رئيس اتحاد صناديق التعاضد غسان ضو
قد تكون صناديق التعاضد أمام أكبر تحدٍّ في 2021 في الموضوع الاستشفائي، ليس لأنّ شركات التأمين تُعتبر الأكثر قدرة على المواجهة نظرًا لرأسمال كلٍّ منها والذي يبقيها واقفة على قدمَيْها، إضافة إلى ما تملك من ملاءة لا يُستهان بشأنها، وإنّما لأنّ الصناديق تواجه المطبّات وحيدة، بأسلوبٍ مختلف عن ذاك الذي تعتمده الشركات. وعلى رغم هذا الواقع المرير، لا تزال هذه الصناديق مُمسكة بزمام الأمور، تجاهد وتواجه، وصولاً إلى تحقيق الغاية التي وُجدت من أجلها، ونعني بذلك خدمة شريحة واسعة من النّاس المتوسّطي الدّخل، والأصحّ القَوْل، غير المقتدرين ماليًا في الأيّام العاديّة فكيف في أيامّنا الحاليّة؟
رئيس اتّحاد صناديق التعاضد الصحّية السيد غسان ضوّ عبّر لنا في حديثٍ أجريناه معه، عن الهموم والهواجس، وكذلك عن خطّة موضوعة للتنفيذ تمنع سقوط هذا القطاع الذي يحتاج إليه كثيرون، نظرًا إلى كلفته الاستشفائيّة المعقولة والمدروسة والتي لا تقضّ مضجع من يحمل البطاقة التعاضديّة ويذهب بها إلى المستشفى مكرّمًا معزّزًا لأنّ المستشفيات، كما سائر مقدّمي الخدمات الطبيّة، باتت على إدراكٍ تامّ، بعد تجارب السنوات الماضية، أنّ هذه الصناديق تسدّد ما عليها “حتّى آخر قرش“، كما يُقال، وهذا ما جعل صفحتها دائمًا بيضاء في وقتٍ تشكو بعض المستشفيات من أداء بعض الضامنين الذين يسيرون على خطى وزارة الصحّة والضمان الاجتماعي، لناحية التأخّر في تسديد ما عليها من موجبات ماليّة.
يقول رئيس الاتّحاد في هذا المجال “أنّ تجربة الصناديق توسّعت لتشمل حوالى 65 صندوقًا تعاضديًا تعمل في جميع المناطق اللبنانيّة ويستفيد من خدماتها ما يصل إلى 340 ألف منتسب تُسدّد عنهم الصناديق ما تُطالب به المستشفيات وسائر مقدّمي الخدمات الطبيّة. ويصل المبلغ الإجمالي سنويًا إلى ما يفوق الـ 220 مليار ليرة لبنانيّة“.
“هل تواجه صناديق التعاضد تحدّيًا في العام الحالي، كما ذكرت؟“، تساءل السيّد غسّان ضوّ ثمّ علّق: “لا شكّ أنّ الواقع الاستشفائي ككلّ يواجه صعوبة كبيرة لتخطّي هذه الأزمة. ونحن كصناديق تعاضد، نعاني ظروفًا استثنائيّة شديدة الخطورة. وتشاركنا في هذه الظروف الصّعبة جميع القطاعات العاملة في مجال تقديم الخدمات الطبيّة من مستشفيات ومختبرات وسواها. إنّ هذه القطاعات جميعها تتعرّض لضغوط كبيرة، إضافة إلى مواجهتها مخاطر فيروس كورونا الذي أطبَقَ على هذه القطاعات، سواء بزيادة أعداد المُصابين أو للحاجة الماسّة إلى لوازم طبيّة غير مدعومة أو لحاجتها إلى أموالٍ غير مسدّدة من القطاعَيْن العام والخاصّ، العام ونعني به الاستحقاقات الماليّة المترتبة على وزارة الصحّة والضمان الاجتماعي وسواهما، أمّا الخاص فيتمثّل بالهيئات الضامنة التي تعاني ما تعانيه الصناديق، ولكن مع فارق واحد: تخلّف البعض من هذه الهيئات عن التسديد في المواعيد المحدّدة، الأمر الذي لا يحصل مع صناديق التعاضد. ومن المعروف أنّ وزارة الصحّة مسؤولة عن جميع اللبنانيّين غير المضمونين وهي تعاني نقصًا في موازنتها على رغم مساعي الوزير ووزارة الماليّة والضمان الاجتماعي، المؤسّسة الأولى التي تضمن مليون ونصف المليون مواطن وغير القادرة على قبول زيادة أسعار المستشفيات في ظلّ تصاعد فروقات أسعار صرف الدولار. وما يُقال عن الضمان، يُقال مثله عن تعاونيّة الموظفين وشركات التأمين التي قرّر البعض منها استيفاء قسم من قيمة البوالص بالدولار غير المتوافر عند الصرافين ما عدا السوق السوداء التي لا قدرة للأهالي على دفع قيمته. في ظلّ هذا الواقع، كانت صناديق التعاضد تسدّد جميع مستحقّات فواتير الاستشفاء على سعر صرف الدولار الرّسمي، وبذلك بَدَت الجهة الوحيدة التي لا ديون على عاتقها. على أنّ مشكلة جديدة استجدّت: طَلَب المستشفيات زيادة التعريفات وتسديد قسم من الفواتير بالدولار على سعر المنصّة، وهو ما يشكّل صعوبة في التطبيق لأنّ مجموع المنتسبين للصناديق عائلات دخلها بالليرة اللبنانيّة ولا طاقة لها بشراء العملة الصعبة أو تحمّل مضاعفة أقساطها ما قد يهدّد قدرة تلك العائلات على تجديد انتسابها لأيّ صندوق تعاضدي، ما يزيد من احتمال ارتفاع أعداد المواطنين الذين قد يتوجّهون إلى وزارة الصحّة للحصول على تغطيات استشفائيّة، هي التي تعاني في الأساس نقصًا في ميزانيّتها“
س: وماذا عن صناديق التعاضد ومعالجة كورونا؟
ج: إنّ صناديق التعاضد تشارك في تغطية كلّ منتسب للمعالجة بالكورونا إذا أصيب بها، لا سمح الله، بالرّغم من عدم اعتراف معيدي التأمين بهذه التغطية. وغرضُنا من ذلك الوقوف إلى جانب المنتسبين بالتضامن والتعاضد لمواجهة هذا الوباء العالمي الواجب مواجهته من قبل الدّول والحكومات، كما طلبت منظّمة الصحّة العالميّة.
س: أنت متفائل لتخطّي هذه المرحلة الصّعبة؟
ج: نعم إذا اعتمدنا رؤية علميّة لمستقبلٍ آمن يحمي الوطن عبر بطاقة صحيّة لكلّ مواطن غير مضمون، وإذا ساهمنا في نَشْر الفكر التعاضدي الاجتماعي واعتمدناه لأنّ قدرتنا الجماعيّة المشتركة تستطيع تقديم المزيد من الامكانيات الصحيّة والاستشفائيّة، وصولاً إلى تطبيق نظام رعاية صحيّة يشمل جميع المواطنين.