المهندس ماجد سميرات وإلى جانبه يافطة الإعلان عن مؤتمر العقبة الثامن
بعد أقلّ من ثلاثة أيّام، ينطلق مؤتمر العقبة الثامن بعد توقّف قسريّ بسبب جائحة كورونا، وبعد تحضيرات يُمكن وصفها بــ “المضنية”، لإنجاح هذا المؤتمر على المستويات كافة، وعلى نحوِ المؤتمرات السبع السابقة. صحيح أنّ “العقبة 8” يهدف إلى تعزيز دور التأمين أردنيًا، عربيًا وعالميًا، إلاّ أنّ اللجنة المنظّمة له أصابت عصفورَيْن بحجر واحد، الأوّل تأميني شامل ومتنوّع في مواضيعه، والثاني سياحي يتمثّل بــ “مثلّث ذهبي” سياحي في الأردن: مدينة “العقبة” ومعها المدينتَان الأخريَان الأثريّتَان “وادي رم” و”البتراء”.
يأتي انعقاد هذا المؤتمر في ظروف سياسية، اقتصاديّة واجتماعيّة صعبة، ما يحمّل المشاركين فيه، لاسيّما أعضاء الاتّحاد الأردني، مسؤوليّة البحث عن حلول لمواجهة تداعيات هذه الظروف على قطاع التأمين، تحديدًا قطاع التأمين الأردني الذي يعاني مشاكل عدّة يحاول البنك المركزي الأردني، وبالتشارك مع الاتحاد وشركات القطاع، إيجاد الحلول لها، ومن بينها: تراجع الأقساط، ازدياد الأعمال الاحتياليّة وافتعال الحوادث المروريّة، تجديد فكرة الاندماج بين بعض الشركات، كيفيّة تطبيق المعيار 17 المُكلف ماليًا ولوجستيًا، وقد بات على قاب قوسيْن أو أدنى للتطبيق.
كلّ هذه المنغصّات وسط فرحة انعقاد هذا المؤتمر الذي دخل العالميّة من الباب الواسع، حملناها إلى رئيس الاتّحاد لشركات التأمين ورئيس الجمعيّة المنظّمة للمؤتمر المهندس ماجد سميرات، ، لنستمع إليه، وكلّنا أمل أنّ الأردن الذي تجاوز عبر التاريخ عقبات عدّة سياسيّة وغير سياسيّة أشدّ وقعًا من الحالية، لا شكّ قادر على الصمود والمواجهة في موضوع يرتبط بصناعة التأمين، وبالتعاون والتآزر مع الاتّحاد وشركات القطاع والبنك المركزي، هذا المثلّث الصامد الذي يسير جنبًا إلى جنب مع المثلّث الذهبي السياحي الذي سيستمتع بمشاهدة مدنه الثلاث، 700 مشارك من 27 دولة بدأوا يتقاطرون إلى عمّان ومن ثمّ إلى العقبة، لاحياء مؤتمر قد يليه بعد سنتَيْن مؤتمر الـ GAIF في دورته الـ 34، كما يتمنّى رئيس الاتّحاد ويسعى إليه، وفق ما أشار إليه في هذا الحديث الذي ننشره على موقع “تأمين ومصارف” قبل انعقاد المؤتمر، وفي المجلة مطوّلاً ومصوّرًا، في العدد الذي سيصدر بعد أيّام…
س: مؤتمرات التأمين السنوية، كما المؤتمرات العادية في اختصاصات أخرى، تسعى إلى معالجة مواضيع تختلف في عناوينها بين نسخة ونسخة، ولكنّها تحافظ على ميزتها التطويريّة. ماذا عن مضمون مؤتمر العقبة الثامن، وبماذا يختلف عن المؤتمرات السابقة وما هو الجديد الذي تحضّرونه للمشتركين الذين قد يصل عددهم إلى 700 شخص من سبع وعشرين دولة عربيّة وأجنبيّة؟
ج: بداية أتقدم بإسمي وأسم أعضاء مجلس ادارة الاتحاد الاردني لشركات التأمين من شخصكم الكريم ومجلتكم الموقّرة بجزيل الشكر لتغطيتكم الدائمة أخبار القطاع وأنشطته وشركاته والاهتمام بشؤونه، ما جعل لـ “تأمين ومصارف” مكانة متميّزة بين نظيراتها في المجال ذاته، خاصة في مواضيع تتزامن مع مرحلة اشرافية رقابية تمثّلت في نقل مهمة الاشراف والرقابة على قطاع التأمين الأردني إلى البنك المركزي، بعدما كانت إدارة التأمين في عهدة وزارة الصناعة والتجارة والتموين، وهو ما نجد فيه خير خلف لخير سلف.
