العدوان الإسرائيلي على الجنوب ساهم في تراجع الإقتصاد
في تقربر لمؤشر جمعية تجار بيروت-فرنسبنك لتجارة التجزئة. إن نتائج حركة الأسواق في لبنان خلال الفصل الأول من هذه السنة، ان دلّت على شيء فعلى المزيد من الإنكماش في الأوضاع الإقتصادية المتردّية، مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية، وكذلك مقارنة مع الفصل السابق، نتيجة إستمرار التداعيات السلبية للوضع الإقليمي، إضافة الى القدرة الشرائية المحدودة عموماً والإرتفاع المستمر في الأسعار، وإنعدام الثقة في تحسـّـن إقتصادي قد يطرأ في المستقبل المنظور، مع تعذّر حكومة تصريف الأعمال من إعادة تحريك دورة السيولة في الأسواق وعدم قدرتها على الإنفاق في القطاع العام، لا سيما بعد وقف البنك المركزي من تمويلها، إضافة الى ثقل المتوجـّـبات الضريبية المستحدثة التي وردت في موازنة ضريبية بإمتياز، وما قد يؤدي إليه اقرار مشروع قانون الإيجارات غير السكنية الذى يعتبره التجار غير عادل لفئة وغير منصف للفئة الأخرى.
وبالطبع، نتج عن ذلك كله تباطؤ عام في الدورة الإقتصادية والحركة الإستهلاكية المحلية، رغم الزيادات في المدفوعات المرتبطة بمعاشات موظفي القطاع العام ولاحقاً زيادة الحدّ الأدنى للأجور في القطاع الخاص عند أواخر هذا الفصل، إنما أتى ذلك في ظلّ دولرة متزايدة للإقتصاد وشبه إستقرار للعملة الوطنية مقابل الدولار الأميركي خلال هذه الفترة، نتيجة للسياسة المتـّـبعة من قـِـبل مصرف لبنان والتى تتمّ ترجمتها بإمتصاص مستمرّ لكل فائض في الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية، التي سجـّـلت تراجعاً ملحوظاً.
على أن العامل الإيجابي الذي يُمكن ملاحظته فهو أن البنك المركزي إستطاع من خلال سياساته أن يزيد من حجم إحتياطاته بالعملة الأجنبية، وهذا مؤشر إيجابي ومشجـّـع، إنما غير كافٍ على الإطلاق للرجوع الى مسار التعافي وحلّ الأزمة.
ومع أن أرقام الأعمال المجمـّـعة في قطاعات التجارة بالتجزئة ظلـّـت تشير الى تراجع مستمرّ، إتـّـسمت أرقام أعمال بعض القطاعات بشيء من الإستقرار إن لم يكن من التحسـّـن الخجول، إذ أنه يبدو أن المستهلك اللبناني قد تأقلم نسبياً مع الواقع الجديد لبعض المستلزمات، إنما ظلّ التفاقم في الوضع الإقتصادي سائداً بشكل عام.
وبالنسبة للتضخـّـم خلال هذه الفترة (ما بين الفصل الأول لسنة 2023 والفصل الأول لسنة 2024)، فقد شهد تباطؤاً بالمقارنة مع ما كان عليه في الفصول السابقة، مع ذلك ظلـّـت هذه السنة مرتفعة بكل المقاييس اذ بلغت + 70.36 % (مقارنة بـ 192.26 % في الفصل السابق)، في حين تراجعت نسبة التضخـّـم الفصلية (أي ما بين الفصل الرابع لسنة 2023 والفصل الأول لسنة 2024) لتبلغ + 5.74 % (بالمقارنة مع + 20.25 % للفصل السابق)، ويكمن التفسير جزئياً في الإستقرار الذى شهدته العملة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي، من جهة، والى إرتفاع نسبة دولرة الأسعار ودولرة أتعاب الحرفيين أيضاً.
وفي التفاصيل، فقد بلغت معدّلات نسب التضخـّـم السنوي في كل قطاع على حدة، ما بين الفصل الأول لسنة 2023 والفصل الأول لسنة 2024، المستويات التالية، وفق إدارة الإحصاء المركزي. في قطاع المشروبات الروحية والتبغ بلغت نسبة التضخم 8،05%، في قطاع المشروبات الروحية والتبغ: 5،80%، في قطاع الإستجمام والتسلية والثقافة: 6،18%، في قطاع النقل: 4،69%، في قطاع المطاعم والفنادق:2،56%، في قطاع الأثاث والتجهيزات المنزلية: 2،00%، في قطاع الألبسة والأحذية: 1،44%، في قطاع الصحة: 1،03%، في قطاع التعليم: 0،59%، في قطاع الإتصالات: -0،20%.
إذاً، “مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة” للفصل الأول من سنة 2024 جاء مرة أخرى ليؤكـّـد أهمية الأحداث الخارجية على حركة الأسواق الداخلية، ناهيك عن كافة العوامل الأخرى الإقتصادية والمالية والنقدية والإجتماعية التى لا يزال المجتمع اللبناني غارق فيها.
والى أن يتمّ التوصـّـل الى أجراءات أمنية مستتبـّـة والبدء بتطبيق الإصلاحات الملحـّـة ووضع برنامج تعافٍ مناسب للخروج من الأزمة الراهنة في لبنان، كما التوصـّـل الى مفاوضات بنـّـاءة ومجدية مع صندوق النقد الدولي، “سوف تواصل جمعية تجار بيروت جهودها وسهرها للحفاظ على ديمومة الأسواق والتجار الشرفاء دون كلل ولا ملل”، ودئماً وفق المؤشر…