فادي الشرقاوي
شركات وساطة الإعادة كيف ستعمل في بحر هذا العام بعد الكارثة المزلزلة في مرفأ بيروت في الرابع من آب الماضي؟
ولكن لماذا خصّصنا شركات وساطة الإعادة من دون سواها، فإنّما بسبب الدور الذي تلعبه بين شركات التأمين المباشر وبين شركات الإعادة العالميّة. وما كنّا بالظروف العادية لنطرح هذا السؤال لأنّ آلية العمل كانت تجري من دون عقبات ولا معوقات. لكنّ في الظروف الراهنة، فإنّ هذه الشركات تحديدًا، تواجه منذ سنتَيْن مشكلة تحويل مطالبات شركات الإعادة بسبب “الكابيتال كونترول” المقنّع الذي حال دون التّحويلات الماليّة بالدولار وغيرها من العملات الصعبة إلى الخارج. ولم تقتصر المشكلة عند هذا الحدّ، إذ مع انفجار مرفأ بيروت توقّف البعض من شركات الإعادة عن تسديد ما عليها من تعويضات بحجّة أنّ التقرير الرّسمي للانفجار لم يصدر بعد، وبالتالي فقد قرّرت تعليق ما يتوجّب عليها إلى حين صدور هذا التقرير، وإن كانت ثمة شركات سدّدت وأخرى وضعت شروطًا لهذا التسديد.
المدير العام التنفيذي في شركة “بلاتينوم” السيد فادي الشرقاوي، والشركة المذكورة من شركات وساطة الإعادة المعروفة في لبنان والوطن العربي، تحدّث إلينا عن هذه المشكلة الإضافيّة التي تواجه قطاع التأمين. وللمرّة الأولى رأيناه متشائمًا وكأنّ الحلول قد أُعدِمت كلّها. أكثر من ذلك، فقد أفادنا في سياق المقابلة، أنّ شركات إعادة باتت لا ترغب بسماع إعادة تغطية مصدرها لبنان. والأسوأ من كلّ ذلك، وهذا ما أبلغنا إيّاه أيضًا، أنّ شركات وساطة الإعادة بدأت تبحث عن مقرّات أو فروع جديدة في منطقتَيْ الخليج وافريقيا، ما يذكّر اللبنانيّين بهجرة الشركات ورجال الأعمال والمصارف من لبنان إلى قبرص أبّان الحرب اللبنانيّة في سنواتٍ سابقة.
فإلى حديث السيد شرقاوي…
س: “بلاتينوم” التي تتولّون إدارتها التنفيذيّة هي شركة وساطة إعادة، وكباقي الشركات التي تشبهها، فإن القيّمين عليها يواجهون مشكلة كبيرة مع معيدي التأمين في الخارج تتمثّل بأمرَيْن، الأوّل، صعوبة تسديد المطالبات لعدم تمكّنها من تحويل الأموال، والثاني مرتبط بإنفجار مرفأ بيروت والتعويضات المُطالب بها من قبل المتضرّرين، إذا ثبُت أنّ وراء هذا الانفجار عملاً إرهابيًا، عندها فشركات الإعادة لن تكون معنيّة بأيّ تعويض. في ظلّ هاتَيْن الإشكاليّتَيْن، كيف تصرّفتم؟
ج: بداية، يجب أن نعترف بوقوع كارثة في لبنان ضربت جميع القطاعات جرّاء انفجار المرفأ. ومن الطبيعي أن تنتظر شركات الإعادة نتائج التحقيق لمعرفة ما إذا كان هذا الزلزال مفتعلاً داخليًا أو هو اعتداء خارجيّ أو هو عملية إرهابيّة أو حادث من نوع قضاء وقدر. وكما نلاحظ، فإن التقرير الخاص بهذه الكارثة يسير ببطء شديد ويدفع إلى الاعتقاد أنّه مسيّس، فضلاً عن تباين المعلومات وتضاربها، تمامًا كما حصل مع اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري. لذا أرى أنّنا متّجهون إلى المجهول في ما يتعلّق بالتحقيقات وتاليًا صدور التقرير.
بالنّسبة لسؤالك، فإنّ هناك شركات إعادة وافقت على تسديد التعويضات للمتضرّرين من الانفجار، بينما رفضت أخرى السير بهذا الاتجاه وفضّلت انتظار نتائج التحقيق الذي لن يرى النور، كما يبدو، في القريب العاجل، علمًا أنّ هناك شركات إعادة وقفت في منتصف الطريق، إذ عرضت تسديد التعويضات شرط أن يتعهّد المتضرّر إعادة المال الذي قبضه إلى شركة الإعادة في حال أثبتت نتائج التحقيق أن هذا العمل إرهابي. هذا هو باختصار، الوضع الذي تعيشه شركات وساطة الإعادة ومنها طبعًا “بلاتينوم”.