وبالتزامن مع هذا التطوّر، ينعقد مؤتمر العقبة الثامن بعد يومَيْن، استكمالاً لسلسة المؤتمرات السبعة السابقة التي عقدها الاتحاد تنفيذًا للرؤية التطويرية لقطاع التأمين، وتحقيقًا لرغبات أعضاء اللجنة التنظيمية والجهات المتعاونة، دورة بعد دورة، في استحداث فقرات وتقنيات وطرح افكار غير تقليدية تعزّز من أهمية هذا المؤتمر وتخدم مستقبل صناعة التأمين في المملكة الأردنيّة وفي أسواق التأمين العربي عمومًا، من خلال مواضيع متجدّدة تُلقي الضوء على كلّ ما هو مُعاش ومستحدث في مجال التأمين، لاسيما لناحية المخاطر والتحديات الجديدة التي تواجه هذه الصناعة بعد صدمة كوفيد 19 وتحوّل الناس إلى الـ online. لذلك انفردنا في اختيار عنوان للبحث المقدّم لجائزة المؤتمر للبحوث التأمينية حول “فوائد وتحديات العمل عن بُعد بقطاع التأمين”… عنوان، يتماشى ومستجدات المرحلة التي أظهرت مدى حاجة العالم إلى تبنّي سياسات هذا النوع من الأعمال، علمًا أنّ هذه المبادرة تُعد الأولى من نوعها في المؤتمرات التأمينية.
إلى ذلك، نشر الاتحاد قائمة المشاركين في المؤتمر مع صُوَرِهم الشخصيّة، وعناوين الاتصال بهم لتسهيل التواصل في ما بينهم. أمّا الجديد المميّز فتمثّل بتقديمنا جوائز للمشاركين أبرزها ثلاث سيارات نوع MG غير مجمركة وغير مسجّلة. وإلى هذه الهدايا منحنا المشاركين من خارج الاردن الذين تسجّلوا قبل 31/1/2022 اقامة مجانية لليلتَيْن لقضاء عطلة نهاية الاسبوع بالتعاون مع هيئة تنشيط السياحة الأردنية، تعزيزاً للجهود في تسويق الاردن سياحيا.
والحمد لله، استقطب المؤتمر مشاركات واسعة زادت عن المتوّقع، اذ وصل عدد المشاركين الى قرابة الـ 700 مشارك من 27 دولة عربية وأجنبية يمثّلون الادارات العليا في مؤسساتهم، ما يعكس أهمية هذا المؤتمر الذي يركّز على توفير فرص التواصل والاجتماعات الثنائية Networking بين المشاركين. ومن هنا كان تخصيصنا الاحد الموافق 15/5/2022 الذي يسبق موعد حفل افتتاح أعمال المؤتمر لهذه الغاية، وقد لقيت هذه الفكرة استحسان غالبية المشاركين، بدليل رغبة العدد الأكبر منهم بالوصول إلى المدينة قبل الموعد بيوم أو يومين.
<span;>وما يميّز مؤتمرنا الثامن أيضا هذا العام، قبول الاتحاد العام العربي للتأمين دعوتنا بعقد اجتماع لمجلس ادارة الاتحاد العربي في الأردن، على هامش أعمال المؤتمر والمقرّر يوم الاحد 15/5 ، وكذلك اجتماع لجنة تأمينات السيارات والمكاتب العربية الموحّدة، ما يعزّز المشاركة النوعية لأسواق التأمين العربية بحضور ممثلي غالبية الأسواق في مجلس ادارة الاتحاد العربي، وهذه فرصة لتبادل الخبرات والتجارب، وكذلك لإطلاعهم عن كثب، الى امكانيات الاتحاد الاردني لشركات التأمين في تنظيم المؤتمرات، سيما وأنّنا طلبنا استضافة أعمال المؤتمر العام للاتحاد العام العربي للتأمين (GAIF34) المقّرر عقده العام 2024. سيكون طلبنا مُدرجًا على جدول أعمال مجلس الاتحاد العربي في اجتماعه المقبل في الجزائر، آملين أن يلقى الموافقة. وبذلك، سنُدخل تطويرات وتحسينات على مؤتمر الـ GAIF بعد سنتَيْن، بالتعاون مع الاتحاد العربي للتأمين، ليكون متميّزاً عن بقية النسخ السابقة. وبالمناسبة، فإنّنا نُذكّر بمؤتمر GAIF2010 الذي كان ولا يزال محط اعجاب المشاركين فيه لما تضمّنه من اضافات لم يعهدها المشاركون في المؤتمرات.
