الجراح سامح أبو الفتوح… هناك ثورة علمية في العديد من الأدوية
آلام أسفل الظهر والرقبة التي أصبحت من أمراض العصر المعروفة، بدليل أنّ 80 بالمئة من الأشخاص حول العالم يعانونها في حياتهم، زادت من انتشارها جائحة كوفيد بسبب العمل عن بُعد، إذ أنّ الموظف، وهو يقوم بواجباته الوظيفيّة اليوميّة، بات يعمل وهو في السرير أو على الأريكة أو هو يتبع أوضاعًا غير صحيّة وهو جالس على كرسي أمام مكتبه، ناهيك عن عدم ممارسته التمارين الرياضيّة اليوميّة المهمّة. على أنّ الأخطر من هذه الآلام هو تسبّبها بما يحتاج إلى عملية جراحية في العمود الفقري تتطلّب مهارة الجرّاح ومهارة الروبوت الحديث المُستخدم الذي يعمل وفق تكنولوجيا النظام الملاحي.
لمعرفة الكثير عن هذه الآلام: أسبابًا وعلاجات، أجرينا هذا الحوار مع الجراح المصري الشهير سامح أبو الفتوح، والمتخصّص في جراحة العمود الفقري في مستشفى MED CARE في دبي. وكان أجرى بنجاح استبدال االقرص لصناعي وتعامل بنجاح مع انحراف العمود الفقري وحالاته التنكسية ومع الالتهابات، إضافة إلى تقويم الحدبة وترميم الدعامة ورأس العمود الفقري.
معه كان هذا الحوار..
——————–
– وجود كميات أعلى من الطبيعي في الدم
يضرّ بأجهزة عديدة بالجسم… فحذار!
– التكنولوجيا حدّتْ من الخطأ البشري
من 30 إلى اقل من 4 بالمئة فقط…
———————
س: الجرّاح سامح أبو الفتوح يعتمد تقنيّات روبوتية جديدة في جراحة العمود الفقري على ما يبدو. هل لنا أن نعرف أهميّة هذه التقنيّات الجديدة… متى بدأت، وهل أتت النتائج وفق ما هو مؤمّل؟
ج: بداية، فإنّ جراحات العمود الفقري تُعتبر من الجراحات التي شهدت ثورة تكنولوجية في العقد الأخير من الزمن، إذ شملت العديد من الأساليب الجراحية التي أصبحت تعطي نتائج أكثر أمانا وأكثر دقة في إجراء هذه العمليات الصعبة. ولعلّ أبرز هذه الثورات التكنولوجية يكمن في استخدام النظام الملاحي في جراحات العمود الفقري من خلال الروبوتات. والمقصود بالنظام الملاحي هو التنقّل التلقائي للروبوت باتّباع المعلومات المحدّدة له مسبقًا.
لقد أصبحنا بفضل هذه التكنولوجيا، قادرين على رؤية مناطق وَضْع المسامير في العمود الفقري بدقة متناهية لم يسبق لها مثيل من قبل، علمًا أنّ هذه التكنولوجيا أتاحت للجراحين فرصة كبيرة في إزالة أورام العمود الفقري بدقة أعلى وبأقل أعراض جانبية، هذه التكنولوجيا حدّت من الخطأ البشري من 30 إلى أقل من 4 % فقط. وهذه النتيجة هي طبعًا مهمة وذات أثر كبير في تطوير تقنية العمليات حاليًا.
س: ماذا عن أمراض العمود الفقري عربيًا، وخليجيًا تحديدًا، وهل هناك أرقام يمكن العودة إليها؟
ج: غالبيّة الدراسات والأبحاث أكّدتْ أن الإصابة بالآم الظهر وأمراض العمود الفقري الروتينية تحدث بنسبة متساوية بين الرجال والنساء وتنتشر أكثر بعد سن الــ 45، ولا تختلف مجتمعاتنا العربية كثيرا عن أميركا الشمالية وأوروبا حيث أن الآم أسفل الظهر والرقبة أصبحت مرض العصر. أكثر من ذلك، قدّر الخبراء، بناء على هذه المعطيات، أنّ ما يقرب من 80% من الأشخاص سيعانون آلام في أسفل الظهر خلال حياتهم، إذ يبلغ معدل الانتشار السنوي لهذه الالام بين 15 إلى 45 %.
