علاء الزهيري وشخصيات حكومية وخاصة داعمة قبَيْل افتتاح المؤتمر
“المعركة” الترويجية للتأمين متناهي الصغر التي يخوضها الإتحاد المصري، رئيسًا وأعضاء، تزداد يوماً بعد يوم، وبإصرار شديد، وكأنها، بالنسبة الى الاتحاد، لا سيما الرئيس السيد علاء الزهيري، “معركة” تحدٍّ ممنوع أن تفشل. ولم يُطلق الاتحاد هذه المعركة لو لم يعرف مسبقاً أهميتها على صُعُد عدّة: إقتصادية، إجتماعية وتأمينية بطبيعة الحال، اذ ان تغطيات المتناهي الصغر تخدم الشريحة الأكبر من الناس في دول العالم أجمع، إلى ما يقارب أربعة مليارات إنسان، فكيف في مصر التي وصل عدد سكانها الى المئة وعشرة ملايين، نصفهم، على الأقل، يقوم بأعمال زراعية وحرفية وصناعية لا يمكن أن تزدهر وتنمو من دون حماية في ظلّ ظروف اقتصاديّة ضاغطة، وتغيّر مناخي مفاجئ وارتفاع في الأسعار نتيجة التضخّم المالي العالمي الذي ما عاد قادرًا عليه الحِرفي والمزارع والمصنّع بأدوات بدائيّة، فيما الأزمات المعيشيّة تلاحقه يوميًا وتحدّ من انطلاقته وليس له من مساعد أو داعم؟
هذا الواقع المُربك، شعر به علاء الزهيري والفريق المتعاون قبل سبع سنوات. وبعد اجتماعات وإعداد دراسات، “تمّ الوصول إلى صَوْغ استراتيجيّة جديدة تحقّق التحوّل التأميني كخطوة نحو الوصول إلى تحقيق الشمول المالي والتنمية المستدامة”، كما قال رئيس الاتّحاد في الكلمة التي ألقاها في افتتاح جلسات مؤتمر “دعم مستقبل التأمين متناهي الصّغر” بنسخته الثانية الذي افتتح في 13 آذار (مارس) ويستمرّ إلى 15 منه في مدينة الأقصر الأثريّة والسياحيّة. وهو بذلك أصاب عصفورَيْن بحجر واحد: مساعدة الشرائح ذات الدخل المنخفض، وكذلك العاملين في القطاع غير الرسمي، وزيادة أقساط شركات التأمين المُجاز لها خَوْض هذا المعترك المهمّ لفئات مجتمعيّة جديدة كانت لا تسعى للحصول على الخدمات التأمينيّة بسبب عدم الوعي الكافي بأهمية تلك الخدمات، علمًا أنّ الدولة تبقى مستفيدًا أوّل لأنّ هذا التأمين يخفّف عنها أعباء ماديّة واجتماعيّة كبيرة جدًّا. وبديهي القول أنّ الشركة نفسها المٌجاز هذا النوع من التأمينات، ستُرفع حتمًا أقساطها رغم مخاطر لا يُستهان بها ناتجة بشكل خاصّ، عن أخطار التغيّر المناخي والكوارث الطبيعيّة. ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ الاتّحاد، وفيما كان يعمل على جبهة شريحة واسعة من الناس وجبهة شركات تأمين مُجازة، بعضها رحّب بالتعاون، وبعضها الآخر يتريّث خوفًا من النتائج، عزّز الاتحاد معركته الترويجيّة بلقاءات ومؤتمر سنوي ونشرات تثقيفيّة عديدة، كانت بينها النشرتَان الأخيرتَان 278 و279، ومن يرغب في الاطّلاع عليهما، يكفي الدخول إلى موقعنا لقراءة أبرز ما ورد فيهما.
نعود إلى كلمة علاء الزهيري لنشير إلى أنّ الاتّحاد المصري للتأمين، انطلق في استراتيجيّة مرتكزًا على ثلاثة محاور هي:
- تحديد الاحتياجات التأمينية للقطاعات التي لا تصل إليها خدمات التأمين.
- تصميم منتجات تأمينية جديدة تلبّي هذه الاحتياجات.
- عقد شراكات مع عدد من أصحاب المصلحة بهدف رفع الوعي التأميني واتساع قاعدة عملاء التأمين متناهي الصغر.
