الرئيس الراحل
انجازات الرئيس سليم الحص الذي غادرنا قبل ساعات لا يُمكن اختصارها في خبر صحفي من بضعة أسطر، هو الذي دوّن الكثير مما عاش والقليل مما أنجز في كتاب له تضمّن مذكراته بين 1998 و 2000 تحت عنوان عريض “للحقيقة والتاريخ”.
ما فاجأ البعض هو نعي رئيس مجلس الإدارة-المدير العام لمصرف الإسكان أنطوان حبيب لرئيس الحكومة وتوزيع هذا النعي عبر الوكالة الوطنية للأنباء، ليس لأن الراحل لا يستحق من حبيب هذا النعي، وانما لأنه يُشكّل سابقة. وكان يكفي أن نقرأ كلمة حبيب بعد تلقيه نبأ الوفاة لنكتشف السبب الذي لا يعرفه كثيرون، واذا كان البعض قد عرفه فقد غيّبه النسيان عن ذهنه!
سبب هذا النعي الذي جاء في مكانه الصحيح والذي أكّد، مرة من جديد، المتابعة الدقيقة والحثيثة للأصول والتقاليد والأعراف لأنطوان حبيب، هو ما ورد في النصّ: ان سليم الحص أسس مصرف الإسكان عام 1977 عندما كان رئيساً للحكومة في عهد الرئيس الراحل الياس سركيس، فكانت مؤسسة “مناقبية حملت رسالة الإنسان والمجتمع، أساساً لإستمرار الوطن”. ولا شك أن هذا الإنجاز، كما انجازات أخرى للحص، قد أرسى قاعدة اجتماعية وإنسانية في لبنان، قطف اللبنانييون منذ ذلك التاريخ حتى اليوم، الكثير مما أعطت من ثمار تضاعفت لحسن الحظ، مع تسلّم أنطوان حبيب رئاسة هذا المصرف وبذله جهوداً لا حدود لها لتوفير القروض اللازمة لمن يرغب بشراء مسكن أو ترميم منزل أو حتى الإستحصال على ألواح شمسية تساعد في حل الأزمة الكهربائية وغلاء فواتير الطاقة.
لكن حبيب لم يقتصر في نعيه بالإشارة الى هذا الإنجاز المهم وهو تأسيس مصرف الإسكان بل تابع يقول: “بوفاة دولة الرئيس سليم الحص يخسر لبنان واللبنانيين راية وطنية لطالما حلٌقت عالياً في الساحتين المحلية والدولية، وحمت البلاد في أدق الظروف وأخطرها على الإطلاق، بحكمته وشجاعته وحسٌه الوطني اللامحدود، حتى بات لقب “ضمير لبنان” سمة مطبوعة على جبينه وصفة تلازمه مدى التاريخ”. أضاف: “نودٌع دولة الرئيس سليم الحص في وقت يحتاج لبنان واللبنانيين إلى أمثاله لمواجهة هذه المرحلة الخطيرة التي تمرٌ بها البلاد وتجنيبها الكأس المرٌة التي تنتظرها إذا ما انزلقت الأوضاع الأمنية نحو الحرب الموسٌعة”.
ختم حبيب قائلاً: “رَحِم الله رجلاً فاق على دولة لبنان السلام والازدهار، واستراح في أبديٌته على وطن تمزٌقه الحرب وتستنزفه المآسي!”