من الحرب الأوكرانية الروسية وتعطّل حركة الملاحة
يبرز دور التأمين كأحد الأدوات الفريدة التي يُمكن الشركات الإستعانة بها للتخفيف من الآثار الضارة، بسلاسل التوريد نتيجة الأحداث الملاحقة بدءاً بالأزمة الروسية-الأوكرانية مروراً بحرب غزة وصولاً الى خضاّت البحر الأحمر، اذ يؤدي دمج التأمين في إدارة مخاطر سلسلة التوريد، إلى توزيع مخاطر الخسائر المالية المحتملة ويضمن استمرارية الأعمال وسط الاضطرابات غير المتوقعة.
وتُلقي نشرة الإتحاد المصري للتأمين ذات الرقم 327، الضوء على العلاقة بين إدارة مخاطر سلسلة التوريد والتأمين، وتسلّط الضوء على الأدوار والتحديات والفرص والاتجاهات المستقبلية المهمة في هذه العلاقة الاستراتيجية.
بداية، تشير إدارة مخاطر سلسلة التوريد، إلى تنسيق الأنشطة لتوجيه ومراقبة سلسلة التوريد الخاصة بالمنظمة في ما يتعلّق بالمخاطر المحتملة التي قد تنشأ من مصادر مختلفة، مثل العوامل المالية أو التشغيلية أو الخارجية. فالمخاطر المالية تشمل التقلبات في أسعار الصرف أو أسعار المواد الخام. كما تنشأ المخاطر التشغيلية من توقف الإنتاج، في حين قد تنشأ المخاطر الخارجية بسبب الكوارث الطبيعية أو الأنشطة الإرهابية.
ومع ازدياد ترابط العالم، أصبحت سلاسل التوريد أكثر تعقيداً، ما يعزّز احتمالات المخاطر، لذا تعد إدارة هذه المخاطر أمراً بالغ الأهمية للحفاظ على استمرارية الأعمال، اذ يمكن أن يؤدي الفشل في إدارة مخاطر سلسلة التوريد إلى خسائر مالية كبيرة والإضرار بالسمعة وخسائر المبيعات.
فما هي عوامل الخطر واستراتيجيات تخفيفها في إدارة سلسلة التوريد؟ تسأل النشرة وتجيب:
يمكن أن تؤدي عوامل عديدة إلى تعرض سلسلة التوريد للمخاطر. ولا شك أن تلك العوامل قادرة على إحداث ضرر كبير للشركة. أما الأسباب الرئيسة فهي:
1-الأضرار المادية الناجمة عن المخاطر المؤّمن عليها في مقر المورّد أو العميل (التأمين الطارئ على انقطاع الأعمال).
2-الاضطراب الموضعي الناجم عن سوء الأحوال الجوية، بما في ذلك الثلوج والعواصف والفيضانات والظروف الجوية المتجمدة
3-الاضطراب الناجم عن الظروف المعاكسة التي تمتد على نطاق واسع ، بما في ذلك الزلازل وانقطاع التيار الكهربائي الرئيسي والعواصف أو التسونامي.
4-فشل شبكات النقل بسبب أحداث غير عادية مثل سحابة الرماد أو المخاطر السياسية.
5- تعطيل تكنولوجيا المعلومات و أنظمة الاتصالات الأخرى، بما في ذلك المخاطر الإلكترونية وهجمات الفيروسات أو القراصنة.
6-فشل المرافق و منع الوصول إلى المباني بسبب الاضطرابات المدنية أو فشل البنية التحتية أو انقطاع إمدادات الطاقة.
7-الفشل في تقديم الخدمة من قِبل المورد، بما في ذلك إعسار المورد، والائتمان التجاري و جودة المنتج و سحب المنتج.
8-غياب العمالة الماهرة و الإضرابات العمالية .
وللتخفيف من هذه المخاطر، تحتاج المنظمات إلى تطوير استراتيجيات قوية تشمل تنويع مصادر المورّدين لتقليل الاعتماد على مورّد واحد وزيادة الشفافية داخل سلسلة التوريد. كما تحتاج المنظمات لتحديد المخاطر المحتملة و معالجتها على الفور، و الاستثمار في التكنولوجيا لتعزيز مراقبة سلسلة التوريد و الرؤى التنبؤية، واختبار سيناريوهات مختلفة لتخطيط ردود الفعل المتوقعة تجاه الاضطرابات المحتملة.
