الجواز الياباني… في المرتبة الأولى بين كلّ جوازات الدول
مع دخولنا العام الجديد 2023، أظهر مؤشر Henley لجوازات السفر (Henley Passport Index)، ان جواز السفر الياباني يتصدّر قائمة الجوازات التي يسمح لحاملها الدخول من دون تأشيرة إلى: 199 دولة من أصل 227. يلي اليابان في المرتبة الثانية كلّ من كوريا الجنوبية وسنغافور: زيارة 192 وجهة، فالمانيا واسبانيا المرتبة الثالثة: 190 وجهة حول العالم. واحتلت المركَزَيْن السادس والسابع كُلّ من: بريطانيا والولايات المتحدة: الأولى 187 وجهة والثانية 186 توالياً، بعدما كانا خلال عقد من الزمن يتصدّران معاً المركز الأول.
الى ذلك، لا تزال أفغانستان في أواخر تصنيف مؤشر Henley لجوازات السفر، حيث يقلّ عدد الوجهات التي يمكن دخولها بدون تأشيرة إلى 27 فقط، أيّ أقلّ بعدد 166 من اليابان، وهي أكبر فجوة تَنَقُّل عالمية في تاريخ المؤشر البالغ 18 عامًا. وبهذا الصدّد، يقول رئيس مجلس إدارة الشركة كريستيان ه. كايلين، إن “أحدث أبحاث الشركة حول الرابط بين السفر بدون تأشيرة والوصول الى الاقتصاد العالمي، يكشف معنى قوة جواز السفر من الناحية المالية الملموسة. فالبنسبة لمواطني العالم، فإن المقياس الأفضل للتنقّل الاقتصادي والفرص المالية التي توفّرها جوازات سفرهم، هو النظر إلى النسبة المئوية لحصة الناتج المحلي الإجمالي العالمي التي يمكن الوصول إليها بدون تأشيرة. ويُعدّ بحثنا الأخير حول مقدار الوصول الاقتصادي العالمي الذي يوفره كل جواز سفر، أداة مفيدة للمستثمرين ويعطي رؤية ثاقبة جديدة حول التفاوت والتباين المتزايد باستمرار في الثروة الذي يميز عالمنا”.
وفي هذا المجال، كشفت الدراسة أن 6% فقط من جوازات السفر في جميع أنحاء العالم تمنح حامليها حقّ الدخول بدون تأشيرة إلى أكثر من 70% من الاقتصاد العالمي، وأن 17% فقط من البلدان تمنح حاملي جوازات سفرها إمكانية الدخول بدون تأشيرة إلى أكثر من أربعة أخماس وجهات العالم البالغ عددها 227 وجهة. وجاء في الدراسة أيضاً أن جواز السفر الياباني يمنح إمكانية الدخول بدون تأشيرة إلى 85% من بلدان العالم، وتمثل هذه البلدان مجتمعة 98% من الاقتصاد العالمي. في المقابل، يوفّر جواز السفر النيجيري في الجزء المنخفض من المؤشر دخولاً بدون تأشيرة إلى 46 وجهة فقط (20% من العالم)، وهي تمثل 1.5% فقط من إجمالي الناتج المحلي العالمي. أما جواز السفر الأفغاني الأدنى مرتبة إمكانية الدخول بدون تأشيرة إلى 12% فقط من بلدان العالم وأقل من 1% من الناتج الاقتصادي العالمي.
مدير البحوث الاقتصادية والإحصاءات في معهد البنك الإسلامي للتنمية، د. عارف سليمان يقول في هذا الصدد: “إن الدخول بدون تأشيرة عبر البلدان إلى اقتصادات أكثر استقرارًا، يساعد المستثمرين على التخفيف من المخاطر الخاصة بالبلد أو المنطقة. وبشكل عام، يعد الوصول بشكل أكبر إلى الناتج الاقتصادي العالمي مفيدًا لأنه يوسّع مجموعة المنتجات المتاحة لأي فرد. وفي حين أن هذه الإفادة يمكن تحقيقها أيضًا من خلال التجارة الدولية، الا إن الخيارات التي تتوافر مع الوصول المادي، أكبر بكثير، اذ تمتد إلى استخدام الخدمات غير القابلة للتصدير مثل التعليم والرعاية الصحية بجودة أفضل”.
من حيث النسبة المئوية لإجمالي الناتج المحلي العالمي، تستحوذ الولايات المتحدة والصين على نصيب الأسد، بنسبة 25% و19% توالياً، ولكن يمكن لحاملي جوازات السفر الأميركية الوصول إلى 43% إضافية من الناتج الاقتصادي العالمي بدون تأشيرة، وبذلك يصل مجموعها إلى 68 %، في حين أن حاملي جوازات السفر الصينية لا يمكنهم الوصول بدون تأشيرة إلا إلى 7% إضافية، مما يجعل مجموعها يصل إلى 26% فقط من إجمالي الناتج المحلي العالمي.
