الرئيس عون اثناء القاء كلمته
برعاية وحضور الرئيس جوزاف عون، انطلقت فعاليات “مؤتمر الاقتصاد الاغترابي الرابع” في فندق فينيسيا إنتركونتيننتال – بيروت، بمشاركة واسعة ضمّت أكثر من 450 شخصية من لبنان يمثلون 37 دولة حول العالم. والمؤتمر من تنظيم “مجموعة الاقتصاد والأعمال” بالاشتراك مع وزارة الخارجية والمغتربين، وبالتعاون مع اتحاد الغرف اللبنانية، والجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، والهيئات الاقتصادية اللبنانية المقيمة والاغترابية. وقد جمع نخبة من صناع القرار وكبار الشخصيات، من بينهم رؤساء حكومات وعدد من الوزراء اللبنانيين الحاليين والسابقين، إلى جانب نواب وسفراء، ورؤساء مجالس الأعمال في الدول العربية، وممثلين عن الهيئات الاغترابية، فضلاً عن قيادات اقتصادية ورؤساء غرف وهيئات مهنية، ومجموعة من كبار المستثمرين ورواد الأعمال في القطاعات المالية والصناعية والتجارية.

جدير بالذكر أن مؤتمر هذا العام اكتسب أهمية استثنائية تأكيدًا “للدور الحيوي الذي يلعبه المغتربون اللبنانيون كركيزة أساسية في دعم وطنهم والحفاظ على استمراريته. فقد شكّلوا، على مرّ العقود، صمام أمان للبنان، وأسهموا في تعزيز صموده، واحتفظوا بدورهم كصلة وصل بين الداخل وامتداده المنتشر حول العالم. واليوم، وفي ظل التحديات الاقتصادية والمالية المتفاقمة، تتجدد الحاجة إلى هذا الدور، حيث يبرز المغتربون شركاء رئيسيين في مسار التعافي وإعادة بناء الاقتصاد الوطني” ، وهو فحوى الكلمة التي ألقاها الرئيس عون في هذا المؤتمر وأبرز ما ورد فيها: أن “في زمن التحوّلات العميقة، نجتمع اليوم حاملين معنا وجع الانهيار وتوق النهوض، آتين من داخل الوطن وخارجه، لنبحث في سبل العبور من المحنة إلى الرجاء (…) فالتحديات المطروحة أمامنا كثيرة، تبدأ من الإصلاح المالي والاقتصادي، واستعادة الثقة بالمصارف والعملة الوطنية، مرورًا بإصلاح القطاع العام والقضاء، بما يعيد للدولة حضورها كمرجعية قوية وعادلة. ولا يُمكن للإصلاح أن ينجح، إن لم يكن مدعومًا بإرادة سياسية جامعة، ومن دون إشراك أحد أبرز عناصر قوّته الوطنية ألا وهو الاغتراب. هؤلاء الّذين شكّلوا عبر العقود صمامات أمان، ليس فقط من خلال التحويلات المالية، بل من خلال الحضور السياسي والاقتصادي والثقافي للبنان في العالم”. تابع: “اليوم، لم يعد يُطلب من المغترب اللبناني أن يحوّل فقط، بل أن يكون جزءًا من القرار الوطني. فالاغتراب هو شريك في الإصلاح، وفي إعادة وصل ما انقطع بين لبنان المقيم ولبنان المنتشر. إنّ مسار التعافي يكون عبر خارطة طريق واضحة، تقوم على توفير بيئة محفّزة للاستثمار، تُعيد الثقة للمودعين، وتُعيد إلى المصارف دورها الأساسي وتضع رؤية جديدة للاقتصاد. ونتوقف هنا عند الدور العربي في مسار النهوض. فالعالم العربي لم يكن يومًا بعيدًا عن لبنان، لا جغرافيًا ولا وجدانيًا. وشكّلت الدول العربية، ولا تزال، العمق الاستراتيجي للبنان، وسندًا سياسيًا واقتصاديًا. ولا يمكن الحديث عن أي خطة تعافٍ من دون إعادة تفعيل العلاقة مع الأشقاء العرب، كل العرب”.

