الجوال خطيرٌ أيضاً ولكن …
الاختراق الأمني غير المسبوق لأجهزة Pagers واللاسلكي التابعة لعناصر من «حزب الله» في مختلف أنحاء لبنان وسقوط آلاف الجرحى، فضلاً عن القتلى في محطة واحدة يومي الثلاثاء والأربعاء، آثار العديد من المخاوف والتساؤلات حول إمكانية انسحاب هذه التفجيرات على أجهزة الهواتف المحمولة المصنوعة من مواد كيميائية سريعة الاشتعال، كما يقول الإختصاصيون، مضيفين أن بداخل هذه البطاريات برمجيات خاصة للحفاظ على سلامتها وضمان خصائصها الفيزيائية والكيميائية، والله أعلم!
مع ذلك، ثمة من يؤكد أن التلاعب بوحدة التحكم ممكن عبر استبدالها بغرض استهداف جهاز معين أو عدد من الأجهزة كما جرى في لبنان، علماً أن “بطاريات يمكن أن يتمّ صناعتها بطريقة خبيثة، بحيث يدخل صناعتها مواد متفجرة قابلة للاشتعال، إما برفع درجة الحرارة إلى درجة معينة أو عن طريق وحدة متصلة بها تقوم بتفعيل منظومة التفجير”، كما قال المهندس أحمد سلام، مؤسس ورئيس شركة تقنيات الحماية العميقة: DeepSafe، في تصريح خصّ به صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية، والذي أضاف: “يُمكن أن يتم كل هذا عن طريق وضع وحدة تحكم شديدة الصغر تلحق بالبطارية من الداخل مع وجود وحدة اتصال خارجي يمكن أن تتلقى إشارات عن بُعد، سواء كانت عن طريق موجات راديو أو أي موجات كهربائية لا سلكية”.
الى ذلك، أوضح الأستاذ المساعد في قسم الكيمياء بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس والرئيس التنفيذي للعلوم والتكنولوجيا بشركة «نانوتك إينيرجي» الأميركية المتخصصة في تطوير وإنتاج البطاريات، ماهر القاضي أن «الانفجارات التي جرت في لبنان لم تأتِ بالصدفة وإنما عن عمد»، مرجحاً «زرع دائرة تحكّم جرى تفعيلها عن بُعد، وهو ما يفسر تزامن التفجيرات”.
ويطمئن القاضي الناس بالقول: “انه من دون مسبب خارجي متعمد، فإن احتمالية انفجار البطارية نتيجة عيوب التصنيع لا تتعدى بطارية واحدة لكل 10 ملايين بطارية”، مضيفاً أن “هناك اختبارات قاسية تجرى لضمان تحمل البطاريات للحرارة المرتفعة، والتي قد تصل إلى ما يزيد عن 150 درجة مئوية. ولكن ذلك لم يمنعه من وصف بطارية “الليثيوم أيون” التي توجد في أجهزة «البيجرز» وكذلك في الأجهزة الجوالة الحديثة بأنها «قد تكون بمنزلة قنبلة موقوتة، وأن الأضرار الناجمة عن انفجارها تتوقف على حجمها وموقع المستخدم منها أو مدى قربها من أي من أعضاء الجسم البشري الحيوية»، مضيفاً أن الأمر بالطبع سيزداد سوءاً حال حدوثه في السيارات الكهربائية؛ لأن حجم بطاريتها قد يصل من 5 آلاف إلى 7 آلاف حجم بطارية الجوال، لكنه شدد على أن ذلك نادراً ما يحدث ويستلزم في العادة إساءة استخدام البطارية أو تعمد الضرر بها، كما في الحالة اللبنانية”.
جدير بالذكر هنا، وقبل حادثة التفجير المزدوجة التي شهدها لبنان، نصح الخبراء طويلاً بعدم التحدّث عبر الجوال وهو متصّل بالكهرباء، من دون الإفصاح عن السبب، ومع الحادثَيْن الأخيرَيْن، وُضّحت الصورة، ونكرّر هذه النصيحة بدورنا.