س: لقد شهد قطاع التأمين العربي قبل نهاية 2021 ، وخلال الأشهر الماضية، “هجمة” على عقد مؤتمرات تأمينيّة، بينها مؤتمر الاتّحاد العام العربي للتأمين الذي يُقام في حزيران (يونيو) المقبل في وهران (الجزائر). أين موقع النسخة الثامنة من مؤتمر العقبة بين المؤتمرات التي انعقدت والتي ستُعقد، وبماذا تتميّز فعاليّات العقبة عنها؟
ج: بسؤالك تُحفّز ذاكرتي للحديث عن العلاقه بين الاتحادَيْن الاردني والعربي المخضرمَيْن في انعقاد مؤتمر العقبة بدوراتة السبع الماضية، اذ بدأت فكرة المؤتمر بعد انعقاد ندوة التأمين البحري في العام 2005 والتي كانت في إطار سعينا الدائم إلى التواصل والمشاركة مع مختلف الجهات والمؤسسات المحلية والعربية ذات العلاقة بالتأمين، وكلّ ذلك بهدف تطوير هذه الصناعة أردنياً والاستفادة من التجارب العربية والعالمية بهذا الخصوص، ليقيننا أن الندوات المماثلة تُساهم في اتاحة الفرص أمام الكوادر العاملة في شركات المملكة لزيادة خبراتها في هذا المجال.
تلا ذلك بدء انعقاد المؤتمر البحري الاول في العام 2008 مع شركائنا في نقابة وكلاء الملاحة البحرية والاتحاد العام العربي للتأمين لسنوات، تمّ خلالها مناقشة المواضيع المتعلقة بالتأمين البحري، والتطلّع إلى معالجة مواضيع مستجدة في قطاع التأمين، فكان مؤتمر العقبة الذي خَضَع للتحسينات والتطوير، دورة بعد دورة، إلى ان تُوِّجت تلك التحسينات بالمؤتمر الحالي الذي ينطلق بروح جديدة تحاكي مستجدات العصر وتتناغم مع دوره في تنشيط السياحة كواجب وطني نلتزمه.
والحقيقة إنه كان لكلّ مؤتمر من مؤتمرات العقبة السابقة خصوصية معيّنة، وهذا ما يُقال عن المؤتمر الحالي الذي وظّفنا فيه خبراتنا المتراكمة وتجاربنا على كافة الصُعد، ما جعل هذه المؤتمرات المتتالية، وبشهادة الجميع، من أكبر وأهم المؤتمرات التأمينية، التي تُعقد بتعاون مشترك مع الـ GAIF، إضافة إلى تميّز آلية العمل والتنظيم المتبعة في اتّحادنا… تميّز لَقِيَ استحسان وترحيب جميع المشاركين في أنشطتنا. وبوصفي، رئيسًا للاتحاد وللجنة التنظيمية، فإنني على اطلاع عن كثب ومتابعة على الترتيبات والجهود المبذولة لعقد هذا المؤتمر، الذي يهتمّ بالبرنامجَيْن العلمي والاجتماعي، اضافة الى مواكبتي كلّ كبيرة وصغيرة، وخاصة لناحية الترتيبات اللوجستية والاستقبال والتوديع، من وإلى المطار، بهدف انجاح العقبة 8 الذي سيستقطب حضوراً كثيفاً من قادة ومدراء في كبرى شركات التأمين والإعادة العالمية قرروا المشاركة حضورياً وليس عن بُعد، لتبادل الخبرات والتجارب التي تولّدت نتيجة أزمة كوفيد والتخطيط لمستقبل التأمين والتفكير في برامج وتغطيات تُلبّي احتياجات عملاء قطاعات التأمين حول العالم بعد هذه الجائحة.
