روجيه زكار.. رأسمال الشركة 20 ألف يورو فقط
مجدّدًا، بدأت شركات تأمين لبنانيّة تشدّ الرحال للتوسّع نحو الخارج جرّاء الوضع اللبناني المتردّي، وعلى الصُعد كافة، ما ذكّر بالحرب اللبنانيّة في سبعينيّات وثمانينيّات القرن الماضي عندما انتقل لبنانيّون إلى قبرص ومن هناك إلى دول أخرى بالبواخر البحريّة (وأحيانًا ببواخر الماشية)، هربًا من القصف الجنوني الذي كان يطاول المناطق، شرقيّة وغربيّة، ويخلّف دمارًا في الممتلكات وضحايا في الأرواح.
صحيح أنّ ظروف تلك المرحلة لا تشبه ظروف لبنان الحاليّة، على الأقلّ أمتيًا، إلاّ أن الأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة (وحتى السياسيّة) دفعت كثيرين من الشباب إلى مغادرة موطنهم الأصلي نحو بلاد العالم، هربًا من “جُهنّم” التي يعيشون فيها، وبحثًا عن مكان آمن يلجأون إليه ويسمح لهم بتأسيس مستقبل ضاع حتمًا في لبنان في ظلّ هذا التناحر العَبَثي على السلطة والصلاحيّات والنفوذ، فيما البلاد تتحلّل يومًا بعد يوم، وكأنّما المطلوب زوالها عن خارطة العالم!
في ظلّ هذا الجو الضاغط والمأساوي، لم يكن مستغربًا أن تبدأ مؤسّسات لبنانيّة، وقبلها أجنبيّة، في اتّخاذ قرار بالإقفال نهائيًا أو الإبقاء على وجودها رمزيًا، مع التوسّع خارج لبنان للمحافظة على مكتسباتها من جهة، وتطوير أعمالها من جهة ثانية، وكان في عداد تلك المؤسّسات شركة “كومرشال” للتأمين (لرئيس مجلس إدارتها السيد ماكس زكار) التي أسّست شركة وساطة في قبرص تحت اسم Comin، وبدأت العمل رسميًا قبل أيّام.
ملفّ هذا العدد يتناول موضوع التوسّع نحو الخارج من زوايا عدّة ولكنّ بهدفٍ واحد يؤكّد أنّ إرادة الحياة عند اللبناني تطغى دائمًا على إرادة الموت، وتبقى هي الأساس. فإلى مقابلات هذا الملف… وأوّلها مع رئيس مجلس إدارة شركة Comin القبرصيّة السيد روجيه زكار.
س: لقد كنت سبّاقًا في التوجّه إلى قبرص، ممهّدًا الطريق لشركات أخرى كي تحذو حذوّك، ما ذكّر بالحرب اللبنانيّة التي دفعت كثيرين للسفر إلى الجزيرة والعمل من هناك أو الإقامة فيها. لماذا أقدمتَ على هذه الخطوة وما كان الدافع إليها؟
ج: أوضاع قطاع التأمين في لبنان غير مشجّعة، ومن الأدلّة تراجع النموّ. وبتقديري أنّ هذه الأوضاع ستستمرّ على ما هي عليه، في السنوات الخمس المقبلة. لذا من الطبيعي، في ظلّ هذا الواقع، أن يسعى المرء إلى الأفضل ويبحث عن أسواق جديدة. هذا في المطلق، فكيف إذا مقيمًا في لبنان الذي بتنا نفتقد فيه إلى أمور كثيرة، ولا سيّما العملة الصعبة في ظلّ تراجع سعر صرف الليرة مع إجراءات مصرفيّة حالت دون تحريك دولارات الشركات المودعة في البنوك؟ لذا، قرّرنا التوسّع باتّجاه قبرص بحثًا عن محفظة تأمينيّة بالـ Fresh money، وكذلك الاهتمام بزبائننا (وغير زبائننا) من اللبنانيّين أينما وُجدوا..
