الفريق الطبي الذي قام بالعملية
في إنجاز طبي غير مسبوق شرق أوسطياً، حقّق مستشفى “كينغز كوليدج لندن” علامة تاريخية فارقة في مسيرته تمثّلت في إجراء أول عملية زراعة كبد ناجحة في دبي لامرأة تبلغ من العمر 38 عاماً كانت تعاني فشلاً كبدياً. وباعتبار أن هذا المستشفى هو أول منشأة طبية توفر خدمات زراعة الكبد في دبي، فهو يرتقي بمعايير الرعاية الطبية المتقدمة على مستوى المنطقة.
ولا يمثّل هذا الإنجاز الطبي انتصاراً على أمراض الكبد النادرة والحادة فحسب، وإنما يُعزّز أيضاً قدرة دبي على توفير العلاجات التدخلية للحالات الطبية الحرجة التي لم تكن متاحة سابقاً في قطاع الرعاية الصحية المحلي. بالنسبة لمستشفى كينغز كوليدج لندن فهو راهناً الوحيد المرخّص من قبل هيئة الصحة بدبي DHA لإجراء عمليات زراعة الكبد. ومع فريق متخصّص من المهنيين ذوي الخبرة العالية والذين سبق لهم إجراء أكثر من 1500 عملية لزراعة الكبد، يرسّخ المستشفى مكانته في طليعة مُقدّمي خدمات العناية بالكبد في دولة الإمارات وخارجها.
وكانت المريضة المذكورة أعلاه، دخلت المستشفى وهي تعاني اصفرار لون الجلد، إضافة إلى تغيّر لون العينين إلى الأصفر، وانتفاخاً في قدمَيْها وبطنها، بما يشير إلى إصابتها بفشل كبدي، بل بحالة مرضية نادرة، تُعرف باسم التهاب الكبد المناعي الذاتي، وهو التهاب في الكبد يحدث عند مهاجمة جهاز مناعة الجسم لخلايا الكبد، ما يؤدي إلى فشل العضو.
ولسوء الحظ، كانت المريضة قد أُصيب بتليّف الكبد فعلاً، ما أدى إلى فشل الكبد وقت دخولها إلى المستشفى. وإدراكاً من الفريق الطبي بخطورة الحالة المرضية وعدم كفاية العلاجات التقليدية، بقيادة الدكتور “قيصر راجا، استشاري أمراض الكبد، والدكتور بارثيبان سرينيفاسان، استشاري أول وجرّاح زراعة، و الدكتور راكيش راي، استشاري أمراض الكبد والقنوات الصفراوية وجرّاح زراعة الأعضاء، إجراء عملية زراعة كبد باعتبارها الحل الأنجح والأكثر فاعلية لحالة المريضة الصحية الحرجة.
وبعد جراحة دقيقة استمرت 4 ساعات شملت الاستئصال الكامل للكبد المصاب وزراعة كبد سليم، وُضعت المريضة تحت المراقبة الشديدة في وحدة العناية المركزة بالكبد، تحت إشراف فريق من أختصاصي العناية المركزة وأمراض الكبد، بقيادة الدكتور قيصر راجا، مدير قسم أمراض الكبد في مستشفى كينغر كوليدج في دبي الذي تأسس برعاية رئيس مجلس الإدارةالسيد أحمد الطاير.
وتعقيباً على الحالة المرضية للمريضة وقرار إجراء عملية لزراعة الكبد، قال الدكتور قيصر: “تليّف الكبد مرض صامت ولا يتسبب بأي أعراض حتى يتضرّر الكبد بنسبة 80 %. ويعتبر مرضى السكري والبدناء ومدمنو الكحول الأكثر عرضة لخطر الإصابة به. كما يُعدّ تليّف الكبد أيضاً عامل خطر رئيسي للإصابة بسرطان الكبد. ولذلك، فإن الاكتشاف المبكر والوقاية من استفحال مرض الكبد يمكن أن يُجنب الشخص الإصابة بفشل كبدي”.
وفي تعبير صادق عن الامتنان، قالت المريضة: “أود أن أعرب عن خالص شكري للفريق الطبي المتخصّص الذي أعطاني فرصة ثانية للحياة، ومهّد لي الطريق للشعور بالتفاؤل والأمل والصمود في وجه المحن والشدائد. لقد كان لالتزامهم وخبرتهم أثر بالغ في رحلتي نحو التعافي، وأنا ممتنة جداً لرعايتهم ودعمهم الاستنثائي”.

