حماية الدماغ
الإتحاد المصري للتأمين، وعلى غرار عادته الأسبوعية في تعميم الوعي التأميني من خلال نشرة مقيّمة يعدّها “مطبخه” المولج بهذه النشرات ذات الفائدة الكبيرة والتي تصلح أن تُجمع بين دفتَيْ كتاب يُزوّد به طلاب المعاهد التأمينية في مصر وسائر الدول العربية، تناول في نشرته ذات الرقم 276 الصادرة اليوم السبت 18-2-2023، موضوع تأمين الملكية الفكرية، حفاظاً على الإرث الثقافي والفكري غير الملموس ولكن سرقته سهلة، وهيهات أن يتمّكن صاحب الحقوق من حماية حقوقه. وكان الإتحاد، وفي إطار مسعاه لإقران القول بالفعل، فقد شارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي اختتمت فعالياته في 6 شباط (فبراير) 2023، أي قبل 12 يوماً، تحديداً في جناح الهيئة في الصالة المخصّصة للجهات العاملة في الدول، وذلك لمزيد من نشر التوعية وحضّ أصحاب الفكر على حماية “سلعهم” الفكرية، اذا جاز التعبير.
فماذا في هذه النشرة، وما الجديد فيها؟
البحث المرفق يردّ على الكثير من التساؤلات…
الإبداعات غير الملموسة للعقل البشري، تُسمىّ “الملكية الفكرية” التي باتت مدرجة في غالبية النظم القانونية في العالم، بعد تطوّر مفهومها الحديث في انكلترا بدءاً من القرنَيْن السابع والثامن عشر وصولاً الى القرن التاسع عشر الذي استخدم فيه هذا المصطلح وبات شائعاً في نهاية القرن العشرين. وتُعدّ الأنواع الأكثر شهرة للملكية الفكرية، هي حقوق النشر وبراءات الاختراع والعلامات التجارية، علماً أن دولاً تعترف بالعديد من أنواع الملكية الفكرية أكثر من غيرها.
أما لماذا هذا القانون وما الغرض منه؟
هو لتشجيع إنشاء مجموعة واسعة من “السلع” الفكرية. ومن أجل تحقيق ذلك، يُغطي القانون حقوق ملكية الأفراد والشركات للمعلومات و”السلع” الفكرية التي ينشئونها، والتي تكون عادةً لفترة زمنية محدودة، ما يُعطي حافزاً اقتصادياً من أجل إنشائها، بسبب إتاحته الاستفادة من المعلومات و”السلع” الفكرية لمن أنشأها. ومن المتوقع أن تساهم هذه الحوافز الاقتصادية في تعزيز الابتكارات وأن تُسهم في التقدّم التكنولوجي للدول التي توفّر الحماية اللازمة للمبتكرين.

لكن حماية الملكية الفكرية تواجه تحديات في حمايتها عند المقارنة بالملكية التقليدية مثل الأراضي أو المباني أو البضائع. فعلى عكس الملكية التقليدية، فإن الملكية الفكرية “غير قابلة للتجزئة”، إذ يمكن لعدد غير محدود من الأشخاص “استهلاك” السلعة الفكرية دون استنزافها. بالإضافة إلى ذلك، تعاني الاستثمارات في السلع الفكرية، مشاكل الاستيلاء على عكس الملكية التقليدية التي يُمكن الحفاظ عليها بوسائل الحماية التقليدية. وعلى سبيل المثال، يُمكن مالك الأرض أن يحيط أرضه بسياج قويّ، بالإضافة إلى توظيف حراس مسلحين من أجل حمايتها، لكن الحماية التقليدية نفسها لا يمكن تطبيقها على المنتج الأدبي أو الفكري. وعلى سبيل المثال، لا يستطيع المؤلف عادةً فعل الكثير من أجل منع المشتري الأول لنسخة من كتابه من إعادة نسخها وبيعها بسعر أقل. وهذا هو محور التركيز الأساسي لقانون الملكية الفكرية الحديث، اذ المطلوب إرساء توازن سليم بين مصالح المبتكرين ومصالح الجمهور العام، عن طريق وضع إجراءات تضمن الحماية لمنتجي السلع الفكرية ما يؤدى إلى إنشاء بيئة تساعد على ازدهار الإبداع والابتكار.
لكن هذا الواقع لا يحدّ من أهمية حقوق الملكية الفكرية التي تُعطي للشركة المحمية، فرصة للاستثمار في إبداعها وابتكارها وعلامتها التجارية وجنيّ ثمار ذلك الاستثمار، فضلاً عن أن هذه الحماية تمنع الآخرين من الاعتداء على ما قدمته تلك الشركة من ابداع وابتكار.
من المثير للدهشة أنه يوجد، أحياناً، عدد من حقوق الملكية الفكرية في منتج واحد:
-فقد يكون غطاء الزجاجة مسجّلاً ببراءة اختراع.
-يمكن أن تتضمن الوصفة الخاصة بالمنتج المعبأ أسراراً تجارية.
-يخضع الشعار أو الاسم أو الصُوَر لحقوق النشر وحقوق العلامة التجارية.
-يمكن أن يخضع شكل الزجاجة لحماية التصميم أو العلامة التجارية.

