مبادرة الشيخ محمد بن راشد تخدم التجارة العالمية خصوصًا في الدول النامية
في تموز (يوليو) 2019، أطلقت دبي بتوجيه من حاكمها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء، مبادرة في “المنتدى الاقتصادي العالمي” في منتجع “دافوس” السويسري لتنفيذ مشروع “خطّ دبي للحرير”، وذلك في جلسة خاصة نظّمها ممثّلو الإمارة على هامش المنتدى المذكور، ضمن قيادات اقتصاديّة عالميّة من أكثر من 20 دولة. في هذه الجلسة، تحدّث الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس هيئة دبي للطيران والرئيس الأعلى لمجموعة طيران الإمارات، عن أهداف المشروع الطموح في ضوء رؤية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وما سيحدثه خط دبي للحرير من أثر في إعادة رسم خارطة التجارة العالمية، لاسيما مع نمو مراكز تجارية جديدة واعدة، ستتمكن من تحقيق قفزات كبيرة في هذا المجال بفضل الحلول التكنولوجية والتوظيف الأمثل للقدرات والتدابير اللوجستية.
ولم يتوقّف عند هذا الحدّ، بل تابع قائلاً: “ستقدّم دبي الكثير من الامتيازات والخدمات التي ستساعد في ربط الأسواق العالمية عبر تعظيم الاستفادة من القدرات القوية للبنية التحتية الفعّالة التي تمتلكها دبي، إذ ساهمت الاستثمارات التي قمنا بها في مطارات دبي وموانئها ومناطقها الحرّة في جعل هذه الإمارة محورًا استراتيجيًا للخدمات اللوجستية، وجسرًا يربط الشرق بالغرب، في حين تستند استراتيجية خط دبي للحرير على الاستجابة لمتغيّرات التجارة العالمية عبر تقديم خدمات لوجستية جديدة متطوّرة باستخدام أحدث التطبيقات الذكية”. أضاف: “تقوم استراتيجية خط دبي للحرير على الطبيعة التكاملية للتجارة، والحاجة لدفع التعاون الدولي نحو مستويات أعلى لتحقيق الأهداف المشتركة، ومنها تعظيم الاستفادة من القدرات المتاحة لدى كافة أطراف هذا التعاون وتعزيز تبادل الخبرات والأفكار والرؤى مع شركائنا التجاريين الحاليين وكذلك الشركاء الجدد وكل من يسعى للعمل معنا لدفع مسيرة التجارة العالمية قدما بتوظيف الأفكار المبدعة والمبتكرة من خلال مبادرة خط دبي للحرير”. يومها، أُطلق على هذه المبادرة اسم “مبادرة الجواز اللوجستي العالمي” كونها توسّع دائرة الروابط التجاريّة بين الدول وتعزّز الشراكات مع مختلف مراكز التجارة العالميّة لتحقيق أعلى استفادة ممكنة من الإمكانات المتوافرة، بما يمهّد لعولمة حقيقية للتجارة خلال العقد المقبل”، إذ أنّ هذه المبادرة تجمع بين “الجمارك العالمية” و”موانئ دبي” وطيران الإمارات و”دناتا” للسفريات بهدف ربط الأسواق عبر بوابة دبي لتبادل الخبرات وتطوير العمليات التجارية بصورة مباشرة بين الدول الشريكة. وقد ساهم المشروع التجريبي الذي دخل حيّز التنفيذ في تموز (يوليو) 2019 في تعزيز تجارة الجهات المشاركة بنسبة 10 في المائة.
وكان سبق هذه المبادرة، قيام “موانئ دبي العالمية ” ببناء شبكة من هذه الموانئ والمناطق الاقتصادية والعمليات اللوجستية في ستّ قارات لتفعيل التجارة الذكية عبر تزويد مالكي ومجمّعي البضائع بسلاسل توريد رقميّة متكاملة، إذ من شأن الجواز اللوجستي العالمي أن يجعل التجارة عبر دبي أكثر سرعة وسهولة وفعالية وسيساعد على تطوير اقتصاد الدول الشريكة.
وتضمّنت الجلسة الخاصة، يومذاك، التي شاركت فيها أكثر من 20 دولة، استعراض تجربة دبي الناجحة في ابتكار الحلول الداعمة للتجارة، كما استعرضت أهم التحديات التي تواجه القدرات اللوجستية العالمية في الوقت الراهن وعمليات التطوير والتحسين اللازمة للتغلب عليها.
لقد صُمّمت مبادرة “الجواز اللوحستي العالمي” لتخطّي الحواجز التجارية غير الجمركية، ومنها على سبيل المثال عدم كفاءة الخدمات اللوجستية والتي تحدّ حاليا من نمو التجارة بين الأسواق النامية. فوفقًا لمنظمة التجارة العالمية، تبلغ عائدات التجارة بين دول الجنوب نحو 4.28 تريليون دولار أميركي سنويًا، أي أكثر من نصف إجمالي صادرات الدول النامية في عام 2018، غير أن العديد من البلدان في آسيا وأميركا اللاتينية وأفريقيا تملك حصصًا سوقية أصغر بكثير من منتجات التصدير الرئيسية في أسواق بعضها البعض، مقارنة بحصصها في البلدان المتقدّمة، ما يشير إلى إمكانية حدوث نمو إضافي مطرد وبالتالي تعزيز الازدهار. لهذا، فالمبادرة لن تقتصر مزاياها على تسهيل نقل البضائع في دبي فحسب، بل ستعزّز أيضا الطرق التجارية المباشرة بين أميركا اللاتينية وأفريقيا وآسيا.
