برج خليفة مضاءً
في 3 آذار (مارس) الماضي أضيء “برج خليفة” في دبي، تضامناً مع المصابين بالأمراض النادرة. واحياءً لهذا اليوم، التقى رهطٌ من الناس في منطقة “داون تاون” دبي، حاملين معهم رسالة دعمٍ ومساندةٍ وتضامنٍ للمصابين بهذه الأمراض، وهم يتابعون هذا الحدث الرمزي الذي لا يُقام الا في مناسبات مهمّة.
ويوم الأمراض النادرة تُحييه البشرية كل عام في آخر يوم (28 أو 29) من شهر شباط (فبراير) دعماً للذين يعانون هذه الأمراض، ومساندةً لأُسَرهم وذويهم ومقدميّ الرعاية لهم. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، تصيب هذه الأمراض النادرة 300 مليون شخص حول العالم، ولكن 5% فقط منهم يحصلون على العلاج، فيما يُقدّر عدد المصابين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بـ 2،8 مليون مصاب.
ويتولى تنظيم يوم الأمراض النادرة في دبي منذ العام 2018، High Hopes ، وهو مركز غير ربحي يُقدّم التدخّلات المبكرة لعلاج الأطفال وتأهيلهم بترخيص من هيئة تنمية المجتمع، وقد أقام في السابق العديد من المسيرات على ممشى “كايت بيتش” شارك فيها مئات الأفراد تضامناً مع المصابين بهذه الأمراض وعائلاتهم.
لين برغوت جعفر مؤسسة مركز High Hopes وهي أم لطفلة مصابة بمرض نادر، علّقت على هذا الحدث بالقول: “إن الدعم المذهل الذي أبداه مجتمع الإمارات في السنوات الماضية جعل من يوم الأمراض النادرة حدثاً مهماً ومرتقباً على رزنامة الدولة كل عام، اذ بُتنا نشهد فيه روح تضامن استثنائية تؤكد الدعم المشترك للمصابين بهذه الأمراض وجميع عائلاتهم”. أضافت: “في هذا اليوم، نرفع مستوى الوعي والمعرفة بهذه الأمراض، ونتقدم لقيادة دولة الإمارات بجزيل شكرنا وامتنانا لدعمهم المتواصل لأصحاب الهِمَم هؤلاء. نحن سعداء بمشاركة مؤسسات طبية وممتنون لجميع من إنضم إلينا دعماً ومساندة في هذا الحدث المهم.”
فماذا عن هذه الأمراض النادرة، وما هي أبرزها، وكيف يتمّ التعامل معها؟
تُعدّ الأمراض النادرة أمرا واقعا في حياة ملايين الناس حول العالم. وعلى رغم أن معظمها غير معروف، فإن عددها يتجاوز سبعة آلاف نوع. ففي تقرير طبي نُشر قبل فترة، فإن تسمية “الأمراض النادرة” تُطلق على تلك التي يتأثر بها خمسة أشخاص فقط من أصل عشرة آلاف، علماً أن أغلبها، وبحسب منظمة الصحة العالمية، يتمّ تشخيصها ومتابعتها بصعوبة ، ولم يتوصل الباحثون حتى الآن إلى علاجات لها.
ويضطر قرابة 40% من المصابين بهذه الأمراض، مغادرة مناطق سكنهم والتوجّه إلى مدن أخرى بحثا عن العلاج المناسب، لأن أكثر من نصفهم يعبّرون عن عدم رضاهم عن الرعاية الصحية المقدّمة لهم في بلادهم، وقد اشتكى 72% منهم من أنهم حصلوا لمرة واحدة على الأقل على علاج غير مناسب بسبب افتقار الإطار الطبي للمعلومات اللازمة حول مرضهم النادر.
من الأمراض النادرة نذكر:
1-الورم العضلي اللمفوي الأملس، ويُصيب حصريا النساء بين سن العشرين والأربعين، ويتمّثل بخَلَل في العضلات ولو ببطء ولكن بشكل مستمر. ومن أعراضه: السعال وآلام الصدر وضيق التنفس ونفث الدم من المجرى الهوائي، وعادة ما تنتهي حياة المريض بسبب فشل هذا الجهاز.
