وبما أنّ فرع المركبات هو الأكثر استقطابًا للناس كون بوالصه إلزاميّة لناحية الأضرار الجسديّة، فإنّ المشكلة توسّعت وكبُرَت في ظلّ التجاهل التامّ للوزارة المعنيّة التي أصرّت على موقفها على رغم أصوات ارتفعت للتحذير من هذا النهج الخاطئ المتمادي.
ولأنّ خبراء السير “يعملون على الأرض”، كما يُقال، وبالتالي فهم مطّلعون على الشاردة والواردة، فقد ارتأينا في “تأمين ومصارف” أن نُلقي الضوء على هذه الأزمة التي نأمل أن تزول مع تشكيل حكومة جديدة ووصول وزير اقتصاد أكثر تفهّمًا (ولنقل وعيًا)، وذلك بإجرائنا حديثًا موسّعًا مع نقيب سابق لخبراء السير على اطّلاع بالقوانين بدليل جَمْعها وإصدارها في كتاب، فضلاً عن اختباره الحوادث المروريّة، كبيرها وصغيرها، وأفتى فيها، علمًا أنّه قامَ أخيرًا، وبالتعاون مع زملاء له، بإنشاء “جمعية الثواني” التي أرادوها خشبة خلاص لوَقف النَزْف المستمرّ لحوادث السير في ظلّ عدم تطبيق القوانين. والنقيب المعني هو السيد نجيب شوفاني المُستشار في مواضيع حوادث السير والمحاضر فيها أمام قيّمين على شركات التأمين والبعض من هؤلاء يتولّى مراكز متقدّمة.
إنّ هذا الملف الغنيّ بالمعلومات والأرقام والشواهد، ينقسم إلى قسمَيْن، الأوّل يتعلّق بالأوضاع التي يعانيها فرع المركبات من خلال الحوار الذي أجريناه مع النقيب شوفاني. أمّا الجزء الثاني فقد ركّزنا فيه على “جمعية الثواني” (الحديثة المنشأ)، والتي تضطلع اليوم بمهمّات كبيرة، إعلامية وتثقيفيّة وإرشاديّة، لوقف مسلسل الموت الناتج من حوادث السير. والحوار بهذا الشأن أجريناه مع أمين سرّ الجمعيّة الخبير السيد ابراهيم أبو حيدر ذي الباع الطويلة في الأمور المرتبطة كذلك بالحوادث المروريّة.
فإلى الحديثَيْن في الأسطر التالية…
ج: بداية، اسمح لي أن أعود إلى قانون السير الصادر في العام 2012. فالمادة 353 منه تنصّ على إلزامية التأمين ضد الأضرار المادية والجسدية، ولتسهيل المهمّة، مَنَحَتْ المادة 419 مهلة سنة لإيجاد الآلية التطبيقيّة، ومن يومها، نسمع كلامًا وتصريحات أنّ في لبنان قانون سير جديدًا، وهذا صحيح ولكن، لا يزال حبرًا على ورق لعدم إقرار تلك الآلية.
أعود إلى سؤالك لأقول: هل يُعقل أنّ بوليصة التأمين الإلزامي ضدّ الغير لا تزال بسعر زهيد
لا يتخطّى الـ 60 دولارًا، أي ما يساوي تسعين ألف ليرة لبنانية إذا احتسبنا صرف الدولار على أساس السعر الرسمي المُعتمد؟ وما لا يعرفه حامل البوليصة هو أنّ ثمن هذه البوليصة يشمل تقدمة رافعة (بلاطة) من دون مقابل، فضلاً عن ضريبة تسدّد، وطوابع توضع، وحصّة من الأرباح يحصل عليها وسيط التأمين! ويشكّل هذا المجموع من الاقتطاع المالي نصف ثمن البوليصة، فيبقى النصف الآخر الذي يُدفع منه لخبراء السير! وهذا يعني أن شركة التأمين تتقاضى القليل القليل من ثمن بوليصة التأمين للمركبات ضدّ الأضرار الماديّة، ومن هذا القليل تسدّد تكاليف الحوادث المروريّة، وكلّ ذلك فيما نحن في وضع اقتصادي مأزوم تخطّى خلاله سعر صرف الدولار عتبة الـ8 آلاف ليرة لبنانية و«الحبل على الجرّار”. وفي ظلّ هذا الواقع، لا تزال وزارة الاقتصاد تمنع شركات التأمين من رفع أسعار بوالصها وقت ارتفعت أسعار قطع السيارات ارتفاعًا جنونيًا، بدليل أنّ القطعة الجديدة البديلة التي كان ثمنها 100 دولار أي 150 ألف ليرة لبنانية، أصبحت اليوم بمليون ليرة تقريبًا، فهل في خضمّ هذا الواقع، سيكون بإمكان شركات التأمين أن تستمرّ؟ الجواب طبعًا لا، ومن هنا فهي مُلزمة رفع أسعارها لأنّها لن تستطيع تحمّل هذه الأعباء طويلاً.