فما هو دور التأمين في إدارة مخاطر سلسلة التوريد؟ تتسائل النشرة وترد على السؤال بالقول:
يلعب التأمين دوراً محورياً في إدارة مخاطر سلسلة التوريد من خلال توفير ضمانة مالية ضد أنواع مختلفة من المخاطر. وعلى سبيل المثال، يغطي التأمين ضد انقطاع الأعمال الدخل المفقود والنفقات المتكبّدة عند توقف العمليات التجارية بسبب اضطرابات سلسلة التوريد. كذلك توفّر وثائق التأمين عند انقطاع الأعمال الطارئة، تغطية الخسائر الناجمة عن الاضطرابات في عمليات المورّد أو العميل. بينما يعوّض التأمين ضد توقّف التجارة، الخسائر الناجمة عن المخاطر السياسية، مثل الإجراءات الحكومية التي تمنع تنفيذ العقود.
الى ذلك، يُعدّ تأمين سحب المنتج نوعاً آخر من التغطية التي تعالج تكاليف سحب المنتج من السوق.
كما يمكن لأنواع أخرى من التأمين كالتأمين على البضائع أو التأمين ضد مخاطر الائتمان أو التأمين ضد المخاطر الإلكترونية، أن تغطي مخاطر أكثر تحديداً داخل سلسلة التوريد. لذلك، ينبغي اعتبار التأمين جزءاً من نهج أوسع لإدارة المخاطر و ليس حلاً مستقلاً،كما ينبغي أن يتضمن هذا النهج تقييم المخاطر، واستراتيجيات التخفيف، وخطة استجابة تم اختبارها مسبقاَ بشكل جيد.
ان خطة التأمين الإستراتيجية توفّر الأساس المالي الذي يضمن استمرارية العمليات التجارية وسط الاضطرابات غير المتوقعة. و يساعد هذا الدعم على التعافي السريع للشركة بعد الأزمات، ما يقلّل من التأثيرات الضارة على الإيرادات والعلاقات مع العملاء، علماً أن حالة عدم اليقين تتخلّل كلّ سلسلة توريد، ولكن إدارة المخاطر جيدة التنظيم، بما في ذلك استراتيجية التأمين الشاملة، تسمح للشركات بتخفيف الاضطرابات بشكل فعال، حيث يمكنها نقل المخاطر إلى طرف ثالث من خلال خطط التأمين، مما يوفر الحماية ضد الانقطاعات المحتملة لسلسلة التوريد. ومع ذلك، فإن النجاح في إدارة مخاطر سلسلة التوريد يعتمد على القدرة على توقّع المخاطر والاستعداد لها وإدارتها بشكل استباقي قبل حدوثها.
باختصار، فعلى رغم أن التأمين يعد أداة متكاملة لتخفيف المخاطر، إلا أنه ليس بديلاً من استراتيجية إدارة مخاطر جيدة التنفيذ، فضلاً عن المبالغة في تقدير الدور الأساسي للتغطية التأمينية غير جائزة، اذ أن هذه التغطية هي إحدى الاستراتيجيات الرئيسية في إدارة المخاطر، وبالتالي فهذا لا يحمي السلامة المالية للشركة وانما يساعد في استمراريتها لفترة طويلة أيضاَ.
فما هي أنواع التغطيات التأمينية لمخاطر سلسلة التوريد؟
يمكن تطبيق أنواع عديدة من التأمين على مخاطر سلسلة التوريد المختلفة. وتشمل هذه، على سبيل المثال لا الحصر:
1-التأمين ضد انقطاع الأعمال (Business Interruption Insurance)، ويغطي هذا التأمين الدخل المفقود بسبب انقطاع عمليات الشركة. يمكن أن يكون ذلك نتيجة لأسباب مختلفة، مثل الكوارث الطبيعية أو العقبات غير المتوقعة التي تعيق عملية سلسلة التوريد.
2-التأمين ضد انقطاع الأعمال الطارئ (Contingent Business Interruption ) : وتحدث تغطية انقطاع الأعمال الطارئ عندما يعاني مورّد أو مستلم كبير للسلع من خسارة قابلة للتأمين، مثل الحريق أو التخريب، مما يمنعهم من توريد أو استلام السلع أو الخدمات.