2– تصلّب الجلد Scléroderma، وهو خلَل يصيب نظام المناعة الذاتية، ويتسم بحالة تصلّب غير عادية في الجلد، وأحيانا في أعضاء أخرى. ولا تزال أسباب هذا المرض الذي يُؤثر على الرئتين والقلب والجهاز الهضمي، غير معروفة.
3– مرض الزَرَق الذي يُصيب العينين منذ الولادة، وبواقع شخص واحد من بين عشرة آلاف مولود في الدول الصناعية. من مشاكله الصحية: تلَف في الأعصاب البصرية المسؤولة عن نقل الصورة من شبكية العين الى الدماغ ليتمّ تحليلها. ولذا يضطر المريض الى أن يُبقي عينيْه مغمضتَيْن.
4- التصلّب الجانبي الضموري، وهو مرض عصبي يتطوّر بشكل تدريجي، ويؤثر على خلايا الأعصاب في الدماغ والحبل الشوكي. وقد يؤدي هذا الضمور إلى الموت. وعندما يُصاب به الإنسان، يَفْقُد الدماغ القدرة على تحريك العضلات والسيطرة عليها. ينتهي أمر المصابين به إلى الشلل. ومن أشهر من أصيب به العالم الشهير ستيفن هوكينغ.
5– انحلال البشرة الفقاعي الحثلي Epidermolysis bullosa dystrophica، وهو نوع من المرض الذي يحدث خللاً يتمثّل بظهور بثور حمراء على الجلد. ويمكن هذا المرض أن يهدّد حياة المصاب به لإمكانية تلف أعضائه. وهو في الأوساط الشعبية يُسمىّ “متلازمة جلد الفراشة”، بسبب هشاشة غشاء جلد المريض.
6- مرض هنتنغتون Huntington’s Disease، وهو حالة وراثية تؤدي إلى تلف بعض الخلايا العصبية في الدماغ، والمصابون به مولودون بخلل جيني، إلا أن أعراضه لا تظهر إلا بعد سن الثلاثين أو الأربعين. وأولى تلك الأعراض تتضمن الحركات اللاإرادية، وفقدان التوازن والسيطرة على اليدين. وفي مراحل متقدمة يؤدي هذا المرض إلى التوقّف عن المشي والحديث والبلع. وبعض المصابين يصل بهم الأمر إلى عدم التعرّف على أقاربهم أو التعبير عن مشاعرهم.
7- رنح فريدريخ Friedreich’s Ataxia، وهو مرض نادر يتمثّل في صعوبة تنسيق الحركات بسبب اصابة الجهاز العصبي. ومن أعراضه صعوبة المشي والكلام والحركات اللاإرادية للعينين وضعف العضلات، وانحناء الجسم. وعادة ما تترافق معه مشاكل في القلب. ويظهر أول الأعراض بين الـ 5 و 15 سنة ، ثم يحتاج الإنسان إلى كرسي متحرّك.
8- انعدام القزحية، وهو مشكلة صحية لم تُجرَ عليها إلا دراسات قليلة إلى الآن بسبب ندرتها. ويصيب انعدام القزحية واحدا من بين 60 إلى 100 ألف مولود جديد. ويعاني المصابون طفرة في الجين “باكس 6”. ولا يعرف إلى حد الآن سبب هذه الطفرة، إلا أن المصابين به يعانون الغياب التام لقزحية العين.
9- الوهن العضلي الوبيل، ويسبّب هذا المرض العصبي ضعفا في عضلات الجسم المسؤولة عن التنفس وتحريك الأطراف، ومن بينها اليدان والساقان، وذلك بسبب فشل الجسم في نقل المحفزّات العصبية إلى العضلات. ومن أعراضه تدلّي الجفنَيْن وضبابية الرؤية وصعوبة البلع وعدم القدرة على التحدّث.