س: وماذا عنكم، هل دفعتم تعويضات لمتضرّرين؟
ج: نعم، لقد دفعنا لقسم من هؤلاء، إمّا دفعات صغيرة أو أخرى كبيرة.
س: دخلنا عامًا جديدًا سيتمّ فيه تجديد بوالص في ظلّ وضع صعب: لا دولار نقدي من البنك المركزي ولا حتّى من السوق الموازية بسبب ارتفاع سعر العملة الخضراء إزاء الليرة وبوتيرة تصاعديّة. كيف ستتصرّفون كشركات وساطة إعادة وما هو المنحى المُتّخذ ؟
ج: في ظلّ هذا الوضع المتردّي فإنّ معظم شركات الإعادة، وأقولها بأسى وأسف، لم تعد تريد أن تسمع بتغطية إعادة من لبنان، أمّا الذين لا يزالون يقبلون بإعادة التغطية فقد أصبحوا قلّة وهذه كارثة كبيرة. وتعود أسباب هذا الانكفاء إلى مشكلة تسديد وتحويل المطالبات، وإلى أنّ لبنان في وضع غير مستقرّ لا سياسيًّا ولا أمنيًا. ومعيد التأمين، إزاء هذا الواقع، يريد أن يحفظّ حقّه، فكيف سيحصل على هذا الحقّ في بلد وضعه غير مستقرّ مثل لبنان، لذا يفضّل الابتعاد عن المشاكل، حتّى أنّ الأمور وصلت إلى درجة أن هناك شركات إعادة عدّة في المنطقة يديرها لبنانيّون، قرّروا عدم التعامل مع لبنان في الوقت الراهن.
س: لا يمكن توجيه اللّوم إلى هذه الشركات لأنّها، بالنتيجة ليست جمعيّات خيريّة…
ج: هذا صحيح، ولكن يجب الأخذ بعين الاعتبار، أنّ تلك الشركات استفادت من لبنان فلمَ لا “تعضّ على الجرح” في هذه الفترة تتريّث قليلاً قبل اتّخاذ هذا القرار؟
س: وفي ظلّ هذا الواقع، وبوجود عدد قليل جدًّا من شركات الإعادة التي لا تزال تعمل مع لبنان، فما هو مصير شركات وساطة الإعادة؟
ج: بصراحة، نحن في Platinum نعمل على إيجاد موطئ قدم في الخارج مثل افريقيا والخليج وغيرهما. أكثر من ذلك، دخلنا مرحلة الاستعداد للانتقال إلى الخارج وافتتاح مقرّ إضافي أو أكثر من مقرّ.
س: ما يؤكّد على ما تقوله أنّ هناك شركات عدّة افتتحت مكاتب جديدة لها في قبرص التي تعتبر اليوم صلة الوصل بين الغرب والشرق، كما كانت في فترة الحرب اللبنانيّة، وهنا تكمن الخطورة، لأنّ لبنان بدأ يستنزف كلّ رصيده كدولة ذي موقع ريادي في المنطقة!
ج: نعم، لبنان خسر كلّ شيء. نحن لم نفكّر بقبرص بعد، ولكن تفكيرنا ذهب نحو دبي وقطر وغيرهما ولكنّنا لا نزال في طور دراسة هذه الخطوة..
س: برأيك ما تخطّطون له اليوم هل هو معمّم على جميع شركات الإعادة ووساطة الإعادة الموجودة في لبنان؟
ج: طبعًا طبعًا جميعنا نواجه المشكلة نفسها. بالنسبة لشركتنا، نحن لم نعد نتحمّل القبض بشيك دولار، لقد بدأنا نطلب الدولار نقدًا في كلّ عملية تأمينيّة تحتاج إلى إعادة تغطية في الخارج. أمّا إذا كانت العمليّة خاصة بلبنان، نقبل بالشيك المصرفي أو ما بات يُعرف بــ “اللولار”، علمًا أنّه لا تزال في لبنان شركات إعادة عربية تقبل بالعملة الوطنية أو باللولار مثل “تراست ري”، “اراب ري” و”بارنس ري”.
س: ماذا عن “بلاتينوم” في 2019 و2020؟ هل كان هناك توازن في الأرباح والخسائر؟
ج: لقد حقّقنا أرباحًا في العام 2020 كما أنّنا استثمرنا مالنا المحجوز في البنوك في مكاتب جديدة لكي نحافظ على قيمتها.