س: لماذا ازدادت أمراض العمود الفقري وكيف يمكن تفادي العملية؟
ج: أن زيادة أمراض العمود الفقري هي نتيجة عوامل عدّة، أبرزها هو التغيّر في النمط اليومي للحياة في عصرنا الحاضر مع قلّة الحركة، ما أثّر بشكل سلبي على صحة العمود الفقري.
إلى ذلك، وفي ما نحن على أعتاب السنوية الثالثة لوباء كورونا ومتحوّراته، فإن التغيّر الحاصل في بيئة العمل واتجاه العديد من الشركات إلى اعتماد أسلوب العمل عن بُعد، نتج عنه التأثير بشكل سلبي على العمود الفقري والرقبة بسبب عدم اتخاذ الوضعيات الصحيحة والمناسبة لهما، مع الاشارة إلى أن آلام الظهر مرتبطة بصورة كبيرة جدا بالصحة النفسية وأمراض الاكتئاب والتوتر والتي أصبحت منتشرة بصورة كبيرة جدا في عصرنا الحالي، إذ أكّدت الدراسات العلمية أن حوالى 40 % من مرضى الاكتئاب والتوتر يعانون آلامًا مزمنة في الظهر.
س: ما هي النصائح التي يقدّمها د. سامح أبو الفتوح لمن لم يُصب بعد من الشباب، ولمن أصيبوا ممّن هم في أعمار متقدّمة، وصولاً إلى الشيخوخة؟
ج: نصيحتي للشباب تتمثل في المقولة الشهيرة “الوقاية خير من العلاج” عبر اتّباعهم نظام حياة صحيًا يكمن في ممارسة التمارين الرياضية اليومية، والمحافظة على وزن معتدل وتجنّب حَمْل الأشياء الثقيلة بدون أخذ الوضعيات الصحيحة للظهر والرقبة.
ومع ازدياد أعداد الأفراد الذين يعملون من المنزل بعد جائحة الكورونا، فإنّي أنصح بتجنّب العمل من السرير أو من على الأريكة واتباع وضعيات صحية على كراسٍ طبية أثناء العمل لتجنّب آلام الظهر المزمنة.
أما بالنسبة لكبار السنّ، فإن آلام الظهر والرقبة تتدرج ما بين الام بسيطة نتيجة للخشونة بين المفاصل في فقرات الظهر، إلى بعض الأمور الأكثر خطورة المرتبطة بالام الضغط على الأعصاب والنخاع الشوكي. لذا أنصح بمراجعة الطبيب عند حدوث أي من هذه الأعراض للوقوف على أسبابها وعلاجها بشكل مناسب.
س: كيف يمكن بناء هيكل عظمي قويّ وهل الكلسيوم كمكمّل غذائي يكفي؟ وماذا عن الأضرار منه على الكليتَيْن؟ وهل من أدوية جديدة طُرحت في الصيدليّات لمعالجة أمراض العظام عمومًا؟
ج: بناء هيكل عظمي قويّ يحتاج في المقام الأول، على قوة العضلات المحيطة به. فكلّما ازداد الانسان نشاطا ومارس التمارين الرياضية, كلّما قلّل من احتمالية هشاشة العظام.
شخصيًا لا أنصح بالكالسيوم إلا بعد استشارة الطبيب، إذ أن وجوده بكميات أعلى من الطبيعي في الدم يضرّ بأجهزة عديدة بالجسم، على عكس ما يعتقده البعض من أن زيادة الكالسيوم هي مفيدة لبناء العظام.
هناك ثورة علمية حاليا في العديد من الأدوية التي تعالج هشاشة العظام في كبار السن، وبخاصة السيدات اللاتي هن أكثر عرضة لهذه الأمراض خاصة بعد سن الـــ 50 وننصح دائما باستشارة الطبيب للوقوف على العلاج الأنسب لكل حالة.
س: د. أبو الفتوح… من أنت؟
ج: جراح عظام وعمود فقري. درست هذا الاختصاص في الولايات المتحدة الأميركية. أشغل حاليا منصب رئيس الجمعية السويسرية لجراحي العمود الفقري بدول الخليج العربي.
وإلى عملي الطبّي، أنا شخص محبّ جدًّا لممارسة الرياضة بشكل دوري، خاصة رياضة كرة المضرب. وإلى ذلك، أعشق السفر إلى بلدان عدّة.