لا شك أنّ هناك العديد من المؤتمرات التأمينية العالمية والعربية التي أثبتت نفسها على أرض الواقع، وعلى رأسها مؤتمر الـ GAIF الذي سيلتئم في حزيران في الجزائر بعد مؤتمرنا مباشرة، لكن، وبشهادة الجميع، فقد أوجد مؤتمر العقبة مكانة خاصة له بين المؤتمرات واصبح يحظى باهتمام كبرى الشركات حول العالم. ولتحفيز الذاكرة، حرصنا، في اللجنة التنظيميّة، على توفير ارشيف خاص بمؤتمرات العقبة تمكّن المهتمين من معرفة كافة البرامج السابقة عبر قناة الاتحاد على “اليوتيوب” بهدف تعميم الفائدة وفسح المجال أمام المهتمين للرجوع اليها في أيّ وقت، وهذا لا تجده في كثير من المؤتمرات بشكل عام.
طبعا لكل مؤتمر خصوصيته، ونفتخر باهتمامنا بالبرنامَجَيْن العلمي والاجتماعي بشكل متوازٍ، بحيث نعمل على إحياء ذكرى جميلة للمشاركين في المؤتمر تعيش معهم للأيام المقبلة وتجعل اسم العقبة مطبوعاً في الذاكرة.
س: ما الغرض من المحفّزات التي أعلنتم عنها، ومنها ثلاث سيارات ستُقدّم هدايا للفائزين بالقرعة. هل ساهمت هذه الهدايا وغيرها في زيادة عدد المشاركين؟ وهل كان الغرض منها الترويج السياحي لمدينة العقبة بعد تعاونكم مع هيئة تنشيط السياحة الأردنيّة.؟
ج: إن الغرض من هذه الخطوة هي ابتكار افكار جديدة تُضاف إلى نشاطات المؤتمر الأساسية من خلال تنفيذ رؤية اللجنة التنظيمية العليا للمؤتمر الذي أترأسها ويُشارك في عضويتها كلّ من: د. وليد زعرب، د. لانا بدر، ومدير الاتحاد ماهر الحسين. وتتمثّل هذه الرؤية باستحداث فقرات وتقنيات وافكار غير تقليدية تعزّز من أهمية هذا المؤتمر.
أن فكرة جوائز السيارات جديدة ومبتكرة وتُضاف إلى نظيراتها السابقة مثل هدايا Give Away التي كان الاتحاد يحرص على تقديمها للمشاركين في الدورات السابقة، وكذلك الجوائز التي ستقدّم للفائزين في مسابقة البحوث التأمينية. كل ذلك يأتي في إطار التحسينات والتطوير للمؤتمر، اذ أن استحداث هذه الجوائز المتمثلة بالسيارات، لا تهدف بشكل مباشر الى زيادة عدد المشاركين او تحفيز العاملين في قطاع التأمين، محلياً، عربياً ودولياً، للمشاركة في مؤتمر العقبة، الذي بات محط اهتمام العاملين في التأمين، لما يوفره من فرص للقاءات ثناية واتمام صفقات أعمال ومتابعة لإتفاقات سابقة او الحصول على اعمال جديدة. ذلك أنّه، كما بيّنا سابقاً، يحاكي أبرز المستجدات التأمينية في العالم من خلال الأبحاث والدراسات التأمينية التي تُطرح في أثناء انعقاده، والتي تخدم مستقبل صناعة التأمين في الأردن وغير الأردن. لقد حرصنا على اختيار مواضيع ستلقي الضوء على كل ما هو جديد في مجالَيْ التأمين وتبادل الأفكار والآراء حول المخاطر والتحديات الجديدة التي تواجه هذه الصناعة في كافة اسواق التأمين العربية والسوق المحلي للاستفادة منها.
يُذكر ان مؤتمر العقبة الذي انطلق في العام 2008، حافظ على مسيرة النجاح بدليل زيادة أعداد المشاركين ومستوى المشاركة، حتى أصبح حدثا ينتظره العاملون في صناعة التأمين حول العالم. أمّا الترويج للمملكة سياحياً فتأتي في اطار تعزيز الحركة السياحية والتعريف بالمثلث الذهبي: مدينة البتراء، وادي رم ومدينة العقبة، ايماناً بالمسؤولية المجتمعية للقطاع تجاه الوطن والذي بدا واضحاً خلال استقطاب أعداد كبيرة من المشاركين اقليمياً وعربياً، ومشاركتهم في البرامج الترفيهية والسياحية. إنّ نشاط الاتحاد في الحصول على دعم من أحد اهم الوزارات بالمملكة الاردنية الهاشمية هذا العام، وهي وزارة السياحة وذراعها التسويقي هيئة تنشيط السياحة الاردنية، كُلل بالنجاح، وتمثّل هذا النجاح بمنح اقامة مجانية لمدة ليلتَيْن لقضاء عطلة نهاية أسبوع لمن سجّل مشاركته في المؤتمر بشكل مبكر.