إنّ شركات التأمين تمامًا كالضمان الاجتماعي، فإذا كان الأخير يؤمّن الحماية الصحية لجميع المنتسبين إليه، فإنّ شركات التأمين تؤمّن الحماية للمضمون من أي حادث مروري قد يسبّب له أذى جسديًا او ماديا ومع الأسف، فإنّ مشكلة كبيرة جدًّا تواجه شركات التأمين حاليًا، ليس في فرع المركبات فقط وإنما في باقي الفروع التأمينيّة ومنها على سبيل المثال فرع الاستشفاء الذي يواجه مشكلة مماثلة.
ثمة من يقول أنّ شركات التأمين سجّلت في الماضي أرباحًا، فلا بأس ان انخفضت تلك الأرباح راهنًا أو هي لامست، في عائداتها، الخسائر. ويأتي الردّ أن الشركة ليست جمعية خيريّة بل هي توظّف أموالها وتعمل لتحقيق أرباح، علمًا أنّ لها التزامات مالية كثيرة من إيجار المبنى الرئيسي والفروع وتسديد الحقوق المالية للموظفين، واعادة التأمين إلى غير ذلك من الالتزامات…
ونعود إلى سؤالنا الأساسي: هل ستتمكّن شركات التأمين من تغطية الحوادث المرورية ببوليصة ثمنها ستون دولارًا؟
هنا اسمح لي أيضًا بهذه المداخلة، ففي العام 1998 كان سعر بوليصة تأمين السيارة مئة دولار وكانت تغطّي الأضرار المادية والجسدية معًا بمبلغ يصل إلى مئة ألف دولار! فهل يُعقل اليوم أن يكون سقف تغطية البوليصة الالزامية للأضرار الجسدية 750 مليون ليرة لبنانية، والمادية مائتي الف دولار بأقلّ من مئة دولار؟
لماذا لا نعود إلى تعرفة العام 1998 ونوزّع تغطية السيارات إلى أربعة شطور ؟ (حسب قوة المحرك لكل سيارة)، إذ هل يُعقل أن يدفع مالك سيارة “بيكانتو”، مثلاً، 60 دولارًا ثمنًا لبوليصة، ويدفع المبلغ نفسه وبالشروط نفسها، صاحب سيارة جيب تسير بـ 33 حصانًا؟ إنّ هذه الأسعار ثابتة منذ اكثر من عشرين سنة على رغم الغلاء، لهذا يجب أن يكون هناك تفاوت في الأسعار وعدالة في ثمن البوليصة ومنطق في تحديد سعر صرف الدولار بالنسبة لقطاع يعتمد بشكل أساسي على العملة الصعبة.
س: كخبير تتعامل مع شركات تأمين عدّة، هل هناك تفاوت في أسعار البوالص بين شركة وأخرى، وهل صحيح ما تردّد عن توقّف شركات عن قبول تسديد الأضرار إلاّ ضمن شروط معيّنة يحدّدها القيّمون عليها؟
ج: حتى الآن، لم تمتنع أية شركة تأمين عن تسديد الأضرار أو إقفال فرع الحوادث كما تردّد، علمًا أنّنا كخبراء نتعامل مع المسؤولين عن فروع الحوادث في شركات تأمين، وهؤلاء موظّفون لا يتخذون القرارات التي تبقى من صلاحيات أصحاب الشركة.
لذا أناشد الجميع، وبالأخصّ وزارة الاقتصاد والتجارة القيّمة على قطاع التأمين، إيجاد الحلّ سريعًا،علمًا أن العديد من كاراجات التصليح أوقفت أعمالها لعدم تمكّنها من الاستمرار إزاء الارتفاع المتدرّج للدولار إزاء العملة اللبنانية. ووفق الاحصاءات، فإنّ ما يقارب من400 ألف حادث مروري يسجّل سنويًا، ومن أسبابها: السرعة، احتساء الكحول، عدم احترام إشارات المرور، استعمال الخلوي، واليوم أضيفت الاطارات (الدواليب) إلى تلك الأسباب. ذلك أنّ المواطن لم يعد قادرًا على تغيير اطارات سيارته، فيما نحن على أبواب الشتاء! ولا تقف المشكلة عند هذا الحدّ، إذ بدأ هؤلاء يبحثون عن اطارات مستعملة بينما هناك بند في قانون السير يفيد أن “غوما” الدولاب يجب أن تكون بسماكة 1،6 ملم حسب المواصفات الأوروبية ومواصفات السلامة المرورية، وهذا لا يمكن أن نجده في الدواليب المستعملة. والأخطر من الدواليب، إن هناك من بدأ يبحث عن مكابح مستعملة!
س: والحلّ؟
ج: الحلّ يكمن في اتخاذ قرار يقضي بتثبيت سعر صرف الدولار لشركات التأمين، كما الحال مع المواد الغذائيّة! وهذه الخطوة مطلوبة من مصرف لبنان لأنّ ما نحن عليه لا يمكن أن يبقى على حاله!
