مُنيا بشير على شرفة مكتبها في الشركة وبدا وراءها تمثال الشهداء في ساحة البرج
في العشاء السنوي لنقابة وسطاء التأمين الذي أُقيم قبل نهاية 2023 في مركز AVA للمعارض في منطقة الأشرفية، تصدّرت الشاشة العملاقة صورة جامعة لأصحاب ومدراء شركات التأمين الراعية هذا العشاء، وكان العدد يفوق العشرين شخصية كانوا جميعاً من الرجال، باستثناء السيدة الوحيدة مُنيا بشير، رئيسة العمليات التنفيذية في شركة UFA العريقة بتاريخها التأميني والشهيرة بمؤسّسها المرحوم هنري شلهوب الذي كانت له صولات وجولات في قطاعَيْ التأمين اللبناني والعربي على حدّ سواء، والذي ساهم دائماً، مادياً ومعنوياً، في إنجاح المؤتمرات التأمينية العربية ولا سيما منها مؤتمرات الـ Gaif.
وغنيٌ عن القول ان وجود العنصر النسائي مهم في قطاع التأمين للغاية إذا تحلّت مَن تتولى المسؤولية بالمعرفة والعلم وبمواكبة التطورات، علماً أن وجود المرأة كان طاغياً ولا يزال في المؤسسات الحكومية والخاصة، ولها دور رائد في إدارة هذه المرافق وفي إعلاء شأنها والنهوض بها، وصولاً الى المراكز المتقدمة، وهو ما ينطبق على مُنيا بشير التي تتمتّع بخبرة طويلة في قطاع التأمين تصل الى حوالى العشرين عاماً مارست خلالها العمل التأـميني منذ تخرّجها من معهد ISSA لعلوم الضمان في جامعة القديس يوسف لتساهم، كما غيرها، في النهوض بهذا القطاع الذي حقّق نمواً وصموداً رغم الظروف الصعبة التي مرت بلبنان، وأبرز دليل على هذَيْن النمو والصمود ما قاله وزير الإقتصاد والتجارة أمين سلام في لقاء مع أركان جمعية شركات الضمان في لبنان ACAL في أحد الإجتماعات: “ان قطاع التأمين عندنا بات اليوم أهمّ من قطاع المصارف، وهذه حقيقة ملموسة، لأن وضع البنوك وصل الى حافة الهاوية بعدما كان في قمة المجد”.
نعود الى موضوعنا الأساسي لنقول أن مُنيا بشير ومنذ قرابة السنتَيْن، تحكم قبضتها على UFA. وعندما نستخدم عبارة “تحكم قبضتها”، فلا نعني أنها تستغل السلطة! ما نعنيه هو أن مُنيا استطاعت بحكمة وليونة وتشدّد في آن معاً، إستجماع قوى هذه الشركة والنهوض بها وتسجيل نموّ، بعد توليها هذه المسؤولية، وصل الى 40 بالمئة في العام الماضي، وهذا رقم كبير جداً إذا ما قيس بالأحداث التي شهدها لبنان منذ العام 2019 حتى اليوم، وبعض هذه الأحداث عرفتها أيضاً دول العالم وأقصد في ذلك: جائحة كورونا والأزمات الإقتصادية التي خلّفتها، علماً أن لبنان شهد ما هو أضخم منها، أذكر: انفجار مرفأ بيروت والتداعيات التي خلّفها، الأزمة المصرفية وما أدّت اليه من مشاكل اجتماعية ومالية لا عدّ لها ولا حصر، فضلاً عن الأزمات السياسية المتلاحقة وأبرزها
عدم تمكّن البرلمان اللبناني من انتخاب رئيس للجمهورية ، وصولاً الى الوضع الحالي في الجنوب اللبناني وما تسبّب به من دمار وتهجير وعَوَزْ وإساءة الى الحالة الإقتصادية، السيئة أصلاً.
قد يتساءل البعض كيف يُمكن هذه السيدة أن تنجح وهي لا تزال في عمر الورود؟ الجواب بسيط، فمُنيا بدأت مسيرتها المهنية في “عناية لبنان”، شركة الإدارة الإستشفائية لصناديق التعاضد TPA، علماً انها ضمن مجموعة UFA PARIS في فرنسا، مما يُشكلّ إضافة مهمّة لهذه الشركة التي تستعدّ حالياً، وبمسعى من مُنيا بشير الى وثبة تأمينية وإعلامية ليكون 2024 عاماً مفصلياً في تاريخ هذه الشركة.