3– تأمين المسؤولية تسلّتسلّ (Liability Insurance) تسلّم باسم “تأمين المسؤولية العامة”، و يحمي هذا النوع الشركة من المطالبات المتعلقة بالإصابات الجسدية أو الأضرار التي تلحق بالممتلكات بسبب العمليات التجارية.
4-تأمين سحب المنتج، (Product Recall Insurance) وقد تمّ تصميم هذا التأمين لتغطية التكاليف المرتبطة بسحب المنتج من السوق، والتي قد تنجم عن مشكلة في سلسلة التوريد تؤدي إلى عيوب في التصميم أو التصنيع.
5-التأمين البحري للبضائ( Marine Insurance) وهو يُغطي فقدان أو تلف البضائع أثناء النقل من مكان إلى آخر.
لكن دور التأمين في إدارة مخاطر سلسلة التوريد، لا يقتصر على توفير الحماية المالية للمنظمة ضد الخسائر المحتملة، بل إنه يعزز قوة سلسلة التوريد من خلال تحديد المخاطر المحتملة وتحليلها والتخفيف من حدتها قبل أن تتحقق. وتقوم شركات التأمين بإجراء تقييمات للمخاطر لتحديد الأجزاء المعرّضة للخطر داخل سلسلة التوريد، ما يسمح للشركات المؤمّن عليها باعتماد تدابير احترازية لتجنب الاضطرابات المحتملة وتقليل احتمالية تقديم مطالبة تأمين، وبالتالي تمهد الطريق نحو تحسين العمليات التشغيلية وسلسلة التوريد، وهذه بعضها:
1-نقل المخاطر والتأمين، والمقصود هو الاعتراف بأن المخاطر قد تتحقّق في مرحلة ما ووضع الخطط لنقل تلك المخاطر إلى طرف ثالث مجهّز بشكل أفضل لإدارتها أو استيعابها، مثل شركة التأمين. و يلعب التأمين دوراً حاسماً في صرف المخاطر المرتبطة بسلسلة توريد معينة عن طريق توزيعها عبر كيانات متعددة. و تقلّل هذه العملية من التأثير المالي المحتمل على كيان واحد، مما يوفر قدراً أكبر من المرونة والحماية لسلسلة التوريد الشاملة.
2-الدور الحاسم للتأمين في إدارة مخاطر سلسلة التوريد. يلعب التأمين دوراً حيوياً في إدارة مخاطر سلسلة التوريد. إلى جانب توفير التغطية المالية، حيث يعمل التأمين أيضاً على تحفيز وتسهيل اتباع أسلوب شامل واستباقي للتعامل مع هذه المخاطر. وقد أصبحت أهمية التأمين في إدارة مخاطر سلسلة التوريد أكثر وضوحاً مع حدوث كوارث عالمية لا يمكن التنبؤ بها والتي يمكن أن تعطل الإنتاج وتعرض الشركات للخطر.
3-دراسة حالات لدور التأمين في إدارة مخاطر سلسلة التوريد: الأولى صناعة السيارات والتسونامي في اليابان، من الأمثلة الرائعة على أن التأمين يلعب دوراً حاسماً في إدارة مخاطر سلسلة التوريد هو ما حدث في صناعة السيارات بعد زلزال وتسونامي عام 2011 الذين ضربا اليابان، موطن العديد من شركات تصنيع السيارات. فقد أدت هذه الكارثة إلى توقف خط الإنتاج، مما أثر في الشركات المصنعة للسيارات على مستوى العالم، مثل تويوتا التي عانت اضطرابات كبيرة في خطوط إنتاجها، بسبب ندرة إمدادات المكونات من المناطق المتضررة. وردّاً على الانهيار المالي المحتمل، استخدمت شركة تويوتا وغيرها من الشركات المصنّعة “التأمين ضد انقطاع الأعمال الطارئ”.
وقد غطت هذه الوثيقة الخسائر في الأرباح وتكاليف التشغيل الإضافية، مما مكّن الشركات من تجاوز هذه المرحلة الصعبة.