لذا يتضح، استناداً الى ما سبق ذكره، أن الأصول غير الملموسة، ومن ضمنها الملكية الفكرية، تشكّل الآن ما بين 70 إلى 80 في المائة من الميزانية العمومية النموذجية للشركة الكبرى. وتُظهر الدراسات الحديثة أن الأصول غير الملموسة تُساهم بضعف القيمة الإجمالية للسلع المصنعة المباعة من الأشكال الأخرى لرأس المال الملموس.
ويبقى السؤال الأساس: هل يُمكن تغطية الملكية الفكرية وكيف؟
نشرة الإتحاد المصري ذات الرقم 276 الذي عالجت هذا الموضوع، تردّ بالإيجاب. فهذا التأمين يغطي تكاليف التقاضي المتعلقة بإنفاذ أو الدفاع عن براءات الاختراع أو العلامات التجارية أو حقوق النشر التي يقوم المؤمّن له برفعها نتيجة التعدّي على الملكية الفكرية أو سرقتها. كما يغطي تكاليف الدفاع القانوني لحَمَلَة الوثائق المتهمين بانتهاك حقوق الملكية الفكرية أو السرقة، علماً أن هناك نوعين من تأمين الملكية الفكرية:
1-إجراءات الدفاع ضد التعدّي، وهو الأكثر شيوعاً لتأمين الملكية الفكرية. اذ يغطي حَمَلَة وثائق التأمين عن مطالبات التعدّي المرفوعة ضدهم.
2- تغطية إنفاذ حقوق الملكية الفكرية وتمنح هذه التغطية مالكي الملكية الفكرية -المؤمن عليهم- الموارد المالية لإنفاذ حقوق الملكية الفكرية الخاصة بهم ومتابعة دعاوى التعدّي. ومن هنا السؤال المهم: ماذا يغطي تأمين الملكية الفكرية؟
تشمل التغطيات:
-مطالبات التعدي من قبل طرف ثالث على براءات الاختراع وحقوق النشر والعلامات التجارية.
-تغطية المنتجات والعمليات والخدمات.
-التغطية ضد سارقي براءات الاختراع.
-تغطية الاستئناف والمطالبات المضادة.
-تغطية دعاوى اختلاس الأسرار المهنية.
-تغطية التعويض التعاقدي والدفاع عن الطرف المستحق للتعويض.
-تخفيف الخسارة من خلال الاستعانة بالخبراء كشهود وللتحليل الفني والتصميم.
-اختيار العميل لمستشار قانوني/ محامي.
– متطلبات ما بعد الحادث.

أما الكلفة فتختلف من شركة إلى أخرى. وفي العادة، تستخدم شركات التأمين عوامل مختلفة لتحديد تكاليف تأمين الملكية الفكرية. والتي يُمكن أن تشمل: طبيعة عمل الشركة، الموقع، حجم أعمالها، حجم الأرباح، قيمة علاماتها التجارية.
على أن أهم مجالات تغطية الملكية الفكرية، تشمل:
-العلامات التجارية (مثل الكلمات والشعارات) والتي تميز السلع والخدمات في السوق.
-براءات الاختراع التي تنطبق على المنتجات أو العمليات الجديدة والمبتكرة.
-حقوق التصميم التي تحمي مظهر المنتج/الشعار.
-حقوق التأليف والنشر هو حق تلقائي يتمّ تطبيقه عند إنشاء عمل أو كتابته أو تسجيله بطريقة ما.

فما هو رأي الإتحاد بهذه الحماية الفكرية؟ إيماناً من الاتحاد بأهمية الحفاظ على الموروث الثقافي وحماية الحركة الثقافية المعاصرة وأهمية الحفاظ على الابتكارات وبراءات الاختراع وغيرها من المنتجات الفكرية في مجال البحث العلمي وبغرض تقديم الدعم والحماية اللازمَتَيْن لهما، بما ينعكس على تطوّر وتقدم الدولة المصرية، يقوم الاتحاد بإلقاء الضوء على التغطيات التأمينية اللازمة لتقديم الحماية لهذه الثروة الفكرية عن طريق تحفيز شركات التأمين العاملة بالسوق المصري على الاكتتاب في مثل هذه الأنواع الجديدة من التغطيات التأمينية. كما سعى الاتحاد كذلك إلى نشر الوعى التأميني بين أوساط المثقفين بغرض زيادة انتشار الفكر التأمينى على مستوى جمهورية مصر العربية، ما ينعكس بشكل إيجابى على نشاط التأمين وزيادة حجم مساهمته في الناتج الإجمالي المحلي. لهذا قام الاتحاد بالتعاون مع الهيئة العامة للرقابة المالية بالمشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب الذى اختتمت فعالياته يوم 6 شباط (فبراير) 2023، تحديداً في جناح الهيئة في الصالة المخصصة للجهات العاملة في الدولة.