قطاع المطاعم كان المستفيد الأوّل من حركة السياح والمغتربين
في “مؤشّر جمعية بيروت – فرنسبنك لتجارة التجزئة” للفصل الثالث من العام 2022، لم يشهد تبدّلاً في النتائج يُذكر، خصوصًا لقطاع التجارة الذي لم يستفِد من المليارات الأربعة التي تدفّقت على لبنان خلال الصيف الماضي والتي دخلت إليه من المغتربين والسياح الذين زاروها. ويعيد المؤشّر السبب إلى أنّ القسم الأكبر من هذه المبالغ قد تمّ صرفها في القطاعات السياحية الترفيهية وفي الأنشطة المتعلقة بها مباشرة، في حين أن القطاعات الأخرى، التي كانت تتوقـّـع شيئاً من الإنتعاش، وأوّلها القطاع التجاري، لم يطَلْها سوى القليل جداً من تلك الأموال التي دخلت بمعظمها، إمـّـا الى الخزائن في المنازل أو خرجت مجدّداً من البلاد، بدل أن تودع في المصارف وأن تساهم في إعادة تحريك العجلة الإقتصادية ولو بنسبة ضئيلة.
تمّ كلّ ذلك في وقت قامت فيه جمعية تجار بيروت، بالمشاركة مع فريق من الهيئات الإقتصادية اللبنانية، بإعداد خطة تعافي تمّ تقديمها للأطراف المعنية في الحكومة، أملاً في أن تولي تلك الأطراف الإهتمام اللازم لهذه الخطة وأن تتمّ المبادرة بتطبيق البنود المطروحة، نظراً لما يتطلـّـبه الإقتصاد اللبناني وباقي الأطراف المعنية، من بداية خروج من هذه الحالة بشكل طارئ، وعدم الإتـّـكال على ضخّ ظرفي لسيولة “متطايرة” (volatile)، لا يمكن أن يكون لها أي أثر يـُـذكر لتغيير المسار الحالي. المؤسف، ودائمًا حسب بيان التقرير، أنّ كلّ ذلك ساهم في المزيد من الإنكماش في الأسواق، بدليل أرقام أعمال القسم الأكبر من قطاعات تجارة التجزئة التي كشفت هذا الواقع المرير.
وكما في الفصل السابق، فقد ظّلت العوامل الإقليمية والدولية (ولا سيما الحرب بين روسيا وأوكرانيا) تساهم في مواصلة إرتفاع معدّل التضخـّـم، إنما العوامل المحلية (ولا سيما الجهود المبذولة لإنجاح موسم صيف هذه السنة من قـٍـبل وزارتَيْ الإقتصاد والتجارة والسياحة وأيضاً من قـٍـبل التجار) ساهمت في الحدّ نسبياً من وتيرة الإرتفاع.
وق
د بلغ المؤشر، ما بين الفصل الثالث لسنة
2021 والفصل الثالث لسنة 2022، نسبة + 162.47% (بالمقارنة مع نسبة + 210.08 % في الفصل السابق له)، فيما كان يُـسجـّـل + 25.23 % ما بين الفصلين الثاني والثالث، ما يعني أنّه إستمرّ في مساره التنازلي، وسجـّـل مزيداً من الهبوط الدراماتيكي، ما يشكّل مرآة للواقع الإقتصادي اللبناني، وللتخبـّـط الذى يمرّ بالبلاد من جرّاء شحّ الإحتياطيات بالعملات الأجنبية لدى البنك المركزي وتبعاتها على كل المستويات المالية والإقتصادية، وغياب تام لضخّ أي إستثمارات جديدة، وإنعدام للثقة في القدرة على النهوض في المستقبل القريب في غياب أي خطة تعافي جدّية وطول إنتظار ظهور بوادر توافق مع صندوق النقد الدولي.
نشير أخيرًا إلى أنّ التقرير الذي وُزّع تضمّن جداول تهمّ الباحثين والأكاديميّين ومتتبّعي الأرقام الرسميّة الصادرة عن أصحاب الشأن للإفادة منها في أبحاثهم ودراساتهم وفي محاضراتهم الجامعيّة. والجداول هي: جدول بمؤشّر غلاء المعيشة (وفقًا لإدارة الإحصاء المركزي)، جدول بمعدّلات نِسَب التضخّم في كلّ قطاع على حدة، جدول بنِسَب التراجع الحقيقي الفصلي في أهمّ قطاعات تجارة التجزئة وأخيرًا جدول بتطوّر نِسَب التضخّم بدءًا من العام 2011 حتى العام 2022.