المنصة الرئيسية ويبدو فيها المحاضرون الأربعة رنا طهبوب، ماجد سميرات، نايف أحمد بخيت، الأسعد زروق، شكيب أبو زيد وبدا عضوا اللجنة التنظيمية
في ظلّ مشاركة كثيفة وحضور لقادة في قطاعَيْ التأمين الأردني والعربي، ما يؤكّد مرة أخرى أن هذا المؤتمر دخل العالمية وبات أصحاب الإختصاص والمهتمون بالشأن التأميني يحسبون له الحساب الأكبر، انطلق مؤتمر العقبة بنجاح في دورته الثامنة بعد تأخير ثلاث سنوات على موعده المقرّر بسبب جائحة كورونا التي أوقفت كلّ الأنشطة، بما في ذلك الحركة الإقتصادية وكلّ ما يتصل بها. ومع أن الإتحاد الأردني لشركات التأمين عمد، العام الماضي، الى تحديد موعد لانعقاده، إلاّ أنّ تجدُّد انتشار الجائحة حال دون تحقيق هذا التمنّي، فتمّ ارجاؤه لهذا العام، اعتماداً على توقعات الدوائر الصحية العالمية بأن الجائحة ستنحسر حتماً في ربيع 2022، وهذا بالفعل ما حصل. مع ذلك لم يَسْتَكِنْ الإتحاد ولم تضعف عزيمته، بل بقي متأهّباً ومستعداً في أي لحظة لإستئناف هذا المولود الأردني الذي كان وراء فكرته مدير الاتّحاد ماهر الحسين والذي وضع قطاع التأمين الأردني في مصاف القطاعات المماثلة عربياً ودولياً. وما حصل معه على صعيد الإرجاء، حصل مثله مع مؤتمر الـ Gaif في دورته الـ 33 التي أُرجئت هي الأخرى، مرتَيْن متتاليتَيْن الى أن تحدّد 5 حزيران (يونيو) المقبل، أي بعد أقلّ من شهر، ومباشرة بعد مؤتمر العقبة، موعدًا لانطلاقتها.
وغنيٌ عن القول أن جهداً كبيراً بُذل على مستوى المملكة الأردنية لإنجاح هذا المؤتمر واستقطاب المشاركين فيه، وهذا طبيعي لأن هذا النوع من المؤتمرات باتت تُشكّل دعماً قوياً للإقتصاد، بشكل عام، وللسياحة على وجه الخصوص، ومن هنا حصل تعاون، هو الأول من نوعه، بين الإتحاد وبين هيئة تنشيط السياحة الأردنية لإنجاح هذا المسعى ذي الفوائد العديدة خصوصاً لناحية العائدات المالية من المرفق السياحي الأهمّ المتجسّد بــ “مثلث ذهبي” يضمّ: “العقبة”، “وادي رِم” و”البتراء”. ولكن هذه اللفتة لا تعني أن الترويج السياحي هو الأساس، ذلك أنّ هذا المؤتمر يحمل عنواناً رئيساً هو “التأمين وكيفية النهوض بهذا القطاع” في ظلّ تحديات عديدة، منها: اضطراب أحوال المناخ، تزايد الإعتماد على التكنولوجيا الرقمية، ما أدّى الى زيادة المخاطر الناتجة عن التهديدات المرتبطة بالأمن السيبراني، تزايد النشاط في مجال الفضاء، حالات التباين في التعامل مع الوباء. وهذه المخاطر وغيرها وردت في تقرير صدر عن ا”لمنتدى الإقتصادي العالمي” ونشرته مفصّلاً النشرة الرقم 239 للإتحاد المصري للتأمين.
نُشير هنا الى أن افتتاح المؤتمر تمّ مساء الاثنين بكلمة استهلّها رئيس الاتحاد الأردني المهندس ماجد سميرات الذي رحّب بالمشاركين، وعلى رأسهم رئيس الـ GAIF الأسعد زرّوق والأمين العام شكيب أبو زيد، فضلاً عن المهندس نايف أحمد بخيت، رئيس مجلس مفوّضي سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، والسيدة رنا طهبوب، المدير التنفيذي لمديريّة الرقابة على أعمال التأمين ممثّلة محافظ البنك المركزي الأردني د. عادل الشركس. كما رحّب بالضيوف الذين فاق عددهم الــ 750 مشاركًا من 27 دولة، أي ما يزيد عن 200 شخص عن المؤتمر السابع الذي انعقد عام 2019، ما يؤشّر إلى ازدياد الاهتمام بهذا المؤتمر على المستويات المحليّة والعربيّة والدوليّة.
