الوزير عيسى الخوري و بدا بجانبه جاك صرّاف
“تطوير قطاع القنب الطبي والصناعي في لبنان موضوع مهمٌّ ودقيق ويحمل إمكاناتٍ اقتصاديّة واعدة” قال وزير الصناعة جو عيسى الخوري في مؤتمر ” زراعة القنّب بين الواقع والمرتجى” الذي عُقد في السراي الحكومي، انه “في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمرّ بلبنان، تركّز معظم النقاش حول السياسات النقدية والمالية وكيفية إعادة هيكلة المصارف. لكننا اليوم، كحكومة وكوزارة صناعة، بحاجة إلى سياسات اقتصادية غير تقليدية، تقوم على مكامن القوة الحقيقية للبنان والتي لم يتم استثمارها حتى اليوم”. تابع: “نرى أن القنّب الطبي والصناعي يُمثّل فرصة استثنائية للبنان، إذا ما أحسنّا تنظيمه، واستثماره ضمن إطار قانوني حديث من اجل تصنيعه وتصديره، لذا أقول:أن من بين الفرص الواعدة العديدة لتحقيق التنمية الريفيةّ المستدامة، “اقتحام” زراعة القنّب من بابها الشرعي والقانوني والمدروس، من أجل تصنيعه في لبنان وتصديره إلى الخارج”. مضى قائلا: ” في العام 2018، أشارت شركة ماكينزي في تقريرها “رؤية لبنان الاقتصادية”، إلى أن الصناعات المستخرجة من القنب قد تدرّ على لبنان ما يصل إلى 4 مليارات دولار سنويًا. هذا الرقم ليس وهمًا، بل يستند إلى معطيات واقعية: مناخ ملائم، تربة خصبة، خبرة تراكمية لدى المزارعين، وكلفة إنتاج تنافسية لا تتعدى 20 سنتًا للغرام الواحد، مقارنةً بـ 40 إلى 60 سنتًا في الأسواق العالمية”.

الى ذلك، قال: “أُدرك تمامًا أن هذا القطاع يحمل في طيّاته تحديات قانونية واجتماعية، ولكن لا يمكننا بعد اليوم أن نغض الطرف عن الوقائع لجملة أسباب، أولها أن لبنان يمتلك ميزة فعلية في هذا القطاع، كما لديه القدرة على تطوير منتجات طبية وصناعية مستخرجة من القنب بجودة عالية وأسعار تنافسية، وثانياً لأن السوق العالمية في توسّع متسارع. هناك أكثر من 60 دولة شرّعت الاستخدام الطبي للقنب، وعدد من هذه الدول مثل كندا، البرتغال، أستراليا وألمانيا أصبحت من كبار المصدرين. فهل سنبقى متفرجين؟ ثالثًا، أن قانون 178 لعام 2020 شرّع زراعة القنب الطبي والصناعي في لبنان، وأوجد هيئة ناظمة. فما ينقصنا اليوم هو استكمال المراسيم التطبيقية، واعتماد معايير الجودة، وفتح باب التراخيص لتصنيع القنّب وتصديره. رابعًا، أن هذا القطاع ليس فقط تصدير زراعي. هو منظومة صناعية كاملة: من البذور إلى الزيوت، من المستخلصات إلى الأدوية، من مختبرات البحث إلى الصناعات التجميلية. أي إننا نتحدث عن قيمة مضافة صناعية حقيقية، وفرص عمل، واستثمار مباشر، وتصدير يدرّ على لبنان سنوياً مليارات الدولارات”.
واذ اعتبر انه “من هذا المنطلق، علينا تطوير إطار قانوني متكامل يشمل التراخيص، الإنتاج، المعالجة، التصدير، الملكية الفكرية، والتسويق المحلي، بما يضمن الشفافية والحوكمة والمساءلة”، لذلك يقول الوزير عيسى الخوري أنه “علينا ان نضع في سلّم أولوياتنا خارطة طريق تتضمن ما يلي:
.1 تشجيع إنشاء مصانع لتحويل القنّب إلى منتجات عالية القيمة في مجالات الأدوية، والاغذية، والمكمّلات، ومستحضرات التجميل، والألياف، والزيوت، والبروتينات النباتية وغيرها…
.2 المساهمة في تطوير مواصفات صناعية دقيقة تضمن الجودة والسلامة، بما يواكب المعايير الدولية المطلوبة داخلياً وخاصة للتصدير.
.3 تحفيز الاستثمارات الصناعية المنظمة عبر تقديم خريطة صناعية واضحة تتضمن انواع التصنيع المسموح بها وفئات الترخيص.
.4 تشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتعاون مع الجامعات ومراكز الأبحاث لتطويرالخبرات والمهارات اللازمة.
.5 ضمان حصر تسليم المنتجات الصناعية فقط إلى الجهات المرخّص لها من قبل الهيئة الناظمة، ومنع أي عملية تصريف أو بيع خارج إطار الترخيص، تطبيقًا للقانون.
.6 دعم الهيئة في تطبيق العقوبات المنصوص عليها في القانون بحق كل من يخالف شروط الترخيص أو يستخدمها خارج نطاقها المشروع”.

وإذ شدد على ان “لبنان أمام مفترق طرق: إما أن نحوّل هذه الفرصة إلى قصة نجاح صناعي واقتصادي، أو نتركها تُدفن في دهاليز البيروقراطية والتجاذبات السياسية”، قال الوزير عيسى الخوري:” إن زراعة القنب لم تعد مجرد نشاط زراعي، بل أصبحت نواة لقطاع صناعي مستدام، يمكن أن يُسهم في تنمية المناطق الريفية، ويخلق فرص عمل، ويرفع مستوى الاقتصاد الإنتاجي ويساهم بمليارات الدولارات في الناتج المحلي . لنكن واقعيين: لا يمكننا بناء وتطوير هذا القطاع من دون تعاون تام بين وزارات الزراعة والصناعة والصحة”،مؤكداً بصفته وزيرًا للصناعة، أن الوزارة، كما جمعية الصناعيين، جاهزون للعمل مع كل الجهات المعنية: المزارعين، الاختصاصيين، الصيادلة، الجامعات، والمستثمرين المحليين والدوليين، لوضع خارطة طريق عملية من اجل إنجاح هذا القطاع”. وكذلك دعا إلى “تشكيل لجنة وطنية مشتركة تضم الوزارات المعنية، والهيئة الناظمة، وجمعية الصناعيين، ونقابة مصانع الادوية، والخبراء، لوضع تصور تنفيذي متكامل لهذا القطاع، يؤمّن التنظيم، ويحفّز الإنتاج، ويضمن الحوكمة والعدالة والشفافية”. ختم:” معًا، نستطيع أن نجعل من لبنان مركزًا إقليميًا في الصناعات المستخرجة من القنب، ومختبرًا للابتكار، ومصدرًا للمنتجات ذات القيمة المضافة العالية. فلنغتنم هذه الفرصة بشجاعة وبمسؤولية كي نعكس مقولة أن لبنان هو بلد الفرص الضائعة ونُثبت أن لبنان لا تنقصه لا الرؤية ولا القدرات، بل يتسلّح بالإرادة الصادقة في اتخاذ القرار، والجدية في تنفيذه”.