التعويضات طاولت الكلب أيضًا
إعداد المحامي سرمد بو شمعون
القاضي المنفرد الجزائي في المتن السيد منصور القاعي، تجاوز في حكم أصدره سَقْف التعويضات المحدّدة حصراً في قانون التأمين الالزامي عن الاضرار الجسديّة التي تسبّبت بها المركبة البريّة للغير. فبعد مقاربته الوقائع بطريقة مغايرة لحصولها، قرّر تعويضات مبالغ بهـا، آخذًا بعين الاعتبار مدة التعطيل عن العمل والتبعات المعنوية والجسدية والتعويض عن نفوق حيوان أليف، وذلك خلافًا لبنود تطبيق التأمين الالزامي. والحكم المذكور هو حاليًا أمام محكمة إستئناف الجنح في المتن.
فبينما كانت المدعى عليها شانتال تقود سيارتها على الطريق العام في منطقة الضبيه باتجاه بيروت، إنزلقت السيارة المشار اليها واصطدمت بشخص هو المدعي واسمه مطر، لتستقرّ السيارة في جذع شجرة، الامر الذي نتج عنه إصابة المدعي بأضرار جسدية استدعت نقله الى المستشفى حيث تلقّى العلاج وحصل على تقرير طبّي، في حينه، بوجوب التوقّف عن العمل لمدة أربعة أشهر. وكانت المدعى عليها قد أدلت خلال التحقيق الاوّلي معها، بانها لم تشاهد قبل وقوع الحادث الشخص الذي صدمته والذي كان يقف بالقرب من جذع الشجرة.
وفي الشكوى المقدّمة من المدّعي، إلزام المدّعى عليها بأن تدفع له تكاليف العلاج والاستشفاء وبدل التعطيل عن العمل والعطل والضرر.
في استجواب المدّعى عليها، قالت الأخيرة أنّه لدى قيامها باستعمال المكابح بهدف تخفيف السرعة، إنزلقت سيارتها وفقدت السيطرة عليها، وخلافاً لما ورد في إفادتها الاولية، ذكرت أنّها اصطدمت بسيارة أخرى دون أن تدرك بأنها صدمت شخصاً كان يسير على الطريق إلاّ بعد أن أخبرها أحد الذين كانوا متواجدين في مكان وقوع الحادث.
أمّا المدّعي فتقدم بمذكرة بمثابة مرافعة شفهية خلُص في خاتمتها الى طلب إلزام المدّعى عليها بالتكافل والتضامن مع المطلوب ادخالها شركة التأمين ببدل عطل وضرر قدره خمسمئة مليون ليرة لبنانية يمثّل الاضرار الجسدية والمعنوية اللاحقة به، إضافة الى قيمة الربح الفائت ومدة التعطيل، فضلاً عن نفقات العلاج والبديل عن كلبه الذي تسبّبت المدّعى عليها بوفاته جراء الحادث، على أن تكون هذه التعويضات معجلة التنفيذ.
وفي التاريخ عينه تقدّمت المدّعى عليها بمذكرة، تعليقاً على الاستجواب، طلبت بموجبها ابطال التعقّبات بحقها والزام المطلوب ادخالها بصفتها مسؤولة بالمال، بما تقرّره هذه المحكمة من تعويضات. وكانت الأخيرة أصدرت قراراً قضى بتكليف الطبيب الشرعي الدكتور عبد الرحمن الحوت إنفاذ هذه المهمة (وقد نفّذها)، بالاضافة الى تكليف المدعي إنفاذ ما ورد من بنود بشأنه.
من جهة أخرى، تقدّمت شركة التأمين بمذكرة بمثابة مرافعة شفهية طلبت بموجبها ابطال التعقّبات بحق المدّعى عليها لانتفاء عناصر الجرم الجزائي وبالتالي اعتبار النزاع مدنياً وإلاّ منحها أوسع أسباب التخفيف وحصر التعويضات بما هو مشمول بموجب المرسوم 105/77 والمتمثلة بنفقات العلاج والاستشفاء الناتجة عن الحادث مباشرة دون سوى ذلك.
إلى ذلك، تقدّمت المدّعى عليها بمذكرة هي بمثابة مرافعة شفهية طالبت بموجبها ابطال التعقّبات بحقّها لعدم ارتكابها اي جرم جزائي، ولعدم ترتّب أية مسؤولية عليها، وكرّرت سائر اقوالها ومطالبها السابقة، كما كرّر كلّ من وكيل المدعي وكذلك وكيل المطلوب ادخالها اقوالهما ومطالبهما السابقة، كلّ في ما خصّه، واختتمت المحاكمة وفقاً للأصول.