10- كيس تارلوف Tarlov Cysts، وهو مرض نادر يتمثّل في تشكُّل أكياس صغيرة من السوائل حول الممرات العصبية في الحبل الشوكي، ما يسبّب ألما حادا وعدم القدرة على التحكمّ في التبوّل.
11- الشلل النصفي التشنجي الموروث، ويُسبّب ضعفا تدريجيا في الساقين مع تكرّر التشنجات، ومن يعانونه يُصابون بالتشنّجات والشدّ العضلي، وهو ما يجعل المشي صعباً.
12– متلازمة الزيت السام، وهذا المرض ظهر في إسبانيا خلال ثمانينيات القرن الماضي، ولا يعرف إلى حدّ الآن العنصر الكيميائي الذي يؤدي إلى ظهوره، ولكن يبدو أن سببه استهلاك زيت بذور اللفت. ومن أهم أعراضه: ارتفاع ضغط الدم الرئوي، والتشنّجات والآلام الحادة في العضلات.
13- متلازمة أرنولد كياري، ويحدث هذا المرض غالبا في الجمجمة التي تكون أصغر من المعتاد، وبالتالي تجبر غشاء المخ على الامتداد نحو الأسفل في القناة الشوكية، ما يسبّب ألماً في الرقبة، ومشاكل في التوازن وفي تنسيق الحركات، فضلاً عن صعوبات في الرؤية. وإلى ذلك يشعر المريض بوخز غير طبيعي في اليدين والساقين.
14- التهاب الشبكية الصباغي، وهو حالة وراثية ليس لها علاج في الوقت الحالي. ويؤثّر هذا المرض على قدرة الإنسان على التفاعل مع الضوء، وتؤدي تدريجيا إلى فقدان البصر.
15- متلازمة منيار، ويظهر في جهاز السمع من خلال الإصابة المستمرة بالدوار والغثيان، وذلك بسبب عيب في الوعاء الذي يحتوي السائل داخل الأذن. فزيادة هذا السائل عن الكمية المفترضة يؤدي إلى فقدان السمع مؤقتا، والإصابة بالدوار وحتى طنين الأذن.
16- مرض غونثر، ويظهر بعد الولادة مباشرة، ومن أعراضه لون البول الداكن، والإصابة بفقر الدم الحاد، وظهور بثور على الجلد، وقد يؤدي إلى اختفاء ملامح الوجه. ولا يوجد له، إلى الآن، علاج فعال، ولكن من المهم جدا للمصابين به تجنّب ضوء الشمس، والحفاظ على سلامة الجلد من الجروح، ومعالجة العدوى البكتيرية بشكل سريع.
17- التهاب اللثة وتساقط الأسنان، ويؤدي الى نوبات قلبية وسكتات دماغية. وبهذا الصدد تقول د. ماريتا أمبروز، الأستاذة المساعدة في الطب السريري بكلية بيرلمان للطب في بنسلفانيا: “يمكن البكتيريا التي تعيش في الفم عندما تكون مصاباً بأمراض اللثة، أن تنتقل إلى مجرى الدم، وتدخل القلب وتصيب مباشرة صماماته الضعيفة، هذا مقلق بشكل خاص لمرضانا الذين لديهم صمامات قلب اصطناعية”.
18- تجعّد شحمة الأذن، أو ما يعرف طبياً باسم “علامة فرانك”، وهو مؤشر على الإصابة بمرض القلب التاجي. وأظهرت دراسات متعددة وجود ارتباط بين تجعّد الأذن وتصلب الشرايين أو الأمراض المتعلقة بهذا التصلّب.
19-نتوءات دهنية على الجلد، ويُطلق عليها “الورم الأصفر البركاني”. وهو مرض قد يكون مؤشراً على ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم بشكل خطير وعلامة محتملة على الإصابة بأمراض القلب. ويمكن أن تظهر مجموعات من هذه النتوءات في أي مكان من الجسم، بما في ذلك الكتفان والذراعان والساقان والردفان وحول العينين. ويوصي الخبراء بضرورة استشارة الطبيب فوراً في حال ظهور هذه الأعراض لتجنّب تفاقم أي مشكلة قلبية في حال وجودها.