س: قطاع التأمين الأردني يواجه كغيره من القطاعات المماثلة في الدول العربيّة صعوباتٍ وضغوطًا لأسباب عائدة إلى الوضع الاقتصادي العالمي المتراجع والذي ازداد تراجعًا مع اندلاع الحرب الروسيّة- الأوكرانيّة. هل لنا أن نعرف وضع قطاع التأمين راهنًا، وتاليًا وضع الشركات؟ وهل يمكن القول أنّ قدرة هذه الأخيرة على الصمود مضمونة ومؤكّدة، أم أنّ هناك مسعًى من الاتّحاد لطرح فكرة الاندماج بين شركات صغيرة لمواجهة التحدّيات الكبيرة؟
ج: لا يزال تأثير تداعيات الجائحة ضاغطاً على قطاع التأمين الأردني الذي يواجه تحديات وضغوطًا، خاصة بعد صدور قانون تنظيم أعمال التأمين الرقم 12 لسنة 2021 وتوليّ البنك المركزي أعمال الرقابة والاشراف على القطاع منذ منتصف شهر حزيران (يونيو) 2021. ونقوم في الاتحاد حاليًا بالتشاور الدائم مع شركات التأمين الأعضاء، للوقوف على أية تغييرات تشريعية تؤثر في قطاع التأمين. لا شكّ ان الاقتصاد العالمي وسوق التأمين المحلي بدأا بالتعافي بعد الرجوع التدريجي للحياة الاعتيادية التي كنّا نعيشها قبل الجائحة، ما مكنّ الاقتصاد من مواصلة مسيرة التطوير، لكن مع الأسف، عاد واصطدم بتطورات الحرب الروسية – الاوكرانية والتي القَتْ بظلالها على الحركة التجارية العالمية وانسيابية البضائع وارتفاع اسعار السلع والاغذية، وكذلك بعض وثائق التأمين نتيجة هذه الحرب التي نأمل ان لا يطول أمدها وتكون انعكاساتها محدودة على قطاع التأمين المرتبط بالأحداث العالمية، اذ في حال حصول اي حرب او كارثة طبيعية او أية خسائر مالية كبيرة لقطاعات اقتصادية مؤمّنة، فإنها تنعكس تباعا على بقية أسواق التأمين العالمية، لأن معيدي التأمين سيعملون على تعديل الأسعار والشروط لتعويض الخسائر السابقة، ما يُكبّد شركات التأمين خسائر مالية مستقبلا.
نأمل ان يكون العام 2022 أفضل من حيث النتائج المالية لشركات التأمين مقارنة بالعام 2021 الذي شهد انخفاضاً في الارباح على مستوى شركات القطاع بشكل عام. ولأنّه كان عاماً صعباً على سوق التامين الاردني الذي شهد قرارات حازمة من البنك المركزي الأردني الذي أوقف 3 شركات زميلة عن اصدار جميع الوثائق، وقد كانت لهذه الخطوة تداعيات على ثقة المتعاملين مع القطاع لعدم حصولهم على التعويض في الوقت المناسب، لذا فالكلّ ينتظر ما ستؤول اليه النتائج: هل سنشهد حلولاً، هل ستُضَخّ، هذه الشرات أو غيرها رؤوس اموال جديدة في السوق لتتصحيح أوضاعها.. ام سنشهد، لا سمح الله، قرارات مؤلمة ستنعكس تباعا على نتائج القطاع، والأهمّ على ثقة المتعاملين مع شركات التأمين؟ لا احد يعرف، فالأمور مرهونة بالتوقعات، لكن بما أن نتائج شركات التأمين على مدار السنوات الاخيرة لم تكن عند المستوى المأمول، فهناك صعوبة في اتخاذ القرار من المستثمرين بضخ اموال جديدة، لصعوبة وجود عائد مالي واستثماري مجزٍ لهذه الاستثمارات، ما سيزيد من سوء النتائج للقطاع في حال اتخذ البنك المركزي قرارا بتصفية اي من هذه الشركات الثلاث.