ومن خلال تلك المحاور، قال الزهيري، “خطا الاتحاد عدّة خطوات تنفيذية من شأنها أن تدعم التأمين متناهي الصغر وتزيد معدّل انتشاره، عن طريق إنشاء لجنتَيْ التأمين متناهي الصغر والتأمين الزراعي اللتَيْن تضمّان في عضويتهما مجموعة من خبراء التأمين الذين يشاركون في تحديد المخاطر ودراسة الحلول الفنية المناسبة لها والقيام بتصميم المنتجات التأمينية التي تساهم في مواجهة تلك المخاطر. وبالفعل، تابع الزهيري، فاللجنتان تقومان بدراسة عدد من وثائق التأمين التي من شأنها تقديم الحماية للفئات محدودة الدخل ضدّ عدد متنوّع من الأخطار. فعلى سبيل المثال، تقوم لجنة التأمين متناهي الصغر في الوقت الحالي بدراسة آلية إصدار وثيقة تأمين الاسرة المصرية ضد فيروس كورونا وتحوّراته، كما تدرس آلية إصدار وثيقة التأمين متناهي الصغر في صورة بطاقة مسبقة الدفع. أمّا لجنة التأمين الزراعي فتقوم بدراسة وإعداد وثيقة تأمين المحاصيل المروية والتي ستكون أول وثيقة تأمين زراعي متخصّصة تصدر في السوق المصري لتغطية هذا النوع من المحاصيل المهمّة. إلى ذلك، وضعت أيضاً ضمن خطة عملها للفترة القادمة، دراسة آلية التأمين على تلك المحاصيل الاستراتيجية”.
مضى الزهيري قائلاً: “لقد قام الاتحاد كذلك بعقد عدة شراكات مع عدد من المؤسسات المحلية والعالمية لتأسيس قاعدة بيانات دقيقة عن الحجم المتوقّع لعملاء التأمين متناهي الصغر والاحتياجات الفعلية لهؤلاء العملاء المستهدفين. وبالتعاون مع مؤسسة جايكا اليابانية، أعدّ الاتحاد دراسة عن الأسواق وقام بزيارات ميدانية لمناطق عدّة في مصر ليعرض في ما بعد، نتائج تلك الدراسة على لجنة التأمين متناهي الصغر بالاتحاد، ما ساعد اللجنة على العمل بشكل منهجي على خلفية نتائج تلك الدراسة والبدء في إعداد منتجات التأمين متناهي الصغر التي ستلبّي الاحتياجات الفعلية للعملاء المستهدفين”.
وإلى ما تقدّم، كشف الزهيري في كلمته أنّ “الاتحاد وقّع اتفاقية تعاون مع شبكة التأمين متناهي الصغر بهدف تحقيق الشمول التأميني ورَفْع الوعي لدى كافة الأطراف المعنية بصناعة التأمين بأحدث المستجدات العالمية التي تطرأ على هذا النوع من التأمين، وذلك من خلال فريق عمل يتولّى ترجمة التقرير السنوي الخاص بشبكة التأمين متناهي الصغر إلى اللغة العربية بحيث يكون متاحاً للسوق المصري الاطلاع عليه والاستفادة من المعلومات القيّمة الواردة به من أجل تطوير آلية عمل التأمين متناهي الصغر في السوق المصري”.
وإلى الاتّفاقيّة المُشار إليها، “قام الاتحاد كذلك بإبرام بروتوكول تعاون مع الهيئة القومية للبريد، قال الزهيري، والهدف من وراء ذلك، تنويع قنوات توزيع التأمين على المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، سواء الجديدة منها أو القائمة. كذلك، فإنّ هذا البروتوكول الموقّع يساعد في تعزيز برامج التأمين على الأفراد والأُسر ونشر الوعي التأميني وتنمية المجتمع. كما قام الاتحاد بتوقيع بروتوكولَيْ تعاون بين الاتحاد و”مؤسسة أهل مصر” للتوعية ضد مخاطر الحروق وبحث الجهود المشتركة للمساهمة في الحدّ من حوادث الحروق وتقليل الأضرار الناجمة عنها عن طريق رفع الوعي الوقائي في المجتمع. وقد تمّ تنفيذ كافة البنود الواردة في البروتكولَيْن، فيما كانت مؤسسة أهل مصر تشيد بالدور الذي قام به الاتحاد أثناء مراحل تنفيذ تلك البروتوكولات”.
