كيف تعاملت “بلاتينوم”، شركة وساطة الإعادة، مع أزمة كورونا الأخيرة، وهل اعتمدت، كما غيرها، نظام الـعمل عن بُعد لمتابعة أعمالها في لبنان والخارج؟فادي الشرقاوي، المدير العام التنفيذي للشركة، شذّ عن القاعدة التي اتّبعها سواه، وفضّل العمل من مكاتب الشركة بحضور الفريق المتعاون معه، بعد إقفال ثلاثة أيّام في بداية ظهور الوباء، وعنده من الحجج على خطوته ما يكفي للاقناع.مع فادي الشرقاوي، الخبير في مهنته والذي لا يلتقط أنفاسه منذ لحظة دخوله مكتبه إلى حين خروجه منه، كان هذا الحوار الذي ينقل صورة زاهية لا سوداء عن واقع قطاع التأمين.
سألناه بداية: كيف كان العمل في شركة وساطة الإعادة “بلاتينوم” خلال هاتَيْن الأزمتَيْن الصحيّة والاقتصاديّة؟و كيف كنتم تتعاملون مع الخارج في ظلّ توقّف الطيران وعدم تمكّن المندوبين من التنقّل؟ أجاب:
– هذه كارثة عالميّة لم نشهد مثلاً لها قبل اليوم. ومع ذلك كان علينا أن نتأقلم معها لكي نخرج منها بأقلّ الأضرار. وطبيعي أن يكون لكلّ شركة رؤيتها واستراتيجيّتها في اتّخاذ التدابير الملائمة لها. فمنها من أوقفت العمل، ومنها من تابعت أعمالها ولكن وفق إجراءات صحيّة تفرضها الجهات المعنيّة. وثمّة من المؤسّسات، وهذه تشكّل الغالبيّة، لجأت إلى العمل عن بُعد لضرورات يفرضها الواقع الصحّي.
نحن في “بلاتينوم” اتّخذنا موقفًا مغايرًا ينسجم مع قناعاتنا وتفكيرنا. لقد كان من السهل علينا العمل من المنازل، ولكنّنا فضّلنا متابعة العمل من مكاتبنا مع اتّخاذنا التدابير الوقائيّة المشدّدة. ويعود السبب الذي حدا بنا إلى اعتماد هذا الخيار هو أنّ عددنا قليل نسبيًا إذا ما قيس بعدد موظّفي مؤسّسات أخرى كوننا شركة وساطة إعادة ونظام عملنا يختلف عن نظام عمل شركة التأمين المباشر. ثمّ لأنّ مكاتبنا واسعة ويمكننا بسهولة تأمين التباعد بين الموظّفين والمحافظة على مسافة آمنة بين بعضهم البعض. وإلى ذلك، فإنّ منازل معظم الموظّفين هي في جوار المكاتب في العاصمة بيروت. وفي ما يتعلّق بتدبير المفرد والمزدوج في التنقّل بالسيارات، فوجدنا الحلّ بأن يستخدم من يطاوله الاستثناء في اليوم التالي، سيارة أجرة أو تاكسي أو أي وسيلة أخرى. إذن لماذا نتخلّى عن العمل عن قرب ونعتمد عملاً عن بُعد بديلاً؟
لقد أقفلنا مكاتبنا إقفالاً تامًا في بداية التعبئة ولثلاثة أيام متتالية، ومن ثمّ عدنا إلى العمل بصورة عاديّة نظرًا لطبيعة عملنا التي لا تستوجب استقبال الزبائن، لكن التواصل فقط مع شركات التأمين والمعيدين. شخصيًا، لم أتغيّب عن المكتب سوى للأيام الثلاثة الأولى للأزمة، ومن ثمّ بدأتُ أداوم كلّ يوم. ولهذا السبب، يمكنني القول أنّنا، بفضل التدابير التي اتّخذناها، حقّقنا نموًّا ملحوظًا، وذلك لأنّنا نعمل مع شركات في الخارج توفّر لنا “الكاش” لتسديد فاتورة الإعادة.
س: يقولون أن قطاع التأمين، وعلى خلاف القطاعات الأقتصاديّة الأخرى، لم يتضرّر بل استطاع أن يستفيد من جائحة كورونا، فهل أنت من هذا الرأي؟
ج: برأيي، فإنّ قطاع التأمين هو الوحيد الذي بقي واقفًا على قدمَيْه، على رغم بعض التراجع، وهذا أمر أكثر من طبيعي. والدليل على ما أقول أن القطاع حافظ على السعر الرسمي لاحتساب الدولار (1515 ل.ل. للدولار الواحد وحتى اليوم)، ممّا دفع المضمونين إلى الإسراع وتسديد أسعار بوالصهم الممدّدة (أو شراء بوالص) على السعر الرسمي للدولار، خوفًا من تغيّر المعطيات.
س: كيف تمكّن القطاع من تحمّل الأعباء الاستشفائيّة في ظلّ كورونا؟ج: المستشفيات التي تستقبل حالات الكورونا هي مستشفيات جامعيّة مدعومة من الدولة. وكما يعرف الجميع كورونا وباء، والوباء هو مستثنى من بوالص شركات التأمين أصلاً. وبطلب من وزارة الاقتصاد، القيّمة على قطاع التأمين، وافق البعض منها على تغطية الوباء حتّى سقف معيّن، ولكنّ الوزير، وفي مؤتمر صحفي له، ألزم الشركات بإدخال بند يغطّي الأوبئة ومنها وباء كورونا ابتداءً من صدور التعميم الذي تزامن مع مؤتمره الصحفي قبل أيّام. وهنا يجب الاعتراف بأنّ أعداد المصابين ليس كبيرًا وبالتالي فلا داعي للهلع، ولكن مع التزام التدابير الوقائيّة وأهمّها وضع الكمامات وارتداء القفازات وغسل اليدَيْن بالماء والصابون، علمًا أن كثيرًا من العمليات الجراحيّة غير المستعجلة قد أُجّلت ولكن من دون أن تُلغى، ما يعني أنّ المستشفيات ستشهد “هجومًا” عليها بعد انحسار الوباء. س: هل وضعتم استراتيجيّة معيّنة لما بعد الكورونا؟
ج: نحن كوسطاء إعادة ليست لدينا استراتيجيّة معيّنة لأنّنا لم نتأثّر كثيرًا بهذه الجائحة، ولكن شركات التأمين المباشر هي التي يجب أن تعيد النظر بطريقة تعاطيها مع هذه الأزمة أو غيرها. وبالنسبة للعمل عن بُعد، فبرأيي أن مهنة التأمين تحتاج إلى التواصل الشخصي وإلى تبادل الزيارات، لأنّ التعاطي الاجتماعي والانساني مهمّ جدًّا في مهنتنا.وفي الختام، يمكنني القول أن العام 2020، وعلى رغم كلّ ما حصل فيه، لن يخذل قطاع التأمين والذي، باعتقادي، ستشهد فيه شركات ازديادًا في النموّ، ومنها طبعًا “بلاتينوم”، على رغم الركود الاقتصادي الذي طاول الكرة الأرضية بكاملها والذي من المتوقّع ان يمتدّ إلى العام 2021. نحن حاليًا بانتظار انتهاء الحجر الصحّي الذي سيتمّ على مراحل لكي نعود إلى نشاطاتنا وزياراتنا إلى الخارج.