صورة تجمع المحافظ وسميرات وأبو زيد ود. الكلوب
بنجاح كان متوقعاً، اختُتمت أعمال قمة العقبة في نسختها العاشرة التي أُقيمت على مدى أربعة أيام و تخلّلتها محاضرات و لقاءات و تعارف وتبادل مهارات، إضافة الى جانب آخر وهو سياحي، تمثّل بزيارات مناطق معيّنة تؤكّد أن الأردن بلد سياحي من الدرجة الأولى.
صحيح ان هذا المؤتمر هو تأميني و ينشد الى تحسين و تطوير القطاع التأميني،عربيا و عالميا، الا انه كان جامعاً لقطاعات اخرى لها علاقة بالترفيه والسياحة والثقافة.مع ذلك، يبقى مؤتمراً هدفه الأول والأخير كيفية تعزيز الواقع التأميني على مستوى الدول العربية والعالمية من خلال المواضيع التي تُثار في مثل هذه المناسبات، وكان أهمّها في مؤتمر العقبة العاشر،موضوع “مدّ الجسور بين مستقبل التأمين والتكنولوجيا”، الذي اُقيم بالتعاون، كما دائماً، مع الإتحاد العام العربي للتأمين، علماً أن البنك المركزي الأردني هو الذي رعاه كونه القيّم على هذا القطاع منذ العام 2021 ،وفقاً لخطط مدروسة وخارطة طريق واضحة اوصلت القطاع في المملكة، الى افضل الممارسات، و بحيث أدّت خدمات شركاته الى تعزيز الملاءة المالية ضمن بيئة تنظيمية ورقابية متقدمة، وقد ساهم هذا التعاون، بعناية ورعاية المحافظ الدكتور عادل الشركس، الى قيادة مسيرة إصلاحية في القطاع بدأت تُؤتى ثمارها، كما قال المهندس ماجد سميرات، رئيس مجلس إدارة الإتحاد ورئيس اللجنة التنظيمية للمؤتمر. وأولى هذه الثمار، معالجة ملف التأمين الإلزامي للمركبات وإصدار حزمة تشريعات طُبّقت مع مطلع العام الحالي. ومن المعروف أن هذا التعاون حقّق العدالة لكافة الأطراف و سرّع صدور قانون جديد للتأمين يمرّ حالياً بمراحله الدستورية، فضلاً عن تأسيس صندوق خاص لتعويض حمَلَة الوثائق لمساعدتهم في حال إفلاس أو تصفية شركة من الشركات. ويجري العمل حالياً، ودائماً حسب المهندس سميرات، الى رفع الملاءة المالية للشركات وزيادة رأس مالها لتمكينها من مواجهة الأخطار، وكذلك لزيادة قدراتها لدفع المطالبات بسرعة.
لا شك أن شواهد عديدة تؤكّد نجاح هذا المؤتمر الذي سهر عليه الإتحاد الأردني لشركات التأمين واللجنة المنظمة له، أياما وأسابيع وأشهرا، منها أن عدد المشاركين من 33دولة عربية و اقليمية و عالمية وصل الى 1300 شخص، وهو رقم لم تدركه النسخ السابقة. ومنها أيضاً التنظيم الناجح والدقيق الذي خصّص له أعضاء اللجنة كل أوقاتهم خلال الفترة السابقة لتكريس هذا النجاح المتنامي، مؤتمراً بعد آخر. ومنها أيضاً عدد الرعاة وقد وصل الى 42 شركة وجهة.
يُذكر أن هذا المؤتمر عُقد بعد مرور عامَين على النسخة التاسعة عام 2023 في خطوة تنسيقية مع الإتحاد العام العربي للتأمين الذي سيعقد مؤتمره الخامس والثلاثين في الأردن العام المقبل 2026، ما يعني أن الإتحاد الأردني سيستمر في هذا الجهد المتواصل، وهو أهلٌ له، في التحضير للـ GAif 35 الذي يلقى اهتماماً واسعاً على مستوى العالم. ولو لم تكن الأردن، وتحديداً الإتحاد الأردني لشركات التأمين، أهلاً لإنجاح هذا المؤتمر الذي يُعقد مرة كل سنتَيْن، لما كانت الشعلة قد اُعطيت له ليزيد من توهجّها. وخلال المؤتمر وعد المهندس سميرات بأن جهداً كبيراً ومميزاً سيُخصّص للـ Gaif 35 تأكيداً على دور الأردن عربياً وعالمياً في النهوض بقطاع يُعتبر الركيزة الأساسية لأي إقتصاد في أي دولة، فكيف إذا كانت هذه الدولة مثل الأردن غنية بآثارها وأماكنها السياحية والتاريخية، وعلى رأسها آثار بترا ومنتجع العقبة العالمي.
نُشير هنا الى ان فريق عمل الإتحاد الأردني لشركات التأمين بذل جهداً غير مسبوق بل يجوز وصفه بـ “الإستثنائي” لحشد هذا الحضور الكبير الذي وصل الى العقبة وأمضى فيها أربعة أيام جُمعت التأمين و الثقافة و السياحة والترفيه وجولات في مياه العقبة عبر باخرة وضعتها شركة” أبكس” الأردنية لنقل من يشاء في نزهة بحرية ممتعة.
