مصير فاجع
منذ وقوع الأحداث المصرفية الأخيرة في الولايات المتحدة الأميركيّة وانسحابها إلى سويسرا بعد تعثّر Credit Suisse وعملية الاستحواذ عليه من قبل مصرف U.B.S، وقد تضمّنت أحد بنودها “شطب كامل” للسندات الإضافية من الدرجة الأولى للمصرف، تسعى شركة Pallas مع حَمَلَة هذه السندات والمستثمرين، لاستكشاف الخيارات التي قد تتيح لهم استرداد الخسائر وفهم القصّة الحقيقية من خلال التقاضي.
فمن هي شركة Pallas أوّلاً؟
تعمل هذه الشركة على إنشاء مجموعة تضمّ حَمَلَة السندات الإضافية من الدرجة الأولى في مصرف “كريدي سويس” التي شُطبت بعدما استحوذ مصرف U.B.S عليه نهاية الأسبوع الماضي بموجب قرار للحكومة السويسرية. ووفق بيان صادر عنها، فستنتهج المجموعة إستراتيجية معيّنة، سعيًا إلى تخفيف وطأة الخسائر التي تكبّدها حاملو السندات والسماح لهم باسترداد أموالهم، عن طريق التقاضي المركّز ضد أولئك الذين اتخذوا اجراءات لحرمانهم من حقوقهم التعاقدية وغيرها. ولتوضيح هذه الاستراتيجيّة، عقدت الشركة مؤتمراً صحفيًا خاصاً بالمستثمرين يوم الأربعاء الموافق في 22 آذار (مارس) 2023 لمناقشة أعمال المجموعة واستراتيجية التقاضي.
ويُركّز كلّ من شركة “بالّاس” والمستثمرين على الإجراءات التي اتخذتها السلطات السويسرية (أي هيئة الإشراف على السوق المالية السويسرية والمجلس الاتحادي وغيرهما)، لإقرار هذه التشريعات في اللحظة الأخيرة، والتي نتج عنها شطب سندات مصرف “كريدي سويس” الإضافية من الدرجة الأولى بالكامل، وبالتالي، أدّت إلى قلب التسلسل الهرمي المعمول به للمطالبات التي تسمح لحاملي الأسهم بالبقاء في الهيكلية، ما من شأنه أن يعود بالضرر على حاملي السندات الإضافية. وكذلك سيكون المستثمرون مؤهّلين للانضمام إلى مجموعة المستثمرين إذا كانوا من حَمَلَة سندات المصرف الإضافية من الدرجة الأولى اعتباراً من 17 آذار (مارس) 2023، أو يحملونها حالياً. ومن أجل ذلك، تعمل “بالّاس” على وضع إستراتيجية تقاضٍ تأخذ بعين الاعتبار سبل الانتصاف القانونية في كلّ من سويسرا وخارجها، نظراً للطبيعة الدولية للمستثمرين والأماكن التي تمّ فيها الإدلاء ببيانات في السوق في ما يتعلّق بوضع السيولة والملاءة المالية لمصرف “كريدي سويس”. ذلك أنّها شركة تقاضٍ راسخة في لندن ونيويورك ومُتخصّصة في هذا الشأن أي في التقاضي عالي المخاطر والتحكيم الدولي والتحقيقات لصالح أكبر المؤسسات في السوق والعملاء الأكثر تطوّراً في العالم. وهي تعمل في القضايا المتطوّرة والمعقّدة، بما في ذلك دعاوى الأوراق المالية في المملكة المتحدة وأوروبا.
وتتمتع “بالّاس” ومحاموها بخبرة استثنائية في مسائل التقاضي المرتبطة بقرارات المصارف، وعمليات التصفية المصرفية، والتدخلات الحكومية، وعمليات الاسترداد والإلغاء للسندات المشروطة القابلة للتحويل، فضلاً عن تعاملها مع تحديات المصارف والمستثمرين في كلّ من أيسلندا وأيرلندا والمملكة المتحدة وقبرص واليونان وإسبانيا والبرتغال والنمسا وأوكرانيا، وقامت بتمثيل حَمَلَة السندات المشروطة القابلة للتحويل ليتمكّنوا من تحدّي عمليات الإلغاء والاسترداد المبكر، من خلال المحكمة العليا في المملكة المتحدة.
وتُمثّل “بالّاس” حاليًا، مقرضين للشركات ذات الأغراض الخاصة في موزمبيق في دعوى “سندات التونة” ضد مصرف “كريدي سويس” وغيره أمام المحاكم الإنكليزية. كما نُمثّل مستثمري صندوق Greensill في ما يتعلق بالمطالبات ضد “كريدي سويس”. وتتمتّع شركة “بالّاس” بممارسات واسعة النطاق للعمل في المواقف الخاصة وأصحاب الضائقة في تصميم وتنفيذ استراتيجيات التقاضي لاستعادة القيمة وإيجاد رافعة مالية.
وتتولى ناتاشا هاريسون، الشريكة الإدارية بشركة “بالّاس”، قيادة هذا التفويض كونها من أبرز المتقاضين في أهم نزاعات المستثمرين في العقد الماضي. وقد احتلت المرتبة الأولى في قائمتي Legal 500 وChambers and Partners، وتوصف بأنها “المقاضي المصرفي الرائد” في تلك المنشورات. كما نالت لقب المُقايضة التجارية الرائدة من قبل شركتي “سوبر لويرز” و”لوو دراجن” وعيّنتها قائمة “هوز هو” كقائدة فكريّة في مجال إعادة الهيكلة لعام 2022. وفي عام 2021 فازت بجائزة أفضل مستشارة قانونية للعام في حفل توزيع جوائز Woman in Finance وتم ترشيحها لجائزة الإنجاز مدى الحياة من قبل جمعية المحامين والشريك الإداري للعام من قبل Legal Business كما تمّ إدراجها في Financial News كواحدة من أكثر 50 محامياً تأثيراً في العام 2022 وكواحدة من أكثر 100 امرأة تأثيراً في مجال التمويل الأوروبي في نفس العام. ويضمّ الفريق الأوسع كلاً من دوان لوفت في نيويورك، وفيونا هونتريس وتريسي دوفاستون ونيل بيجوت في لندن، الذين يتمتّعون جميعاً بخبرة عميقة في هذه القضايا.