وفي تموز (يوليو) الحالي 2022، تمّ الإعلان في القمّة العالمية السنوية الثانية لهذه المبادرة، تنامي حجمها إلى الضعف تقريبًا عند انطلاقتها، بعدما أصبحت تغطي أكثر من 40 دولة ونحوًا من نصف حجم التجارة العالمية (47%).
وكانت هذه القمّة قد استضافت فعاليات نخبة من الرؤساء التنفيذيين والوزراء وممثلين عن الهيئات التجارية الدولية الرائدة الذين اتفقوا على إعلان مشترك حول الاتجاه المستقبلي للتجارة العالمية. وكان من بين الممثلين رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة الإمارات الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، وزيرة الاقتصاد المكسيكي تاتيانا كلوثير والرئيس التنفيذي للعمليات في دبي التجارية العالمية محمود البستكي الذي يشغل أيضًا منصب المدير العام لمبادرة الجواز اللوجستي العالمي.
ونصّ الإعلان، الذي قرأته تاتيانا كلوثير، على أن التجارة العالمية المستدامة والشاملة تُعد ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي والمرونة ومدّ جسور التعاون بين الأطراف المتعدّدة، كما حددّ طموح المبادرة في تغطية 75 % من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي العالمي بحلول عام 2025. ومن المعروف أنّ مبادرة الجواز اللوجستي العالمي التي يقودها القطاع الخاص، تهدف إلى تسهيل تدفّق التجارة الدولية وفتح آفاق الوصول إلى الأسواق حول العالم، من خلال إنشاء طرق تجارية جديدة وتوفير الكفاءات الاقتصادية للأعضاء.
خلال انعقاد القمة، أظهر مؤشر مرونة الشحن العالمي للعام 2022 الذي وضعته شركة “وايتشيلد”، أن مرونة الشحن قد شهدت تزايدًا ملحوظًا عبر المناطق النامية، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا والمحيط الهادئ. ويقوم هذا المؤشر على ركيزتَيْن فرعيتَيْن: فرص السياسة وأداء الشحن، وقد تمّت الإشادة بدول مثل فيتنام وجنوب إفريقيا والمكسيك وكولومبيا والسنغال على وجه التحديد، بفضل التقدّم الملحوظ في مرونة الشحن رغم الضغط المستمرّ على سلاسل التوريد العالمية.
وكانت هذه المبادرة قد شملت في العام الماضي، العمل كتعاون إضافي للتجارة. واليوم، يُعزّز الجواز اللوجستي العالمي سبل التعاون من خلال دعم سلطات الجمارك عبر ممارسات التجارة الفعّالة والآمنة في دبي والمكسيك وكولومبيا وكازاخستان وغيرها. علاوة على ذلك، تسعى المبادرة إلى مدّ جسور التعاون وتعزيز طرق التجارة عبر شبكتها الفريدة من الشركاء والأعضاء، وهو ما يزيد من حجم تجارة السلع عالية القيمة مثل القهوة والمعادن الثمينة والأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية.
المدير العام لمبادرة الجواز اللوجستي العالمي محمود البستكي صرّح قائلًا: “في القمة العالمية الافتتاحية العام الماضي، أعلن السلطان أحمد بن سليم أن شبكة المبادرة قد نَمَتْ لتغطي 23 دولة. يسرّني الآن أن أعلن أن شبكتنا قد نَمَتْ إلى الضعف تقريبًا حيث تغطي مبادرة الجواز اللوجستي العالمي الآن 43 دولة، بما يمثل 47% من حجم التجارة العالمية. علاوة على ذلك، تتكون شبكتنا حاليًا من 121 شريكًا لمبادرة الجواز اللوجستي العالمي، كما توفّر أكثر من 240 ميزة مؤكدة، تتعلق بتوفير التكلفة وتعزيز الكفاءة على السواء، ويتمّ تقديم هذه الخدمات إلى نحو 1000 شركة انضمت إلى البرنامج على مستوى العالم”.
يُشار إلى أنّ التجارة العالمية المستدامة والشاملة هي عنصر أساسي لتحقيق النمو الاقتصادي والمرونة ومدّ جسور التعاون بين الأطراف المتعدّدة. كما أنّ المبادرة جزء لا يتجزأ من الاستجابة الاقتصادية العالمية لتعزيز التجارة الدولية بهدف تغطية 75 % من حجم التجارة العالمية بحلول عام 2025، علمًا أنّها شاملة ومتاحة لجميع البلدان والشركات التي تفي بالحد الأدنى من المتطلبات من حيث الإمكانات والنزاهة. وهي ستواصل العمل عن كثب مع الهيئات الدولية مثل منظمة الجمارك العالمية ومنظمة التجارة العالمية لجعل التجارة أكثر استدامة وشمولية. كما سيتمّ العمل على تعزيز الحوكمة العالمية من خلال المداورة في الرئاسة سنويًا.
جديد هذه المبادرة أنّها ستتعاون مع المؤسسات المالية الدولية (IFIs) لإيجاد طرق تمويل جديدة لمعالجة فجوات القدرات في البنية التحتية اللوجستية متعددة الوسائط، كما ستعمل على تسريع إدخال البنية التحتية الرقمية (البرمجية) لجعل التجارة أكثر كفاءة وإنتاجية لأصحاب المصلحة جميعًا. كذلك ستواصل دعم المبادرات الدولية المهمة مثل برنامج المشغل الاقتصادي المعتمد (AEO) لمنظمة الجمارك العالمية لتوفير مجموعة أكثر شمولاً من المزايا من شركاء اللوجستيات الآخرين مثل الموانئ والمطارات وشركات الطيران.