آب، هو شهر التوعية من الصدفية، المرض الجلدي المزمن الذي يؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم. والصدفية (Psoriasis) هي مرض جلدي التهابي مزمن ينتمي إلى مجموعة أمراض المناعة الذاتية، حيث يختل عمل الجهاز المناعي فيرسل إشارات غير طبيعية تحفّز خلايا الجلد على التكاثر بمعدل أسرع من الطبيعي، ما يؤدي إلى تراكم هذه الخلايا على سطح الجلد مكوّنة طبقات سميكة ومتقشرة مصحوبة باحمرار والتهاب. وتظهر أكثر الأنواع شيوعاً، على شكل لويحات أو بقع بارزة حمراء اللون مغطاة بقشور بيضاء أو فضية. وقد تصيب مناطق مختلفة من الجسم، مثل فروة الرأس والمرفقين والركبتين وأسفل الظهر.
ومع أن السبب المباشر الكائن وراء الإصابة غير معروف، الا أن الصدفية تصنّف كأحد أمراض المناعة الذاتية، اذ يختل عمل هذا الجهاز، وعندها يتعامل مع خلايا الجلد السليمة، كما لو كانت أجساماً غريبة. ويؤدي هذا الإختلال إلى تراكم الخلايا غير الناضجة على سطح الجلد، ما يتسبّب بظهور اللويحات السميكة المتقشرة المصحوبة بالالتهاب والاحمرار والحكة. هذه العملية لا تقتصر على الجلد، بل قد يكون لها تأثيرات على الجسم، وهو ما يفسر ارتباط الصدفية بمضاعفات مثل التهاب المفاصل الصدفي وأمراض القلب. مع ذلك، هناك عوامل تزيد من احتمالية ظهور النوبات: العامل الوراثي، الضغط النفسي الشديد، التهابات أو إصابات الجلد، الطقس البارد والجاف، بعض الأدوية (مثل حاصرات بيتا أو أدوية الملاريا). وينتج عن انتشار الصدفية، إضافة إلى الألم والانزعاج الجسدي، مشكلات جسدية ونفسية قد تؤثر بشكل كبير على جودة الحياة. ومن أبرز هذه المضاعفات: التهاب المفاصل، مشكلات في الأظافر وتغيّر لونها أو ظهور حفر صغيرة فيها، فضلاً عن زيادة سماكتها أو انفصالها عن قواعدها. يُضاف الى ما تقدّم التهابات في العين مثل التهاب القزحية أو التهاب الملتحمة، القلق والاكتئاب نتيجة المظهر الخارجي للجلد والألم المزمن، الانعزال الاجتماعي وقلة الثقة بالنفس. وثمة آثار جانبية لبعض أدوية الصدفية مثل مشكلات في الكبد أو الكليَتَيْن وغير ذلك.
و الصدفية غير معدية، أي لا يمكن ان تنتقل من شخص لآخر عبر اللمس أو التلامس المباشر، لكنها قد تتأثر بعوامل وراثية وبيئية ومحفزّات مثل التوتر، والعدوى، أو بعض الأدوية. ويساعد فَهْمُ طبيعةِ المرض وأنواعه في التشخيص المبكر واختيار خطة العلاج المناسبة.
ووفقاً للمؤسسة الوطنية للصدفية، فإن هذا المرض الجلدي يؤثر على ما يُقدّر بـ125 مليون شخص حول العالم، أي ما يعادل 2 الى 3 في المئة من السكان عالمياً. وفي بعض الدول الشمالية مثل النرويج، تصل معدلات الانتشار الى ما بين 8-11 في المئة من السكان (PMC). أما في منطقة الشرق الأوسط، فلم تُجرَ دراسات واسعة النطاق، ولكن الفروق تظهر بوضوح بين الدول والمناطق، حيث تتراوح معدلات الانتشار حسب الأساليب البحثية بين 0.5 في المئة إلى أكثر من 5 في المئة في بعض الدراسات ، كما الحال في السعودية.
بالنسبة للعلاج، فحتى الآن لا يوجد دواء شافٍ للمرض، لكن التطور الطبي أتاح العديد من الخيارات التي تساعد على السيطرة على الأعراض، إطالة فترات الهدوء، وتقليل شدة النوبات. ويعتمد اختيار العلاج على نوع الصدفية، شدة الأعراض، ومساحة الجلد المصابة، وغالباً ما يتطلب الأمر مزيجاً من العلاجات.
وتعتبر العلاجات الموضعية مثل (كريمات أو مراهم الهيدروكورتيزون والبتياميثازون) الخيار العلاجي للحالات الخفيفة والمتوسطة. كذلك، المستحضرات المرطبة والزيوت الطبية للحفاظ على ترطيب الجلد وتقليل القشور. ثم حمض الساليسيليك (Salicylic Acid): لإزالة القشور وتحسين امتصاص العلاجات الأخرى. ويُستخدم في الحالات المتوسطة والشديدة العلاج الضوئي الذي يساعد على إبطاء انقسام خلايا الجلد وتقليل الالتهاب.
ويُضاف الى ما تقدم الأدوية التقليدية التي يصفها الطبيب المعالج وثمة علاجات حديثة وتُعطى عن طريق الحقن، وتستهدف مكونات محددة من الجهاز المناعي.
وبالإجمال يُنصح المصاب بالصدفية، اتباع نمط حياة صحي ودعم ذاتي، تخفيف التوتر عبر التأمل، اليوغا، أو الرياضة، حيث إن التوتر النفسي من أبرز محفزات النوبات، العناية بالجلد: استخدام مرطبات مناسبة بانتظام، وتجنب الصابون القاسي أو الماء الساخن جداً، تجنّب المحفزات مثل التدخين، والإفراط في شرب الكحول، وبعض الأدوية التي قد تزيد الأعراض. وتشير دراسات الى أن اتباع نظام غذائي مضاد للإلتهابات قد يساعد على تخفيف الأعراض، يضاف الى كل ذلك، المتابعة الطبية المنتظمة: لضبط العلاج حسب الحاجة ومراقبة أي آثار جانبية.