يبقى أن نشير إلى التالي:
1- إنّ “كريدي سويس” (عمره 167 عامًا) هو المُقرض السابع عشر في أوروبا من حيث الأصول، ولهذا سارع البنك المركزي السويسري لإنقاذه بقرض ضخم بقيمة 50 مليار فرنك سويسري (54 مليار دولار) لتعزيز موارده المالية ومعالجة أزمة السيولة لديه، علمًا أنّ آثار الأزمة امتدّت إلى عدد من الدول العربية، إذ إن لائحة كبار المستثمرين في البنك تضمّ كلاً من البنك الأهلي السعودي (يمتلك حصة 9.88%)، ومجموعة العليان السعودية (3.2%)، وجهاز قطر للاستثمار (6.8%). وذكرت وكالة “بلومبيرغ” أن هذه المؤسسات الثلاث سجلت خسائر بقيمة تتعدى الـــ 8 مليارات دولار.
إلى ذلك، يُصنّف كريدي سويس بين أكبر مديري الثروات في العالم، وهو يشكّل واحداً من 30 بنكًا عالميًا مهمًا على مستوى النظام الدولي، والتي قد يتسبّب فشلها في حدوث تموّجات في النظام المالي بأكمله. ولدى هذا المصرف ما يزيد قليلاً عن 50 ألف موظف و 1.6 تريليون فرنك سويسري في الأصول الخاضعة للإدارة في نهاية عام 2021، مع أكثر من 150 مكتبًا في حوالي 50 دولة، وهو يعدّ البنك الخاص لعدد كبير من رواد الأعمال والأثرياء والشركات ورؤساء دول وحكومات. وزاد من الذعر بشأن كريدي سويس، انهيار مقرض العملات الرقمية Sylvergate ومصرفَيْ Silicon Valley وSignature في نيويورك. ومع ذلك، فإن مشاكل البنك السويسري هي أيضاً فريدة نسبياً وليست جديدة، مع سلسلة من الخسائر المالية الكبيرة والفضائح التي أثارت قلق المستثمرين وغذّت نزوح العملاء، منها أنّه خدم عملاء متورّطين في التعذيب وتجارة المخدرات وغسيل الأموال والفساد وغيرها من الجرائم الخطيرة على مدى عقود، ومنها أيضًا أنّه ساعد في غسل الأموال نيابة عن المافيا البلغارية، على رغم أنّ البنك نفى ارتكاب أي مخالفات ويعتزم الاستئناف ضدّ الحكم. لكن المشاكل لم تختفِ بعد. وكانت عمليات بيع أسهم كريدي سويس بدأت في العام 2021، بسبب الخسائر المرتبطة بانهيار صندوقَيْ الاستثمار Greensill وArchegos.
2- سندات “التونا”، وهي تعود إلى فضيحة تورّط بعض المسؤولين في موزمبيق في جرائم احتيال وغسيل أموال وعمليات تهريب أسلحة، والمتّهم الأوّل فيها الرئيس السابق لهذه الدولة أرماندو جيبوزا الذي حكم هذه الدولة من 2005 حتى 2015 والتي استحوذت في أيّامه 3 شركات مملوكة للحكومة، على ديون بنحو مليارَي دولار، ساعدت بنوك من بينها كريدي سويس في الترتيب لتمويل مشاريع الأمن الساحلي وشراء سفن صيد التونا، قال المدعون الأميركيون في وقت لاحق أنّها واجهات لدفع ما لا يقلّ عن 200 مليون دولار في شكل عملات غير قانونية ورشى للمصرفيّين والمسؤولين الحكوميّين. ويبدو أنّ رجل الأعمال الفرنسي اللبناني اسكندر صفا، كما نُشر في بعض التقارير الإعلامية ولا ندري مدى صحّتها، كان وراء هذه القضية، إذ أمّن في العام 2012 موافقة سهلة لحكومة موزمبيق على صفقة للحصول على عدد من سفن الصيد والدوريات الساحلية وحوض لصيانة السفن في البلاد، مقابل سندات آجلة مرتفعة الفائدة تصدرها موزمبيق، وكان بين البنوك التي أقنعها صفا “كريدي سويس”. وكانت هذه الصفقة مريبة إلى درجة أنّها جذبت انتباه صندوق النقد الدولي الذي كلّف شركة تحقيقات خاصّة تُدعى “كرول” لمراجعة الصفقة، علمًا أن الوضع المالي للحكومة لم يكن يسمح بإصدار سندات ديون بهذه القيمة.
هذا غيض من فيض الفضائح التي تسبّبت بانهيار Credit Suisse، فهل على اللبنانيّين أن يتفاجأوا بالمصير الذي آلت إليه ودائعهم التي تبخّرت بين ليلة وضحاها ومن دون أن تُعرف الأسباب الحثيثة لهذا “التبخّر”؟ ثمّ لماذا لا تبادر لجنة المودعين في المصارف اللبنانيّة إلى الإسراع بالاتّصال بشركة “بالاس” وتحديدًا بــ ناتاشا هاريسون وتكليفها مقاضاة المصارف اللبنانيّة، وهي القاضي المصرفي الرائد في العالم أجمع؟