إن صدور قانون تنظيم أعمال التأمين في الأردن الذي يحتكم فيه قطاع التأمين لرقابة البنك المركزي الذي يعمل بتشاركية مع الاتحاد والقطاع ككلّ، كان الهدف منه تحديث العمل من خلال اجتماعات تشاركية، لإيجاد حلول قابلة للتطبيق لمواجهة التحديات بالتنسيق مع كافة شركاء الخدمة، وكذلك لتعزيز الثقة بالقطاع الاردني الذي ستمارس الشركات المنضوية فيه سياسات عمل تتضمن أعلى درجات الضبط،، وفقاً لمعايير عليا، ما يرتب جهداً اضافياً على القطاع لمراعاة هذه المعايير والتي تُلزم شركات التأمين تطبيقها، علماً أن قطاع التأمين الأردني يمرّ بأوضاع عصيبة نتيجة الظروف المحيطة ببيئة العمل التي تؤثرّ سلباً في استنزاف الشركات، مثل الاحتيال وافتعال الحوادث. وقد لوحظ في السنوات الأخيرة، زيادة أعداد هذا الاحتيال بسبب انتشار ظاهرة شراء التقارير التي تعدّها ادارة السير عند وقوع حادث مروري لتثبيت الاضرار والمسؤوليات وبأعداد كبيرة وبطريقة منظمة، وبعدها مطالبة شركات التأمين بمبالغ أعلى من قيمة الخسائر الفعلية، اذ أن عدداً لا بأس به من هذه الشركات أصبح لديها نقص في السيولة، ما ترتّب عليه عدم امكانية دفع المطالبات مباشرة وحتى المبالغ المتوجّبة عليها من الاحكام القضائية الصادرة بحقها، اضافة الى المبالغة بنسب العجوزات في العديد من تقارير اللجان الطبية المقدمّة لشركات التأمين لحالات ناجمة عن الحوادث المرورية لغايات الحصول على التعويض. إنّ وراء هذا التحايل مجموعة تمتهن الاساليب الملتوية بهدف الكسب غير المشروع، وهو ما حذرّت منه مديرية الأمن العام، خوفاً من وقوع المواطنين ضحية للاحتيال عبر حوادث السير المفتعلة بأنواعها.
إنّ كلّ ما سبق ذكره، يُساهم، بلا شكّ، في تعثر الشركات. ولهذا طالب الاتحاد باعادة النظر في اسعار التأمين الالزامي للمركبات وضبط عملية دفع التعويضات والظروف المحيطة بها لوقف النزيف المستمر في اموال الشركات ولحماية أموال المساهمين وحقوق المواطنين المؤمَنين أيضًا، اذ ان هناك شركات لم تعد قادرة على دفع التعويضات لمستحقيها نتيجة تكبّدها الخسائر المتتالية، والتي زادت عن 280 مليون دينار للمركبات منذ إقرار التأمين الالزامي عليها، وتطبيق سياسة العرض والطلب بوجود 20 شركة تأمين مجازة لممارسة تأمين المركبات من أصل 23 شركة تعمل في المملكة الأردنية الهاشمية، وهو عدد كاف لضمان وجود المنافسة الفضلى والتي تعود بالفائدة على العملاء.
كما ان هناك مساعي للاتحاد منذ سنوات طويلة لتطبيق فكرة الاندماج عبر تحفيز شركات التأمين وتمكينها من الوصول إلى هامش ملاءه مالية لتتمّكن من مواجهة التحديات الاقتصادية وتقلبّات الاسواق، علماً أن تحرير اسعار التأمين الالزامي للمركبات هو ضرورة ويُعتبر المطلب الاساس لوقف النزيف المستمر في أموال الشركات، وكذلك لحماية أموال المساهمين وحقوق المواطنين المؤمّنين. لذا نرى في الاندماج تعزيزاً للملاءة المالية. كما أن هناك مطلباً آخر يتعلّق بتسويق “البطاقة البرتقالية” والحاجة إلى مراجعة بنود هذه الاتفاقية في ظلّ التطورات التي حدثت منذ توقيعها سنة (1975)، وبما يضمن مصلحة كافة أطراف العلاقة، خاصة في ظلّ الظروف الاقتصادية والسياسية التي يواجهها بعض الدول العربية وعدم قدرتها على دفع التزاماتها من التعويضات، إما بسبب العقوبات الاقتصادية أو نتيجة لتدهور عملتها المحلية، ما يُثقل كاهل المكتب الموحّد الأردني الذي يدفع هذه التعويضات نيابة عن شركات التأمين العربية، مع التأكيد على مطالب الاتحاد بضرورة تعديل التشريعات الخاصة بضريبة الدخل والمبيعات بهدف الاستفادة من اعفاءات الدخل وتحفيز شراء وثائق تأمينات الحياة والتأمينات قليلة التداول من وثائق التأمين الاخرى لكي تكون مقبولة ضريبياً.
