ماريا كورينا ماتشادو
دونالد ترامب لم ينل جائزة نوبل للسلام الذي كان يسعى اليها وعمل المستحيل للفوز باللقب، ما يعني أن القيّمين على هذه الجائزة يستحقون التهنئة. ليس لأنهم حالوا دون تحقيق أمنية رئيس الجمهورية الأميركي، وإنما لتأكيدهم انهم لا يأبهون أحداً ولا يعملون الا وفق قناعاتهم، وهذا الموقف هو أهم من الجائزة نفسها، بل أن هذه اللجنة تستحقها لهذا الموقف المجرّد من أي اعتبار وتأثير وخوف.
لكن ترامب الذي لم ينل الجائزة، لم يخسر هو أيضاً،اذ انه ربح ما هو أهم من هذه الجائزة، ربح محبة وثناء كل المتعاطفين مع إحقاق السلام في العالم في اي بقعة من الأرض، و بخاصة أن ما أقدم عليه لا يُمكن أن يقارن بما فعلته الفائزة بالجائزة الفنزويلية ماريا كورينا مانشارد، فضلاً عن أن ظاهرة ترامب، بحد ذاتها، سيدوّنها التاريخ بأحرف من ذهب، خصوصاً إذا تمكّن من الزام اسرائيل بالقبول بدولة فلسطين موحدة بين قطاع غزة والضفة الغربية.

نعود الى الفائزة بالجائزة لنقول انها اختيرت ، كما ذكرت لجنة نوبل، ” جراّء عملها الدؤوب في تعزيز الحقوق الديمقراطية لشعب فنزويلا ونضالها من أجل تحقيق انتقال عادل وسلمي من الدكتاتورية إلى الديمقراطية”. أضافت: “عندما يستولي المستبدّون على السلطة، يجب تكريم المدافعين الشجعان عن الحرية الذين ينهضون ويقاومون”.
لكن لماذا رفضت اللجنة ترامب وقضت على أهم حلم كان يودّ تحقيقه؟ لأنه “طوال عام عمل على تفكيك النظام العالمي الذي تُقدره لجنة نوبل”،كما قال الناطق باسم هذه اللجنة. وسواء كان رأيها صائباً أو غير صائب، فإن ما أعلنته هو الذي تقرّر وأخرج ترامب خالي الوفاض، ولكن ليس تماماً، اذ امتلأت جعبته بانتصارات الى جانب خيبات، والتاريخ وحده سيقّرر ما إذا كانت لجنة نوبل للسلام قد أصابت أو أخفقت.
يُشار هنا الى أن تسليم جائزة نوبل للسلام، التي تبلغ قيمتها 11 مليون كرونة سويدية (حوالي 1.2 مليون دولار) ستتمّ في أوسلو في العاشر من كانون الأول، وهو ذكرى وفاة رجل الصناعة السويدي ألفريد نوبل، الذي أسس الجوائز في وصيته عام 1895.

بالنسبة للفائزة بالجائزة، فقد ولدت عام 1967 في فنزويلا، وهي لا تزال تعيش فيها. قادت النضال من أجل الديمقراطية في مواجهة الاستبداد المتنامي في فنزويلا، بحسب موقع «جائزة نوبل للسلام”.
درست الهندسة والعلوم المالية، وكانت لها مسيرة مهنية قصيرة في مجال الأعمال. عام 1992، أنشأت «أتينيا»، المؤسسة التي تعمل على مساعدة أطفال الشوارع في كراكاس.
يبقى سؤال مهم: هل تتراجع عزيمة ترامب بعد خسارته الجائزة، بحيث يرمي “سلاحه النضالي” من أجل السلام؟
مع أن البعض يرد على هذا التساؤل بالقول “نعم”، الا أن علماء النفس الذي يدرسون نفسية هذا الرجل ويعرفون مزاجه الذي يكاد يكون نسيج وحده، يقولون: “ان ترامب، خلاف ما يقال، سيكون أكثر إصراراً على متابعة مسيرة السلام، و أكثر تشدّدا في القرارات التي سيتخذها”.