وفي ما يشبه “تاريخ” التأمين متناهي الصغر في الدول النامية، كما في العالم، توقّف علاء الزهيري في كلمته عند “المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر كأحد الركائز الأساسية للاقتصاد خاصة في الدول النامية، مشيرًا إلى أنّ معدّل نمو التأمين متناهي الصغر في مصر بدأ يشهد تطوراً ملحوظاً إذ وصل حجم الأقساط في 30/6/2022 إلى 389 مليون جنيه مقارنة ب 280 مليون جنية في الفترة نفسها من العام السابق، أي بمعدل نمو حوالى 38%. كما بلغ عدد المؤمن لهم 5.8 مليون عميل في 2022 مقارنة ب 4.2 مليون عميل في العام السابق، وذلك بمعدل نمو حوالى 36%”. وعلى مستوى العالم، بلغ حجم اقساط التامين متناهي الصغر ٨٢ مليار دولار عام ٢٠٢٢، ليصل، وفق بعض التوقعات، إلى ١١٨ مليار دولار نهاية هذا العام 2023، علمًا أنّ الجهود لا تزال مستمرّة من أجل زيادة مساهمة حجم أقساط التأمين متناهىي الصغر في إجمالي أقساط التأمين في السوق المصري”.
إلى ذلك، ثمّن رئيس الاتحاد وجود هيئة داعمة في مصر لنشاط التأمين مثل الهيئة العامة للرقابة المالية والتي قامت بإصدار العديد من القرارات والتعديلات التشريعية التي من شأنها تنظيم نشاط التأمين ودعمه، وبخاصة التأمين متناهي الصغر، إذ للمرّة الأولى يتمّ إفراد بنود بأكملها للتأمين متناهى الصغر في قانون التأمين الموحد الجديد الذي تجري مناقشته حالياً في مجلس الشعب والذي سمح بإنشاء شركات تأمين متخصّصة في التأمين متناهي الصغر والتي ستتمكّن من مزاولة نشاط تأمين الممتلكات والأشخاص معاً. كما أصدرت الهيئة كذلك منذ عدة أسابيع القرار الرقم 292 لسنة 2023 بتعديل القرار رقم 902 لسنة 2016، ليسمح بإضافة شركات الاتصالات والمتاجر الالكترونية المرخّص لها بمزاولة النشاط من الجهات المختصّة والتي توافق عليها الهيئة، الى القنوات المسموح لها بتسويق وثائق التأمين متناهي الصغر النمطية الكترونياً من خلال شبكة نظم المعلومات، وهو ما سيسمح بتيسير عملية الاكتتاب في هذا النوع من التأمين، ما سينعكس على زيادة معدل نموّه في السوق المصري.
ختم الزهيري كلمته الشاملة الغنية بالمعلومات والتطلّعات المستقبليّة بالقول أنّ “الاتحاد المصري للتأمين لا يزال مستمراً في استكمال تنفيذ إستراتيجيته للوصول إلى الشمول التأميني والشمول المالي، من خلال عقد عدد من الشراكات الجديدة، إذ يدرس حالياً آلية الانضمام لبروتوكول منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، كما يدرس، عبر لجنة التأمين الزراعي، آلية التعاون مع الجهات الدولية التي تهتم وتدعم المزارعين، وبخاصة الصغار منهم في مصر والتي منها على سبيل المثال:
- منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة FAO.
- برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة WFP.
- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP.
إذ من المنتظر أن تلعب تلك الجهات دوراً مهمًّا في تدريب المزارعين على استخدام وسائل الزراعة الحديثة بهدف منع وتقليل الخسائر الخاصة بهذا القطاع الحيوي”.
وفي الختام، قال الزهيري: “أتقدّم بكل الشكر والتقدير للهيئة العامة للرقابة المالية على رعايتها الكريمة هذا المؤتمر وللسادة المتحدثين والمشاركين من الخبراء المحليين والعالميين، الذين يساهمون من خلال خبراتهم بدعم هذا المؤتمر. كما أتوجه بالشكر للسادة الرعاة شركائنا فى النجاح”.
وإلى موعد انعقاد المؤتمر الثالث العام المقبل، تمنّى الزهيري أخيرًا “أن نجني معًا ثمار النجاح الذي سيحققّه قطاع التأمين متناهي الصغر في مصر، وكذلك لنفكر في آليات استمرار تطويره ليحقّق النمو والازدهار الذي يستحقّه مثل هذا القطاع الحيوي”.