بالنسبة للتوسّع، فإنّ الخبرات التي اكتسبناها باتت تحتّم علينا القيام بهذه الخطوة، بمعنى أنّ لبنان لم يعد يُلبّي طموحنا في الأعمال. أمّا فيما يتعلّق بالإجراءات المصرفيّة، فقد كانت مؤذية للقطاع، كما للبنان، لأنّها أوقفت تحويل ما علينا تسديده لشركات الإعادة في الخارج. تبقى النقطة الثالثة المهمّة وهي اللحاق بعملائنا لنتمكّن من خدمتهم، وفي الوقت نفسه من تكبير محفظتنا التأمينيّة والمحافظة عليها. ومع الأسف، فإنّ قسمًا كبيرًا من اللبنانيّين أصبح خارج البلاد، وخاصة في الإمارات والسعودية اللتَيْن يتواجد فيهما عدد كبير من وسطاء التأمين اللبنانيّين. وبعد دراسات قمنا بها، وجدنا أن في جزيرة قبرص وحدها حوالى 15 وسيطًا مباشرًا للتأمين من بينهم شديد ري وPremium France، وهما وسيطان لبنانيّان، لذلك قرّرنا التوسّع باتّجاه الجزيرة كشركة وساطة أطلقنا عليها اسم COMIN.
س: هل وجدتم صعوبة في تسجيل الشركة الجديدة في قبرص؟
ج: تطلّب تسجيل الشركة حوالى السنة، إذ من الشروط أن يكون مديرها يحمل جنسيّة دولة أوروبيّة، لذلك استعنّا بمدير قبرصي، وهي سيدة، تُدعى Olga Vassilios. أمّا إذا أردنا العمل كشركة قبرصيّة في أوروبا، فهناك إجراءات أيضًا يجب التقيّد بها، وأهمّها موافقة هيئة الرقابة القبرصيّة، ومن ثم الحصول على موافقة هيئة الرقابة الخاصّة بالدولة الأوروبيّة التي نرغب العمل فيها. وعلى سبيل المثال: إذا أردنا العمل في فرنسا، فلا يمكننا ذلك كشركة قبرصيّة، قبل أن نحصل على موافقة هيئة الرقابة القبرصيّة التي توجّه بدورها كتابًا إلى هيئة الرقابة في فرنسا لتستأذنها بالسماح لنا بالعمل هناك، فإذا لم يأتِنا أيّ ردّ بعد شهر من تاريخ الكتاب المُرسل، فهذا يعني أنّ لا تحفّظًا تجاه الشركة وأنّ الموافقة قد تمّت وأصبح بإمكاننا التوجّه نحو فرنسا والعمل فيها.
س: هل حصلت شركة Comin على موافقة من دول اوروبيّة أخرى للعمل فيها؟ وهل يهمّكم السوق الخليجي؟
ج: لم نتقدّم بعد بأيّ طلب من هذا النوع، ما يهمّنا حاليًا هو السوق القبرصي والذي تقيم فيه جالية لبنانية قوامها 50 ألف شخص، فضلاً عن وجود رجال أعمال كثر في الجزيرة. إلى ذلك، وهذا ما يشجّع، فالقبارصة يتوقّعون أن تنجح Comin في هذا الرهان، وتأكيدًا على ذلك، أطلقوا حملة دعائيّة ركّزوا فيها، انطلاقًا من هذا الحدث، على رغبة الشركات الأجنبيّة الاستثمار في قبرص.
س: أين مقرّ الشركة في قبرص وممّن يتألّف فريق العمل؟
ج: المقرّ في لارناكا واستعنّا بموظّفين يعملون في شركتنا Commercial في بيروت، فضلاً عن أشخاص من الجنسيّة القبرصيّة سيتولّون العلاقات العامة.