إنّ سلامة المواطن من الحوادث المرورية هي مماثلة للسلامة الغذائيّة. لا أتكلّم هنا عن قطع السيارات مثل “الرفراف”، مثلاً، بل عن دواليب السيارة والمكابح وبعض القطع الميكانيكية الأساسية التي تحافظ على سلامة السائق من الحوادث. على الدولة أن تدعم هذه القطع مثلها مثل المواد الغذائية! ذلك أنّ الحوادث، وكما نعلم جميعًا، تزداد لأسباب عدّة أبرزها الطرقات غير المؤهلّة للسلامة المرورية، إن من ناحية الاسفلت أو الإنارة التي هي مهمّة جدًّا. ففي الدول العربية والاجنبية، مثلاً، تُعتمد إنارة للطرقات تُسمّى بـ“عيون القطط”، وهي كناية عن مسامير توضع على جانبَيْ الطريق وتعطي نورًا عندما يسلّط عليها ضوء السيارة، وتحدّد في الوقت نفسه حدود الطريق.
س: أين دور جمعيّة شركات التأمين في لبنان ACAL هنا؟
ج: جمعية شركات الضمان لاتتمتّع بقدرة الزامية، أي أنها لا تُلزم المنتسبين إليها بالقرارات التي تتّخذها، كما الحال مع نقابتَيْ المهندسين والمحامين. هي لم تحمل صفة Ordre وبالتالي بقيت قراراتها تحت باب التمنّي. بينما في معظم الدول العربية الاسعار تتبدل حسب الاجصاءات والنتائج كل سنة، وليس كما الحال في لبنان. برأيي، فإنّ جميع شركات التأمين في لبنان مقصّرة في اكتساب حقوقها، ومن ذلك على سبيل المثال، بوليصة التأمين الالزامي. لقد صدر قانون التأمين الالزامي في العام 1977، ولكنّه لم يُطبّق قبل العام 2003. ومن العام 2003 إلى 2009، كانت المستشفيات تمتنع عن إستقبال أي مُصاب جرّاء حادث مروري قبل أن يسدّد دفعة مالية على الحساب. وفي العام 2009، صدر مرسوم يحمل الرقم 2180 ومن بنوده: “إنّ على شركات التأمين تغطية حادث صدم لمشاة وبنسبة مئة بالمئة”، فهل يعقل أن تغطّي شركات التأمين تكاليف حادث لشخص كان يقطع الطريق تحت جسر العبور أو لشخص كان يسير على طريق ممنوعة على المُشاة؟ أكثر من ذلك: إذا حصل حادث بين ثلاث سيارات، اثنتان منها مؤمّنة والثالثة من دون تأمين وتكون هي المسبّبة للحادث، فعلى شركتَيْ تأمين السيارتَيْن المؤمنتَيْن تغطية الأضرار ومن ثمّ المطالبة بالحقوق ولكن ممّن؟ والأسوأ من كلّ ذلك، إذا حصل حادث بين سيارة تقطع الضوء الأحمر وأخرى ملتزمة بالقانون، يقع الحقّ على الاثنتَيْن معًا، والأعباء تتكفّل بها شركات التأمين.
لننتقل إلى الدرّاجات التي تُعتبر مركبات في قانون السير. فإذا حصل حادث بين سيارة ودراجة والأخيرة مخالفة وأصيب سائقها، فشركة تأمين السيارة مُلزمة بدفع خمسين بالمئة، فضلاً عن أنّ قائد السيارة يتوقّف في المخفر ويبقى محتجزًا إلى حين دفع تكاليف الأضرار الجسدية مئة بالمئة! فلماذا يجب على المواطن أو شركة التأمين، تحمّل هذه التكاليف وهي غير مسؤولة عن الحادث؟
أكثر من ذلك، فبوليصة التأمين الالزامي تغطي الضرر الجسدي حتى مبلغ 750 مليون ليرة، أي ما كان يوازي 500 ألف دولار أميركي. لكن بعد ارتفاع سعر صرف الدولار، أصبحت قيمة التغطية لا تتخطّى المئة ألف دولار أميركي. فهل هذا المبلغ يكفي لتغطية حادث أدّى إلى وفاة أو عجز دائم؟ فماذا تنتظر وزارة الاقتصاد لحماية المواطن؟
س: … وماذا تقترح للخروج من هذا الواقع؟
ج: برأيي، فالحلّ يكمن في أن تُطلق شركات التأمين منتجًا إضافيًا لزيادة التغطية على الأضرار الجسدية، بحيث تكون البوليصة الإضافية مكمّلة لتلك الالزاميّة وبذلك تتكامل البوليصتان لتوفّرا التغطية المادية المطلوبة، على أن يكون ثمن البوليصة الإضافية، وهي غير إلزامية،خمسة وسبعون الف ليرة لبنانية . باعتقادي أنّ هذا المبلغ الإضافي الذي ستحصل عليه شركات التأمين يغطّي لها ما ترتّب عليها من مصاريف إضافية إلى حين عبور هذه الأزمة الصعبة.
