جينات مكبّرة
هل بات قريبًا علاج الأمراض المُزمنة وتحقيق الشفاء والتعافي التّامَيْن ومن خلال ما يُعرف بــ “الطبّ الدقيق”، أي العلاج الجيني؟
رئيس قسم الأمراض الوراثيّة في مستشفى الحرس الوطني بالرياض د. ماجد الفضل أكّد ذلك في مؤتمر أقيم في دبي حول الأمراض الجينيّة، برعاية جمعيّة الأمراض الجينيّة في السعودية وجمعيّة الإمارات الجينيّة، مشيرًا في الوقت نفسه، إلى أنّ “الطبّ الدقيق” سينتشر في القرن المقبل ويكون فعّالاً في علاج كلّ الأمراض الخطيرة.
وكان الفضل الذي أشاد بالخبرات العلميّة التي تمتلكها السعوديّة وبالإمكانات الطبيّة المتطوّرة والتي تضاهي الدول الكبرى في مجال العلاج الوراثي، قد قدّم أكثر من 170 ورقة بحث منشورة حول الأمراض الوراثية على صفحات مجلات الطب العالمية، ومنها: التخلّف العقلي والعمى الكلّي وتضخّم الكبد والطحال وغيرها… وهي حالات لا يمكن تشخيصها بسهولة.
ووفق معلومات د. ماجد الفضل، فإنّ معدّل الأمراض الوراثية النادرة بمنطقة الخليج يتراوح بين 11 و12 ألف شخص مصاب، وقد تؤدي بعض تلك الإصابات إلى الوفاة مبكرًا لعدم وجود أيّ علاج لها، مع أن هنالك اكتشافات طبية حديثة تؤكد وجود أدوية متوافرة في دول الخليج، نجحت في شفاء الكثير من الحالات.
وفي نظرة شاملة على هذا الموضوع غير المتداول في أوساط العامّة، فقد أكّد د. شريف إبراهيم، الرئيس الطبي لـ Takeda المتخصّصة في الأمراض الوراثية بالشرق الأوسط، إن “هناك نحوًا من 7 آلاف مرض جيني في العالم يصعب على الأطباء المتخصّصين تشخيصها، بسبب وصول المريض إلى الطبيب متأخراً، لذلك يتعذّر حصوله على استفادة علاجية ملموسة. أضاف: “هناك ما يتراوح بين 5 إلى 10حالات مصابة بمرض وراثي بين كل مليون مواطن في أي بلد في العالم”، وأنّ هناك “علاجات حقّقت طفرات واختراقات طبية مهمة، لكنها في كثير من الحالات أقل كفاءة، ولا تضمن نتائج مرضية، لتأخّر وصول المرضى للأطباء، باستثناء حالات خضعت لتشخيص مُبْكر، وأثبتت معها العلاجات المتوفرة فعالية كبيرة، وساهمت في رفع معدلات تعافي المرضى بسهولة”. وقد شدّد إبراهيم على أهمية نشر الوعي بالأمراض الوراثية، لأنه “كلما زاد الوعي، زادت فرصة الوصول للحالات وعلاجها. ذلك أنّ رسائل التوعية تساعد في إجراء الفحص المبكر، على اكتشاف الحالات والتمكّن من القضاء على مختلف أنواع الأمراض الجنينية في المجتمعات”. على أنّ التحدّي الأكبر، ودائمًا حسب د. شريف ابراهيم، يكمن في “تغيير سلوك بعض العائلات التي تجد حرجاً اجتماعياً في الإعلان عن أنّ أحد أفراد أسرتها مصاباً بمرض وراثي”، فعقّب قائلاً: “إننا نسعى عبر مشاركاتنا في مؤتمرات طبية دولية أو من خلال برامج جمعيات جينية ومنصّات إعلامية، التوعية بضرورة الكشف عن الأمراض والبدء في علاجها، إلى جانب الدفع بإجراءات الفحص الدوري المُبْكر لتلافي حدوث صدمات مرضية لاحقة، قد لا تنجح معها أية حلول علاجية”.
وبخلاف ما يعتقده معظم الناس، فإنّ علاجات حديثة ومتطوّرة باتت متوافرة للأمراض الوراثيّة، لاسيما في منطقة الخليج العربي، علمًا أنّ أكثرها كفاءة هو “العلاج بالجينات، والعلاج من خلال إمداد المريض ببديل الإنزيم، إضافة إلى العلاج بالخلايا الجذعية”، كما قال د. ابراهيم، علمًا أنّ هناك علاجات تحت الدراسة لتغيير التركيب الجيني للمرضى لمساعدتهم على إنتاج هذه الإنزيمات، ويتمّ اختيار أي نوع من العلاجات حسب ما تتطلبه الحالة.