إنّ فكرة الاندماج سبق طرحها مع ادارة التأمين، الجهة الرقابية على القطاع قبل البنك المركزي وتكللت هذه الجهود باصدار نظام العام 2017 الذي أعطى حوافز لشركات التأمين للاندماج من خلال اعفائها من ضريبة الدخل التي يخضع لها القطاع بنسبة 24% لمدة 3 سنوات، وحوافز اخرى تتمثل بالاعفاء من الرسم السنوي الذي تدفعه الشركة المندمجة للجهة الرقابية لنفس المدة، وكذلك إعفائها من رسوم نقل الملكية للاموال والعقارات والاسهم بين الشركتين، الا ان هذه الحوافز قد تجتذب شريحة بسيطة من شركات تحقّق ارباحاً مالية او لديها حجم اقساط كبير من السوق للاستفادة من هذه الحوافز، لكن للاسف، قد لا تكون جاذبة لعدد كبير من شركات التأمين الاخرى، ما يدعو الجهة الرقابية لاعادة النظر فيها وتقديم حزمة جديدة من الحوافز تجذب بقية الشركات.
بقي أن نشير الى ان قانون تنظيم اعمال التأمين الجديد منح الجهة الرقابية صلاحيات لم تكن في القانون السابق، ومنها اجبار الشركات المتعثرة على الاندماج مع شركات اخرى دون الحاجة الى موافقتها في حال وافقت الشركة الدامجة على هذا القرار. لكن يبقى السؤال لدى اصحاب القرار والمساهمين في هذه الشركات: عن ماهية القيمة المضافة للدخول في مثل هذه المغامرات، الفائدة التي ستجنيها وما إذا كانت تستحق هذا العناء، وتالياً الدخول في عملية تقييم وتحمّل مسؤوليات ومطالبات الشركة المتعثرة وتعريض سمعتها للضرر في حال عدم الموافقة على دفع تعويضات الملفات السابقة. برأيي، الموضوع شائك جدا وليس من السهل على المستثمرين التفكير به، الا اذا كانت هناك حوافز مالية مُجدية تستحق كل هذا العناء.
س: تطبيق المعيار المحاسبي الرقم 17 الذي سيكون في حكم التنفيذ مع بداية العام 2023، هل استعدّت له كلّ الشركات الأردنيّة، أم أنّ هناك من يتباطأ في التطبيق لأسبابٍ قد تكون مادية؟
ج: لقد بذل الاتحاد الاردني لشركات التأمين جهودا كبيرة لمساعدة شركات التأمين الاردنية على الامتثال لهذا المعيار ، وسار في إجراءات ادارية وتنظيمية بالتنسيق مع القطاع والجهات الرقابية ووضع خططاً بدأ تطبيقها في وقت مبكر منذ صدور قرار الجهات الرسمية بخصوص تطبيق هذا المعيار. ومن ذلك: المساعدة في معرفة ما سيكون أثره على البيانات المالية لشركات التأمين. وكان الإتحاد قد عقد ندوة محلية في مدينة العقبة عام 2021 دعا اليها الاتحاد نخبة من المحاضرين من لبنان، دبي وفرنسا، اضافة الى متحدثين من السوق الأردني، وذلك بهدف مساعدة اصحاب القرار والعاملين في الدوائر المالية والفنية والتكنولوجية في شركات التأمين والدوائر المعنية الأخرى لتمكين شركاتهم تطبيق هذا المعيار الدولي. ولا تزال جهود الاتحاد مستمرة مع البنك المركزي الاردني الذي قام مشكورا بطرح دليل توضيحي لشركات التامين لمساعدتها في تطبيق المعيار، اذ أن هذا الموضوع هو أحد ابرز المحاور على جدول اعمال الاجتماعات الثنائية مع البنك المركزي لحرص الإتحاد دائماً على تذليل العقبات من أمام الشركات ما أمكنه ذلك، من دون أن يكون هناك تعارض مع التشريعات والقوانين. ويُمكن القول رداً على هذا السؤال أن الاستعدادات لتطبيق هذا المعيار متفاوتة بين شركة وأخرى، وهذا يعود الى وضع كل شركة وخطط مجلس إدارتها، وخاصة أنّ الكلفة قد تصل إلى نصف مليون دولار أميركي لدى بعض الشركات. ومن متابعاتنا، هناك شركات زميلة بدأت بشكل مُبْكر بهذا الملف واستثمرت فيه كل طاقاتها واصبحت جاهزة، سواء من خلال التعاقد مع طرف ثالث لتنفيذ هذا المعيار او من خلال قيام بعض الشركات ببناء انظمة خاصة بها وبسواعد كوادرها الفنية والتقنية، فيما هناك شركات ما زالت في منتصف الطريق وشركات اخرى ما زالت في المراحل الاولى. وقد تكون الظروف والتحديات التي واجهتها هذه الشركات خلال العام الماضي، وهذا العام، كبيرة جعلت تركيز الجهود على أمور ومتطلبات رقابية اخرى. الا ان البنك المركزي، وحسب اطلاعي، يولي هذا الموضوع اهمية كبيرة ولهذا عقد اجتماعات ثناية مع ممثلي كل شركة تأمين على حدة، وطلب منهم خطيا تزويده بمراحل الانجاز في هذا الملف والخطط الموضوعة من قبلها لتلبية هذا المطلب قبل الوقت المقرّر للتطبيق، وحيث أن تطبيق هذا المعيار هو التزام.