بالنسبة لدراسة الحالة الثانية، فمن الأسئلة احدى كبرى الشركات العالمية لإنتاج الملابس والأحذية والأدوات الرياضية التي استفادت من التأمين في إدارة مخاطر سلسلة التوريد الخاصة بها. فإدراكاً من الشركة للاضطرابات السياسية والكوارث الطبيعية التي يمكن أن تتعرض لها، تعاقدت على وثيقة “التأمين ضد المخاطر السياسية” نظراً لاعتمادها على الشركات المصنّعة في الخارج، مما يحميها من الخسائر المالية الناتجة عن عدم الاستقرار السياسي. كما استخدمت الشركة أيضاً “التأمين ضد الكوارث الطبيعية” للحماية من تلك الكوارث ، وتقليل زمن التوقف عن العمل وتخفيف المخاطر المالية الناتجة عن وقوع تلك الكوارث.
في ما خصّ الدراسة الثالثة، فقد تناولت صناعة التكنولوجيا وحماية الملكية الفكرية، اذ لجأت شركات مثل سامسونغ و أبل إلى “تأمين الملكية الفكرية” و الذي يوفر تغطية مالية للخسائر الناجمة عن الدعاوى القضائية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية، والتي قد تعطل عمليات سلسلة التوريد.
ونظراً للطبيعة التنافسية و المنازعات القضائية المتعلقة بصناعة التكنولوجيا، تعمل وثائق التأمين كأداة لإدارة المخاطر مما يضمن استمرار العمليات حتى في مواجهة المنازعات القانونية.
تبقى دراسة رابعة حول صناعة الأدوية وتعرّضها لمخاطر التغييرات التشريعية. وعلى سبيل المثال، يمكن أن تؤدي التغييرات التشريعية إلى وقف عملية التصنيع أو التوزيع، مما يسبب اضطرابات شديدة في سلسلة التوريد. لذا، فقد تبنت شركات مثل شركة “فايزر” وثائق تأمين مختلفة كأدوات لإدارة المخاطر. أحدها هو “التأمين ضد التغييرات التشريعية “، الذي يغطي الخسائر الناجمة عن التغيير المفاجئ في التشريعات والقوانين. بالإضافة إلى ذلك، يتمّ استخدام “تأمين سحب المنتج” لإدارة الخسارة المالية المحتملة المترتبة على السحب الإلزامي للمنتجات من السوق.
والآن ماذا عن التحديات والفرص في دمج التأمين في إدارة مخاطر سلسلة التوريد؟ تقول النشرة: يشمل مفهوم مخاطر سلسلة التوريد أي عقبة محتملة قد تعطل التدفق المستمر للسلع والخدمات من المورّد إلى المستخدم النهائي. و تشمل المخاطر المرتبطة بالمورّدين، أو وسائل النقل، أو مرافق التخزين، أو عناصر السلسلة الأخرى.
وفي مواجهة هذه الشكوك، يعمل التأمين كشبكة أمان، حيث يقدّم ضمانات مالية ضد الخسائر المحتملة الناجمة عن هذه الاضطرابات.
مع ذلك، هناك تحديات في دمج التأمين في إدارة مخاطر سلسلة التوريد، وأهمها مدى تعقيد المخاطر التي تنطوي عليها وتنوّعها. ويتطلب هذا التحدّي فهم أشكال المخاطر المختلفة مثل المخاطر التشغيلية أو المالية أو المتعلقة بالسمعة أو التنظيمية أو حتى الجيوسياسية. و من الأمثلة على ذلك إفلاس المورد، والتغييرات التنظيمية، والإرهاب، والكوارث الطبيعية. ويكمن الحل في تطوير فهم شامل لسلسلة التوريد بأكملها وتحديد جميع نقاط الخطر المحتملة.
والتحدّي الآخر هو التكلفة المرتبطة بالتأمين. فقد تؤدي المناطق أو المواد عالية الخطورة إلى أقساط أكثر تكلفة، ما قد يمنع بعض الشركات من الحصول على تغطية تأمينية كافية.