تابع قائلا: ” أملي كبير بكم لأنكم لم تبتعدوا يوماً عن لبنان، لا بالروح ولا بالفعل. هذا المؤتمر ليس مناسبة اقتصادية، هو أولاً لحظة لقاء. لقاء بين لبنان المقيم ولبنان المنتشر. بين يلي بقي وصمد هون، وبين يلي حمل الوطن بقلبو وين ما راح. الاغتراب هو النبض الوحيد يلي بقي ثابتاً وان المغتربين كانوا أول من لبى النداء وقت الحاجة، وفي أوقات كتيرة أسرع وأفعل من الدولة. وأنه عندما أُقفلت كل مصادر الدخل تقريبًا، بقي في شريان واحد مفتوح هو: الإغتراب”. وضمن هذا الإطار، ذكر الرئيس عون أن معدل التحويلات منذ بداية الأزمة بلغت ـ6.5 مليار دولار بالسنة، وفي عزّ الانهيار، شكّلت هذه التحويلات 33 بالمئة من الناتج المحلي. ان هذه الأرقام تتكلم بنفسها وتفصح عن حالها، وتؤكد أن الاغتراب ما كان ولا يوم بعيد عن لبنان، بل كان ولا يزال السند والأمل”. أضاف: “نحن اليوم لسنا بحاجة لدعم مالي. نحنا بحاجة لشراكة حقيقية مع المغتربين. نريد المغترب مستثمراً، ناقلاً للمعرفة، وشريكاً بالتخطيط وبالقرار. يأتينا ومعه أفكار لفرص عمل ودعم مشاريع صغيرة تنبض بالحياة بكل منطقة من لبنان”.

وفي ما يشبه “استدراك للواقع الأليم”، تابع الرئيس عون (وباللغة العامية كي تصل كلمته الى كل المغتربين وبعضهم بالكاد يعرف العربية): “ما حدا في يخفي إنو الطريق صعب، بس الإصلاح بلش، عم نشتغل بإصرار على مجموعة إصلاحات و مشاريع قوانين، بعضها صار قانونا وبدأ تطبيقه، وبعضها على طريق الإقرار، وفي ملفات بعدها قيد التحضير والنقاش: قانون الخاص بالمناطق الاقتصادية الحرة للصناعات التكنولوجية، قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي، معالجة الفجوة المالية، ورفع السرية المصرفية، قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) – قانون استقلالية القضاء، وغيرها من الإصلاحات البنيوية، يللي هدفها خلق بيئة شفافة، مستقرة وآمنة، بتحمي المستثمر، وبترد الثقة بلبنان”.
ختم رئيس الجمهورية قائلاً: “اليوم، منطقتنا عم تشهد تحولات كبيرة: في استثمارات عملاقة بمجالات جديدة مثل الطاقة والاقتصاد الأخضر، الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، وهذا ما يجب وضعه نصب الأعين.

تبقى إشارة الى أن المؤتمر شهد تكريم رئيس الجمهورية اللبنانية، العماد جوزاف عون، حيث تسلم جائزة “الريادة في الإنجاز”. كما تمّ تكريم 6 شخصيات لبنانية وعربية تركت بصمة واضحة في مجالي الأعمال والاستثمار، وهم السادة: سفيان الصالح، الرئيس الفخري، مجلس العمل اللبناني في أبو ظبي، المحامي بطرس يونس، أمين السر، مجلس العمل والاستثمار اللبناني، السعودية، جمال جوهري، الرئيس التنفيذي، شركة سافيد المحدودة (SAFID)، السعودية، فيليب جبر، المؤسس، مؤسسة فيليب جبر، لبنان، وسيم ضاهر، رئيس مجموعة أزاديا، الأستاذ ناصر النويس، رئيس مجلس الإدارة، شركة روتانا لإدارة الفنادق المحدودة، الإمارات العربية المتحدة.
