زلزال سورية… تعويضات الخسائر صعبة حتى إشعار آخر
لا يزال الزلزال المدمّر الذي تعرّضت له تركيا وسوريا يستقطب الاهتمام الدولي والعربي. وإذا كانت تركيا قد عالجت التداعيات عن طريق مؤسّساتها بواسطة مجمّع التأمين التركي ضدّ الكوارث (ICIP) الذي قدّم تعويضات تبلغ حوالى 27,6 ملايين دولار لحَمَلَة الوثائق الذين دُمّرت منازلهم في الزلزال، اعتبارًا من 20 شباط (فبراير)، فإنّ الوضع في سوريا يختلف تمامًا.
مدير المؤسّسة السورية للتأمين أحمد ملحم وفي حديث له، قال: “لا بدّ من التفريق بين عقود تأمين تغطّي منفردة أضرار الكوارث الطبيعيّة، وهي غير موجودة، وبين البند المنفرد، وهو من شروط مختلفة، كالحريق والهندسة وتغطية الكوارث وأضرار الزلازل”. كذلك أكّد: “وجود عقود تأمين مع المؤسّسة، سواء من القطاع الخاص كالفنادق والمطاعم، أو من القطاع العام كمؤسّسات اقتصاديّة متعاقدة مع “السورية للتأمين” ضدّ خطر الكوارث الطبيعيّة ومنها الزلزال”.
في هذا التصريح بالذات، أوضح أنّ: “المؤسّسة تجمع بين فروعها، خاصة في المحافظات المتضرّرة، بيانات عن حجم الضرر. فثمة قطاعات مشمولة بالتأمين قيد الكشف لإجراء اللازم، ما يتطلّب بعض الوقت. التأخير يعود إلى عدم اكتمال الاحصاء النهائي لحجم هذه الأضرار لوجود هزّات ارتدادية لا تزال تحدث، إضافة إلى أنّ ثمة بيوتًا متصدّعة لم تنتهِ اللجان الفنيّة بعد من الكشف عليها”.
وعن نِسَب المتضرّرين والمؤمّنين فعليًا ضمن المؤسّسة، أكّد ملحم أنّ هذه “النِسَب والاحصائيات تحتاج إلى وقت وتَراسُل مع كلّ الفروع لمعرفة الجهات أو القطاعات المستفيدة من تغطية مخاطر الزلزال، علمًا أنّ هذا الأمر متروك لرغبة المتعاقد، سواء في القطاع العام أو الخاص، إذ أنّه بند اختياري في الرغبة بالاستفادة من عقد التأمين وحجمه، ذلك أنّه من الممكن أن يكون هناك متعاقد كان قد أمّن على بنائه قبل عام، ولكن هذه السنة لم يستطع تحمّل نفقات التأمين لارتفاع البدل، وتمّ استبعاد البند المتعلّق بالزلزال، علمًا أنّ نِسَب التعويض تتحدّد بحسب القيمة التأمينيّة والعلاقة العقدية بين المؤسّسة والمتعاقد. وعلى أية حال فهي لا تتجاوز 100 مليون ليرة سورية، مهما كان حجم الضرر.وقد يحدث العكس فيكون حجم الضرر بقيمة 50 مليونًا والقيمة التأمينيّة 100 مليون، هنا يتمّ التعويض بقيمة الضرر فقط”.
إلى ذلك، أشار ملحم إلى دراسة قُدّمت عبر متخصّصين وخبراء في شركات تأمين خاصّة وعامة، فحواها “التقدّم بمشروع بإلزامية تأمين المنازل والعقارات، لكن يصعب حاليًا التكهّن بنتائجه، إذ لا يزال فكرة قيد الدراسة”.
يُشار إلى أنّ هناك قرارًا صادرًا عن رئاسة مجلس الوزراء السوري رقمه 49 لعام 2009، يُلزم القطاع العام كلّه باعتماد تغطيات هذه الزلازل ضمن المؤسّسة السورية للتأمين، مثل المباني والمدارس والمشافي في القطاعَيْن العام والخاص، لكنّ هذا القرار لم يُفعّل، كما يقول عميد كلية الاقتصاد د. عمّار آغا، “لحاجة هذا المشروع لأموال لا تتحمّلها المؤسّسة، إضافة إلى أنّ العقوبات والمقاطعة حاليًا تحولا دون اللجوء إلى شركات إعادة عالميّة”، مشيرًا إلى “إمكانية إعادة التأمين في شركات صديقة عربية وغربية، لأنّه لا يمكن استغلال فترة تجميد العقوبات المفروضة على سوريا، وهي ستة أشهر، بما يخصّ الشقّ التأميني، لقصر الفترة وعجزها عن استكمال عملية التأمين خلالها”، لافتًا إلى “مقترح يمكن تطبيقه في المرحلة الراهنة يساهم في تفعيل قطاع التأمين ومشاركته بإعادة الإعمار، ألا وهو إنشاء مجمّع تأميني تشترك فيه جميع الشركات الخاصّة والعامة، إضافة إلى إلزاميّة التغطية على المساكن والمباني”، مستشهدًا ب”التجربة التركية وما عمدت إليه في الشقّ التأميني عبر إلزاميّة التأمين منذ 2003، بعد زلزال مرمرة الذي وقع عام 1999. لقد كانت المباني التركية 20 مليونًا و32 ألف مبنى، المؤمّن عليها 11 مليونًا، أي 54 بالمئة من المجموع، ولهذا فإنّ إعادة الإعمار ستتمّ بأقلّ من سنة عبر هذه الشركات. كما أنّها أنشأت مجمّعًا لإعادة التأمين ضدّ الكوارث والزلازل، تُستثمر أمواله منذ العام 2000 حتى الوقت الحالي”، مشدًدًا على “ضرورة نشر سياسة التأمين وتفعيلها بين المواطنين لإدراك أهميتها وإمكانية تطبيقها، بدءًا من الوقت الحالي والإسراع فيها قدر الإمكان”.