لقد تناول المهندس سميرات في كلمته التغيّرات المتسارعة التي يشهدها العالم الحديث وخاصة في المجال التكنولوجي والذي سيأخذ حيّزًا واسعًا من النقاش في هذا المؤتمر، إضافة إلى تحدّيات أخرى ناتجة عن الأوبئة والجوائح وأهميّة استمرار الأعمال عن طريق توظيف التكنولوجيا الحديثة لخدمة المتعاملين مع التأمين والقدرة على العمل عن بُعد وبفاعليّة أكبر، إذا اقتضت الحاجة، محدّدًا أبرز العناوين التي سيعالجها المؤتمر ومنها مدى استجابة شركات التأمين والإعادة للخسائر الناتجة عن خطر الأوبئة، موضوع تأمين الأخطاء المهنيّة للمدراء التنفيذيّين، المعيار الدولي الرقم 17 وتأثير تطبيقه على الشركات في الأسواق الناشئة، إلى غير ذلك من المواضيع..
وإلى ما تقدّم، توقّف المهندس سميرات عند مؤشّرات سوق التأمين الأردني التي تُشير إلى أنّه لا يزال واعدًا مع بلوغ حجم أقساطه نهاية 2021 ما يقرب من 651 مليون دينار، وبنسبة نموّ قدرها 9،6 بالمئة، على رغم أنّ حصّة الفرد من إجمالي الأقساط لا تزال متواضعة، وبما يعادل مبلغ 85 دولارًا أميركيًا، يُضاف إلى ذلك، أنّ نسبة مساهمة القطاع للناتج المحلي الإجمالي هو 2 بالمئة فقط، ومن أجل ذلك يعمل الاتّحاد مع البنك المركزي الأردني لاستحداث برامج وتغطيات تأمينيّة تلبّي احتياجات الزبائن مع التركيز على بعض التأمينات الالزاميّة لشريحة جديدة من المواطنين والمقيمين في المملكة.
وبعدما استعرض الرأس المال المُستَثْمر في قطاع التأمين الأردني وهو 273 مليون دينار، فضلاً عن استثمارات بلغت 590 مليونًا، إلاّ أنّ الأرباح لا تزال متواضعة إذ بلغت حوالى 22 مليون دينار أردني، وفق احصاءات العام 2020، لينتقل بهد ذلك إلى شكر الشركات الراعية والشريكة بالمؤتمر والتي وصل عددها إلى 16 شركة.
تحدّث رئيس الاتحاد أيضًا عن جائزة مؤتمر العقبة للبحوث التأمينيّة وعنوانها: “فوائد وتحديات العمل عن بُعد لقطاع التأمين”، مشيرًا إلى أنّ هذه الجوائز ستذهب إلى خمسة بحوث تأمينيّة من أصل 49 بحثًا تسلّمها الاتّحاد من سبع دول عربيّة، والرابحون الخمسة تلقّوا دعوة للمشاركة في المؤتمر كضيوف شرف، علمًا أنّه سيتمّ تكريمهم بعد هذا الحفل وتسليمهم الجوائز، (وهذا ما حصل).
وفي لفتة منه إلى مدير الاتّحاد ماهر الحسين الذي كان صاحب فكرة إطلاق مؤتمر العقبة عام 2008 والذي يقف خلف نجاح هذا المؤتمر وغيره، تقدّم منه بالشكر والتقدير والعرفان، بإسمه واسم مجلس إدارة الاتّحاد واللجنة التنظيميّة بمناسبة انتقاله إلى العمل في مكتب العائلة في مهنة المحاماة التي يعشقها بعد عشرين عامًا من العطاء.
بعد كلمة المهندس ماجد سميرات، اعتلى المنبر رئيس مجلس مفوّضي سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة المهندس نايف أحمد بخيت الذي رحّب بضيوف مدينة العقبة (ثَغْر الأردن الباسم)، كما هو لقبها، وبالمشاركين في هذا المؤتمر الذي يدعم الاقتصاد ويحميه في ظلّ تزايد المخاطر والتهديدات على الممتلكات بأنواعها كافة. وطبيعي أن يجد المهندس بخيتفي هذا الاجتماع فرصة للدعوة إلى الاستثمار في العقبة والاستفادة من الحوافز التي تقدّمها المنطقة الخاصة، مشيدًا في المساهمات للقطاع الخاص ودوره كشريك في التنمية الاقتصادية الشاملة، علمًا أنّ الرأسمال المُستثمَر مُحاط بالأمن والأمان المتوافرَتَيْن في المملكة الأردنيّة الهاشميّة في ظلّ قيادة حكيمة مؤمنة بالمحافظة على الاستثمار واستقطابه لما يشكّله من قيمة مُضافة للاقتصاد الوطني.
