مسيرة اللاجئين هل يوضع حلّ لها؟
في خطوة اجتماعيّة إنسانيّة تساهم في مساعدة اللاجئين في كلّ من لبنان والأردن، أطلق البنك الإسلامي للتنمية (IsDB)، مقرّه في جدّة المملكة العربيّة السعوديّة، وبالتعاون مع مؤسسة عبد العزيز الغرير للتعليم، مبادرة لدعم اللاجئين، كما المجتمعات المعرّضة للخطر في لبنان والأردن، قيمته عشرة ملايين دولار، لمدّة عامَيْن.
تأتي هذه المبادرة في وقت يعيش هؤلاء اللاجئون أسوأ الظروف الإجتماعيّة مع عدم إمكانية الحصول على العمل والوظائف وارتفاع نِسَب البطالة، ليس في هذَيْن البلدَيْن فحسب، بل في دول الشرق الأوسط وبمعدل يتراوح بين 30 و40 بالمئة، وفقًا لمنظمة العمل الدولية، جراء تصاعد التوتر الاجتماعي الذي يؤدي إلى مزيد من الصراعات في بعض الحالات.
وتهدف هذه المبادرة، من ضمن ما تهدف إليه، تطوير مهارات رواد الأعمال، تحديث المناهج التعليميّة الحالية، ربط المشاركين بسوق العمل، إيجاد وظائف مستدامة، وأخيرًا وليس آخرًا، تقديم التدريب والتعيين ضمن برنامج تأهيل في الشركات، فضلاً عن أهداف أخرى أبرزها تحسين وضع الشركات الصغيرة والمتوسطة واكساب الرجال والنساء مهارات تقنية مرتبطة بالسوق من خلال التدريب. ومن المعروف أنّ الأردن تواجه حاليًا تحديات ضخمة، أصعبها هو الحاجة للمساهمة الفعّالة في تقليل فقر اللاجئين وأفراد المجتمع المستضيف المعرّضين بدورهم للخطر، بعدما تأثرت المشكلات الهيكلية في الاقتصاد الأردني مثل ارتفاع نسبة التضخّم وتحديات إدارة وأمان الموارد المائية والطاقة وارتفاع نسب البطالة بسبب وباء كوفيد-19.
في جانب آخر، يتعامل لبنان مع مشكلات داخلية أقلّها انهيار الاقتصاد، وعلى سبيل المثال ففي2020، كان معدل النمو الإجمالي للناتج المحلي -25%، لتزداد المأساة مع انتشار كوفيد-19، ومن ثمّ وثوع جريمة مرفأ بيروت.
أهميّة هذه المبادرة تكمن في أنّها عزّزت اعتراف قطاع التنمية الدولية بضرورة إشراك الشباب للاستفادة بشكل كامل من مهاراتهم، من منطلق أنّ تقديم المنح الدراسية والتدريبات لم يعد كافيًا، بل يزداد الإجماع على حاجة الشباب من الرجال والنساء، إلى الإنخراط في الشركات ومزاولة أعمال تتناسب ومجالات دراستهم والورش التي حضروها.

وتُعدّ هذه المبادرة واحدة من مجموعة من البرامج المشتركة التي يقدّمها البنك الإسلامي للتنمية منذ عام 2018، وإذا اتُّبعت خطى المبادرات السابقة، فمن المؤكد أنها ستترك أثرًا إيجابيًا كبيرًا على المجتمعات المحلية التي يخدمها.
يُشار إلى أنّ البنك الإسلامي للتنمية هي مؤسّسة مالية دوليّة مهمّتها دعم التقدّم الاقتصادي والإجتماعي للدول الأعضاء، وهي أُنشئت تطبيقًا لبيان العزم الصادر عن مؤتمر وزراء مالية الدول الإسلاميّة الذي عُقد في جدّة في تشرين الثاني (نوفمبر) 1973 وافتُتح رسميًا في 1975. وتشتمل وظائف البنك على تقديم أشكال مختلفة من المساعدة الإنمائيّة لتمويل التجارة ومكافحة الفقر عبر التنمية البشريّة والتعاون الاقتصادي. وإلى ذلك، أنيطت بالبنك مهمّة إنشاء وإدارة صناديق خاصّة لأغراض معيّنة، من بينها صندوق لإغاثة المجتمعات الإسلاميّة في الدول غير الأعضاء وتولّي النظارة على صناديق الأموال الخاصّة، إلى مهمّات أخرى تتوافق والشرع الإسلامي. وكان البنك حصل على تقييم AAA جراء تعزيزه التنمية الإجتماعيّة والإقتصاديّة.

وبالنّسبة لمؤسّسة عبد العزيز الغرير للتعليم، فقد أسّسها رجل الأعمال الإماراتي المعطاء عبد الله الغرير للنهوض بالقطاع التعليمي في دولة الإمارات. والتزامًا بمعتقداته، قام ببناء العديد من المدارس منذ مطلع الستينان، بينها مدرسة خيريّة نموذجيّة في العام 2015، تقوم بتوفير خدمات التعليم للطلاّب في جميع أنحاء المنطقة العربيّة، ومن خلال تخصيص ثلث الثروة الشخصيّة، وهي 4،2 مليار درهم. ويتولّى حاليًا رئاسة مجلس إدارتها نجله عبد العزيز الغرير الذي قرّر متابعة هذه المسيرة وفقًا لوصية والده.