لقد بات معروفًا أنّ الحوادث المروريّة أصبحت مُكْلفة جدًّا اليوم. وأنا شخصيًا أعرف شركة تأمين دفعت مبلع 500 ألف دولار (أو ما يعادل 750 مليون ليرة لبنانية) لتغطية حادث نتج عنه إصابة شخص بعجز دائم. فلو أن البوليصة الموحّدة التي أُقرّت في العام 2012 والتي
لم يطبقها الوزراء المتعاقبون حتى تاريخه والتي تشمل التأمين الالزامي على الأضرار الجسديّة والماديّة معًا، لكانت وفّرت الأمان والحماية لشركات التأمين وللمضمونين في الوقت نفسه، لكن عدم التفاهم بين جمعية شركات التأمين وبين المؤسّسة الوطنية للضمان الإلزامي حالت دون ذلك. فضلاً عن أنّ جميع السيارات السورية الموجودة اليوم على الأراضي اللبنانية مُلزمة فقط بالتأمين على الأضرار الجسدية. ففي حال حصول حادث مروري لإحدى تلك السيارات مع مواطن لبناني، فمن يتحمّل المسؤولية؟
س: وما دور البطاقة البرتقالية؟
ج: البطاقة البرتقالية تغطّي المضمون حسب قانون الدولة التي يحصل فيها الحادث. ففي لبنان، مثلاً، التأمين الالزامي هو على الأضرار الجسدية فقط بينما في سوريا وباقي الدول العربية، فالتأمين الالزامي هو على الأضرار الجسدية والمادية، كما هو مفترض أن يكون الحال في لبنان منذ العام 2012، لو طُبّق القانون الذي صدر، آنذاك.
س: في حديث لوزير الاقتصاد والتجارة قبل فترة، ذكر أن شهر أيلول سيشهد دمج بوليصة الأضرار الجسدية وبوليصة الأضرار المادية ف بوليصة واحدة. فهل تعتقد أنّه سيتمكّن من تنفيذ هذا الوعد؟
ج: طبعًا، وكما أسلفنا فالبوليصة الموحّدة أُقرّت في قانون السير الجديد الصادر في العام 2012 وفي المادة 353 منه. لذلك بإمكان الوزير أن يتخّذ قرار التنفيذ متى يشاء لأنّ هذا القرار بيده ويساعد شركات التأمين على الاستمرار، وفي الوقت نفسه يخفّف الأعباء الكبيرة عن المواطنين المؤمّنين. وزيادة في المساعدة، نطالب مصرف لبنان بدعم قطع السيارات الأساسية مثل المكابح والدواليب والمقصّات وغيرها من القطع التي تساهم في السلامة العامة والتخفيف من الحوادث المرورية، تمامًا كما حصل في القطاع الاستشفائي لأنّ هذين القطاعَيْن معًا يؤمّنان الحماية للناس.
س: ما وضع خبراء السير اليوم في ظلّ هذه الأزمة؟ وكيف تقيّمون معاملة شركات التأمين معكم؟
ج: لدى معظم خبراء السير باب رزق ثانٍ كي يتمكّنوا من الاستمرار والعيش. كان الخبير يتقاضى مبلغ 30 دولارًا أميركيًا عن كلّ معاينة لحادث مروري أو ما يعادل 45 ألف ليرة لبنانية، أمّا اليوم، فقد أصبح البدل المادي للمعاينة الواحدة لا يتعدّى الـخمسة دولارات، وجرت العادة أن تأتي المطالبة بهذه الزيادة من نقابة خبراء السير، بالتنسيق مع جمعية شركات الضمان، وأنا على يقين بأنّ نقيب خبراء السير الزميل فؤاد فهد يطالب بزيادة أتعاب الخبير.
س: هناك اتّهام يوجّهه البعض لشركات التأمين مفاده أنّها جنت أرباحًا في الماضي، وفي زمن كورونا تراجعت حوادث السير بشكل ملحوظ جدًّا، تمامًا كما حصل مع البرنامج الاستشفائي بالنسبة للعمليات الجراحية التي تأجّلت بسبب الفيروس. هل صحيح أن حوادث السير خفّت في الأشهر الماضية وفق ما لديك من احصاءات؟
ج: منذ انتفاضة 17 تشرين الأوّل 2019، تدنّت نسبة الحوادث المروريّة، بحسب الاحصاءات، وبنسبة 50 بالمئة. على أنّ المشكلة لا تكمن هنا، إذ ان الحادث إيّاه الذي كانت قيمة أضراره تبلغ، مثلاً، مئة دولار، أي 150 ألف ليرة لبنانية أصبحت هذه الكلفة تصل إلى عشرة ملايين ليرة لبنانية. فإذا أجرينا مقارنة بسيطة، يتبيّن لنا أن الحوادث المرورية زادت ولم تتدنّ من الناحية المادية. وكما نعرف جميعًا، فإن الحادث الذي يحصل خلال زحمة السير يكون بسيطًا، ولكن الحادث الذي يحصل عندما يكون السير خفيفًا بسبب السرعة، يكون خطيرًا ويتسبّب بإصابات جسدية، وتأتي الكلفة باهظة. لذلك، لا يمكن أن يُقال أن شركات التأمين خلال هذه الفترة الماضية قد ادخرت، بل على العكس، هي تحمّلت أعباء مالية إضافية رغم انخفاض عدد الحوادث.
أن عدد السيارات التي كانت تدخل بيروت تدنّت بنسبة كبيرة خلال فترة كورونا، إذ كان يدخل يوميًا من البقاع 9 آلاف سيارة بدلاً من 55 ألفًا في الأيام العادية، وعدد مماثل من الشمال بدلاً من مئة ألف سيارة، وعشرة آلاف من الجنوب بدلاً من 65 ألفًا، وهنا، نستنتج، تلقائيًا، أن عدد الحوادث تدنّى. ولكن المشكلة تكمن في زيادة حجم الحادث إلى درجة أن شركات التأمين لم تعد قادرة على تحمّل أعباء إضافيّة لأنّها تقبض باللبناني على سعر دولار رسمي هو 1515 وتدفع الفواتير بالعملة الصعبة أو وفق دولار يلامس سعره العشرة آلاف ليرة.
