أميركية تلتزم القواعد الصحية
في أوّل تقرير توقّعي عالمي لوباء Covid-19 ولكلّ دولة على حدة، أعلن الدكتور كريستوفر موراي، مدير معهد المعايير الصحيّة والتقييم في كلية الطب في جامعة واشنطن، أنّ العالم سيشهد وفاة 2،8 ملايين شخص بحلول نهاية العام الحالي، وقد تصل الوفيات اليوميّة في كانون الأوّل إلى 30 ألف وفاة، أي أنّ الشهر المذكور سيشهد أيّامًا فتّاكة خصوصًا في أوروبا وآسيا الوسطى والولايات المتحدة. ومن الممكن عن طريق اتّباع إجراءات مثبّتة الفاعليّة، إنقاذ 770 ألف شخص حتى نهاية العام. والمقصود بالإجراءات الفاعلة هي: ارتداء الكِمامات واعتماد التباعد الاجتماعي ومنع التجمّعات الاجتماعية.
معدّ هذا التقرير هو الدكتور Christopher Murray طبيب وخبير اقتصادي صحّي، طوّر مجموعة من الأساليب الجديدة والدراسات التجريبيّة. وفي توقّعه الأخير، رسم خارطة طريق للإغاثة من وباء كورونا لاتّباعها، وتاليًا لإنقاذ حوالى 770 ألف شخص من الإصابة و30 ألف حالة وفاة قد تحصل يوميًا. وتقوم خارطة الطريق على 3 سيناريوات، الأوّل، وهو “الأسوأ“: استخدام الكِمامات، كما هو سائد حاليًا من دون التزام التباعد الاجتماعي، وهذا الوضع، ودائمًا حسب كريستوفر موراي، سيؤدّي إلى وفاة 4 ملايين شخص بحلول هذا العام. أمّا السيناريو الثاني ويصفه بــ “الأفضل“، فيقوم على استخدام الكِمامات بشكلٍ شامل مع فرض الحكومات مبدأ التباعد الاجتماعي. واتّباع هذا الطريق سيؤدّي إلى انخفاض الوفيات بحيث تصل إلى ملونَي حالة بحلول نهاية هذا العام، علمًا أنّ معدّل الوفيات هو 8 أشخاص للمليون الواحد. يبقى السيناريو الثالث والذي يراه “الأكثر احتمالاً” فيتمثّل باستخدام الكِمامات الفرديّة مع اعتماد التخفيف في الحجر بشكلِ متدرّج. والتوقعات هي أن يقضي الوباء على ما يقرب من 3 ملايين حالة.
وسواء اختارت الدول سيناريو من هذه السيناريوات، فإنّ رقم الوفيات سيزداد ويرتفع في جميع أنحاء العالم ليصل إلى 910 آلاف وفاة. وتعود هذه الزيادة جزئيًا إلى الارتفاع الموسمي المحتمل في حالات Covid-19 في النصف الشمالي للكرة. وما يثير الارباك أنّ وباء كورونا يتّبع أنماطًا شبيهة بالالتهاب الرئوي. وعلى هذا الأساس، يتوقّع الدكتور كريستوفر موراي مزيدًا من الحالات في أواخر الخريف والشتاء، ولهذا حذّر سكّان النصف الشمالي من الكرة الأرضيّة، والمقصود بها: بعض دول شمال أفريقيا، بعض دول أمريكا الجنوبية، دول أمريكا الوسطى والشمالية والدول الآسيوية وأيضا القطب المتجمد الشمالي. وينصح سكان هذه الدول بالحذر واليقظة، خصوصًا مع اقتراب فصل الشتاء لأنّ فيروس كورونا مثل الالتهاب الرئوي سيكون أكثر انتشارًا في المناخات الباردة. وفي هذا المجال أعطى صورة مخيفة عن الحالة، إذ قال: “لمعرفة ضخامة الأرقام فعلى المرء أن يتصوّر خمسين ملعبًا في العالم مملوءة بالجثث!”