لذا يمكن أن يوفر التقييم الدقيق للمخاطر المحتملة ومقارنتها بتكاليف التأمين صورة أكثر دقة لتحليل التكلفة والعائد. علاوة على ذلك، قد يكون الحصول على التغطية المناسبة أمراً صعباً. ويرجع ذلك إلى حقيقة أن بعض وثائق التأمين قد لا تغطي جميع أنواع مخاطر سلسلة التوريد، ومن ذلك قد لا يغطي التأمين التقليدي ضد انقطاع الأعمال الاضطرابات الناجمة عن فشل المورّد الرئيسي. ويتمثّل أحد الحلول الممكنة لهذا التحدي: تبنّي نهج أكثر شمولا، مثل التأمين على سلسلة التوريد ككل ، والذي يمكن أن يغطي نطاقا أوسع من المخاطر.
يبقى السؤال المهم وهو حول إمكانات التأمين في إدارة مخاطر سلسلة التوريد… وفي هذا الصدد أورد النشرة التالي:
-على رغم العقبات القائمة، فإن دمج التأمين في سياق إدارة مخاطر سلسلة التوريد يحقق فوائد عديدة منها:
-يوفر التأمين شبكة أمان مالي ضد الأحداث غير المتوقعة، مثل التكاليف المرتبطة بفقدان المنتج أو تلفه والعقوبات الناجمة عن التأخر في التسليم. كما يغطي النفقات المتكبدة نتيجة لاختيار مورّد جديد أو إنشاء خط إنتاج جديد بسبب فشل المورّد.
– تقدّم بعض أنواع التأمين تقييمات شاملة للمخاطر كجزء من إجراءات الاكتتاب و يوفر هذا مراجعة موضوعية لا تقدر بثمن لتهديدات سلسلة التوريد الخاصة بالشركة، مما يساعدها على تحسين ممارسات إدارة المخاطر الداخلية وتعزيز ثقة أصحاب المصلحة.
– هناك أيضاً سيناريوهات تنطوي على اضطرابات جذرية بحيث تصبح الشركة غير قادرة على الوفاء بالتزامات التسليم الخاصة بها. وفي مثل هذه الحالات، يمكن التأمين أن يحافظ على الوضع المالي للشركة وسمعتها، ما يمكّنها من طمأنة أصحاب المصلحة بشأن استراتيجياتها القوية لإدارة المخاطر وقدرتها على معالجة الاضطرابات.
فالتأمين يغرس الثقة في المستثمرين والعملاء والموظفين على حد سواء بأن الشركة تتمتع بالحماية الكافية ومستعدة بشكل جيد للتغلب على العقبات المحتملة. ومع هذا الشعور بالأمان، يمكن للشركات أن تسعى إلى تحسين أدائها و تحقق النمو على المدى الطويل.
يبقى مستقبل التأمين في إدارة مخاطر سلسلة التوريد، خصوصاً مع ظهور تهديدات مثل الاختراقات الالكترونية، والتقلبات الجيوسياسية، والجوانب المرتبطة بتغير المناخ. واستجابة لهذه المخاطر المتطوّرة، تعمل شركات التأمين على ابتكار منتجات واسعة الحيلة لإدارة ونقل هذه التهديدات. فمن خلال التركيز على تغير المناخ مثلاً، قدّمت شركات التأمين خدمات مثل التأمين المعياري ، وهو الحل المالي الذي يبدأ دفع التعويضات عندما يتم تجاوز المؤشرات البيئية المحددة مسبقا. وهذا يسلط الضوء على الدور الحاسم للتأمين في التخفيف من مخاطر سلسلة التوريد.
الى ذلك، هناك مخاطر الأمن الإلكتروني في سلسلة التوريد والتي تُعدّ واحدة من أهم التهديدات الناشئة في سلاسل التوريد العالمية. حيث يمكن للقراصنة تعطيل أنظمة البرمجيات، ووقف الإنتاج، وسرقة المعلومات الحساسة، مما يؤدي إلى خسارة اقتصادية كبيرة والإضرار بسمعة الشركة.
وللتخفيف من هذه المخاطر، توفّر شركات التأمين تغطية مثل تأمين المسؤولية الإلكترونية، الذي يغطي التكاليف المتعلقة بفقدان البيانات أو سرقتها، وانتهاكات أمن الشبكات، واسترداد الأنظمة المخترقة.