س: في لبنان ما يزيد عن مليون ونصف المليون سيارة، العدد الكبير ومنها غير مغطّى إلزاميًا، وليس هناك مَنْ يتابع هذا الموضوع. ما الحقيقة؟
ج: في لبنان مليون و800 ألف سيارة، بحسب الاحصاءات التقديريّة، منها مليون و400 ألف اشترى أصحابها بوالص تأمين الزاميّة، وفق ما تشير إليه جمعية شركات الضمان، ما يعني أن هناك حوالى 400 ألف سيارة غير مغطاة، بينها 700 ألف سيارة تخطّى عمرها العشرين سنة. وللأمانة، فإنّ قروض السيارات التي كانت تؤمّنها المصارف أفادت كثيرًا ولعدّة نواحٍ، أهمّها التأمين الالزامي والتأمين الشامل Tourisque، والبوليصتان مُلزم بهما صاحب القرض، ما يعود بالنفع على شركات التأمين. إضافة إلى أنّ غالبية السيارات أصبحت حديثة الصنع وبذلك تراجعت السيارات القديمة المُستهلكة، علمًا أنّه في العام 2009، دخل إلى لبنان 76 ألف سيارة مستعملة بينما تمّ استيراد 24 ألف سيارة مستعملة في العام 2019 فقط. وبالنسبة للسيارات الجديدة، تمّ بيع 37 ألف سيارة في العام 2017 لينخفض العدد إلى 22 ألفًا في العام 2019، وسبب تدنّي النسبة يعود إلى انطلاق انتفاضة 17 تشرين الأوّل وانتشار جائحة كورونا. وتوقف القروض. أمّا اليوم، فمبيعات السيارات الجديدة شبه متوقّفة بسبب الظروف الاقتصادية الخانقة، ما جعل اللبناني يبحث عن سيارة مستعملة، وهذا غير مستغرب لأنّ ثمن السيارة الذي كان يساوي 10 آلاف دولار، أي ما يوازي 15 مليون ليرة لبنانية، أصبح اليوم 70 مليونًا!! والمشكلة الأكبر من ذلك، أن وجود السيارات القديمة في الطرقات سترفع من نسبة الحوادث وستكون خطرًا على السائق، كما على المواطنين الآخرين، وهذا عبء إضافي على شركات التأمين.
س: وماذا عن الشاحنات؟
ج: الجميع يعرف أن نسبة حوادث الشاحنات أكبر من تلك التي تحصل مع السيارات. ولذلك أسباب، أهمّها أن المصنّعين لها في بلد الانتاج مثل المانيا أو السويد يحدّدون نسبة الحمولة التي بإمكان الشاحنة، كما السيارة، تحمّلها، فيأتي المشترع اللبناني ليزيد الحمولة بنسبة 20 بالمئة على الأقل، من دون أن يدرك المخاطر المتأتية من هذا التصرّف. ومن المعروف أنّ الشاحنة التي تستوعب عشرة أطنان، مثلاً، يجب علينا تحميلها تسعة أطنان وليس أحد عشر طنًّا لأن الزيادة
لا تعود تسمح للمكابح والدواليب و”الفيتاس” وغيرها من القطع الأساسية للمركبة تحمّل تلك الزيادة، ما يؤدّي إلى حوادث كبيرة ومميتة. في لبنان صدر قرار يحمل الرقم 374 في العام 1973 ينصّ على ضرورة وضع دفاع أمامي وخلفي للشاحنات أعيد الأخذ بها في قانون السير الجديد (المادة 85). لكن اللافت أن لجميع الشاحنات دفاعًا أماميًا وليس لأكثريتها دفاع خلفي. ونعلم أنه في حال عدم وجود دفاع خلفي، فبإمكان السيارة في حال حصل حادث أن تدخل تحت الشاحنة إذا لم يكن هناك ما يردع، فيموت السائق ومن معه أيضًا. لذا أناشد وزارة الداخلية والبلديات ومصلحة تسجيل السيارات أن يتمّ رفض كلّ شاحنة تدخل إلى المعاينة إذا لم يكن لديها دفاع أمامي وآخر خلفي، فضلاً عن ذلك، نطالب جمعية شركات الضمان بإلغاء الفقرة التي تنصّ على السماح للمركبات بـزيادة 20 بالمئة على الحمولة المسموح بها. وثمّ اين القبابين على الطرقات لقياس الحمولة!
أمّا بالنسبة للباصات، وفي القرار نفسه (374)، فيجب أن يكون لكلّ باص بابان لجهة اليمين، أمامي وخلفي، إضافة إلى باب السائق لكي يتمكّن ركّاب الباص من الخروج في حال حصل، لا سمح الله، أي حادث على أحد الأبواب. ولا يزال اللبنانيون حتّى اليوم يشترون الباصات التي ليس لديها سوى بابَيْن واحد على الشمال وآخر على اليمين، وهذا مخالف للقانون. والسؤال: هل توجد شروط السلامة على غالبية الباصات في لبنان؟ هل يوجد حزام أمان فيها؟ الجواب لا، بدليل حوادث الباصات الدائمة وسقوط قتلى وجرحى بسبب تجاوز القانون والقفز من فوقه!