يعتقد الدكتو ركريستوفر موراي، استنادًا إلى السيناريو “الأكثر احتمالاً” الذي وضعه معهد المعايير الصحيّة والتقييم أنّ ثمة دولاً ستشهد معدّلات عالية لوفيات الأفراد منها: جزر فرجين الأميركيّة، هولندا واسبانيا. وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإنّ حوالى 960 ألف حالة وفاة ستُسجّل نهاية هذا العام في أميركا الشمالية وأميركا الجنوبية وحوالى 668 ألفًا في المنطقة الأوروبيّة و80 ألفًا في افريقيا و169 ألفًا في اقليم شرق المتوسط و739 ألفًا في جنوب شرق آسيا و192 ألفًا في غرب المحيط الهادئ. وطالب قادة العالم بالتعلّم من الدول التي تمّ احتواء الفيروس فيها، خصوصًا تلك التي حدثت فيها موجات ثانية من الإصابات واتُخذت بشأنها إجراءات سريعة لمنع وقوع خسائر في الأرواح. ولا يرى الدكتور كريستوفر فائدة من اعتماد استراتيجية “مناعة القطيع” لأنّها تشكّل “الحالة الأسوأ” إذ ستسمح بانتقال العدوى عبر السكّان، ما قد يؤدّي إلى خسائر كبيرة في الأرواح. والمقصود بمناعة القطيع أن تصبح نسبة كبيرة من المجتمع مصفّحة ضد الفيروس عبر الإصابة به والتعافي منه. إنّ “مناعة القطيع“، ودائمًا حسب موراي، تتجاهل أسس العلم والأخلاق بالسماح بملايين الوفيات التي يمكن ألاّ يصيبها الفيروس إذا اعتمدت الوقاية. وهذا أمر يستحق الشجب.
ولم يكتفِ الدكتور موراي بهذا العرض (الذي هو مجرّد توقّعات مبنيّة على فرضيات) بل ذهب إلى حدّ تحديد الدول المعرّضة لنِسَب عالية من الوفيات في حالات السناريوهات الثلاثة: “الأسوأ” و“الأكثر ترجيحًا” و“الأفضل“. بالنسبة للسيناريو “الأسوأ” فسمّى هولندا، اسبانيا، جزر فرجين الأميركية، اليابان، السويد، رومانيا، اسرائيل، جمهورية مولدوفا، الولايات المتحدة، الجبل الأسود. في ما خصّ دول السيناريو “الأكثر احتمالاً“: بلجيكا، سان مارينو، البيرو، الاكوادور وفرنسا. وفي ما خصّ السيناريو “الأفضل“: كازاخستان، باناما، المكسيك وكولومبيا.
وفي تعليق له بعد إعلانه هذه التوقّعات، قال: “الناس أصبحت تضع الكمامات وتلتزم التباعد الاجتماعي لدرجة أكبر مع زيادة العدوى. المؤسف أنه بعد قليل، ومع تراجع الاصابات، يتخلّى هؤلاء عن حذرهم“. تابع: “إنّ بلوغ الوفيات في الولايات المتحدة الأميركية رقم 300 ألف وفاة يمثّل أربعة أضعاف عدد الأشخاص الذين يموتون بسبب تعاطي جرعات زائدة من المخدرات كلّ عام وأكثر من خمسة أضعاف عدد الذين يموتون بسبب الانفلونزا. وإذا صحّت هذه التوقعات، فمن المرجّح أن يكون فيروس كورونا هو السبب الرئيسي الثالث للوفاة في الولايات المتحدة لعام 2020، بعد أمراض القلب والسرطان، وسيكون قاتلاً أكبر من حوادث السير وأمراض الجهاز التنفسي السفلي المزمن والسكتة الدماغية ومرض الالزهايمر“.