البروفسور ايريك رينجلشتاين
في نيسان من كلّ عام تختار جمعيّة إصابات الدماغ الأميركيّة Brain Injury Association of America موضوعًا مرتبطًا باختصاصها لالقاء الضّوء عليه. ونظرًا إلى التداعيات الصحيّة للفيروس المستجد كوفيد وإمكانيّة تأثيره على الدّماغ، فقد اختارت هذا الجانب لتتناوله بإسهاب بعد ظهور مؤشّرات عديدة عن تأثيرات هذا الفيروس على الحالة الدماغيّة، ولهذا أطلقت عنوانًا لهذا الموضوع المثار في هذه المناسبة: “ماذا بعد الإصابة بكوفيد، وما هي التأثيرات الجانبيّة على الأعصاب عامّة والدماغ على وجه التحديد”.
ولم يأتِ هذا الاهتمام من عدم، بل أنّ الفحوص السريريّة التي عادة تركّز على أمراض الجهاز التنفّسي عند وقوع الإصابة، بيّنت أنّ أمراضًا عصبيّة ظهرت بشكل متزايد في المرضى المصابين بــ Sars-Covid 2.
ووفق The Lancet، المجلّة العلميّة الدوريّة البريطانيّة الأكثر تميّزًا بالعالم، (وبالمناسبة هي التّي حذّرت من مخاطر عقار الكلوروكين على مرضى كورونا في مقال نُشِر في 22 أيّار 2020)، تناولت في عددها الأخير الأعراض العصبيّة التي قد تظهر على مصابي كوفيد، ومنها: فقدان حاسة الشم، الاعتلال الدماغي، التهاب الدماغ والنخاع والحبل الشوكي الحاد المنتشر، متلازمة Guillain Barré، السكتة الدماغية الإقفارية، نزيف المخ الداخلي، الأمراض الوعائية الدماغية الأخرى، تغيّر الحالة العقلية، الذهان، المتلازمة الإدراكية العصبية (المماثلة للخرف) والاضطراب العاطفي.
البروفيسور Erich Ringelstein، طبيب الأعصاب في مركز العلوم العصبية الألماني بدبي، قال عن هذا الموضوع: “لقد بات الوعي بإصابات الدماغ المكتسبة أكثر نضوجًا هذا العام من أيّ وقت مضى، سواء في الأبحاث الدوليّة أو لناحية التوسّع بالفحوص السريريّة التي أجريت بشكل خاص في مركز دبي. لقد أصبحت المضاعفات العصبية واضحة، إن من ناحية الأعراض الخفيفة، مثل فقدان حاسة الشم، وصولاً إلى السكتة الدماغية”. أضاف: “ما يتطلّب المزيد من الفهم هو أي نوع من إصابات الدماغ هي التي من المحتمل أن يتطوّر ليُصبح حالة مزمنة ذات آثار دائمة، بعد فترة طويلة من “الشفاء” الأولي. لذا تتطلب الحالات المزمنة إشرافًا مستمرًّا كجزء من سلسلة الرعاية المتواصلة، بالإضافة إلى دعم تكاليف الصحة العقلية التي يمكن أن يتكبّدها المصابون في حال كانت الإصابة مزمنة”.
إشارة إلى أنّ مركز العلوم العصبية الألماني يُعدّ أحد عيادات طب الأعصاب والطب النفسي وعلم النفس الرائدة في دبي، وهو ومنذ أكثر من عشر سنين، يقدّم مجموعة من الخدمات للبالغين والأطفال، بما في ذلك أحدث التشخيصات والعلاجات العصبية والطب النفسي وعلم النفس والاستشارات والعلاج النفسي. لدى العيادة شراكات قوية مع أكبر مستشفى جامعي في برلين، جامعة Charité وVivantes Hospital Group.
وبانتظار نيسان المقبل، وما يمكن أن يُكشف في هذا الصّدد، يبقى على النّاس أن تبقى حريصة على اتّباع الإجراءات الوقائيّة لأنّ الإصابة بكوفيد تعني الدخول في نفق مرضي حتّى ولو جاءت النتائج سلبيّة في ما بعد، وهنا مكمن الخطورة!