وفي لقاء معها أجرته “تأمين ومصارف”، مجلة وموقعاً، سألناها عما حقّقت وما هي تنوي أن تُحقّق في المديَيْن القريب والبعيد، فقالت: “أعرف عائلة شلهوب منذ زمن بعيد وثمة قرابة بيننا. وبعد حوالي العشرين سنة التي أمضيتها في مجال تأمين الاستشفاء، طُلب مني أن أتسلّم إدارة العمليات التنفيذية في الشركة بعد انفجار مرفأ بيروت. ومن نيسان (أبريل) 2022 بدأت مسيرتي الثانية رغم المطبّات، ولكن مع المحافظة على توصية من جان كلود شلهوب بتحسين الخدمة، تحقيق نمو وتسجيل أرباح. وعلى هذا الأساس، وضعتُ خطة عمل مع فريق من الشركة لأنني من المؤمنين بالعمل الجماعي، وبدأت مسيرة تقويم اعادة التنظيم والتطوير حيث يجب، وصولاً الى ما وصلت اليه UFA بعد هاتَيْن السنَتَيْن وبعد تسجيلها أرباحاً أشرتُ اليها سابقاً، وبظروف قاسية جداً خصوصاً مع الضياع الذي أوجده التعامل بـ “اللولار” وانعكاسات هذا التعامل على قسم المحاسبة بشكل عام واستيفاء ثمن البوالص على وجه الخصوص. آمل مع استقرار الوضع الحالي بالنسبة لإستقرار الدولار إزاء العملة اللبنانية، أن يشهد 2024 بالنسبة لـ UFA نمواً أكبر. فقد أطلقتُ برنامجاً إستشفائياً موازياً للبرنامج التقليدي يسمح لغير الميسورين من اعتماده كي تبقى المظلّة الإستشفائية تغطي كافة الشرائح اللبنانية من شبح الوقوف على أبواب المستشفيات وعدم التمكّن من دخولها. ان هذا البرنامج الجديد يُناسب فئات عديدة من الناس، وبدأتُ ألمس نجاحه نتيجة رغبة الكثيرين بإعتماده. وأنا في ذلك أعتمد على قنوات التوزيع الخاصة بالشركة وفي المقدمة: الوسطاء، المندوبون وانتشار فروع الشركة في مناطق لبنانية عديدة بينها طرابلس، صيدا، المنصورية، جونية، بعقلين والشويفات وتطويرها لخدمة الزبائن وتلبية حاجاتهم.
س: من هي شركة إدارة الملفات الإستشفائية التي تتعاونون معها؟
ج: نحن في UFA نتعاون مع Globe Med و NEXTCARE في آن معاً بالنظر الى أعداد المنتسبين الى هذا البرنامج لا سيما اننا تمكّنا في الفترة الأخيرة من الفوز بمناقصات عدة لإدارة ملفات استشفائية. وهذا الفوز شكلّ لنا اندفاعة قوية للإستمرار في هذا النهج، علماً أن الفوز بالمناقصات العمومية يتطلب مجهوداً كبيراً وتعاون فريق عمل مشترك 24|24، معتمدين على صدقية الشركة وتاريخها، وهو ما يُقويّ موقعها ومركزها وقدرتها على الإلتزام بالمطالبات.
س: وماذا عن البرامج التأمينية الأخرى، وقد كانت UFA رائدة في التأمين البحري؟
ج: على صعيد التأمين البحري فالاوضاع الامنية قلّصت قليلا” من نشاط هذا القطاع لما فيه من خطورة. اما حاليا” فنحن نتابع الإهتمام بكل البرامج التأمينية لا سيما تأمين الحياة الذي يشكّل منتجاً اساسياً، ونحن الآن في اطار التوسّع بإحياء هذا الفرع من ناحية تقديم برامج متنوّعة وعديدة، وبذلك ستكون UFA شركة تأمين متكاملة البرامج ومنافسة فيها جميعاً بفضل همّة فريق العمل، ودائماً تحت إشراف جان كلود شلهوب الذي يبقى هو العين الساهرة على الجميع.
س: كانت الشركة سابقاً الأكثر مشاركة في المجالَيْن الإعلامي والإعلاني، ولكنها حالياً تبدو وكأنها فقدت هاتَيْن الميزَتيْن؟
ج: بعض ما تقوله صحيح، اذ اننا حالياً بصدد سد هذه الثغرة بإنشاء قسم للعلاقات العامة والدعاية سيكون مسانداً وداعماً لمسيرة UFA المتجدّدة وقد يكون هذا الحديث الذي تُجريه معي، باكورة النشاط الإعلامي الذي نأمل منه الكثير من الخير والبركة.
وهنا أحبّ أن أُشير الى أننا لم نغب كلياً عن الإطلالات الإعلامية والإعلانية، بدليل رعايتنا الدائمة لـ “نادي بيروت” الذي يُديره السيد نديم حكيم والذي بدأ فريق كرة السلة فيه يُسجّل الإنتصار بعد الآخر في المباريات المحلية والعربية على حد سواء، مع الإشارة هنا الى أن المرحوم هنري شلهوب كان الداعم القوي للنشاطات الرياضية وكان الراعي الأول لنادي “الحكمة”، كما يعرف الجميع.
س: من يدير العمليات التنفيذية بحاجة الى بطاقة خضراء تسمح له باتخاذ قرارات تنفيذية مدروسة، ولكن سريعة من دون تدخلات ربّ العمل. فهل انت تملكين مثل هذه البطاقة؟
ج: أملك بطاقة أقوى: بطاقة الـ Carte Blanche المبنية على دعائم الثقة لاتخاذ القرار المناسب لما فيه مصلحة الشركة والمصلحة العامة للجميع.