من مميزات هذا المؤتمر أيضاً أن الجائزة المخصصة للبحوث التأمينية وهي الرابعة من نوعها، استقطبت 68 بحثاً، وهو رقم قياسي مقارنة بالدورات السابقة، وقد شارك فيها أكفّاء من 9 دول عربية اختير منهم خمسة واُعلن ترتيبهم خلال افتتاح المؤتمر.
وفي الكلمة التي ألقاها محافظ البنك المركزي الأردني الدكتور عادل الشركس والتي عبّر فيها عن تقديره وامتتنانه للإتحاد الأردني ممثلاً برئيس مجلس الإدارة المهندس سميرات والرئيس التنفيذي د. مؤيد الكلوب وللأمين العام للإتحاد العام العربي شكيب أبو زيد، فضلاً عن ترحيبه بالمشاركين ورعاة المؤتمر، أكّد: “أن الإستمرارية التي يشهدها هذا المؤتمر تُشكل دلالة واضحة على حرص القيّمين على قطاع التأمين لمواصلة هذا التطوير والإنفتاح على متغيّرات العصر، ذلك أن قطاع التأمين لم يعُد مجرّد وسيلة لتعويض الخسائر بل تحوّل الى ركيزة أساسية في الإقتصادات الحديثة ليُشكل منظومة متكاملة تُساهم في دعم النمو الإقتصادي وتهيئة بيئة مستقرة وآمنة تُعزّز الإستثمار والإنتاج”. وهنا أعطى بعض الأرقام التي تُشير الى النمو السريع لقطاع التأمين في العالم. من ذلك أن قيمة سوق التأمين العالمي بلغت نحو 8 تريليونات دولار في 2024 ،وعلى صعيد الدول العربية، فإن بيانات صندوق النقد العربي تُشير على ان إجمالي أقساط التأمين بلغ حوالى 50،8 مليون دولار نهاية 2023 ،ومن ضمنها التأمين التقليدي والإسلامي، علماً أن نمو هذا القطاع في 2023 مقارنة بالعام الذي سبقه، تجاوز 9 بالمئة. مع ذلك يقول الدكتور الشركس أن أقساط التأمين لا تزال دون المستوى المطلوب اذ لا تُمثل سوى 1،6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية مقارنة بنسبة 6،8 على المستوى العالمي. وهذا التباين، يُتابع د. الشركس، يُبرز الحاجة الى توسيع قاعدة هذا القطاع وتعزيز دوره الإقتصادي عن طريق تبنّي أدوات رقمية متقدمة مثل الذكاء الإصطناعي وتحليلات البيانات الضخمة وتقنيات البلوك شاين وسواها. وعن قطاع التأمين الأردني قال بأنه من القطاعات الواعدة جراّء اعتماد شركاته الرقمنة والتقنيات المتقدمة وتوسيع الخدمات وغير ذلك، ما أدى الى ارتفاع قيمة الأقساط التأمينية في العام 2024 بنسبة 5،8 في المئة لتصل الى 1،1 مليار دولار، أي ما يُعادل 2،1 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي متجاوزة بذلك متوسط الدول العربية البالغ 1،6 بالمئة.
لم يقتصر كلام محافظ البنك المركزي الأردني على ما سبقت الإشارة اليه بل تناول مواضيع عدة مرتبطة بالدور الذي لعبه منذ تسلّم مهام الرقابة والإشراف على شركات التأمين، بل تطرّق الى قانون التأمين الجديد الذي سيكون مرجعا شاملاً يُنظّم مبادئ وأحكام البوالص. كذلك عرّج ،في كلمته، على نظام التأمين الإلزامي للمركبات في الأردن وعلى المخاطر المتزايدة للكوارث الطبيعية والتغيّر المناخي، مؤكداً أن المملكة تمضي قدماً نحو تعزيز التحول الرقمي وجعل الأردن مركزاً إقليمياً رائداً ووجهة استثمارية مُثلى في مجال التكنولوجيا المالية، انسجاماً مع أهداف رؤية التحديث الإقتصادي 2023-2033.
يبقى أن نُشير الى الكلمة التي القاها الأمين العام للإتحاد العام العربي للتأمين السيد شكيب أبو زيد والذي أورد فيها أن ركوب قاطرة التحوّل الرقمي عملية لم تعُد طرفاً بل هو ضرورة عملية وتجارية بخاصة أننا أمام منعطف الذكاء الإصطناعي الذي يضعنا أمام تحديات جديدة.
كلمة أخيرة لا بدّ من ذكرها وهي أن المشاركين في هذا المؤتمر أجمعوا على نجاح العقبة العاشر بكل المقاييس والمعايير لا بل تيقنوا سلفاً أن مؤتمر الـ Gaif في نسخته الـ 35 العام المقبل محكوم بالنجاح سلفاً لأن ما زرعه الإتحاد الأردني لشركات التأمين بان حُصاده وقد جاء هذا الحصاد وفيراً وغنياً ومميزاً وصحياً…