س: قطاع التأمين الأردني مقارنة بسنوات سابقة، بدا في وضعٍ مقبول إلى حدٍّ كبير. أين هو اليوم من قطاعات تأمينيّة عربيّة أخرى في دول نفطيّة وغير نفطيّة؟ وأيّ البرامج هي الأكثر مردودًا للشركات والأكثر خسارة؟
ج: في الواقع أن قطاع التأمين في الأردن لا يزال متواضعا، مقارنة بعدد من الدول العربية، خاصة الخليجية او الدول النفطية، اذ أن نسبة مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي لا تتجاوز الـ 2%، فضلاً عن أنّ حصة الفرد من الاقساط او معدل الانفاق على التأمين هو بحدود الـ 85 دولاراً اميركياً، وتتركز اقساط التأمين في فرعَيْن هما المركبات والتأمين الإستشفائي وبنسة 65% من اجمالي الاقساط المكتتبة في السوق، علما بأن هذين الفرعَيْن معروفان بعدم الربحية، في وقت لا توجد تأمينات مرتبطة بالصناعات النفطية كون الأردن بلدًا غير نفطي، الامر الذي جعل التركيز يصبّ على التأمينات التقليدية الاخرى، مثل التأمين البحري وتأمينات الحريق والحوادث العامة والهندسي والمسؤوليات وتامينات الحياة والتي ما زالت اعمالها متواضعة.
ان المردود المالي لتامينات الحياة والحريق والبحري جيد نوعا ما، وأفضلها تامينات الحياة، لكن حجمها قليل نسبيا، اذ تشكل اقساط الحياة 16.8% من الاقساط والحريق 12.1% ، في حين ان التامين البحري3% وتامين الحوادث العامة 3%، لذلك مساهمتها في نتائج الشركات النهائية ليست بالمستوى المأمول باستثناء الشركات المتخصّصة بالحياة او تلك التي لديها محافظ كبيرة، وهي محدودة العدد.
اما من ناحية الصعوبات، فنعتقد اننا جميعاً نواجه التحديات والصعوبات إياها. ومن الملاحظ أن الشركات تعاني انخفاضًا في نسب تحصيل الأقساط والديون المتزايدة على العملاء في السنوات الأخيرة، ما يزيد من قيمة الذمم المالية للشركات على عملائها. وتنفيذاً للمتطلبات الرقابية، تمّ الزام شركات التأمين برصد مخصّصات مالية بنسبة 100% لهذه الذمم، ما زاد من الأعباء المالية عليها، كونها اصبحت التزامات مالية للشركات تمّ خصمها من أرباح الشركات، ما ادى الى تسجيل خسائر لدى الكثير منها أو تراجع في الارباح التي كان من المتوقّع توزيعها على المساهمين نتيجة ارتفاع المخصّصات والاحتياطيات المالية.
ولو نظرنا الى سوق التأمين الأردني بشكل عام، لرأينا أنّ نِسَب الاداء لا تزال متدنية جدا ودون المأمول، اذ لا يتجاوز العائد على رأس المال نسبة 2% بسبب الخسائر التي يتعرّض لها عدد لا بأس به من الشركات بسبب التأمين الالزامي للمركبات وتبعات أزمة جائحة كورونا وغيرهما من التحديات التي تواجه القطاع، ما يجعله غير جاذب للمستثمرين بش