في رسالة وجّهها إلى كلّ من: رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي السيد شارل عربيد، والنائب الكسندر ماطوسيان،رئيس مجلس إدارة “المشرق للتأمين”، والمحامي زياد بارود، المستشار القانوني لجمعية شركات الضمان، وأخيرًا إلى نقيب وسطاء التأمين السيد سيريل عازار، سلّط رئيس ACAL السيد ايلي طربيه الضوء على الأضرار اللاحقة بالممتلكات والمؤسسات من زاوية قطاع التأمين عمومًا، وكيفيّة حلّ مسألة التعويضات على المتضرّرين خصوصًا.
وممّا جاء في الرسالة: كلّنا نعلم أنّ المباني والمؤسّسات المتضرّرة المشمولة بالتأمين لا تتعدّى 10 بالمئة من مجمل الأبنية المتضرّرة بسبب عدم إلزامية التأمين على الممتلكات في لبنان، بدليل أنّ 6 بالمئة فقط من إجمالي أقساط شركات التأمين هي لتغطية الحريق وسائر الأخطار على الممتلكات.
وعلى رغم تدنّي هذه الأقساط، إلاّ أنّ فاتورة الأضرار التي سيتحمّلها قطاع التأمين جرّاء هذا الضرر متوقّع أن تصل إلى 2 مليار دولار، أكانت تلك الأضرار تابعة لأفراد أو لمؤسّسات. وهي تشكّل في مجموعها، عشرة آلاف حالة وأكثر من ألفَيْ سيارة، إذ أنّ ضخامة الانفجار أدّت إلى حجم أضرار لم يعرف لبنان مثيلاً له.
مضى السيد طربيه في رسالته يقول: بعد يوم فقط من حصول الانفجار بدأ خبراء التأمين بمسح الأضرار وإعداد تقارير لتقديمها إلى شركات التأمين. وعلى رغم ذلك، لا يمكن لشركات التأمين تقدير حجم الخسائر الإجماليّة على القطاع لأنّ الخبراء لم ينهوا عملهم، كما أنّ الكثيرين من المتضرّرين المؤمّنين لم يقوموا بالتصريح عن الأضرار التي أصابتهم جرّاء هذا الانفجار.
ولكن حتى قبل الانتهاء من مسح الأضرار وتحديد قيمة التعويضات المترتبة على قطاع الضمان، كانت شركات التأمين قد أعلنت التزامها التزامًا تامًا بموجباتها التعاقديّة كافة، ولكنّها في الوقت نفسه، طالبت المراجع الرسميّة المختصّة تحديد سبب الانفجار وطبيعته، فإذا تبيّن أنّه ناتج عن عمل مقصود ذي طابع تخريبي أو سياسي ستقتصر التغطية على 5 بالمئة من البوالص التي تؤمّن الممتلكات بسبب قلّة عدد البوالص التي تنصّ على تغطية من هذا النوع، وهي بالإجمال محصورة بالمؤسّسات التجاريّة والصناعيّة والسياحيّة.
أمّا إذا تبيّن أن الانفجار ناجم عن عمل غير مقصود أي نتيجة حادث، فهناك عدد أكبر من البوالص التي ستشملها التغطية، وخاصة تلك المتعلّقة بالأخطار All Property Risks، شرط أن لا يكون سبب الانفجار مستثنى في الشروط العامة، علمًا أنّه ينطبق على الأضرار التي لحقت بالبواخر والبضائع التي كانت موجودة في المرفأ ما ينطبق على تأمين الممتلكات خارج المرفأ من الناحية التأمينيّة.
إنّ حجم الكارثة – تابع السيد ايلي طربيه في رسالته – كبير جدًّا على أي قطاع تأمين في العالم، فكيف بالتالي على قطاع تأمين لبناني أنهكته المشاكل الاقتصاديّة والمالية التي عصفت بلبنان في أواخر العام 2019 وأدّت إلى منع تحويل أرصدة حسابات معيدي التأمين إلى الخارج، بالإضافة إلى عدم قدرة الشركات على استيفاء الأقساط السنوية الصادرة بالدولار الأميركي إلاّ بالعملة الوطنيّة، وعلى سعر الصرف الرسمي في مقابل مصاريف وأعباء تُحسب على أساس سعر صرف السوق.
لم تتوقّف الأمور عند هذا الحدّ – يقول طربيه – حتّى فاجأنا Covid-19 في بداية العام 2020 قبادرت شركات التأمين إلى تغطية كلفة علاج المصابين به في المستشفيات وأدرجت التغطية ضمن عقودها الاستشفائيّة الجديدة والمجدّدة ابتداء من أيار 2020. ثمّ كان انفجار المرفأ المشؤوم الذي جعل من العام 2020 الأسوأ على اللبنانيّين عامة، وعلى قطاع التأمين خاصة.
هذه الأحداث المتلاحقة ستدفع شركات التأمين لتكوين مؤونات حوادث للعام 2020، بمجرّد حصولها على تقديرات أوّليّة لحجم الخسائر الناجمة عن انفجار مرفأ بيروت، وهذا التدبير سيترافق مع شركات التأمين لسنوات عديدة مقبلة وسيكبّدها خسائر ضخمة.
إنّ تغطية المخاطر هو من صلب عمل شركات التأمين، وبالتالي لا خوف عليها من الانهيار، شرط أن تتمّ معالجة التعويضات الناشئة عن الانفجار الكبير بمرفأ بيروت بموضوعيّة من قبل كافة المعنيّين وبِحِرَفيّة عالية، مع التأكيد مرّة أخرى، يتابع طربيه، أنّ قطاع التأمين اللبناني هو قطاع متين منظّم واجه كلّ الظروف الصعبة التي مرّت بلبنان على مدى أكثر من 70 عامًا.
ختم رئيس ACAL رسالته بالقول:
نعم لقد دمّر انفجار المرفأ ذاكرة بيروت، أي الأبنية الأثرية في الجميزة وسرسق وغيرها، لكنّه لم يدمّر عزيمة وإرادة اللبنانيّين في إعادة الحياة إلى قلب بيروت وإنعاش ذاكرتها.
سنتساعد وإياكم، متوجّهًا بكلامه إلى رئيس وأعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي والكثير من الخيّرين، لبناء بيروت وإعادتها أجمل ممّا كانت عليه