كذلك، هناك التحوّل الرقمي والتحليلات التنبؤية في مجال التأمين فباستخدام التحليلات التنبؤية، يمكن شركات التأمين تحديد المخاطر المحتملة في سلسلة التوريد من خلال تحليل أنماط البيانات الناتجة عن الأحداث وقت وقوعها الفعلي، ما يساعد الشركات على تطوير استراتيجيات استباقية. ويمكن لهذا النوع من الرؤية التنبؤية أن يساعد المؤسسات على تكييف استراتيجياتها لإدارة المخاطر المحتملة بشكل أفضل، وبالتالي تقليل احتمالية حدوث الأزمات.
نأتي الى الذكاء الاصطناعي في التأمين الذي تعمل تقنياته على تغيير نموذج التأمين التقليدي أيضاً. فيمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في مكننة جوانب مختلفة من عملية التأمين، بدءاً من تقييم المخاطر وحتى معالجة المطالبات، وبالتالي تحسين الدقة وتقليل الأعباء الإدارية الإجمالية.
و يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي أيضاً في فهم شبكات سلسلة التوريد المعقدة، وتحديد نقاط الضعف، واقتراح التحسينات، وبالتالي لعب دور حاسم في تخفيف المخاطر وإدارتها.
ثم هناك تقنيات سلسلة الكتل Blockchain التي توفر طرقاً جديدة لإدارة مخاطر سلسلة التوريد وتبسيط عمليات التأمين، اذ يُمكن العقود الذكية التي تدعمها تقنية البلوكتشين مكننة المطالبات والمدفوعات، مما يحسن الشفافية والثقة بين الأطراف. علاوة على ذلك، فإن تتبع البضائع في الوقت الفعلي عبر سلسلة التوريد من خلال تقنية البلوكتشين يعزز إمكانية التتبع، مما يساعد شركات التأمين والشركات على مراقبة حركة البضائع وحالتها وظروفها، وبالتالي اكتشاف المخاطر وإدارتها في وقت أقصر.
أخيراً هناك تأثير التحوّل الرقمي على إدارة مخاطر سلسلة التوريد، اذ تعمل هذه التقنيات على إحداث تحول كبير في إدارة سلسلة التوريد ومن المرجح أن تشكل مستقبل إدارة المخاطر والتأمين. فهي تتيح قدراً أكبر من الشفافية، وتحسين الكفاءة، وزيادة مرونة سلسلة التوريد، مع فتح طرق مبتكرة لشركات التأمين للتعامل مع المخاطر..
ومع ذلك، يجب على الشركات معالجة المخاطر الجديدة في نفس الوقت مثل نقاط الضعف الإلكترونية التي تنشأ عن الاتجاه المتزايد نحو التحول الرقمي.
وفي الختام، سيستمر دور التأمين في التطور حيث تستكشف الصناعات وشركات التأمين طرقًا للاستفادة بشكل استباقي من التكنولوجيا لإدارة المخاطر في سلاسل التوريد الخاصة بها والتخفيف من حدتها.
الان ما رأي الإتحاد المصري للتأمين؟
يقول: إن المسار الحالي للمشهد العالمي، الذي يتسّم بمخاطر تهديدات الأمن الإلكتروني، وظواهر تغير المناخ، والثورة الرقمية الشاملة، سوف يؤثر دائماً على الشركات وعمليات إدارة سلسلة التوريد الخاصة بها. وسيكون التكيّف مع هذه التحولات أمراً بالغ الأهمية. ويقف التأمين بجميع أشكاله و تغطياته المتطورة، في الخط الأمامي لتمكين الشركات من إدارة هذه المخاطر بشكل أفضل.
ومن خلال دمج الحلول التكنولوجية المبتكرة مثل الذكاء الاصطناعي والتحليلات التنبؤية وبلوكتشين ، تصبح عملية تحديد مخاطر سلسلة التوريد وتقييمها وإدارتها أكثر دقة وتحسينا.
كذلك يمكن التأمين عند دمجه في سلسلة التوريد والاستفادة منه بشكل مدروس أن يلعب دوراً محورياً في إدارة مخاطر سلسلة التوريد من خلال زيادة الكفاءة التشغيلية، وتعزيز المرونة، وضمان استدامة الأعمال ونموها في بيئة أعمال دائمة التطور وحافلة بالمخاطر.