لذا أتساءل: إلى متى سنبقى مستهترين في هذا الموضوع؟ فيما لدينا أفضل القوانين التي لا نطبّقها! فالمادة 19 من قانون السير الجديد، مثلاً، تفرض على سائقي السيارات العمومية التوقّف في أماكن مخصّصة لنقل الركّاب. فهل لنا أن نسأل الوزارات المعنية كالداخلية والأشغال، أين هي تلك الأماكن؟ إنّ عدم تخصيص أماكن معدّة لها لاخذ الركاب يُعتبر من الأسباب الأساسية في رفع نسبة الحوادث، لأن سائق السيارة العمومية أو الباص يتوقّف فجأة عندما يرى راكبًا على الطريق، والسيارة التي تسير خلفه ستكون معرّضة إلى درجة كبيرة للاصطدام به من الخلف. لذلك نناشد هذه الجهات المسؤولة أن تضع علامات للسائقين وتمنعهم من التوقّف في أماكن أخرى، وهذه المبادرة ليست مكلفة كثيرًا.
هناك مسألة في موضوع حوادث السير يجب أن أتطرّق إليها، عنيتُ بها عبور المشاة تحت جسر نهر الموت الحديدي الذي يربط “السيتي مول” بالجديدة ، وما يشكّله هذا العبور من مخاطر على حياة العابرين. وتكمن الخطورة في أنّ السيارات لا توقف سيرها للسماح للمشاة بالانتقال من ضفة إلى ضفة، وإذا أوقفت، حصلت اصطدامات لا محال. صحيح أن هناك إشارة سير للمشاة، ولكن التيار الكهربائي غالبًا ما يكون مقطوعًا، وخصوصًا في الليل.
ولمعالجة هذه القضية، توجّهنا، كجمعية ثوان، إلى ACAL والتقينا أمين عام جمعية شركات الضمان السيد جميل حرب، وعرضنا عليه مشروع تركيب سلّم للصعود فوق الجسر الحديدي لمساعدة الناس على العبور من دون أن يضطرّوا إلى قطع الأوتوستراد ويعرّضوا أنفسهم للخطر. سَأَلنا السيد حرب عن تكاليف هذا المشروع، وبعد دراسة قمنا بها مع مهندس، أبلغناه بأن التكلفة تصل إلى خمسة آلاف دولار، فأعرب عن استعداد ACAL لدفع تلك التكاليف، إذ كان يهمّ جمعية شركات الضمان، كما يهمّنا جميعًا، تأمين السلامة المواطنين. وكان لا بدّ هنا من أن نراجع وزارة الأشغال المسؤولة عن التنفيذ، لكنّنا لم نتمكّن من التواصل مع الوزير بل مع مستشاريه، وكان جوابهم سلبيًا، إذ أبلغونا أنه ممنوع على السيارات والباصات والأوتوبوسات التوقّف على الاوتوستراد، مع العلم أنّ المادة 43 من قانون السير الجديد “يحظّر الباصات وسيارات الأجرة من الوقوف والتوقّف على الاوتوستراد في غير المحل المخصّص لها لأخذ الركّاب”. فماذا يمنع أن تكون هذه النقطة نقطة توقّف للباصات؟ نحن نعيد الطلب لوزارة الأشغال، علمًا أن التكلفة قد ارتفعت نسبتها اليوم ولكن من واجبات الوزارة تأمين السلامة المرورية للجميع وخاصة للذين يعبرون هذه الطريق أو طرقات مماثلة. يجب تركيب هذا السلّم لتفادي الحوادث وتأمين السلامة للمواطنين. ففي بعض الأحيان، يجب ألاّ يطبّق القانون ولكن يجب أن نتحلّى بالإنسانية ونمارسها.
ومع أنّ قانون السير قد ركّز على وضع إشارات في مكان وقوف الباصات ومكان وقوف التاكسي، إلاّ أنّ هذه الإشارات، مع الأسف، لا وجود لها على اوتوسترادات لبنان، ولهذا، كلّما رأى سائق الباص أو التاكسي راكبًا، يتوقّف حالاً. وهذ تقصير من وزارة الأشغال ومن المعنيين لقانون السير. دعونا نفتّش عن طريقة لتخفيف العبء عن المواطنين.
تبقى مشكلة المشاكل وهي الدراجات. إنّ معظمنا يعتقد أن سائق الدراجة الناريّة الصغيرة ليس بحاجة إلى إجازة سَوْق، ولكن القانون يلزم كلّ سائق لها ومهما يكن نوع الدراجة أو حجمها، بأن يتزوّد بمثل هذا المستند. في القانون السابق كان يُسمح لكلّ من يحمل إجازة سَوْق أن يقود دراجة ناريّة بغضّ النظر عن نوعها، ولكنّ قانون السير الجديد، ألزم سائق دراجة قوّة محرّكها تحت 125 CC، الحصول على إجازة سَوْق مختلفة عن إجازة سَوْق درّاجة محرّكها فوق 125 CC. وفي ما خصّ سائق الـ ATV فهو بحاجة إلى إجازة مختلفة عن الاثنتَيْن.