في الإطار نفسه، فقد بيّن تقرير لمنظمة أميركية (ULSE) أن السجائر الإلكترونية كانت مسؤولة عن 35 في المئة من جميع الحوادث الخاصة بارتفاع حرارة الأجهزة ضمن الرحلات الأميركية المبلَّغ عنها من خلال نظامها عام 2023، وأن هذه الحوادث ارتفعت بنسبة 28 في المئة بين عامي 2019 و2023، ما يعني أن التدخين الإلكتروني الرائج حالياً بين الناس، بات يُشكل خطراً على حياتهم. وبحسب الإحصاءات، فإن أعداد التدخين اٌلكتروني ازداد في السنوات الأخيرة. ففي تشرين الأول عام 2013، أفاد 1.3 في المئة فقط من سكان المملكة المتحدة باستخدامها بانتظام، وبحلول عام 2023، ارتفع الرقم إلى 10 في المئة، وفقاً لتقرير للمجلة الطبية البريطانية، ويجلب الاستخدام المتزايد مشكلة جديدة لركاب الطائرات والموظفين، إذ يمكن للأجهزة التي تعمل ببطاريات ليثيوم أيون – بما في ذلك السجائر الإلكترونية وأجهزة الكومبيوتر المحمولة والهواتف – أن تسخن. في أسوأ السيناريوهات، يمكن أن يتسبّب ذلك في نشوب حرائق أو انفجارات. وقبل أيام انفجرت حقيبة تضم سجائر إلكترونية، ما تسبب في إخلاء رحلة «إيزي جيت» من جزيرة كريت إلى لندن.
ولكن لماذا ترتفع حرارة بطاريات الليثيوم أيون؟
يُعيد الخبراء السبب الى إطلاقها مع إرتفاع درجة حرارتها، غازات قابلة للاشتعال أو تشتعل فيها النيران أو تنفجر. ولأن هذه البطاريات تحترق عند درجات حرارة عالية (تصل إلى 900 درجة مئوية)، فقد يكون من الصعب احتواء المشكلات الناتجة.
يُشار الى أن السجائر الإلكترونية تأتي في المرتبة الثانية بعد شواحن الطاقة في ما يرتبط بحوادث بطاريات الليثيوم على متن الطائرات، على الرغم من أن الناس لا يستطيعون استخدامها هناك. ويرجّح الخبراء أن انفجار البطارية يعود الى نوعيتها الرديئة والمتمثّل بسعر رخيص.. ويكمُن الخطر الكبير في وضع الأجهزة في الأمتعة المحمولة باليد، لذا يوصى هؤلاء بأن تحفظ الأجهزة في حقائب صلبة مناسبة تتوافر في المتاجر المتخصصة، وأن يزيلوا البطاريات من الأجهزة قبل السفر حيثما أمكن، حتى لا يتمكن الجهاز من التنشيط أثناء الرحلة.
ومن النصائح أيضاً: إذا بدا الجهاز ساخناً بشكل غير طبيعي عند الاستخدام، فتخلص منه بأمان! أما إذا ارتفعت حرارة جهاز إلكتروني على متن الطائرة فيجب تنبيه أعضاء الطاقم على الفور، الذي يجب أن يكونوا مدربين على تقنيات مكافحة الحرائق المتعلقة بهذه الأجهزة، ومنها استخدام أكياس إخماد الحرائق مثل «AvSax» لاحتواء هذه الأجهزة ومساعدة البطاريات على التبريد.
يبقى سؤال بحاجة الى توضيح: هل هذا النوع من الخروقات الأمنية يمكن تغطيتها من شركات التأمين.
الرئيس التنفيذي لشركة ليا أسوريكس لبيب نصر ردّ على السؤال بالقول: “أن التغطية تقتصر فقط على الخروقات السيبرانية، باستثناء الخروقات الأمنية والحربية، على غرار ما حدث خلال الثلاثاء والأربعاء الماضيَيْن”.