إدارة مستشفى كينغز كوليدج لندن، وبإزاء هذه الخطوة غير المسبوقة شرقاً أوسطياً، انتهزت هذه الفرصة للإعراب عن امتنانها لقيادة وزارة الصحة ودائرة الصحة بدبي حيث كان لدعمهما دور محوري في جعل هذا البرنامج يؤتي بثماره المأمولة.
يُشار هنا الى أن دولة الإمارات تمتلك أسرع معدل نمو للتبرّع بالأعضاء بعد الوفاة على مستوى العالم. ومع ذلك، يوجد طلب متزايد على التبرّع بالأعضاء وخدمات الزرع لمعالجة مشكلة انتشار الأمراض الكبدية. ولسدّ هذه الفجوة، تم تأسيس قسم خدمات زراعة الكبد في مستشفى كينغز كوليدج لندن في دبي، تماشياً مع أهداف البرنامج الوطني للتبرع وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية “حياة” الذي أُطلق تحت مظلة وزارة الصحة ووقاية المجتمع.
بهذا الصدد قال الدكتور بارثيبان إن “نجاح عملية زراعة الكبد هذه يُعد مثالاً رائعاً على التأثير المُغير للحياة الذي يُحدثه التبرع بالأعضاء. اذ يمكننا إنقاذ أرواح الناس من خلال لطف وسخاء مرضانا والأُسَر الذين يحرصون على تجنيب أُسر أخرى مواجهة فقدان شخص عزيز عليهم”.
وتعقيباً على مركز الزراعة الجديد، قال الدكتور قيصر راجا: “ساهم التوجيه الرؤيوي والالتزام الراسخ للسيد أحمد الطاير، رئيس مجلس إدارة المستشفى، في لعب دور محوري في تأسيس مركز الزراعة الجديد لدينا. ومع اتصال مباشر مع مستشفى كينغز كوليدج لندن، يحمل هذا المسعى إمكانات هائلة لتعزيز رعاية المرضى ودفع عجلة التطور في القطاع الطبي. ومما لا شك فيه أن تفاني معالي أحمد الطاير الثابت سيترك بصمة دائمة على مشهد الرعاية الصحية في دبي”.
وبينما تواصل المريضة رحلتها نحو التعافي، تعد هذه الحالة بمثابة منارة أمل للأفراد المصابين بأمراض حادة في الكبد في دولة الإمارات. ووفقاً للدكتور بارثيبان، تشكّل عملية زراعة الكبد الناجحة خطوة مهمة نحو توفير رعاية طبية متطورة على مستوى المنطقة.
يُذكر أن مستشفى كينغز كوليدج لندن – دبي يلتزم توفير احتياجات الرعاية الصحية للأسرة بأكملها، وسواءً كانت المشكلة الطبية بسيطة أو معقدة، بإمكان المستشفى تقديم أفضل مستويات الرعاية الصحية التي تشمل الاستشارات والفحوص التشخيصية والعلاجات والدعم للتماثل للشفاء، علماً أن الأولويات تترّكز على رعاية المرضى، ولذلك فالمستشفى يقدّم الرعاية الصحية الموثوقة عالية الجودة نفسها إلى جانب التقنيات الحديثة والإجراءات القائمة على الأدلة في المراكز الطبية في دبي مثلما يقدّم في مستشفانا المشهور دوليًا. وفي الواقع، فإن الدافع هو توفير أفضل الممارسات في مسارات الرعاية الصحية والرغبة في وضع النتائج الصحية للمرضى في المقدمة قبل أي شيء آخر .
جدير بالإشارة هو أن العلاقات القوية التي تربط بين دولة الإمارات العربية المتحدة ومستشفى كينغز كوليدج في لندن ترجع إلى عام 1979 عندما قدم مؤسس الدولة، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، منحة ساعدت على إنشاء مركز كينغز لبحوث الكبد الذي يُعد الآن من بين أكبر ثلاثة مراكز متخصصة في الكبد على مستوى العالم.
وتنتشر مراكز “كينغز” الطبية في دبي مارينا والجميرا، إلى جانب منشأة طبية عصرية بطاقة 100 سرير في “دبي هيلز”.