الطائرة بعد سقوطها
الخميس، ١٢ حزيران ٢٠٢٥، تحطمت طائرة بوينج ٧٨٧ تابعة لشركة طيران الهند بعد إقلاعها بقليل من مدينة أحمد آباد شمال غرب الهند، فيما كانت متجهة إلى لندن وعلى متنها ٢٤٢ راكبًا وطاقمًا، من بينهم ١٦٩ هنديًا و٥٣ بريطانيًا وكنديًا واحدًا وسبعة برتغاليين. وبلغت حصيلة القتلى الأولية ٢٦٥ شخصًا، من بينهم ٢٤ شخصًا على الأرض. ولم ينجُ من الحادث سوى راكب واحد. ووفقًا للمديرية العامة للطيران المدني في الهند، تحطمت الطائرة خارج مطار أحمد آباد بعد إجراء مكالمة طوارئ.
ومع أن الأسباب لم تُعلن حتى كتابة هذه السطور، فالإعتقاد السائد أن الأسباب المحتملة، التغير السريع في الرياح أو اصطدام الطيور أو الطقس. وأظهر مقطع فيديو الطائرة وهي تهبط بسرعة في منطقة سكنية بزاوية مقدمة عالية، وعجلات هبوطها مفتوحة قبل تحطمها.
تكشف الإحصاءات الأخيرة عن كوارث الطيران حقائق مقلقة منها أن نصف الحوادث تعود إلى الأخطاء البشرية، وتحديدا أخطاء الطيارين، والتي قد تصل مساهمتها إلى 80% من الحوادث الجوية.
فليس الأمر مجرد هفوات عادية، بل يتعلق بقرارات معقدة تُتخذ في لحظات ضغط قصوى، حيث يمكن لثانية واحدة أن تحدد مصير عشرات الأرواح. ومع أن الطيارين يخضعون لتدريبات صارمة، فإن الظروف الجوية غير المتوقعة، أو تداخل المهام، أو الإرهاق قد تؤدي جميعها إلى انزلاق مميت في سلسلة السلامة.
الى ذلك، فان عطلا تقنيا واحدا كاف لإسقاط طائرة، انطلاقا من أن الطائرات الحديثة هي أشبه بأوركسترا ميكانيكية، تضم آلاف الأجزاء الدقيقة التي يجب أن تعمل بتناغم مثالي. ورغم دقة التصنيع والصيانة، إلا أن خللاً صغيراً في أحد هذه المكونات قد يؤدي إلى كارثة.

وتشير بيانات العام 2020 إلى أن أكثر من 60% من الأعطال الميكانيكية كانت مرتبطة بالمحرّكات، بينما تقع نسبة لا يستهان بها من الحوادث بسبب عيوب في التصميم أو إهمال الصيانة، اضافة الى ان الظروف الجوية السيئة تتسبّب في نحو 11% من الحوادث، لكن اللافت أن أكثر من نصف الطيارين المتورطين في هذه الحوادث يحملون شهادات متقدمة، ما يؤكد أن الخبرة لا تكفي وحدها للتغلب على مفاجآت الطقس. وغالبا ما تنشأ الحوادث عندما يُجبر الطيارون على التحوّل من الطيران البصري إلى الطيران بالاعتماد على الأجهزة في ظروف انعدام الرؤية.
الى ذلك، أظهرت الحوادث أن التشتت أو الإرهاق أو ضعف التدريب لدى المراقبين الجويين قد يؤدي إلى توجيه خاطئ للطائرات، أو تأخر في الإنذار، أو حتى إعطاء تعليمات خاطئة خلال حالات الطوارئ. والملاحظ أن الطيور تُشكل خطرا حقيقيا على الطائرات. فقد تسببت اصطدامات الطيور في أكثر من 13 الف حادث سنويا في الولايات المتحدة وحدها. وأبرز هذه الحوادث وقعت عام 1995 حين أدى دخول طيور في محرك طائرة “فالكون 20” إلى اشتعال النار فيها ومقتل جميع ركابها، إضافة إلى كارثة طائرة أميركية تحطّمت بعد ابتلاع محركاتها طيوراً.
وتعتبر مرحلتا الإقلاع والهبوط أخطر فترات الرحلة. وتُظهر الإحصاءات أن الحوادث خلال الإقلاع أقل عددا من تلك التي تقع أثناء الهبوط، لكنها أشد فتكا بأكثر من 20 ضعفا. وتشمل الأسباب الشائعة فقدان السيطرة، عدم الوصول إلى السرعة المناسبة، التقديرات الخاطئة للرياح ومدرج الهبوط.
ذكر أحد أكثر الأمثلة مأساوية على خطورة ضعف التواصل كانت كارثة تينيري في عام 1977، حيث أودى تصادم طائرتين بحياة 583 شخصا. التحقيقات أرجعت السبب إلى خطأ في فهم تعليمات برج المراقبة، وسط ضباب كثيف وعبارات غامضة عبر اللاسلكي.
وتشير دراسات إلى أن الإرهاق المزمن لدى الطيارين يضاهي القيادة تحت تأثير الكحول. حادثة الخطوط الكورية رقم 801 سلطت الضوء على تأثير التعب في قرارات الطيار، وهي واحدة من عدة حوادث عزتها التحقيقات إلى الإرهاق الذهني أو الجسدي.