في 10 أيلول من كل عام، تنظّم الرابطة الدولية لمنع الانتحار يوماً عالمياً لمنع الانتحار برعاية مشتركة مع منظمة الصحة العالمية، وذلك لمنع الإنتحار وتوحيد المجتمعات والمنظمات والحكومات نظراتها لناحية أن السلوك الانتحاري مشكلة صحية عامة رئيسة، ويجب التصدي لها من خلال إذكاء الوعي وتعزيز الخطاب المفتوح حول هذا الموضوع المحظور.
ويهدف تغيير الخطاب السائد المتعلق بالانتحار، وهو موضوع اليوم العالمي لمنع الانتحار على مدى ثلاث سنوات 2024-2026، إلى عمل ذلك على وجه التحديد، بإلهام الأفراد والمجتمعات والمنظمات والحكومات على المشاركة في خطاب منفتح وصادق بشأن الانتحار والسلوك الانتحاري.
بالأرقام: هناك أكثر من 72 ألف شخص يموتون بسبب الانتحار كل عام علماً أنه في 2021، كان الانتحار ثالث سبب رئيسي للوفاة في صفوف الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عامًا، وحدثت 73٪ من حالات الانتحار في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط. ومنذ العام 2019، انخفضت معدلات الانتحار في إقليم شرق المتوسط بنسبة 17 بالمئة.
وتشير التقديرات إلى أن كل حالة انتحار يقابلها 20 محاولة انتحار. وفي كل مرة نفقد فيها حياة إنسان تحدث عواقب اجتماعية وعاطفية واقتصادية عميقة تؤثر على الأسر والأصدقاء وأماكن العمل والمجتمعات المحلية تأثيرًا بالغًا. وغالبًا ما يؤدي الوصم المرتبط بالانتحار إلى منع الأفراد من التماس المساعدة في الوقت المناسب من جهة، ويعوق وضع سياسات مسندة بالبينات لخدمات الرعاية الصحية والاجتماعية من جهة أخرى.
ويتأثر السلوك الانتحاري بتفاعل معقد بين العوامل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والبيولوجية والنفسية والبيئية. وترتبط حالات الصحة النفسية التي تمر بظروف نزاعات أو كوارث أو خسائر أو تمييزًا أو عنفًا أو إساءة معاملة أو مشكلات في العلاقات أو ألمًا أو مرضًا مزمنًا أو عزلة، ارتباطًا قويًا بالسلوكيات الانتحارية.
لذلك فإن أي استراتيجية وطنية فعاّلة للوقاية من الانتحار تتطلب الالتزام الكامل من جانب الحكومة ودعم المجتمع، مع الاسترشاد بنهج مسند بالبيّنات. وتوصي مبادرة «عِشْ الحياة» التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية للوقاية من الانتحار بتدخلات فعالة مُسندة بالبيّنات، تشمل ما يلي:
-تقييد الوصول إلى وسائل الانتحار (مبيدات الآفات والأسلحة النارية وأدوية بعينها)، عرض مواد إعلامية مسؤولة بشأن الانتحار، تعزيز مهارات الحياة الاجتماعية والعاطفية لدى المراهقين، التعرّف المبكر على أي شخص يُظهر سلوكيات انتحارية وتقييمه ومتابعته.
ولكي تنجح هذه التدخلات، ينبغي دعمها بتحليل الوضع الراهن، والتعاون المتعدد القطاعات وإذكاء الوعي وبناء القدرات والتمويل والترصُّد الرصد والتقييم.
ويتزايد إدراك الحاجة الماسّة إلى اتخاذ إجراءات لمنع الانتحار وأصبح يحظى بالأولوية على أعلى المستويات. ويمكن أن يساعد تغيير الخطاب السائد عن الانتحار عن طريق إيجاد أماكن آمنة للتحدث بصراحة عن تعزيز الصحة النفسية وحمايتها وإعطاء الأولوية للوقاية من الانتحار بوصفه قضية من قضايا الصحة العامة.