بعد المهندس بخيت، تحدّثت رنا طهبوب مديرة الرقابة على التأمين في البنك المركزي الأردني، وفي كلمتها رحّبت بالحضور وتمنّت للمؤتمر النجاح، لا سيما في مجال ايجاد حلول للتحديات المحلية والإقليمية التي تُواجه قطاع التأمين. أما لماذا أُلقيت كلمة باسم البنك المركزي، وبالنيابة عن المحافظ عادل الشركس، فلأن مهمّة الإشراف والرقابة على قطاع التأمين الأردني قد عُهدت إليه في منتصف العام المنصرم بعد صدور قانون تنظيم أعمال تأمين الرقم 12 سنة 2021 كفرصة لتطوير قطاع التأمين واستمرار النهوض به وتعزيز دوره وتحسين انتشار برامجه لزيادة حصّة هذا القطاع في الناتج المحلي بعدما وصل في العام 2021 الى حوالي 2% فقط، مشيرة الى أن البنك المركزي يُؤمن بنهج التشاور والشراكة الحقيقية مع القطاع الخاص، ومن ضمنه شركات التأمين التي تطّلع بدور محوري وريادي في منظومة متكاملة تعمل، جنباً الى جنب، مع عوامل الإستقرار السياسي والإجتماعي والأمني التي تنعم به المملكة، فضلاً عن تعزيز الأطر الرقابية والتنظيمية وتفعيلها لناحية تعزيز الملاءة المالية وشركات التأمين حتى تتمكّن من تقديم خدماتها.
الى ذلك، تناولت السيدة طهبوب في كلمتها، كيفية رفع الوعي التأميني ودور الرقمنة في توفّر الخدمات المتنوّعة والمبتكرة وبأقل كلفة، ووفق المعايير العالمية المطلوبة، باعتبار أن الرقمنة تُحقّق نموًا شاملاً واإندماجًا في الإقتصاد العالمي، وهذا الدرس تعلّمه الجميع من جائحة كورونا التي أكّدت أن الدول التي تمتلك اقتصاداً رقمياً متطوراً كانت الأقل تأثراً بتداعيات الإغلاقات الإقتصادية والتباعد الإجتماعي والأسرع عودة للتعافي من التداعيات. بعدها، تناولت الدور الذي يقوم به البنك المركزي الأردني لتطوير التكنولوجيا المالية بانشائه مختبراً تنظيميا ًحاضناً لرواد الأعمال، الى جانب دعم المبادرات والإبتكارات التي تستخدم تكنولوجيا Block Chain الى ما هنالك، مشيرة الى أن البنك المركزي يسعى الى بناء منظومة رقمية تكون بديلا ًمن الطرق التقليدية وقصورها في بعض الجوانب.
وإلى ما تقدّم، تحدثت رنا طهبوب عن المرحلة المقبلة وضرورة ايجاد مبادرات للنهوض بالواقع الإقتصادي بعد الركود الذي أفرزته تداعيات كورونا، مع التشديد على أن المركزي سيبقى على قدر المسؤولية تجاه الإقتصاد الوطني ودعم الإستقرار النقدي وتعزيز متانة ومنعة المؤسسات المالية العاملة في الأردن.
أمّا الكلمة الأخيرة فكانت للأمين العام للاتّحاد العام العربي للتأمين شكيب أبو زيد الذي تناول الأزمات التي يعيشها العالم منذ العام 2020 ومنها كوفيد-19، ارتفاع أسعار العديد من السلع والبضائع، الأزمة الأوكرانية-الروسيّة التي فاقمت هذا الارتفاع خاصة في أسعار الحبوب والمحروقات، وكلّ ذلك أدّى إلى زيادة التضخّم. وفي ظلّ ركود اقتصادي بإزاء هذا الواقع، فالمخاوف من نشوء أزمة Stagflation هي كبيرة لا أحد يعرف إلى متى ستستمرّ وما الذي سينتج عنها.