إنّ خطوتنا الأولى كانت بالتوسّع نحو قبرص ولكنّ طموحنا هو في الانفتاح على دول أخرى واعدة مثل دول الخليج. هدفنا في Comin، مواكبة تطوّر التكنولوجيا في العالم، لذا نستخدم التكنولوجيا الحديثة في بيع البوالص ونركّز في تعاملنا على الهواتف الذكية، ما يسهّل عملنا التوسّعي.
س: ما هي البرامج التي ستركّزون عليها في قبرص؟
ج: نبدأ بالتأمين الالزامي لكلّ أجنبي يريد أن يحصل على إقامة في قبرص، التأمين الالزامي للسيارات ضدّ الغير، التأمين على الممتلكات من الحرائق والزلازل، وأتوجّه هنا بشكل خاص إلى اللبنانيّين الذين يتملّكون شققًا في الجزيرة. وإلى ذلك، هناك بوالص لتغطية البضائع المشحونة إلى الجزيرة التي باتت مركزًا استراتيجيًا قبل إرسال تلك البضائع إلى حيث يرغبون. وأخيرًا التأمين الطبّي، ومن هذا المنطلق استعنّا بالسيد وليد حلاسو بالنسبة لخبرته الطويلة في إدارة الملفات الاستشفائيّة.
س: أنت كوسيط تأمين سوف تتعامل مع شركات تأمين. مع من تتعاملون؟
ج: في قبرص حوالى 15 شركة وساطة إعادة نتعامل مع البعض منها، وهي التي ستكون صلة الوصل مع شركات الإعادة.
س: ماذاعن Commercial؟
ج: هذه الخطوة هي لتحسين وضع الشركة في لبنان ليكون لها نموّ أوسع وإنتاج أكبر ومصداقية مع شركات الإعادة وشركات التأمين العالميّة على وجه الخصوص، وكما يعرف الجميع، فالـ Capital Contol منعنا من تحويل الأموال إلى الخارج!
س: اللافت أن أفراد عائلة زكار يعملون جميعًا في الشركة، ولكن Commercial تحوّلت من شركة عائليّة إلى شركة تعتمد الحوكمة والمحاسبة وغير ذلك، بعدما توزّع أبناء الرئيس ماكس زكار المهمّات بحسب اختصاص كلّ منهم…
ج: صحيح أنّنا عائلة ولكنّنا نعمل كشركة وليس كعائلة، نعمل كشركة لديها مساهمون واستقلاليّة في الشقّ المالي. لكلّ منّا دوره. ديانا مختصّة بتأمين الفنّ. كورالي مسؤولة عن الميكروانشورنس، بينما اختصاص رفاييل التحوّل الرقمي. بالنسبة للشركة في قبرص، فكما أسلفت، المدير هو قبرصي وأنا سأكون رئيس مجلس الإدارة.
س: ما دور وليد حلاسو؟
ج: وليد حلاسو سيكون أحد المديرين التنفيذيّين للشركة بين بيروت وقبرص.
س: ووالدك الرئيس ماكس زكار؟
ج: والدي هو الأساس والقيّم على المجموعة بكاملها وسيبقى رئيسًا لمجلس إدارة الشركة في لبنان.
س: استعملت كلمة مجموعة، هل لديكم شركات غير Commercial وComin؟
ج: نحن مساهمون في شركة AIMS..
س: كم يبلغ رأسمال شركة COMIN في قبرص؟
ج: رأسمالها 20 ألف يورو لأنّها شركة وساطة وليس شركة تأمين. بالنسبة للجدوى الاقتصاديّة، فالسنة الأولى لانطلاقتنا من الطبيعي أن تشهد مصاريف كبيرة وبالتالي خسائر، ولكن بعد سنتَيْن من الآن، تكون الشركة قد بدأت تجني الأرباح.
س: بالنسبة لــ Commercial، كيف كان نموّها في ظلّ الحالة الاقتصاديّة المتدهورة في لبنان؟
ج: لم تشهد Commercial نموًّا إضافيًا ولكنّها لم تتكبّد خسائر. أملنا أن نحافظ على ما نحن عليه خلال 2021 وأن لا تتدهور الأمور أكثر.