إنّ استعمال الدراجات في جميع أنحاء العالم، وسيلة حضارية تخفّف من التلوث وينتقل بها الانسان إلى عمله لتحاشي زحمة السير ويكون ملتزمًا قانون السير في بلاده وبحيث لا يسير بشكل متعرّج بين السيارات وعلى يمين الطريق، أي كما يحصل في لبنان. وبعدما كثُرت في لبنان مشاكل الدراجات النارية، صدر في العام 2003 قرار رقمه 124 ونال موافقة شورى الدولة، ينصّ على أنّه يُمنع وجود أكثر من شخص على الدراجة حتّى ولو كان هذا مسموحًا من الشركة المصنّعة. وصدر هذا القرار الذي طالبت به وزارة الداخلية لأن وجود شخصَيْن على الدراجة الواحدة، يسمح للجالس في الخلف بأن يسرق أو يطلق النار أو يقوم بأي عمل مخالف للقانون والأخلاق، في حين أنّ وجود شخص واحد أي السائق، فلن تحصل كلّ هذه الأمور. لكن القرار لم يُطبّق وعلينا أن نسأل عن السبب في ظلّ مشاهد مخيفة كأن نرى أفراد عائلة بكاملها على الدراجة، وهذا ما قد يؤدّي إلى إصابات عدّة إذا حصل أي حادث، لا سمح الله، علمًا أنّ القرار المذكور يُلزم كلّ شخص يرغب في قيادة دراجة ناريّة أن يتوجّه إلى وزارة الداخلية ويقدّم تعهّدًا بالالتزام بالقانون وبيده إجازة سَوْق. وغنيّ عن القول أننا نحترم سائقي الدراجات الملتزمين بالقانون وبالسلامة المرورية.
س: كيف تتعامل شركات التأمين مع حوادث الدراجات النارية؟
ج: كأية مركبة، فبنود القانون تُطبّق على سائق الدراجة. هناك تغطيات تأمينيّة لها ولكن غالبية سائقيها لا يؤمّنون. يجب على ACAL وعلى شركات التأمين مطالبة وزارة الداخلية بتطبيق قوانين السير للتخفيف من الأعباء. والإضافة إلى ذلك، نحن نعرف جيّدًا أن عددًا لا يُستهان به من سائقي السيارات العمومية والشاحنات لا يحملون الجنسية اللبنانية في حين أن قانون السير واضح: لا يُعطى إجازة سَوق عموميّة إلاّ للبنانيّين! ولا يُخفى على أحد أن غالبيّة الباصات الموجودة في لبنان يقودها سوريّون، وهذه مخالفة، إذ لا يحقّ للسوري قيادة باص أو سيارة عمومية، وفق التعميم الصادر في العام 1995عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ذي الرقم 452. يحقّ للسائق السوري قيادة سيارة سياحية خصوصية أو دراجة فقط لا غير، وإذا أراد قيادة سيارة عمومية عليه التوجه إلى وزارة العمل والحصول على إجازة عمل سائق وليس إجازة عمل مزارع! ومن هذا المنطلق، نتمنّى على شركات التأمين التمنّع عن تغطية أي حادث يكون فيه سائق السيارة العمومية أو الشاحنة أو الباص غير لبناني، تطبيقًا للقوانين، وللمواطن اللبناني لكي يتمكن من العمل. فعندما تُلزم شركة التأمين صاحب الباص أو الشاحنة أو السيارة العمومية بتسليم المركة إلى سائق لبناني وإلاّ لن تتمكّن من تغطية أي حادث قد يحصل، عندها تُلزم صاحب المركبة على توظيف لبناني.
س: ماذا عن الباصات الصغيرة (الفانات) التي تضع لوحات أرقامها مستنسخة؟
ج: يوجد الكثير منها، ولو ان الوضع في لبنان مستقر لكانت اللوحات الرقمية الحالية استُبدلت بلوحات ذات أرقام ذكية لا يمكن أحدًا أن يأخذ رقمَيْن، كما حصل ويحصل، وهذا هو الهدف من تلك الأرقام الجديدة. في النهاية، نحن نعيش في بلد كلّ ما هو غير قانوني مسموح! ففي سوريا مثلاً، إذا أراد أي أجنبي قيادة سيارة عمومية، يجب عليه أن يعيش على الأراضي السورية أكثر من خمس سنوات، ومن بعدها يجب أن يحصل على إذن من وزارتَي الشؤون والداخلية.