وبعدما سُجّلت الوقائع المساقة أعلاه بوجه المدعى عليها بشكوى المدعي ومرفقاتها كافة وبالتحقيقات الاولية والاقوال الواردة فيها وبادعاء جانب النيابة العامة الاستئنافية وبتقرير خبير حوادث السير وبالتقارير الطبية وبأقوال المدعى عليها امام هذه المحكمة وبمجمل اوراق ومعطيات الملف الراهن، أصدر القاضي منصور القاعي مطالعته التالية: بالنسبة الى طلب إدخال شركة التأمين، فإنه من الثابت بموجب البوليصة المرفقة صورة عنها الى محضر التحقيق الاولي، ان السيارة مغطّاة من الشركة الضامنة التي كانت تقودها المدّعى عليها، وبخصوص الاضرار الجسدية التي تسبّبت بها للغير، فإنّ ذلك يوجب قبول طلب ادخال شركة التأمين في النزاع الحاضر في الشكل.
وبالنّسبة لموضوع النزاع، فانه من الثابت بموجب تقرير الخبير في حوادث السير الياس الحاج، كما بموجب محضر التحقيق الاولي بشأن حادث الاصطدام موضوع الملاحقة، فإن المدّعى عليها فقدت السيطرة على مقود سيارتها بحيث تخطّت حدود الطريق العام وصدمت المدّعي لتعود بعدها وتصطدم بشجرة ضخمة وتستقر هناك.
وحيث ان الخبير خلُص في متن تقريره الى اعطاء الوصف عينه، لذلك الذي اعطاه المدعي لكيفية وقوع الحادث،
وحيث ان المدّعى عليها أدلت خلال التحقيق الاولي معها بالشيء عينه الوارد في متن تقرير الخبير، لتعود وتدلي امام هذه المحكمة لدى استجوابها بان سيارتها انزلقت بفعل استعمالها المكابح بهدف تخفيف السرعة، غير انها اصطدمت بسيارة أخرى دون أن تدرك بانها صدمت شخصاً كان يسير على الطريق،
وحيث ان ما ورد أعلاه لا سيما منه اقوال المدّعى عليها نفسها، من شأنه أن يشكّل قناعة لدى المحكمة بأن المسؤولية عن وقوع الحادث، موضوع الملاحقة، تقع بكاملها على عاتق المدّعى عليها،
وحيث انه يقتضي تبعاً لما تقدّم بإدانة المدعى عليها سنداً للمادة 347 من القانون الرقم 243/2012،
وحيث أنه في ضوء مجمل معطيات الملف والمستندات المبرزة فيه، مع الاخذ بعين الاعتبار مدى جدية كل منها، كما في ضوء مدة التعطيل عن العمل والتبعات المعنوية والجسدية على الوجه المبيّن في متن تقرير الطبيب الشرعي الدكتور عبد الرحمن الحوت (عطل 2%) فضلاً عن التعويض عن الكلب العائد للمدعي كونه من عداد الاضرار اللاحقة بهذا الاخير، ترى المحكمة تحديد قيمة الاضرار كافة بمبلغ قدره سبعون مليون ليرة لبنانية، وإلزام المدعى عليها والمقرر ادخالها بدفعه الى المدعي بالتكافل والتضامن فيما بينهما.
وحيث انه يقتضي رد ما زاد او خالف إما لعدم الجدوى منه أو لكونه قد لقي رداً ضمنياً في معرض التعليل اعلاه.
لذلك، نحكم:
1- بإدخال شركة التأمين في النزاع سنداً للتعليل اعلاه.
2- بإدانة المدعى عليها شانتال المبيّنة كامل هويتها أعلاه سنداً للمادة 347 من القانون الرقم 243/2012 وحبسها مدة شهرين وتغريمها بمبلغ مليون ليرة لبنانية، وعلى أن تُحبس يوماً واحداً عن كل عشرة آلاف ليرة لبنانية من الغرامة إذا تخلّفت عن الدفع سنداً لأحكام المادة 54 عقوبات.
3- بإلزام المدعى عليها نفسها والمقرر ادخالها بالتكافل والتضامن بينهما بأن يدفعا للمدعي مطر مبلغاً قدره سبعون مليون ليرة لبنانية كبدل عطل وضرر.
4- برد ما زاد أو خالف إما لعدم الجدوى منه أو لكونه قد لقي رداً ضمنياً في معرض التعليل أعلاه.
5- بوقف تنفيذ العقوبة الجزائية موضوع البند (2) أعلاه بحق المدعى عليها في حال قيامها بتنفيذ الالزامات المدنية موضوع البند (3) السابق خلال مهلة قدرها شهران من تاريخ إكتساب هذا الحكم للصفة القطعية.
6- بتضمين المدعى عليها النفقات كافة.
حكم بمثابة الوجاهي بحق كلّ من المدعي والمدعى عليها والمقرّر إدخالها صدر وأفهم علناً في جديدة المتن.