إلى ذلك، ركّز أبو زيد في كلمته على الجائحة وسرعة الانتقال إلى الحلول الرقميّة، ومن ثمّ التهديدات الالكترونية المتزايدة وهو الموضوع الذي ركّز عليه، مستشهدًا بتقرير صادر عن Aon، وفيه أنّ برامج الفدية أصبحت من المخاطر الرئيسيّة لشركات التأمين والمضمونين على حدّ سواء، وأنّ هذا النشاط نما بشكلٍ كبير (بزيادة 400 بالمئة) من الربع الأوّل من العام 2018 إلى الربع الرابع من العام ،2020 علمًا أن 40 بالمئة فقط من المؤسّسات تملك استراتيجيات عمل عن بُعد لإدارة هذه المخاطر. وأعطى مثلاً هو تحطّم الأرقام القياسيّة عام 2021 لسرقة الهوية، أي بزيادة 23 بالمئة عن أعلى مستوى سابق له على الإطلاق. ثمّ استشهد بما ذكره الاتحاد الدولي للاتّصالات الذي أشار إلى أنّ المستهلكين، وعلى نطاق عريض، وفي جميع القارات، التحقوا بالعمل عن بُعد والتعلّم عن بُعد والترفيه عن بُعد والتطبيق عن بُعد، كما تمّ إعطاء الأولويّة لمعظم البلدان المتقدّمة تقنيًا والمتوسّعة في الأدوات الرقميّة وتم إعطاء الأولوية لمعظم البلدان المتقدمة تقنيًا، فرصة التوسع في أدوات المستهلك الرقمية، وتعزيز مشاريع ريادة الأعمال الرقمية والاستثمار في الابتكار عبر الجامعات والشركات والسلطات الرقمية 2 بينما أعطت الاقتصادات الناشئة الأولوية لزيادة الوصول إلى الإنترنت عبر الهاتف المحمول، وتدريب المواهب الرقمية، والاستثمار في البحث والتطوير في المؤسسات الرقمية. وهنا يُطرح سؤال: كيف ستحمي البلدان الأصغر والأقل قوة نفسها ومواردها الطبيعية إذا لم تكن قادرة على حماية بنيتها التحتية الموصولة رقميًا؟
عن هذا السؤال يجيب شكيب أبو زيد: هناك حاجة ملحة لسد فجوة مهارات الأمن السيبراني الحالية لضمان حماية الأصول الحيوية، حيث لا تزال هناك فجوة في القوى العاملة في مجال الأمن السيبراني تزيد عن 2.72 مليون منصب، في حين أن هذا الرقم يتناقص بشكل مطرد عامًا بعد عام ، إلا أنه ببساطة لا يكفي. وفقًا لدراسة القوى العاملة للأمن السيبراني لعام 2021 (ISC)، تحتاج القوى العاملة في مجال الأمن السيبراني العالمي إلى النمو بنسبة 65% للدفاع بفعالية عن الأصول الحيوية للمؤسسات.
تتمثل الخطوة الأولى لسدّ تلك الفجوة، يقول أبو زيد، في الربط بين تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) المبكر، والتدريب
في مجال الأمن السيبراني، وطرق التوظيف، وإعادة التأهيل المستمر. وربما يكون الأمر الأكثر أهمية من سد فجوة مهارات الأمن السيبراني هو القيام بذلك بطريقة أكثر شمولاً. فعلى سبيل المثال، على الرغم من الضغط المستمر منذ عقود من دمج النساء في مجال التكنولوجيا، إلا أنهن مازلن يشكلن 25% فقط من القوى العاملة في مجال الأمن السيبراني اليوم. يجب أن يتمّ الاستثمار الآن في التكنولوجيا وألا يُنظر إلى الرقمنة والتكولوجيا فقط على أنها تؤدّي إلى مخاطر يجب الحماية وتوفير الأمن لما يمكن أن يؤدّي تطبيقها من أثار.
بعد ذلك، جرى توزيع الجوائز على الفائزين الخمسة وهم: سامر عطالله حجازين من الأردن، من شركة الشرق الأوسط للتأمين، وقد فاز بالجائزة الأولى، لينال د. عمر حلمي متولّي أحمد من شركة قناة السويس لتأمينات الحياة على الجائزة الثانية. أمّا الجائزة الثالثة فكانت من نصيب فريد محمد حسّان حجازي من شركة مصر للتأمين، فيما حاز على الجائزة الرابعة وليد محمد علي المصري من شركة الأردن للتأمين. أخيرًا نال الجائزة الخامسة أنصف فؤاد فاخوري من الأردن ومن شركة الأردن الدولية للتأمين jig Newton، كما تمّ نوزيع ميداليّات وهدايا على رعاة المؤتمر وإعلاميّين. وتلا هذا الحفل استضافة المشاركين من شركة التأمين الأردنية، أحد رعاة المؤتمر الرئيسيّين على دعوة عشاء.