س: وماذا عن إجازات السَوق في لبنان؟
ج: أبدأ بالقول أنّه ليس ممكنًا الحصول على إجازة سوق دون الخضوع للامتحانَيْن، النظري (التعرّف إلى إشارات السير) والتطبيقي أي القيادة أمام لجنة فاحصة، وهو بدائي جدًّا جدًّا. أسمح لنفسي أن اقول أنّنا متخلّفون في لبنان كثيرًا. هناك قرار صدر في العام 1969 رقمه 87، لو طبّق منذ صدوره لكان في لبنان أفضل السائقين الذين يعرفون أصول القيادة وقوانينها. ينصّ القرار المذكور على أنّ امتحان القيادة يجب أن يحصل في مدينة مرورية، تشمل كلّ التقاطعات والمستديرات وإشارات السير والخطوط الأرضية، ومثل هذه المدينة لا وجود لها أصلاً في لبنان! وحتى اليوم، لا يزال المتقدمون للامتحان يخضعون لإجراءات منها ركوب السيارة، فتقديمها قليلاً ثمّ إرجاعها إلى الوراء، فنيلهم إجازة السوق، علمًا أن رئيس لجنة الأشغال النيابيّة طالب بإخضاع المتقدّم لنيل شهادة سَوْق، لامتحان على الطريق العام لمدّة 20 دقيقة، ولكن قراره لم ينفّذ حتّى تاريخه.
إنّ القرار المذكور الذي لم يطبّق، ينصّ على إنشاء مدينة مرورية يوجد فيها كلّ ما ذكرناه آنفًا لكي يتمكّن سائق السيارة من التعرّف على كلّ ما سيصادفه في أثناء القيادة. فمثلاً: على السائق أن يعرف بعض القواعد الأساسية للقيادة. فإذا كان داخلاً إلى مستديرة، فمن واجباته التوقّف لتأمين طريقه، فضلاً عن التقاطع، يجب أن يعرف لمن الأفضلية والخطوط الارضية والباب الاول من قانون السير وبذلك تخفّ الحوادث. إذًا، تعليم القيادة في لبنان لا يزال متخلّفًا إلى درجة أنّ أكثريّة من يحصلون على إجازات سوق لا يعرفون لماذا توضع الإشارات الأرضية!! وهي بالنتيجة إشارات سَيْر مثلها مثل الإشارات الضوئيّة التي يجب أن يعرفها السائق ليتجنّب الحوادث!!
من هنا، فالمطلوب إنشاء مدينة مرورية تتضمّن كلّ ما يلزم لتعليم القيادة: من إشارات ضوئية وإشارات أرضية، والأولوية للتقاطعات والمستديرات، فضلاً عن أنّه من الواجب إدخال قانون السير في المنهج المدرسي.
ففي العام 2010، وكان الدكتور حسن منيمنه يومها وزيرًا للتربية، تشكلّت لجنة لنشر كتيّب عن قانون السير لإدخاله في المنهاج الدراسي في صفوف البريفيه والثانويات، وعلى أن تكون هذه المادة أساسية مثلها مثل التاريخ أو الجغرافيا، لأنّ جهل مادة قانون السير أو إهمالها ربما يؤدّي إلى الموت. نحن نناشد اليوم وزير التربية والمعنيّين بالتنبّه إلى خطورة هذا الموضوع وتجنّب خسارة الشباب بسبب حوادث السير، والعودة إلى مشروع الدكتور منيمنه. حينها، كنت أشغل منصب نقيب خبراء السير وحللت عضوًا في اللجنة التي تألّفت لهذا الغرض، بحكم موقعي وخبرتي. كذلك أتمنّى على اللجنة الوطنية للسلامة المرورية التي تهتم اليوم بالسَيْر، أن تصرّ على مشروع الكتَيْب وأن يكون مادة أساسية في المنهج المدرسي.
س: شاركت وزميلك أمين سرّ “جمعية الثواني” ابراهيم أبو حيدر في نشر كتابَيْن “القانون وخبراء السير” و”معًا نحو طريق آمنة”. ما كانت الغاية منهما وهل تعمّمت فائدتهما؟
ج: كتاب “معًا نحو طريق آمنة” هو من تأليفي مع زميلي ابراهيم أبو حيدر عندما كنتُ نقيبًا لخبراء السير، وهو موجّه إلى كلّ مواطن يريد أن يتعلّم القيادة، لأنّ فيه المعلومات الكاملة المتعلّقة بالمناورات وإشارات السير مع تفسير واضح لكلّ واحدة منها، وقد أطلقنا هذا الكتاب بمساعدة مادية من بعض شركات التأمين. وزّعنا القسم الأكبر منه وبيع ما تبقّى، ولكن مع الأسف لم نحصل على أية إفادة منه، على رغم أنّه كتاب مشغول جيّدًا وبطريقة علميّة. في ما خصّ كتاب “القانون وخبراء السير” فهو من تأليفي وهو من جزءَيْن، الأوّل يحتوي على مئة حادث مصوّر وموجّه إلى كلّ مواطن ليكتسب خبرة في موضوع السير وأفضليّة المرور على الطريق، فضلاً عن ذلك، فهو يساعد من يطّلع عليه على مناقشة الخبير، أمّا الجزء الثاني فخاصّ بخبراء السير ومهتمين، إذ جمعت فيه كلّ القوانين المتعلّقة بخبراء السير (قانون الموجبات والعقود، قانون المحاكمات المدنية،…) وللأسف، أسمح لنفسي أن أقول أنه حتى اليوم، نقابة خبراء السير لم تستحصل عليه، على رغم أنّ الكتاب عُرض على النقابة بسعر خمسة آلاف ليرة لبنانية، ومع ذلك رُفض العرض!