وبالنظر إلى مجموعة أخرى من المقارنات، فإن لدى كلّ من كوريا الجنوبية وروسيا إجمالي ناتج محلياً وطنياً مماثلاً يبلغ حوالي 1.9% من الناتج الاقتصادي العالمي. ومع ذلك، تتمتع كوريا الجنوبية بدخول 192 وجهة بدون تأشيرة، مما يمنح حاملي جوازات السفر الوصول إلى 81% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، في حين أن روسيا يمكنها دخول 118 وجهة، مما يتيح لحاملي جوازات سفرها الوصول إلى 19% فقط من الاقتصاد العالمي. وعلى رغم أن اقتصاد الهند خامس أكبر اقتصاد في العالم، إلا ان أداءها أسوأ: يمكن لحاملي جوازات سفرها الوصول إلى 59 وجهة فقط في جميع أنحاء العالم و6.8% فقط من إجمالي الناتج المحلي العالمي، الذي يمثل إجمالي الناتج المحلي للبلاد حوالي نصفه.
يقول البروفيسور تريفور ويليامز، كبير الاقتصاديين السابق في بنك “لويدز” للخدمات المصرفية التجارية، أن “البحث يثبت العلاقة السببية بين القدرة على السفر والاستثمار الأجنبي في بلدٍ ما وزيادة التجارة والنمو الاقتصادي”. هذه الروابط تعزّز وتؤازر بعضها البعض. توجد المهارات والمواهب حيث توجد القدرة على العمل والاستثمار والسفر، وجذب الآخرين الذين يرغبون في فعل الشيء نفسه وخلق حلقة إيجابية”.
ولم يكن لحرب أوكرانيا، حتى الآن، تأثير كبير على تصنيف “مؤشر هينلي لجوازات السفر” لروسيا وأوكرانيا، اذ احتفظ كلا البلدين بنفس المركز تقريبًا “على الورق” منذ الغزو قبل عام تقريبًا. فروسيا تحتل حاليًا المرتبة 49، بعدد 118 وجهة، بينما تحتل أوكرانيا 13 المرتبة 36 لتمكّن حاملي جوازها من السفر بلا تأشيرة الى 144 وجهة. ومع ذلك، بسبب إغلاق المجال الجوي والعقوبات، يُمنع المواطنون الروس فعليًا من السفر الى جميع أنحاء العالم المتقّدم، باستثناء الإمارات العربية المتحدة وتركيا اللتين أصبحتا مناطق محورية.
من ناحية أخرى، مُنح الأوكرانيون الحق في العيش والعمل في الاتحاد الأوروبي لمدة تصل إلى ثلاث سنوات بموجب خطة طوارئ استجابة لما أصبح أكبر أزمة لاجئين في أوروبا هذا القرن. وتعد أوكرانيا بالفعل واحدة من أكبر الصاعدين في تصنيف “مؤشر هينلي لجوازات السفر”، حيث تقدمت 24 مركزًا على مدار العقد الماضي، ومن المحتمل أن تدخل أوكرانيا في قائمة أقوى عشرة جوازات سفر في العالم إذا انضمت إلى الاتحاد الأوروبي. ومن المقرر أن تبدأ مفاوضات العضوية بشكل جدي في الأشهر القليلة المقبلة، وافق الاتحاد الأوروبي على طلب أوكرانيا في وقت قياسي في حزيران (يونيو) الماضي.
الصحفية والمؤلفة، ميشا غليني، قالت في هذا المجال: إنه من الصعب “المبالغة في تقدير كيف سيؤثر الصراع المستمر على السياسة العالمية والاقتصاد طوال عام 2023. “إنها حرب برية وحشية يمتلك فيها أحد طرفي الحرب عددًا من الرؤوس الحربية النووية أكثر من أي دولة أخرى على هذا الكوكب. يفرض الاقتصادان الروسي والأوكراني تأثيرًا كبيرًا على قطاعين حيويين من الاقتصاد العالمي: الطاقة والزراعة. وقد انعكس هذا في ارتفاع حاد في الأسعار، ما أدى إلى تحويل صراع تضخمي يمكن التحكّم فيه إلى صراع خطير”.
وبينما لا تزال الدول الآسيوية تهيمن على صدارة المؤشر، فقد تمّ تحديد قوة جوازات السفر المتزايدة لدول الخليج على أنها اتجاه رئيسي في العام المقبل. لقد صعدت الإمارات العربية المتحدة 49 مرتبة مذهلة خلال السنوات العشر الماضية، باحتلالها المرتبة 64، في العام 2013، بعدد 72 وجهة فقط بدون تأشيرة، وتحتل الإمارات الآن المركز الخامس عشر، بعدد 178 وجهة والوصول إلى ما يقرب من 70% من إجمالي الناتج المحلي العالمي. ويتوقع المحللون أن توقّع الكويت وقطر اتفاقية الدخول بدون تأشيرة مع الاتحاد الأوروبي هذا العام، وهي خطوة ستعزز تصنيفات “مؤشر هينلي لجوازات السفر” بشكل كبير.