إرادة الحياة أقوى من الموت، تمامًا كما هي إرادة دخول الجنة بدلًا من السقوط في جهنّم، فعلى رغم ما أصاب متحف بسترس الأثري من دمار وتهشيم لتاريخه الذي يعود إلى سنوات غابرة، شاركت كورال في حفل موسيقي أقيم في حديقة هذا القصر، تكريمًا لضحايا الإنفجار مرفأ بيروت تحت عنوان “بيروت تتذكّر”
_________________________
“ذاهبون إلى جهنّم“، قال الرئيس ميشال عون في مؤتمره الصحافي الأخير، ردًّا على صحفيّة طرحت عليه سؤالاً يتعلّق بخطورة اعتذارالرئيس المكلّف مصطفى أديب، عن تشكيل الحكومة.
ومع أنّنا نعيش في جهنّم حقيقية ولم نعد نخشى منها، إلاّ أن ما قاله رئيس الجمهورية يخرج عن إطار اللياقة والحكمة اللتَيْن يجب أنيتّصف بهما من يتولّى إدارة شؤون البلاد، خصوصًا في ظرف كالذي نحن فيه. لقد كان عليه أن يتخلّى عن العفوية التي اشتهر بها دائمًا،ويطرح حلاًّ على الأقلّ، يمكن اعتماده للخروج من هذه الأزمة العاصفة بنا. لقد استخدم في هذا المؤتمر اسلوب تدوير الزوايا تجنّبًا لإغضابهذا الفريق أو ذاك، مع أنّه أغضب، بالتأكيد، رئيس الحكومة المُكلّف الذي اتّهمه بالتقصير لعدم اطلاعه على تشكيلته الوزاريّة مع أنّه التقاهأربع مرّات.
في الأوقات العادية، لا بأس في تدوير الزوايا وفي الرجوع إلى أحكام الدستور وتطبيق ما يشير إليه في موضوع تأليف الحكومة. لكنّنافي ظرف استثنائي لعلّه أشدّ خطورة من اعتداء يتعرّض له لبنان من الخارج. الظرف الاستثنائي يحتاج إلى قرارات استثنائيّة، شاء من شاءوأبى من أبى، ومن هنا، كان على فخامته أن يقلب الطاولة على الجميع، ويطرح حلاًّ انقاذيًا يحول دون “دخول لبنان جهنّم إذا لم تشكّلالحكومة“، وفق الوصف الذي اعتمده، وهذا الحلّ الاستثنائي يتجسّد حاليًا في المبادرة الفرنسية التي تُعطي أملاً في الخروج من هذه الأزمةالطاحنة التي تُشبه انفجار المرفأ، إلاّ إذا كان في جعبة الرئيس حلّ آخر يستطيع انقاذ البلاد والعباد..
وبما أنّ الحلول الإنقاذيّة شبه معدومة، على الأقل عند رئيس الجمهوريّة، كما يتبيّن من كلامه، وبما أنّ تجاهل العامل الخارجي الذي جعل من لبنان ورقة للتفاوض بها، وهذا بات واضحًا ومعروفًا ولا مجال للتصرّف كالنعامة التيتدفن رأسها في الرمال، وبما أنّ هناك تماديًا في عدم تحمّل مسؤوليّة بلد ينهار وقد تآكلته الأمراض وأقعدته، لهذا نقول أنّ المؤتمر الصحفي الأخير جاء مخيّبًا للآمال ولتاريخ ميشال عون نفسه الذي كنّا ننتظر منه الكثير..
لبنان يحتضر وهو بحاجة إلى جرّاح، والجرّاح موجود إذ سُدّت كل منافذ الحلول، فاستعنْ به فخامة الرئيس، قبل فوات الأوان، وكي لايكتب التاريخ أنّ لبنان أسلم الروح في عهد من كنّا نأمل أن يُعيد الروح إليه.
في الطب، إنّ آخر الدواء الكي، فماذا ننتظر لاستخدام هذا “السلاح“؟