وقد لا تكفي كلمة… كفى، لأنّ الأوان قد فات، بانتقال لبنان إلى قلب محور دول “جمهوريات الموز” حيث لا استقرار سياسيًا، وحيث السلطة بيد طبقة البلوتوقراطيّة (Plutocracy) المسيطرة على ثروات البلاد، هي وأقاربها ومعارفها، وحيث قمع الناس وقهرهم، وحيث الديكتاتوريّة تتحكّم برقاب العباد، لغياب سلطة القانون، وحيث الاقتصاد ينهار، والتصدير “يوك” والكهرباء “يوك”، والعدالة مكبّلة، والفقر يفترش الطرقات، والغلاء يستشري، والعملة تتقهقر، والنفايات تنتفخ، واللائحة تطول.
“جمهورية الموز” اسم لكيان لا وجود له، ولكنّه أصبح الآن موجودًا! ولو عاصَرَنا من صاغ هذا المصطلح، وهو الأميركي أوليفر هنري، في كتابه القصَصي “الملفوف والملوك” عام 1904، لسمّى حتمًا لبنان من ضمن “جمهوريات الموز” التي تشمل هندوراس والسلفادور ونيكارغوا وغواتيمالا وغيرها من دول أميركا الوسطى، وأبعده عن “محور الممانعة” وعن “محور الشيطان الأكبر والعمالة لإسرائيل
”!والـ “كفى”، تطاول عبارة باتت شهيرة: “جرصتونا”، وهي بتوقيع رئيس الجمهورية. ولهذا بات من حقّنا أن نقول “كفى جرصتونا”. ذلك أنّ “الجرصة” باتت تتعقبنا وتلاحقنا. تطاردنا. وكالاخطبوط تلتفّ على أعناقنا وتنهشنا. “جرصة” لا تقتصر على التضعضع المعيب في الأرقام المالية التي دفعت رئيس البلاد إلى قلب الطاولة ولكن… كلاميًّا!
“الجرصة” مزروعة في كلّ مكان، ويمكن أن تردّدها في أي مكان وأي زمان. فأداء الحكومة، مثلاً، “جرصة”. التعيينات على اختلافها “جرصة”. انتهاك القوانين والدستور “جرصة”. التعامل مع المصارف والمودعين “جرصة”. قمع الثورة “جرصة”. ضرب القطاع التربوي، كما سائر القطاعات، “جرصة”. وماذا بعد؟
الوقت لا يرحم وها هو يداهم، فيما قلب الطاولة يتطلّب أفعالاً لا أقوالاً، أوّلاً لأنّ المركب الحكوميلا يزال في عرض البحر يصارع الأمواج، عدا أنّ قائده أضاع البوصلة، ولهذا لن يدرك الشاطئ أبدًا. وثانيًا لأنّ الوقتلا يرحم والاستحقاقات المرتقبة لا ترحم، وهي كثيرة، كما المفاجآت، وأخطرها قانون “قيصر”!لبنان بحاجة إلى من يقلب الطاولة على الجميع، الآن الآن وليس غدًا، لانقاذ ما تبقّى من هذه الجمهوريّة التي أصبح الموز فيها بعيدًا من متناول يد الكثيرين، لغلاء سعره!قلب الطاولة يوقف “الجرصة” والـ…“كفى” ولكنّه بحاجة إلى “قبضة” حديديّة تعيد لبنان، جمهوريّة الموز حاليًا، إلى لبنان صانع الكبار، ماضيًا!
فضلو هدايا