طفل مُصاب يستعين بآلة تنفّس
د. غالب خلايلي
في تقرير حديث صادر عن الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال AAP يوم 4 أيار الماضي، أن حالات كوفيد 19 ازدادت عند أطفال الولايات المتحدة بشكل ملحوظ، من 3% من إجمالي الإصابات قبل عام، إلى 22,4%.
ويربط الخبراء هذه الزيادة بعدة عوامل، منها: معدلات التطعيم المرتفعة بين كبار السن (حيث أعلنت الولايات المتحدة مؤخراً تلقيح مئة مليون شخص)، تخفيف القيود على الأنشطة المدرسية، ما سمح باختلاط الطلاب بعضهم ببعض. وأوضح الدكتور شون أوليري، نائب رئيس لجنة الأمراض المُعدية التابعة للأكاديمية (وأستاذ طب الأطفال في جامعة كولورادو ومستشفى الأطفال فيها) أن التطعيم ذو دور في تغيير تركيبة الفئات التي ستصاب بالعدوى.
أمّا الأعراض فبسيطة عند الأطفال إلا ما ندر:
– يؤثر الداء التاجي على المرضى الكبار والصغار بأعراض باتت معروفة (تنفّسية، جلدية، هضمية، عصبية..)، ويبقى الأطفال آمنين نسبياً، لضعف نُضج مستقبلات كوفيد لديهم.
غير أن هناك تقارير تحدثت عن حالة شديدة تصيب ندرةً من الأطفال، في أثناء الإصابة بالحمة التاجية، أو بعد 2-6 أسابيع من الإصابة، تبدو كأنها استجابة مناعية مفرطة تجاه الحمة التاجية، وتدعى: متلازمة الالتهابات الجهازية المتعددة عند الأطفال Inflammatory Multisystem Syndrome in Children (IMS-C)
وإذا كان من النادر حدوث مشكلة خطيرة عند الأطفال المصابين بكوفيد 19، غير أن عدة بلدان أبلغت عن حالات أطفال أدخلوا العناية المشددة بسبب مرض شديد تشبه أعراضُه داء كاوازاكي أو متلازمة الصدمة السُّمّية. وقد عرّفت منظّمة الصحة العالمية المتلازمة كالتالي: حمّى شديدة لـ 3 أيام أو أكثر عند الفئة العمرية بين 0 – 19 عاماً، مع اثنين من المظاهر التالية:
- طفح أو التهاب جلدي مخاطي (الفم: تشقّق، احمرار، اليد والقدم: تورّم اليدين والقدمين) أو التهاب ملتحمة غير قيحي (احمرار العين).
- هبوط ضغط أو صدمة (Shock).
- اضطراب عمل القلب، أو التهاب التأمور (الغشاء حول القلب)، أو التهاب صِمَامات القلب، أو مرض الشرايين الإكليلية (مع موجودات بأمواج الصدى، أو ارتفاع نسبة (Troponin/NT-proBNP).
- اعتلال تخثري (خلل PT و PTT، ارتفاع d-Dimers).
- مشكلات مِعدية مِعوية حادة (إسهال، قيء، ألم بطني).
فضلاًعنذلك:
– ارتفاع نسبة المُشعرات الالتهابية مثل سرعة التثفل ESR، والبروتين الارتكاسي C-RP، أو ارتفاع البروكالسيتونين.
– غياب أي سبب جرثومي واضح، بما في ذلك الخمج الجرثومي أو متلازمة الصدمة الإنتانية.
– وجود دليل على المرض التاجي 19، أو قصة اختلاط مع مريض بالداء التاجي.
في هذه المتلازمة يحدث التهاب في أجزاء حيوية مختلفة من الجسم، لكنها في نهاية المطاف تتماثل في معظمها للشفاء بعد الحصول على الرعاية الطبية المتقدمة، فيما قد يتعرّض بعض الباقين للمخاطر.
وماذا عن تطعيم الأطفال ضد كوفيد؟
يبدو تطعيم الأطفال أمراً لا بدّ منه مع تنامي معلوماتنا عن المرض واللقاح، درءاً لحدوث مشاكل طبية خطيرة، ولو كانت نادرة الحدوث. وقد سمحت وكالة الدواء والغذاء الأميركية بتطعيم اليافعين بطعم فايزر بيونتيك بدءاً من عمر 16 سنة في 11 كانون الأول 2020، ثم بتطعيم الأطفال بدءاً من عمر 12 سنة في 10 أيار 2021، كما أعلنت الصين في أوائل حزيران 2021 أن لقاح سينوفارم صالح للأطفال فوق عمر السنتين.
وقد أظهرت الدراسات حول تلقيح الشبّان أنهم عانوا أكثر من العرواء (البردية) بعد الجرعة الثانية بنسبة 42% مقارنة بـ 35% عند الفئة الأكبر، كما عانى بعضهم أعراضاً بعد يومين من الجرعة الثانية مثل: الألم مكان الحقن، والتورّم والاحمرار، والحمّى، وألم المفاصل والعضلات، والتعب، والدعث (اقشعرار وفتور وصداع في أول المرض)، والغثيان، واعتلال الغدد اللمفاوية.
الأخطر هو ما نُشِر في مجلّة طب الأطفال الأميركية (Pediatrics). فقد تناول أحد المقالات قصّة 7 شبّان أصحاء أصيبوا بمشاكل قلبية (التهاب عضلة قلبية Myocarditis أو التهاب عضلة قلبية وتأمور Myopericarditis) خلال 4 أيام من الجرعة الثانية للقاح فايزر (الذي تلقوه في نيسان وأيار 2021)، إذ أصيبوا بألم صدري مفاجئ، وحمى، دون أن يوجد لديهم دليل على الإصابة بالداء التاجي. لكن الدراسة لم تستطع أن تربط تلك الحالات باللقاح بشكل مباشر، لندرتها بين الذين أخذوا اللقاح، وندرة المرضين بشكل عام. وقد عولج المرضى السبعة، ثلاثة منهم بإعطاء مضادات الالتهاب غير القشرانية NSAID، مثل الباراسيتامول، وأربعة بإعطاء الكريوين المناعي بالوريد IVIGوالكورتيزون، فتحسنوا جميعاً، ونصحوا بتجنّب المنافسات الرياضية والجهد العالي ثلاثة أشهر على الأقل.
وفي هذا المجال، ذُكر أن التهاب العضلة القلبية بعد اللقاح قد يحدث أيضًا بعد لقاحات أخرى ولاسيما لقاح الجدري البقري Smallpox. كما ذكرت الأنباء أن التهاب العضلة القلبية قد وُصف عند متلقّي لقاح فايزر (بين 18-30 سنة) بنسبة 1 على عشرين ألف شخص، مغ غلبة إصابة الذكور، علماً أن نسبة الحدوث العامة أقلّ من ذلك بكثير بغير لقاح، وتكون بحدود 2 على مئة ألف.
وفي الختام نقول: إن تلقيح الكبار أولوية، ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، لأن دون ذلك عقبات كبيرة في الدول الفقيرة، ويأتي بعد ذلك خيار تطعيم الأطفال، لتجنّب متلازمة الالتهابات الجهازية المتعددة، على أن تبقي أعيُن الأطباء مفتوحة على الحالات النادرة التي قد تعاني من ألمًا صدريًا تاليًا للقاح.