأشارَت الى الدور الكبير الذي لعبته الأيقونةُ والجدرانياتُ والموسيقى الكنسية في الحضارة الرومية، وإنتهَت الى مخاطر الهجرة والنزوح التي أصابت المجتمعات الرومية المعاصرة حيث إنتقلَ آلاف الشباب الى العالم الجديد طمعاً في الثروة والنجاح، فلم يُصِبْ هذا الأمرَ الاّ العددُ القليلُ منهم.
أما الباحثُ والناقدُ توفيق شومان فكان له تحليلٌ موضوعيٌّ متقدمٌ للكتابِ أشار فيه الى نقاطٍ عديدةٍ يلتقي فيها مع الدكتور جهشان والى مواضيعَ يتمايزُ فيها معه ومنها دورُ القومية في بناء الأوطان التي يشدِّدُ عليها الفيلسوف الروسي دوغين، ودورُ تراثات شعوبٍ شرقيةٍ كالفينيقيين والمصريين والفرس في تطوّر الحضارة الرومانية. وإعترفَ شومان بأنَّ هذا الكتابَ كشفَ له أموراً كان يجهلُها كتأثير الغرب الجرماني في الأزماتِ التي تعرَّضَ لها الروم وتعدّديةِ القوميات والمذاهب في المجتمع الروميّ.
إنتهَت الندوةُ بمداخلةٍ للدكتور نجيب جهشان شكرَ فيها دار النهار ورئيس مجلس إدارتها القاضي زياد شبيب والمحاضرين والمهندس نقولا سابا، وخصًّصها لوصفِ الجديد الذي أتى به كتابُه وهي إنه:
-يصفُ ويُحلِّلُ البيئةِ التي نمَت فيها المسيحية ألأرثوذكسية وتطوَّرَت.
– يكشفُ إستمراريةَ العلاقةِ الوثيقةِ بين قدامى الروم من جهةٍ والذين ورثوا ثقافتَهم بعد إستباحةِ القسطنطينة في سنة 1453 من جهةٍ أخرى يضيءُ بوضوحٍ على العلاقةِ الوطيدةِ بين الكنيسة المسيحيةِ والحضارة الرومية يكشفُ بشكلِ لا لبسَ فيه عن العلاقة الوطيدةِ بين الحضارة الروميّة والنهضةِ اللاحقةِ في العالم الغربي.
– يكشفُ الدورَ المركزيّ الذي للقيم المسيحية في المجتمع الرومي القديم والمعاصر.
– يحاولُ إحصاءَ الأزمات الوجودية والنُظَمية التي طرأت على الحضارة الرومية في الماضي والتي تعصفُ بالعالم الروميّ وبالكنيسة الرومية الأرثوذكسية في عهدنا المعاصر.
إنتهت الندوةُ بكلمةٍ جامعة لمنظمها المهندس نقولا سابا جاءَ فيها إنَّ “هذا الكتابَ معجمٌ جامعٌ وشاملٌ كان حاجةً ضروريةً في اللغة العربية، وهو يجيبُ عن تساؤلاتٍ كثيرة ويصحِّحُ بعضَ التعابير والمعتقدات الخاطئة ويشدّدُ على أممية الحضارة الرومية وعلى العلاقة الوطيدة بين الدولة والكنيسة، بين الروحيّ والزمنيّ وبين الحاكم والشعب. هذه العلاقة تُدعى السيمفونيا التي تعني التناغمَ وهي ما زالت قائمةً في معظمِ دول الروم في عصرنا الحالي”.