الرياضة أولًا
توالت المؤتمرات التأمينيّة العربية-العالمية منذ دخل العالم السنة الحالية 2022، وكان ذلك طبيعياً لأن جائحة كورونا انحسرت إلى حدّ كبير، ولو أنّ متحوّرات هذا الفيروس لا تزال تطلّ برأسها، بين وقت وآخر، لتُحدث بلبلة وخوفًا في الأوساط الطبيّة، وكذلك الشعبية. وكان يكفي أن يتمّ الإعلان عن إصابات بفيروس الجدري ذي المنشأ الإفريقي أيضًا، ومن القِرَدَة تحديدًا، حتى يحصل ارتباك وهلع وخوف من جديد عند الناس وفي الشركات والمؤسسات معاً كذلك في المراكز الطبية. لكن سرعان ما هدأت النفوس عندما طمأنت الدوائر العلميّة، الغربية، أنّ العدوى لا تتمّ إلاّ بالاحتكاك المباشر، وعلى غرار ما يحصل مع داء المناعة المُكتسب المعروف بالـ AIDS.
المهمّ أنّ عدد المؤتمرات التأمينيّة سجّلت رقماً قياسيّاً. فبعد ملتقى شرم الشيخ الذي عُقد نهاية العام الفائت، وكان فاتحة خير، (وهو سيُعقد نهاية الصيف الحالي في نسخته الرابعة، وبالتعاون مع الاتحاد الآفروآسيوي)، كرّت السُبّحة مع بداية 2022، وكان أبرزها خمسة: مؤتمر قرطاج، مؤتمر دبي للتأمين DWIC 2022، مؤتمر العقبة الثامن الذي عُقد قبل أيام، فمؤتمر FANAF الافريقي. وستتوّج كلّ هذه الحركة التأمينيّة بمؤتمر الـ GAIF في دورته الـ 33 الذي يُعقد بعد أيام في وهران الجزائر بعدما تأجل مرتَيْن بسبب كوفيد 19. وبديهي القول أن خبراء التأمين في العالم العربي، كما في الغرب، أمضوا وقتًا لا يُستهان به في الطائرات يتنقّلون بين الأمكنة التي عُقدت فيها هذه المؤتمرات والتي كان أعرقها مؤتمر FANAF اذ حمل الرقم 46، ما يؤكّد رسوخاً ثابتاً كمؤتمر ذي شأن يجب أن يُحسب له الحساب. وكان اتحاد شركات التأمين الافريقية الذي يُقال له اختصاراً FANAF، الأكثر استقطابًا لشركات التأمين كما للخبراء في هذه المهنة، إذ فاق العدد الألف شخص. وكان لهذا الاهتمام ما يبرّره، أوّلاً، اقتصاد دول القارة الإفريقية المتنامي، وحاجة مؤسّساتها إلى التأمين، كما إلى كلّ ما هو حديث ومستجدّ خصوصًا بعدما تدنّت الحاجة إلى هذه الأمور في دول منطقة الشرق الأوسط، تحديدًا دول الخليج العربي التي عرفت كيف تستفيد من عائدات النفط وتستثمرها في البنى التحتية وفي الصناعة والزراعة وحتى السياحة، الى أن تفوّقت انمائياً على دول العالم قاطبة، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية.
صحيح أنّ مواضيع عدّة أثيرت في هذا المؤتمر كانت شبيهة بسائر المواضيع التي عولجت في المؤتمرات التي تحدثنا عنها وبينها الـ GAIF، ومنها بل أبرزها القرصنة المعلوماتيّة، العمل عن بُعد، اعتماد التكنولوجيا الموسّعة وغيرها…، إلاّ أنّ ما تميّز به FANAF انحصر في نقطتَيْن، الأولى كيفيّة الاعتماد على التأمين لتنمية الزراعة وتحقيق الأمن الغذائي، والثاني توسيع أطر التأمينات العامة لتشمل الحِرَف الصغيرة أو ما يعرف بالتأمين المتناهي الصّغر، علمًا أنّ هذَيْن الموضوعَيْن كانت مصر سبّاقة إلى طرحهما في ندوات سابقة، بل أنّ الاتحاد المصري للتأمين دأب التركيز عليهما منذ فترة كونهما يُساهمان في تعزيز الاقتصاد المصري وتخفيض نسبة البطالة وتحقيق الاكتفاء المالي الذاتي، ما يرفع أعباء كثيرة عن كاهل الحكومة المصريّة التي تسعى إلى بناء اقتصاد متين لمواجهة الظروف الإقتصادية الحالية. وغنيّ عن القول أنّ الأزمة الروسية – الأوكرانية لم تَغِب عن مؤتمر FANAF، وهذا طبيعي لأنّ تداعياتها الكثيرة ولا سيما على مستويَيْ تأمين القمح وتوزيع النفط والغاز، وكلاهما من أوكرانيا، قد أصابا معظم دول العالم.
وككلّ مؤتمر، فإنّ FANAF الذي عُقد في فندق الملك فهد بداكار. شهد العديد من المحاضرات والنقاشات وغصّت صالاته بممثّلي شركات التأمين المباشرة وممثّلي شركات الإعادة ووساطة الإعادة. وكانت هذه الاجتماعات فرصة لمعرفة ما هو اتّجاه الأسعار التي ستفرضها شركات الإعادة في السنة المقبلة، وهو موضوع سيُثار بشكلٍ واسع ومؤكّد في مؤتمر الـ GAIF 33 في وهران، كما أبلغنا بعض المشاركين الذين يعوّلون كثيراً على اللقاءات مع شركات الإعادة العالمية.
وكان مؤتمر FANAF الذي نظمته ورعته SEN Re ، قد انطلق رياضياً كما هي العادة المتّبعة بالسير على الأقدام دلالة على الإهتمام بالصحة ليُفتتح بمشاركة فعالة لأقوى شركات الإعادة في القارة مثل Waica Re الذي كانت لها مشاركة وازنة، Sunu Re ، Aveni-re التي دعت الى عشاء على شرف الحضور في اليوم الأول للمؤتمر، ومن المعيدين الذين شاركوا أيضاً: Helvetia ، Munich re ، Swiss re ، Odysse Re و CICA RE وغيرها.
إشارة إلى أنّ الاتحاد الافريقي الوطني لشركات التأمين يضمّ 53 شركة تتعاطى تأمين الحياة و123 شركة متخصّصة بالتأمينات المختلفة، فضلاً عن 17 شركة إعادة وشركات اكتوارية التي كان لها دور مميّز في هذا المؤتمر.
يبقى أن نذكر الى أن شركات من دول عربية عدة شاركت فييبقى أن نذكر أن شركات من دول عربية عدة شاركت في FANAF بينها “شديد ري” وبلاتينوم من لبنان وAPEX من الأردن التي تمثّلت بوفد فرونكوفوني. وهذه المشاركة طبيعية بسبب العلاقات القوية والمتينة التي أقامتها داخل دول القارة الإفريقية، بدليل انتقالها مؤخراً الى مكاتب حديثة ومجهّزة تكنولوجياً ولوجستياً مع مقر للتدريب.